معرض فني تجريدي لصباح المعمار في كوبنهاكن
ستار موزان
09/02/2009
أقامت الفنانة التشكيلية صباح المعمار معرضاً فنياً بعنوان ( اشراقات لونية) وذلك على قاعة المركز الثقافي العالمي في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن وكان ذلك في اول نوفمبر 2008 وقد ضم المعرض على عشرين لوحة ذات ابعاد فنية تجريدية إذْ جاءت معظم اللوحات الفنية حاملةً اللون البني أو الارضي ولكن بشكل يثير البصر حيث دخل اللون في فضاء اللوحة مرمزاً نفسَهُ ، إذ تارة يقع في عالم الصحراء المختنقة في حلم وتارة اخرى يمضي على هيئة حرز يمتثل امام انهيارات وبناءات محددة كانت قد حددت المشهد الفضائي للون البني او الارضي الذي انا بصدد الحديث عنه منسجما مع اللون الفضي الذي اكتنز اللوحات التجريدية الاخرى التي لونت نفسها بذلك الانسجام اللوني ، اقول ان العمل او الشغل الفني المتشكل تجريدياً الذي قُدِمَ فكرياً على يد الفنانة صباح المعمار في ذلك المعرض الذي اقيم في كوبنهاكن كان بمثابة العمل الفني الذي اشتغل على دمج اللونين الاساسيين البني والفضي مع الهياكل او العناصر المجردة التي رمزت ابتدءاً لتعطي قيمة فنية متناوبة مع الفعل اللوني او التقاطر اللوني الذي انبجس من خلال تفاعل تينك اللونين اللذين رسما سوية مع تلك العناصر الواناً وانبعاثات لونية وهياكل اسست لمنخفضات ومرتفعات بنيوية تجريدية داخل اللوحات نفسها ، بموازاة ذلك العمل المشترك للون والهيكل واكب الترميز بشكل عام ذلك المشترك الفني الذي تشكل بمخيلة المعمارية الفنانة صباح المعمار تفصيلياً إذ اتجه الترميز بمسارات ذلك المشترك الفني ليعطي لنا تجريداً متنوعاً ومنتشرا على سطح معظم اللوحات الفنيةً وفضائتها ومدياتها المتصلة بنتوئات استحلالية وفكرية أي تتنقاطرُ فكراً تجريدياً عند اية حالة من حالات الركود والشرود فوق وتحت الشغل الفني نفسه
فعلى سبيل المثال واذا ما اخذنا احدى لوحات المعرض الفني الحامل العنوان ( اشراقات لونية) والحاملة اي اللوحة العنوان ( مربعات على الجدار) حيث تتشكل اللوحة تجريدياً من صناعة اللون الفضي والبني مع العناصر المتجمعة من المرمزات والعناصر التشكيلية التي اعطيت لنفسها لوناً اغترابياً حمل في سره اللون الضوئي الذي شكل هو الاخر اغترابا لونيا ادى ليكوّن المعنى التجريدي في اللوحة نفسها ، ان العمل الفني الذي الصق المربعات الفضية كانت لتتجرد وتتداخل في مداراتها لتكّون مربعات اصغر حجما ومن ثم أصغر حتى يتدافع اللون مع نقيضهِ من اللون والترميز والشكل الاغترابي ليفضي باللوحة لأن تكون في المسار التجريدي الذي يحول العمق الذي نتوخاه هنا الى مربعات لصق الجدار وكأنَّ المربعات التي رُسمتْ على الجدار كانت لتمثل تلك الصحراوات المختنقة والغائرة في القِدم او المتحدة في ذلك الحلم المُرمز والجارف معه اللون البني الذي هو رمز لصحراء حالمة ، ستمضي تلك المربعات لتؤسس مشهداً اغترابيا مرساه القوة العميقة او القوة اللونية التي اقتصرت على الوان معدودة في رسم ذلك المشهد الاغترابي وحسب .
في اللوحة الثانية على سبيل المثال ايضاً ، اللوحة التي حملت العنوان (لوحة عيون) يظهر تناثر الحيوات المضمرة التي تبدو بدون ملامح لتشكل معنى مرمزاً بعد ان تبدو عيون تلك الحيوات المتناثرة ايضا على جسد الحيوات نفسها حيث نشاهد ان هناك جسدا واحداً يجمع تلك الحيوات والعيون التي تعمل على رصد اية حركة كونية أو لها علاقة بفضاء العمل نفسه وبشكل مجرد اي العمل هنا كان تجريدياً محضا للغاية بسبب الاتصال او الاتحاد التجريدي بين الجسد والعيون والحيوات وعملية الرصد التجريدي ، لكنَّ العمل هنا اشترك معه فيروزات او لون الفيروزات او عيون الفيروز او العيون التي اخذت اللون الفيروزي أو الاقرب الى اللون الازرق الذي يشكل هو الاخر شرائط او احزمة تحيط بتلك الاشكال الحيواتية او الجسد الواحد الذي يضم نلك العناصر بشكل تجريدي مجسم
حيث تتجسد العيون بين الشرائط والاقواس اللامرئية المنحوتة في فضاءات ذلك الجسد والتي احتوت على لون بني ينطوي على تقلبات الوان لامرئية لكنها تبدو منبثقة من تفاعل الوان على ذلك الجسد المكتظ بحيوات كانت ارواحها ملهوفة للاغتراب والهبوط بشكل مرئي على جسد محطة التجريد نفسه . لقد تم بناء شكل تجريدي مبعثه الترميز التشكيلي هنا وهناك اي في الضفة المرئية للوحة والضفة اللامرئية للوحة نفسها اي بمعنى من المعاني ان التركيز على الفعل الترميزي اخذاً معه اللون الفضي او الفيروزي او البني حتى ما كان ليمثل في واقع او مشهد اللوحة إلا تكويناً تجريدياً متصلاً يحدد مساره الفني الشغل المركب للالوان وتداخلانها والحيوات والعيون التي حملت ترميزاً محيراً من الجانب الفني التشكيلي الذي تدافع على هيئة تجريد استحواذي . ان الفنانة صباح المعمار حاولت في معظم لوحات هذا المعرض الفني الشخصي ان تعطي لنا مغايرة تجريدية من خلال التفاعل او الانسجام او الدمج بين مجموعات من المرمزات او العناصر او الحكايات اللونية وما ينبجس منها من الوان افتراضية وما ينطوي عليها من اسرار تجريدية او تشكيلية تتقاطع او تتراكب بين هلالات واحزمة واقواس وعيون وحركات مرصودة اصلا من خلال ذلك التجريد المرسوم فوق جسد اللوحة او الحيوات نفسها والتي حملت العنوان ( لوحة عيون) .
في اللوحة الثالثة وهي المثال الاخير من انتقاء ثلاث لوحات والتي حملت العنوان ( رموز طلسمية ) نرى او نعثر على الموزانة اللونية والدينامية الشكلوية والرموز المتحولة من شكل الى اخر بفعل حركة الطلاسم او طلسميات التجريد المتشكل جدلاً ، بل نعثر ايضاً على عملية التوازن بين الفعل اللوني فعلى سبيل المثال هناك ثمة حرز اخذ اللون الفيروزي او المائل الازرق حيث كان الحرز ممتثلاً على جانب اللوحة التجريدي على هيئة دائرة بل نرى ايضاً وبنفس البُعد التشكيلي الرمزي نجد حرزمثلث او هيئة مثلث كان قد مدَ بندولاً متحركا زمنياً مابين اللون الأحمر الرمزي واللون الاصفر المذهب حيث تتصل بتلك الرموز الطلسمية واقعية لونية واشراقات ترميزية منبجسة بسبب التراكيب المرمزة التي اتحدت لتكون الرموز المطلسمة التي تعني تجريداً خلاقاً في عالم اللوحة التي بدأتْ تشكيلاً مجرداً او تجريداً تشكيلياً . ان موضوعة لوحة (رموز طلسمية) تبدو متحدة فكرياً من الجانب الترميزي ومتحدة تجريدياً من الجانب الطلسمي وتبدو اكثر غرابة من المرمز اللوني نفسه اذا ما فكرنا جلياً بأن الاشكال التي رمزت روحها ونفسها على هيئة اشكال هندسية مرمزة هي الاخرى على هيئة طقوس سرية تنطوي على استحداث الوانٍ تغور في البُعد الزمني اللوني المتحد هو الاخر في فضاء اللوحة المجتزأ ، ان موضوعة اللوحة هي رمزية تجريدية للغاية فكل ما يوحى منها والى محيطها هو بمثابة تجريد فكري الا انه في الضفة الاخرى ترميز طلسمي فهو محاولة ذهنية أيضاً من خلال مخيلة الفنانة صباح المعمار في قيادة القاع الى السطح وابتكار المعنى التجردي على سطح المجزوءات المتوهجة .
ستار موزان