الأستاذ الفنان التشكيلي الناقد محمد سعود
الفنان الليبي القذافي الفاخري
من أعمال الفنان الفاخري
عتبات المعنى والتأويل في أعمال الفنان ألقذافي الفاخري
الفنان الليبي القذافي الفاخري
من أعمال الفنان الفاخري
عتبات المعنى والتأويل في أعمال الفنان ألقذافي الفاخري
بقلم محمد سعود
par
par
lundi 31 janvier 2011
القذافي الفاخري فنان تشكيلي ليبي من مواليد طرابلس سنة 1963 ، من اهتماماته الأخرى الكتابة الصحفية والمسرحية وتصميم السينوغرافيا . شارك في العديد من المعارض بتونس والجزائر والمغرب والسعودية وايطاليا ومالطا والنيجر ومصر والأردن .حصل على الجائزة الثالثة في بينالي مالطا وعلى جائزة أفضل نص مسرحي بمهرجان اريتا
حين تقترب من هذا الفنان لن تجد بينك وبينه عتبات وتتبدد كل الشكوك التي ساورتك عنه بأنه فنان انطوائي ، يشدك إليه بقوة بطريقته اللبقة في الحديث وروحه المرحة .
شاهدت أعماله في المهرجان المتوسطي بمدينة سطيف فلفتت انتباهي ، سلمني دليلا لمعرضه بعنوان عتبات الجمر تأملت لوحاته كثيرا وحاولت الإمساك بين العنوان والأعمال الفنية .وجدت أن ليس للجمر عتبة واحدة بل عتبات تحيط به من كل جانب على شكل دائري لا بداية ولا نهاية لها ..وفي أعماله تلامس هذه العتبات حيث يشكل اللون الأحمر الحيز الأكبر من التكوين ..لون ملكي ذو سلطة رهيبة من الصعب الاقتراب منه ...كلما اقتربت منه زاد عنك بعدا وضاعت منك التفاصيل ..لوحات مشاغبة للرؤية وللمخيال تترك حائرا وتقف أمامها مشدوها ...
في لوحاته يتعدد المعنى وينشط التأويل ...معانيها متعة كما للجمر أيضا ...قد يتحول الجمر إلى جمرات أي حجارة للرجم ، وقد تتغير حروف الكلمة بجناس غير تام فتتحول إلى رجيم ...وكذلك أعمال القذافي الفاخري ، لن تستطيع الإمساك بمدلولاتها إذا لم تكن لك ثقافة صوفية وموسيقية ، ناهيك عن الثقافة البصرية ..أعماله طرح صريح لمشكلة المعنى والتأويل ، وعلاقة التشكيل بالموسيقى ، إضافة إلى علاقة الظاهر بالباطن...
هكذا تتشابك العلائق فتتقاطع وتتماس في لعبة بصرية ارتأى الفنان أن تكون هكذا للتعبير عن حالات وجودية ووجدانية ...أي حالات قلق إنساني تعتري الفنان وجمرات تطفئها إيقاعات الموسيقى الروحية في لوحته "نافذة الشاعرة" يشغل الأحمر كالعادة بسلطته جل فضاءات اللوحة ،، وبنقائه وتجريد الفنان له من تأثيرات الألوان الأخرى تتشكل النافذة الممتدة في المكان والزمان نحو الأعلى ..تنحو إلى السماء حيث السلطة الأعظم ..وفي أسفل اللوحة يتمدد جسد الشاعرة بثلاث بقع لونية الأبيض والأخضر والأحمر ، للتعبير عن ثلاث حالات دفعة واحدة ..تمرد واضطراب في الأحمر ،خصوبة وعطاء في الأخضر، ورسالة سامية لهذه الشاعرة في الأبيض..
كيف تمكن القذافي الفاخري من توزيع هذه العناصر ليبدع هذه اللوحة ،، والجمع بين المعاني التي تبدو متناقضة وان كانت في الحقيقة باختلافها خلقت ائتلاف عمل فني ... وكيف جمع بين اللمسات العمودية والأفقية وباقتصاد كبير في اللون واستغناء عن الخطوط..لاشك انك إذا أمسكت بالقوة التعبيرية لهذا الفنان في الجمع بين كل هذه التقنيات، إضافة إلى المزج بين سكونية الجسد وحركية اللون الحار ستعرف بان بهذا الجود في التعبير ستكشف سر الوجود في عالم الفنان القذافي..وهذا ما أدركه حسن الفيتوري في تقديمه للمعرض الذي نظمه سنة 2007 برواق دارالفنون حيث يقول " اللوحة عند هذا التجريدي هي حالة صراع دائم بين أشيائها وتلاوينها المبثوثة على سطحها ، والعلاقات ليست متناثرة بينها بقدر ما هي في حالة دينامية .حالة حوار ضاج وأحداث قد يستجمع المستبصر ما تبقى من تفاصيلها وعوالمها وهو في رحلة البحث عن المعنى والدلالة ..فهو مبتعد عن الغنائية اللونية حيث يكثف لونا او لونين في مجابهة عمل هو بالضرورة مطالب بالإفصاح عن الكثير والإضمار عن الكثير "
إن الفنان القذافي الفاخري يقطع العلاقة بين الأشكال المادية للطبيعة والفن . فاللون في حالته التجريدية يعبر عن حالته الروحية ..فالنافذة في الواقع ليست هي النافذة في اللوحة وكذلك الشأن بالنسبة للشاعرة ...هي فقط كتل لونية تتطلب إعادة التشكيل والتركيب في عيون المتلقين .وهنا تصبح عملية إنتاج المعنى ذات معنى على تعبير بول ويليس .وربما تتخذ أشكالا وأبعادا أخرى وبذلك يتعدد المعنى والتأويل ..وبكل بساطة هي رحلة في معمار الذات وترانيم دفق روحي.
لا نغلو القول إذا قلنا إن الفنان القذافي الفاخري يظل علامة بارزة في الفن التشكيلي الليبي .وكم كنا سعداء بلقائه ولقاء أيضا الفنان يوسف معتوق في معرض آخر ، وكانا لهما دور كبير في تغيير نظرتنا النمطية للفن التشكيلي في هذا القطر الشقيق .
محمد سعود
رابط المقال هو
http://www.qatarartgroup.com/vb/showthread.php?p=29455#post29455
القذافي الفاخري فنان تشكيلي ليبي من مواليد طرابلس سنة 1963 ، من اهتماماته الأخرى الكتابة الصحفية والمسرحية وتصميم السينوغرافيا . شارك في العديد من المعارض بتونس والجزائر والمغرب والسعودية وايطاليا ومالطا والنيجر ومصر والأردن .حصل على الجائزة الثالثة في بينالي مالطا وعلى جائزة أفضل نص مسرحي بمهرجان اريتا
حين تقترب من هذا الفنان لن تجد بينك وبينه عتبات وتتبدد كل الشكوك التي ساورتك عنه بأنه فنان انطوائي ، يشدك إليه بقوة بطريقته اللبقة في الحديث وروحه المرحة .
شاهدت أعماله في المهرجان المتوسطي بمدينة سطيف فلفتت انتباهي ، سلمني دليلا لمعرضه بعنوان عتبات الجمر تأملت لوحاته كثيرا وحاولت الإمساك بين العنوان والأعمال الفنية .وجدت أن ليس للجمر عتبة واحدة بل عتبات تحيط به من كل جانب على شكل دائري لا بداية ولا نهاية لها ..وفي أعماله تلامس هذه العتبات حيث يشكل اللون الأحمر الحيز الأكبر من التكوين ..لون ملكي ذو سلطة رهيبة من الصعب الاقتراب منه ...كلما اقتربت منه زاد عنك بعدا وضاعت منك التفاصيل ..لوحات مشاغبة للرؤية وللمخيال تترك حائرا وتقف أمامها مشدوها ...
في لوحاته يتعدد المعنى وينشط التأويل ...معانيها متعة كما للجمر أيضا ...قد يتحول الجمر إلى جمرات أي حجارة للرجم ، وقد تتغير حروف الكلمة بجناس غير تام فتتحول إلى رجيم ...وكذلك أعمال القذافي الفاخري ، لن تستطيع الإمساك بمدلولاتها إذا لم تكن لك ثقافة صوفية وموسيقية ، ناهيك عن الثقافة البصرية ..أعماله طرح صريح لمشكلة المعنى والتأويل ، وعلاقة التشكيل بالموسيقى ، إضافة إلى علاقة الظاهر بالباطن...
هكذا تتشابك العلائق فتتقاطع وتتماس في لعبة بصرية ارتأى الفنان أن تكون هكذا للتعبير عن حالات وجودية ووجدانية ...أي حالات قلق إنساني تعتري الفنان وجمرات تطفئها إيقاعات الموسيقى الروحية في لوحته "نافذة الشاعرة" يشغل الأحمر كالعادة بسلطته جل فضاءات اللوحة ،، وبنقائه وتجريد الفنان له من تأثيرات الألوان الأخرى تتشكل النافذة الممتدة في المكان والزمان نحو الأعلى ..تنحو إلى السماء حيث السلطة الأعظم ..وفي أسفل اللوحة يتمدد جسد الشاعرة بثلاث بقع لونية الأبيض والأخضر والأحمر ، للتعبير عن ثلاث حالات دفعة واحدة ..تمرد واضطراب في الأحمر ،خصوبة وعطاء في الأخضر، ورسالة سامية لهذه الشاعرة في الأبيض..
كيف تمكن القذافي الفاخري من توزيع هذه العناصر ليبدع هذه اللوحة ،، والجمع بين المعاني التي تبدو متناقضة وان كانت في الحقيقة باختلافها خلقت ائتلاف عمل فني ... وكيف جمع بين اللمسات العمودية والأفقية وباقتصاد كبير في اللون واستغناء عن الخطوط..لاشك انك إذا أمسكت بالقوة التعبيرية لهذا الفنان في الجمع بين كل هذه التقنيات، إضافة إلى المزج بين سكونية الجسد وحركية اللون الحار ستعرف بان بهذا الجود في التعبير ستكشف سر الوجود في عالم الفنان القذافي..وهذا ما أدركه حسن الفيتوري في تقديمه للمعرض الذي نظمه سنة 2007 برواق دارالفنون حيث يقول " اللوحة عند هذا التجريدي هي حالة صراع دائم بين أشيائها وتلاوينها المبثوثة على سطحها ، والعلاقات ليست متناثرة بينها بقدر ما هي في حالة دينامية .حالة حوار ضاج وأحداث قد يستجمع المستبصر ما تبقى من تفاصيلها وعوالمها وهو في رحلة البحث عن المعنى والدلالة ..فهو مبتعد عن الغنائية اللونية حيث يكثف لونا او لونين في مجابهة عمل هو بالضرورة مطالب بالإفصاح عن الكثير والإضمار عن الكثير "
إن الفنان القذافي الفاخري يقطع العلاقة بين الأشكال المادية للطبيعة والفن . فاللون في حالته التجريدية يعبر عن حالته الروحية ..فالنافذة في الواقع ليست هي النافذة في اللوحة وكذلك الشأن بالنسبة للشاعرة ...هي فقط كتل لونية تتطلب إعادة التشكيل والتركيب في عيون المتلقين .وهنا تصبح عملية إنتاج المعنى ذات معنى على تعبير بول ويليس .وربما تتخذ أشكالا وأبعادا أخرى وبذلك يتعدد المعنى والتأويل ..وبكل بساطة هي رحلة في معمار الذات وترانيم دفق روحي.
لا نغلو القول إذا قلنا إن الفنان القذافي الفاخري يظل علامة بارزة في الفن التشكيلي الليبي .وكم كنا سعداء بلقائه ولقاء أيضا الفنان يوسف معتوق في معرض آخر ، وكانا لهما دور كبير في تغيير نظرتنا النمطية للفن التشكيلي في هذا القطر الشقيق .
محمد سعود
رابط المقال هو
http://www.qatarartgroup.com/vb/showthread.php?p=29455#post29455