Black-on-red-VIII-2009
والأثر التشكيلي حينما يصنع مجده
الفنان مظهر احمد
والأثر التشكيلي حينما يصنع مجده
في مدينة فالون السويدية الشمالية حفرة كبيرة هي عبارة عن هوة عميقة تصيبك بدوار إن أنت تماديت في النظر إليها. هوة ممتلئة شظايا معدنية معفرة بخضرة مؤكسدة هي بقايا من ارث منجم للنحاس. يقابلها مرتفع هو تل نحاسي أيضا وهو الأخر بعض من مهملات هذا المنجم الذي بات أثرا بعد أن لم يجدي اقتصاديا. إن فقدت هذه المدينة كنزها النحاسي فقد بقيت لها كنوز سياحية وموارد أخرى حافظت على مستوى معيشتها المتقدم. وكأي مدينة أو مقاطعة أوربية لها مصادر اقتصادية لا بأس بها فإنها تتوفر أيضا على أنشطة ثقافية وفنية أو على محركات لهذه الأنشطة, اظافة إلى متحف مدينة فالون(متحف المقاطعة) ومكتبتها فان لها ورشة لفن الكرافيك هي واحدة من أهم ورش الكرافيك في السويد. هذه الورشة التي أدارها ووسعها الفنان الكرافيكي(العراق السويدي) المعروف (مظهر احمد) لم تكتفي بتدريس طرق الكرافيك المتنوعة, بل ساهمت في إشاعة تقاليد ممارسات كرافيكية تنسجم ونظافة البيئة بعد أن طردت كل السموم الكيميائية المستعملة في تنفيذ الأعمال الكرافيكية من ورشتها. ممارسة تنسجم ونزعة مابعد الحداثة البيئية. تقاليد كهذه استقطبت الدارسين والمجربين من بقاع عديدة. مثلما أسست لعروض كرافيكية عالمية دورية. مقدرة الفنان مظهر وشهرته العالمية واكتشافاته التقنية وتعاون إدارة المدينة كل ذلك مجتمعا ساهم في خلق أهمية ورشة فالون كواحدة من مراكز فن الكرافيك المرموقة عالميا.
إن كانت ورشة الفن هذه كسبت أهميتها من جهد الفنان مظهر, فلزاما علينا أيضا أن نعاين تجربة هذا الفنان أو مستجدياتها كواحدة من التجارب الفنية التي ولجت المعاصرة من أوسع أبوابها. آذ لم يقتصر جهد الفنان على تدريس الكرافيك ومنها تطبيقاته الخاصة في هذه الورشة أو في ورش أخرى خارج السويد. بل توزع جهده على مجمل نتاجه وبنفس الحرص والتفاني في إخراجه بشكله المتميز للحد الذي لفت انتباه خيرة النقاد العالميين ومراكز العرض. لقد جمع هذا الفنان خبرات متعددة. عينه المبصرة احتوت تجارب أستاذه الأول في بغداد السبعينات(رافع الناصري) وكانت تكفيه سنوات معايشته الأولى لتدله على أهمية التجريب الذاتي مدخلا لاكتشافات وان تكن متواضعة وقتها لكنها سوف تشكل له هاجسا للمتابعة. تجاربه الأولى قادته لفهم طبيعة تميز هذا الفن عن سواه من الفنون التشكيلية بدأ من مصادر صنعته الشعبية البدائية وإيحاءاتها الخطية وحتى معاينة تجارب أستاذه الأول. هذه المعاينة وتلك المصادر وتنوع تقنياتها اظافة إلى تأثير محاضرات أستاذه المرحوم(شاكر حسن آل سعيد) الفنية الثقافية كانت ذخره الأول حينما بدأ شوطه الدراسي الأهم في أكاديمية فنون وارشو(1980..1986), ووارشو هي التي أضفت زخما ديناميكيا لنتاجه الذي بدأ يتلمس سبل أدائه بالشكل الذي يطمح له. وكانت ورشة فالون وورشته الشخصية هي مصنع هذه التجربة وغنى نضجها.
أعمال هذا الفنان سواء منها طبعاته أو تشكيلاته الورقية أو المعدنية الكرافيكية إن بدت مغرقة بوسائلها ووسائطها التقنية. فإنها تشير أيضا ولو ببعض من الخفاء إلى مرجعية مصادرها البيئية(العراقية) الأولى مثلما تشير لانتمائها لبيئات أخرى, فهي بهذا المعنى جزء من سيرة تعلي من الأثر البيئي بأيحاءات كونية. إن قارنا الأثر الخطي الحاد الجريء والمطاوع في رسوماته الكرافيكية الورقية بالطباعة القماشية البدائية العراقية المحلية وبالخط الكرافيتي العربي وقوة وثبات خطه. فسنجد إشارات واضحة لهذه المقارنة. فرسوماته تتشكل و تتمظهر خطوطا جريئة ومطواعة لكنها تتعرض لإرادة الفنان التفكيكية كتلا جسدية بقدر ما تفقد الكثير من أجزائها تشير إلى محنة فقدها في وسط حاضن هو فضاء مفتوح على احتمالات احتضان معادل مناقض لقسوتها. فضاء غالبا ما يتكون من عدة طبقات احفورية شفيفة تبهر النظر لرقتها. جمع أو بعثرة المتضادات الخطية والمساحية هي جزء من لعبة الفنان في نتاجه الورقي والتي تكشف عن بعض من ولعه في أن ينتج أثرا لا ينسى بعد مشاهدته, القسوة مقرونة بالرقة تضادات هي بالأساس جزء من سلوكيات مداهنة لكنها مؤثرة في كشفها لعمق نوازعنا البشرية الغير سوية التي حاورها الفنان غالبا كشفا عن مخبوء ذهاننا الذي أورثنا إياه عصرنا ألكوارثي (ألعراقي..العالمي).
الجسد الإنساني هو المساحة المفضلة للفنان لأجراء تجاربه الفنية ضمن حيز محيطه الكفافي في أعماله الكرافيكية التجميعية. لكنه جسد مطاوع للحالة التعبيرية التي يضمر تشكيلها حركة متزامنة متتابعة أو منفردة. وهو إذ يختزل خطوط هذا الجسد لتوائم حالته الجديدة التي لا تخفي غالبا كم الانفعال وتقنينه بما يناسب هذه الحركة. بدأ من عمله التجميعي (المدينة) والذي سبق لي وان أشرت إليه في مقالة سابقة(*) أو في عرضه الحركي الضوئي(**)ضمن ترينالي فالون. أو في طبعاته الورقية المساهمة في نفس المعرض. أداة الفنان في بعض من رسوماته الطباعيية جسد فقط, كتلة مسطحة مفرغة سواء كانت ورقا أو معدنا, هو نسخة من نسخ عديدة كما هو حال العمل الكرافيكي أو كما هو حال البشر, وكل نسخة لها حيزها الذي تشكله حركة أطرافها. حركة موصولة بفعل الإرادة سواء خضوع أو تمرد. لكنها حركة ترفض الانصياع إلا إلى نوازعها المتمردة الشخصية كسرا للجوار لا ألفة وكما هو حال مجتمعنا النفعي المعاصر. ولم يغادر فعل التمرد أو الصراع في العديد من شخوصه الكرافيكية في طبعاته الورقية المتأخرة, فلا اللون بات مهادنا ولا الجسد متطامنا أو مجزأ بل هو موصول بألم مبرح تعوم إطرافه وسط فضاء هو الآخر لم يعد محايدا, كتلة حمراء متوهجه متشنجة وسط ظلمة,سواد, محيطها. أما الممتع حقا في تجربة هذا الفنان فهي مقدرتها الثنائية في جمعها لمشهدين مختلفين رغم وحدة جذرهما فإضافة لأعماله هذه وبالتزامن مع زمن إنتاجها أنتج أعمالا أخرى وبجمالية مفرطة في طبعات كرس فيها السطح حقلا تراكميا يشف عن طبقات ملونته الحيادية وهوامش حوافها واقتطاعات من تجسيمات خطية متناثرة وفق هندسة لا منظورة تؤكد فضاء العمل منفذا لسبر سحره.
الهامش هو سحر آخر ناوره الفنان في غالبية أعماله الطباعيية إن لم يكن كلها. وبالرغم من كونه غالبا ما يدل على عدم اكتمال العمل, إلا أن كمال هذه الأعمال مرهون بما يظهره الهامش في أعماله من جمالية مخاتلة تناور في حدود اكتمال وظيفة العمل جماليا مثلما تصعد من قيمة فعله التعبيري الدراماتيكي. وان كان الهامش يشكل في العديد من المخطوطات العربية القديمة قيمة افصاحية ودلالية مضافة. فان استدعاء مظهريته مجددا وبما يناسب وسيلة إخراج العمل بصفته المشهدية المستحدثة الجديدة هو بقدر ما يحيل إلى صفته الأثرية يؤكد أيضا على استيعابه أثرا قابلا للقراءة بوسائل عصرية. تأصيل الأثر هو احد مآثر هذه الرسوم الطباعيية من ضمن مآثر أخرى شكلتها مخيلة الفنان من مصادر إبداعية ولجت مساحة أعماله جزئيات مرت بحالات استحالة قبل أن تنصهر ضمن نمط أسلوبية منتجه. ورسوماته إن بدت ذهنوية مشوشة نوعا ما فان للسلوك الذهنوي مسارات متعرجة أيضا. وفي أقصى مسارات التعرج الإبداعية تقع رسوم المجانين. رسوم تفصح عن أعمق نوازع النفس البشرية في أقصى حالات توترها. التوتر والشد هي ميزة من ميزات رسوم مظهر الخطية وحتى الشكلية المختزلة. وان اشتركت بعض الشيء مع رسوم المجانين(الذهنويين) فان الأمر لا يعدو عن محاولة منه لسبر غور النفس البشرية بنفس تلقائيتهم التعبيرية وكهامش مضاف آخر لتفاصيل رسومه.
احد أهم أدوات الفنان هو الاختزال. وعبثية معظم الأعمال التشكيلية تكمن في فقد مساراتها الافصاحية ضمن تشابك خرائط تفاصيلها. وان استثنينا بعض الأعمال التي اشتغلت على هذا التشابك. فان الأمر يعود لمقدرة الفنان على ضبط إيقاعها بمعادلات أخرى تعيد لها توازنها ضمن منطقة إدراكية قابلة للمعاينة. أو هي أصلا منذورة للفوضى(الخلاقة). الاختزال صنو للمقدرة الإدراكية في الإحاطة بجوهر الشكل وبخطوط القوة الكامنة ضمن مساحته ومحيطه. خطوط القوة هذه هي التي أكسبت رسوماته صلابة خطوطها. وبالرغم من أن حركة هذه الخطوط مدعومة بكم انفعالي لا تخطئه العين, إلا أن مساراتها تظل صائبة في بلوغها القوة الافصاحية لتفاصيل جسدية مختارة لتؤدي وظيفتها ضمن حيزها المقنن وسط فضاء العمل. بالتأكيد لا يمكننا إقصاء عامل الصدفة. فالورقة البيضاء أو السطح الفارغ هي عموما مشروعا غامضا قبل الشروع باقتحامه, ولحظة الاقتحام في هكذا أعمال لا تفقد مشروعية مغامرتها المجهولة وتلقائية محركاتها الغامضة أو المدركة نوعا ما. وعلى ما تظهره هذه الأعمال فأننا لا نستبعد تلقائية المصادفات. لكن يبقى الأمر مرهون في كون الخبرة وهي تراكمية تقود مساراتها لغايات الفنان الإدراكية. وهذا ما نلاحظه في كل نتاج الفنان الذي عايناه.
التراكم الثقافي بات جزءا من مقومات العمل الفني المعاصر. وكفنان مغترب فهو بالضرورة عايش ثقافات متعددة بعدد اغتراباته أو هجراته, وهكذا هو حال مظهر أيضا. فما بين بغداد(العراق) و وارشو(بولونيا) و فالون(السويد) وما بينهما من أقطار. نمت حصيلته الثقافية والبيئة المختلطة ولتنتج فنا هو في خطوطه العامة عالميا المنحى. وان كانت مواد مثل (الزفت)أو (الخيش) موصولة بأثر من آثار الكرافيك العراقي في بداية نشأته الفولكلورية. فان الأحبار والدجتال وتقنياتهما الكرافيكية هي خليط من ثقافات أوربية متعددة. مثلما هي صيغة العمل حبلى بمؤثرات ثقافية مختلطة تركت بصماتها الواضحة
على تفاصيل منجزه. وإذ يعلن العمل الفني حاجته للمعلومة فعلى الفنان البحث عنها لا كما يفعل التقني التخصصي في مجاله الضيق بل بما يعزز معاصرتها ضمن مساحة الأبداغ الثقافي الذي يحاور أساليب التقنية العصرية ومناطقها الاستكشافية الجديدة والمستجدة ولاستكشاف مغامرة سوف تظل الهاجس المقلق الأرأس للمبدع, وهكذا هو حال فنانا, و كشوفاته تدلنا على ذلك. كشوفات لفتت انتباه الوسط العالمي للحد الذي كرسه مغامرا يستحق أتعاب مغامرته المجدية. وما كم الجوائز العالمية التي منحت له من أهم مراكزها الفنية إلا شاهدا على مقدرة إبداعية لا تغفلها محافلها.
لغز أعمال مظهر يكمن في تقنيتها. والتقنية أحيانا ما تشكل فخا, وجديد التشكيل غالبا ما يسحبنا لمنطقة تقنياته. وبات الجيل التشكيلي الجديد مغرما بها لما توفر له من إمكانية ادهاشية غالبا ما تكون فنطاسية. والتقنيات الكرافيكية بمختلف وسائلها ووسائطها هي في المركز من اهتمامات مظهر. هذه الاهتمامات وتطبيقاتها جعلت منه خبيرا في مجالها. وهو وبعد أن استحوذ على كل معارفه التقنية فانه في نفس الوقت لا يحتكرها لشخصه كمعظم التشكيليين بل هي خبرات يتناولها مع كل مريديه من طلبة ورشته ودوراته التعليمية الأخرى. هذا الأمر بالذات يذكرنا بقصور معارفنا التعليمة وشحة ما تلقيناه من معاهد الفن في أوطاننا وللحد الذي أخر نضج تجاربنا. وليبقى هذا الفنان أنموذجا في هذا المجال نود لو حاذاه أساتذة فن آخرين منطلقين من حرصهم على أداء الأمانة العلمية التي ائتمنوا عليها. اختلاط الوسائل التقنية هي من العاب هذا الفنان في تنفيذ العديد من أعماله فهو لا يتورع من استخدام المقص والرسم والطبع والكواش والتصوير والنحت ومستغلا كثافات سطوح أعماله الورقية والمعدنية في ولع تهديمي وبنائي وصولا لنتائجه المبهرة. والمقص عنده يلعب دور القلم ومرونة استعماله الخطية إذ أن مقدرة التخطيط لديه تتعدى وسائطها التنفيذية المعهودة. ورغم كل تراكمات طبقات أعماله التقنية فهي لا تخلو من خفة مبعثها قابليته السحرية في مناورة فضاء العمل بما يسمح له لأن يكون مهيمنا رغم كثرة تفاصيله أحيانا.
في بغداد متحفين مختلفين في محتوياتهما الثقافية الأثرية, متحف الآثار العراقي والمتحف البغدادي. وبقدر ما تبدو مقتنيات المتحف الأثري عصية على التقييم التقليدي لغنى مرجعيتها الأسطورية بكل أبعادها, تبين هشاشة محتويات المتحف الفولكلوري البغدادي. القيمة الأثرية تكمن في لب الصخر والبرونز الأثري وتواريخه الإبداعية. أما القيمة المعنوية فتكمن في ما يغطي الدمى الفولكلورية من ملابس وإكسسوارات في المتحف البغدادي وتتواءم وأنغام مؤدي المقام العراقي في أمسياته التي فقدانها الآن. هذه القيم المختلفة بمشهديتها المختلفة هي بعض من مرجعيات مظهر التلصيقية. هي لا تبين في أعماله لكنها أسست لسبل أسلوبية تعتمدها بعض من مركبات ثقافته الأدائية. فهاجس المحلية دائما ما يقتحمه هاجس العالمية, واختلاط الهواجس هي إحدى مركبات أعماله. فلا الجذر البيئي الأول معدوم تماما في أعماله ولا الجذر العالمي بتنوع مصادره هو الآخر معدوم. وخصوصية تجربة بهذه المواصفات شكلت بعض من عوامل لفت الانتباه إلى مقدرتها الافصاحية الفنية الملغزة. وللمتحف جولة جديدة في أعماله سوف تظهر نتائجها لاحقا في منحى منه لاستعادة وطن كان له في يوم ما.
لا بد من التنويه إلى صعوبة اعتراف أو إشادة الوسط التشكيلي السويدي بتجربة فنية أو ثقافية مغتربة. الصعوبة تكمن في طبيعة ثقافة الفرد السويدي كحامل لثقافة يحسها خاضعة لشروطها الاجتماعية, شروط تشير لكون المجتمع حاضن لثقافة جمعية بقدر ما تؤكد على الحقوق الفردية تلغي تمايزاتها ألا في حدود نادرة. اظافة إلى صعوبة قبول ثقافة الآخر إلا على مضض و بلا علن للنوايا غالبا حفاظا على تعهدات لقوانين إنسانية هم صانعيها. إلغاء التمايزات هو نوع من التعميم الثقافي يعيق أحيانا كثيرة استثمار الجهد المتميز تسويقيا بموازاة أهميته. وأسماء فنية سويدية قليلة استثمرت رأسمال جهدها وبنت شهرتها, وتم لها ذلك خارج وطنها. مظهر احمد وحسب اطلاعي على مجمل إنتاجه كان بإمكانه أن يجمع ثروة لابأس بها. لكنه وبالرغم من شهرته حتى في بلد إقامته السويد(التي منحته أهم جائزة لفن الكرافيك) اعترافا منها بمقدرته وتفرده, إلا انه بقي قانعا بدخله ولم يخضع لشروط السوق السويدي الفني إلا في حدود امتيازات مستوى أعماله. مع ذلك, لو توفرت له الفرصة التسويقية المناسبة خارج السويد فبالتأكيد سوف تنال أعماله استحقاقاتها التسويقية بمستويات التسويق للذروة من النتاج التشكيلي العالمي. وان حصل على شروط التسويق العالمية فسوف يصعد ذلك من أهمية منتجه في فضاء الأعلام التشكيلي العالمي. وإنا اعتقد بان الأمر سوف لا يطول لتحقيق ذلك. أما تأكيدي على الشرط التسويقي فلمعرفتي بأهميته كونه المنفذ المناسب لعالمية العمل الفني وانتشاره وشهرة منتجه. وان حصلت بعض الأسماء التشكيلية العربية, على قلتها, طريقها للسوق العالمي. فان الأمر لا يتعدى مبادرات ضيقة هي من صنع العرب أنفسهم وسوف تبقى يتيمة يتحمل عبئها الفنان نفسه. بالنسبة لمظهر فاني اعتقد بان نتاجه تأسس على شهرة متواصلة استحقها, ما يدل علي ذلك كم الجوائز العالمية التخصصية التي حصل عليها نتاجه من أفضل مراكز ومعارض الكرافيك العالمية. والتي ختمها في هذا العام بثلاثة جوائز من بينالي غوتلان العالمي في الصين, و الترينالي العالمي للتخطيط في تالين, والجائزة القانونية المهمة من ترينالي كراكوف في بولندا(وسوف يستلمها باسم العراق(***).
ختاما فإننا وما دمنا نعوم في الزمن العولمي الثقافي الفني, وكفنانين من العالم الثالث فبالتأكيد سوف نحاول زحزحة بعض من ثوابت مساحة محليتنا الضيقة, إذا ما نحينا جانبا أحلامنا الوردية المغلفة بقناعة مكتسبات عفا عليها الزمن. وجهد الريادة التشكيلية العربية بكل عطائه وسلبياته إن كلن قابعا في متاحفنا أو ذاكرتنا, علينا تجاوزه لزمن ريادي يساير متغيرات عصرنا المتشعبة كريادة معاصرة. وكم هو مفرح أن نكتشف أعمالا تشكيلية لفنانين عراقيين وعرب سواء من جيل الشباب آو الجيل الأكبر حازت على جوائز وتقديرات عالمية وبخبرات هي بعض من الخبرة العالمية رغم محركاتها البيئية. ويحتل جهد الفنان مظهر بؤرة هذا المنجز متمثلا باكتشافاته التقنية وإيحاءات أعماله ومعاصرتها.
...........................................................................................................................................
http://www.baghdadart.de/T2.htm(*) ..
(**).. عرض شكله الفنان من شخوص معدنية بحركات مختلفة افترشت مكانا في متحف (دالارنا) في مدينة فالون ضمن بعض من مساهماته في عرض ترينالي فالون للكرافيك في عام(2007) (الذي سعى الفنان نفسه وبالتعاون مع بلدية المدينة لأقامته وقد سهلت علاقات الفنان الشخصية بأهم الفنانين الكرافيكين العالميين تحقيق ذلك). وكسب هذا العمل صفته الكرافيكية من خلال الاشتغال على المادة الخام وهي صفائح الطباعة الألمنيوم المستهلكة. ومن تكرار نسخها مع اللعب على تنوع حركاتها ضمن إضاءة حركية إيحائية.
.http://www.alayam.com/Archive/PDF/2009/8/11//Page16.pdf(***)..
..............................................................................................................................
علي النجار
09-09-04
إن كانت ورشة الفن هذه كسبت أهميتها من جهد الفنان مظهر, فلزاما علينا أيضا أن نعاين تجربة هذا الفنان أو مستجدياتها كواحدة من التجارب الفنية التي ولجت المعاصرة من أوسع أبوابها. آذ لم يقتصر جهد الفنان على تدريس الكرافيك ومنها تطبيقاته الخاصة في هذه الورشة أو في ورش أخرى خارج السويد. بل توزع جهده على مجمل نتاجه وبنفس الحرص والتفاني في إخراجه بشكله المتميز للحد الذي لفت انتباه خيرة النقاد العالميين ومراكز العرض. لقد جمع هذا الفنان خبرات متعددة. عينه المبصرة احتوت تجارب أستاذه الأول في بغداد السبعينات(رافع الناصري) وكانت تكفيه سنوات معايشته الأولى لتدله على أهمية التجريب الذاتي مدخلا لاكتشافات وان تكن متواضعة وقتها لكنها سوف تشكل له هاجسا للمتابعة. تجاربه الأولى قادته لفهم طبيعة تميز هذا الفن عن سواه من الفنون التشكيلية بدأ من مصادر صنعته الشعبية البدائية وإيحاءاتها الخطية وحتى معاينة تجارب أستاذه الأول. هذه المعاينة وتلك المصادر وتنوع تقنياتها اظافة إلى تأثير محاضرات أستاذه المرحوم(شاكر حسن آل سعيد) الفنية الثقافية كانت ذخره الأول حينما بدأ شوطه الدراسي الأهم في أكاديمية فنون وارشو(1980..1986), ووارشو هي التي أضفت زخما ديناميكيا لنتاجه الذي بدأ يتلمس سبل أدائه بالشكل الذي يطمح له. وكانت ورشة فالون وورشته الشخصية هي مصنع هذه التجربة وغنى نضجها.
أعمال هذا الفنان سواء منها طبعاته أو تشكيلاته الورقية أو المعدنية الكرافيكية إن بدت مغرقة بوسائلها ووسائطها التقنية. فإنها تشير أيضا ولو ببعض من الخفاء إلى مرجعية مصادرها البيئية(العراقية) الأولى مثلما تشير لانتمائها لبيئات أخرى, فهي بهذا المعنى جزء من سيرة تعلي من الأثر البيئي بأيحاءات كونية. إن قارنا الأثر الخطي الحاد الجريء والمطاوع في رسوماته الكرافيكية الورقية بالطباعة القماشية البدائية العراقية المحلية وبالخط الكرافيتي العربي وقوة وثبات خطه. فسنجد إشارات واضحة لهذه المقارنة. فرسوماته تتشكل و تتمظهر خطوطا جريئة ومطواعة لكنها تتعرض لإرادة الفنان التفكيكية كتلا جسدية بقدر ما تفقد الكثير من أجزائها تشير إلى محنة فقدها في وسط حاضن هو فضاء مفتوح على احتمالات احتضان معادل مناقض لقسوتها. فضاء غالبا ما يتكون من عدة طبقات احفورية شفيفة تبهر النظر لرقتها. جمع أو بعثرة المتضادات الخطية والمساحية هي جزء من لعبة الفنان في نتاجه الورقي والتي تكشف عن بعض من ولعه في أن ينتج أثرا لا ينسى بعد مشاهدته, القسوة مقرونة بالرقة تضادات هي بالأساس جزء من سلوكيات مداهنة لكنها مؤثرة في كشفها لعمق نوازعنا البشرية الغير سوية التي حاورها الفنان غالبا كشفا عن مخبوء ذهاننا الذي أورثنا إياه عصرنا ألكوارثي (ألعراقي..العالمي).
الجسد الإنساني هو المساحة المفضلة للفنان لأجراء تجاربه الفنية ضمن حيز محيطه الكفافي في أعماله الكرافيكية التجميعية. لكنه جسد مطاوع للحالة التعبيرية التي يضمر تشكيلها حركة متزامنة متتابعة أو منفردة. وهو إذ يختزل خطوط هذا الجسد لتوائم حالته الجديدة التي لا تخفي غالبا كم الانفعال وتقنينه بما يناسب هذه الحركة. بدأ من عمله التجميعي (المدينة) والذي سبق لي وان أشرت إليه في مقالة سابقة(*) أو في عرضه الحركي الضوئي(**)ضمن ترينالي فالون. أو في طبعاته الورقية المساهمة في نفس المعرض. أداة الفنان في بعض من رسوماته الطباعيية جسد فقط, كتلة مسطحة مفرغة سواء كانت ورقا أو معدنا, هو نسخة من نسخ عديدة كما هو حال العمل الكرافيكي أو كما هو حال البشر, وكل نسخة لها حيزها الذي تشكله حركة أطرافها. حركة موصولة بفعل الإرادة سواء خضوع أو تمرد. لكنها حركة ترفض الانصياع إلا إلى نوازعها المتمردة الشخصية كسرا للجوار لا ألفة وكما هو حال مجتمعنا النفعي المعاصر. ولم يغادر فعل التمرد أو الصراع في العديد من شخوصه الكرافيكية في طبعاته الورقية المتأخرة, فلا اللون بات مهادنا ولا الجسد متطامنا أو مجزأ بل هو موصول بألم مبرح تعوم إطرافه وسط فضاء هو الآخر لم يعد محايدا, كتلة حمراء متوهجه متشنجة وسط ظلمة,سواد, محيطها. أما الممتع حقا في تجربة هذا الفنان فهي مقدرتها الثنائية في جمعها لمشهدين مختلفين رغم وحدة جذرهما فإضافة لأعماله هذه وبالتزامن مع زمن إنتاجها أنتج أعمالا أخرى وبجمالية مفرطة في طبعات كرس فيها السطح حقلا تراكميا يشف عن طبقات ملونته الحيادية وهوامش حوافها واقتطاعات من تجسيمات خطية متناثرة وفق هندسة لا منظورة تؤكد فضاء العمل منفذا لسبر سحره.
الهامش هو سحر آخر ناوره الفنان في غالبية أعماله الطباعيية إن لم يكن كلها. وبالرغم من كونه غالبا ما يدل على عدم اكتمال العمل, إلا أن كمال هذه الأعمال مرهون بما يظهره الهامش في أعماله من جمالية مخاتلة تناور في حدود اكتمال وظيفة العمل جماليا مثلما تصعد من قيمة فعله التعبيري الدراماتيكي. وان كان الهامش يشكل في العديد من المخطوطات العربية القديمة قيمة افصاحية ودلالية مضافة. فان استدعاء مظهريته مجددا وبما يناسب وسيلة إخراج العمل بصفته المشهدية المستحدثة الجديدة هو بقدر ما يحيل إلى صفته الأثرية يؤكد أيضا على استيعابه أثرا قابلا للقراءة بوسائل عصرية. تأصيل الأثر هو احد مآثر هذه الرسوم الطباعيية من ضمن مآثر أخرى شكلتها مخيلة الفنان من مصادر إبداعية ولجت مساحة أعماله جزئيات مرت بحالات استحالة قبل أن تنصهر ضمن نمط أسلوبية منتجه. ورسوماته إن بدت ذهنوية مشوشة نوعا ما فان للسلوك الذهنوي مسارات متعرجة أيضا. وفي أقصى مسارات التعرج الإبداعية تقع رسوم المجانين. رسوم تفصح عن أعمق نوازع النفس البشرية في أقصى حالات توترها. التوتر والشد هي ميزة من ميزات رسوم مظهر الخطية وحتى الشكلية المختزلة. وان اشتركت بعض الشيء مع رسوم المجانين(الذهنويين) فان الأمر لا يعدو عن محاولة منه لسبر غور النفس البشرية بنفس تلقائيتهم التعبيرية وكهامش مضاف آخر لتفاصيل رسومه.
احد أهم أدوات الفنان هو الاختزال. وعبثية معظم الأعمال التشكيلية تكمن في فقد مساراتها الافصاحية ضمن تشابك خرائط تفاصيلها. وان استثنينا بعض الأعمال التي اشتغلت على هذا التشابك. فان الأمر يعود لمقدرة الفنان على ضبط إيقاعها بمعادلات أخرى تعيد لها توازنها ضمن منطقة إدراكية قابلة للمعاينة. أو هي أصلا منذورة للفوضى(الخلاقة). الاختزال صنو للمقدرة الإدراكية في الإحاطة بجوهر الشكل وبخطوط القوة الكامنة ضمن مساحته ومحيطه. خطوط القوة هذه هي التي أكسبت رسوماته صلابة خطوطها. وبالرغم من أن حركة هذه الخطوط مدعومة بكم انفعالي لا تخطئه العين, إلا أن مساراتها تظل صائبة في بلوغها القوة الافصاحية لتفاصيل جسدية مختارة لتؤدي وظيفتها ضمن حيزها المقنن وسط فضاء العمل. بالتأكيد لا يمكننا إقصاء عامل الصدفة. فالورقة البيضاء أو السطح الفارغ هي عموما مشروعا غامضا قبل الشروع باقتحامه, ولحظة الاقتحام في هكذا أعمال لا تفقد مشروعية مغامرتها المجهولة وتلقائية محركاتها الغامضة أو المدركة نوعا ما. وعلى ما تظهره هذه الأعمال فأننا لا نستبعد تلقائية المصادفات. لكن يبقى الأمر مرهون في كون الخبرة وهي تراكمية تقود مساراتها لغايات الفنان الإدراكية. وهذا ما نلاحظه في كل نتاج الفنان الذي عايناه.
التراكم الثقافي بات جزءا من مقومات العمل الفني المعاصر. وكفنان مغترب فهو بالضرورة عايش ثقافات متعددة بعدد اغتراباته أو هجراته, وهكذا هو حال مظهر أيضا. فما بين بغداد(العراق) و وارشو(بولونيا) و فالون(السويد) وما بينهما من أقطار. نمت حصيلته الثقافية والبيئة المختلطة ولتنتج فنا هو في خطوطه العامة عالميا المنحى. وان كانت مواد مثل (الزفت)أو (الخيش) موصولة بأثر من آثار الكرافيك العراقي في بداية نشأته الفولكلورية. فان الأحبار والدجتال وتقنياتهما الكرافيكية هي خليط من ثقافات أوربية متعددة. مثلما هي صيغة العمل حبلى بمؤثرات ثقافية مختلطة تركت بصماتها الواضحة
على تفاصيل منجزه. وإذ يعلن العمل الفني حاجته للمعلومة فعلى الفنان البحث عنها لا كما يفعل التقني التخصصي في مجاله الضيق بل بما يعزز معاصرتها ضمن مساحة الأبداغ الثقافي الذي يحاور أساليب التقنية العصرية ومناطقها الاستكشافية الجديدة والمستجدة ولاستكشاف مغامرة سوف تظل الهاجس المقلق الأرأس للمبدع, وهكذا هو حال فنانا, و كشوفاته تدلنا على ذلك. كشوفات لفتت انتباه الوسط العالمي للحد الذي كرسه مغامرا يستحق أتعاب مغامرته المجدية. وما كم الجوائز العالمية التي منحت له من أهم مراكزها الفنية إلا شاهدا على مقدرة إبداعية لا تغفلها محافلها.
لغز أعمال مظهر يكمن في تقنيتها. والتقنية أحيانا ما تشكل فخا, وجديد التشكيل غالبا ما يسحبنا لمنطقة تقنياته. وبات الجيل التشكيلي الجديد مغرما بها لما توفر له من إمكانية ادهاشية غالبا ما تكون فنطاسية. والتقنيات الكرافيكية بمختلف وسائلها ووسائطها هي في المركز من اهتمامات مظهر. هذه الاهتمامات وتطبيقاتها جعلت منه خبيرا في مجالها. وهو وبعد أن استحوذ على كل معارفه التقنية فانه في نفس الوقت لا يحتكرها لشخصه كمعظم التشكيليين بل هي خبرات يتناولها مع كل مريديه من طلبة ورشته ودوراته التعليمية الأخرى. هذا الأمر بالذات يذكرنا بقصور معارفنا التعليمة وشحة ما تلقيناه من معاهد الفن في أوطاننا وللحد الذي أخر نضج تجاربنا. وليبقى هذا الفنان أنموذجا في هذا المجال نود لو حاذاه أساتذة فن آخرين منطلقين من حرصهم على أداء الأمانة العلمية التي ائتمنوا عليها. اختلاط الوسائل التقنية هي من العاب هذا الفنان في تنفيذ العديد من أعماله فهو لا يتورع من استخدام المقص والرسم والطبع والكواش والتصوير والنحت ومستغلا كثافات سطوح أعماله الورقية والمعدنية في ولع تهديمي وبنائي وصولا لنتائجه المبهرة. والمقص عنده يلعب دور القلم ومرونة استعماله الخطية إذ أن مقدرة التخطيط لديه تتعدى وسائطها التنفيذية المعهودة. ورغم كل تراكمات طبقات أعماله التقنية فهي لا تخلو من خفة مبعثها قابليته السحرية في مناورة فضاء العمل بما يسمح له لأن يكون مهيمنا رغم كثرة تفاصيله أحيانا.
في بغداد متحفين مختلفين في محتوياتهما الثقافية الأثرية, متحف الآثار العراقي والمتحف البغدادي. وبقدر ما تبدو مقتنيات المتحف الأثري عصية على التقييم التقليدي لغنى مرجعيتها الأسطورية بكل أبعادها, تبين هشاشة محتويات المتحف الفولكلوري البغدادي. القيمة الأثرية تكمن في لب الصخر والبرونز الأثري وتواريخه الإبداعية. أما القيمة المعنوية فتكمن في ما يغطي الدمى الفولكلورية من ملابس وإكسسوارات في المتحف البغدادي وتتواءم وأنغام مؤدي المقام العراقي في أمسياته التي فقدانها الآن. هذه القيم المختلفة بمشهديتها المختلفة هي بعض من مرجعيات مظهر التلصيقية. هي لا تبين في أعماله لكنها أسست لسبل أسلوبية تعتمدها بعض من مركبات ثقافته الأدائية. فهاجس المحلية دائما ما يقتحمه هاجس العالمية, واختلاط الهواجس هي إحدى مركبات أعماله. فلا الجذر البيئي الأول معدوم تماما في أعماله ولا الجذر العالمي بتنوع مصادره هو الآخر معدوم. وخصوصية تجربة بهذه المواصفات شكلت بعض من عوامل لفت الانتباه إلى مقدرتها الافصاحية الفنية الملغزة. وللمتحف جولة جديدة في أعماله سوف تظهر نتائجها لاحقا في منحى منه لاستعادة وطن كان له في يوم ما.
لا بد من التنويه إلى صعوبة اعتراف أو إشادة الوسط التشكيلي السويدي بتجربة فنية أو ثقافية مغتربة. الصعوبة تكمن في طبيعة ثقافة الفرد السويدي كحامل لثقافة يحسها خاضعة لشروطها الاجتماعية, شروط تشير لكون المجتمع حاضن لثقافة جمعية بقدر ما تؤكد على الحقوق الفردية تلغي تمايزاتها ألا في حدود نادرة. اظافة إلى صعوبة قبول ثقافة الآخر إلا على مضض و بلا علن للنوايا غالبا حفاظا على تعهدات لقوانين إنسانية هم صانعيها. إلغاء التمايزات هو نوع من التعميم الثقافي يعيق أحيانا كثيرة استثمار الجهد المتميز تسويقيا بموازاة أهميته. وأسماء فنية سويدية قليلة استثمرت رأسمال جهدها وبنت شهرتها, وتم لها ذلك خارج وطنها. مظهر احمد وحسب اطلاعي على مجمل إنتاجه كان بإمكانه أن يجمع ثروة لابأس بها. لكنه وبالرغم من شهرته حتى في بلد إقامته السويد(التي منحته أهم جائزة لفن الكرافيك) اعترافا منها بمقدرته وتفرده, إلا انه بقي قانعا بدخله ولم يخضع لشروط السوق السويدي الفني إلا في حدود امتيازات مستوى أعماله. مع ذلك, لو توفرت له الفرصة التسويقية المناسبة خارج السويد فبالتأكيد سوف تنال أعماله استحقاقاتها التسويقية بمستويات التسويق للذروة من النتاج التشكيلي العالمي. وان حصل على شروط التسويق العالمية فسوف يصعد ذلك من أهمية منتجه في فضاء الأعلام التشكيلي العالمي. وإنا اعتقد بان الأمر سوف لا يطول لتحقيق ذلك. أما تأكيدي على الشرط التسويقي فلمعرفتي بأهميته كونه المنفذ المناسب لعالمية العمل الفني وانتشاره وشهرة منتجه. وان حصلت بعض الأسماء التشكيلية العربية, على قلتها, طريقها للسوق العالمي. فان الأمر لا يتعدى مبادرات ضيقة هي من صنع العرب أنفسهم وسوف تبقى يتيمة يتحمل عبئها الفنان نفسه. بالنسبة لمظهر فاني اعتقد بان نتاجه تأسس على شهرة متواصلة استحقها, ما يدل علي ذلك كم الجوائز العالمية التخصصية التي حصل عليها نتاجه من أفضل مراكز ومعارض الكرافيك العالمية. والتي ختمها في هذا العام بثلاثة جوائز من بينالي غوتلان العالمي في الصين, و الترينالي العالمي للتخطيط في تالين, والجائزة القانونية المهمة من ترينالي كراكوف في بولندا(وسوف يستلمها باسم العراق(***).
ختاما فإننا وما دمنا نعوم في الزمن العولمي الثقافي الفني, وكفنانين من العالم الثالث فبالتأكيد سوف نحاول زحزحة بعض من ثوابت مساحة محليتنا الضيقة, إذا ما نحينا جانبا أحلامنا الوردية المغلفة بقناعة مكتسبات عفا عليها الزمن. وجهد الريادة التشكيلية العربية بكل عطائه وسلبياته إن كلن قابعا في متاحفنا أو ذاكرتنا, علينا تجاوزه لزمن ريادي يساير متغيرات عصرنا المتشعبة كريادة معاصرة. وكم هو مفرح أن نكتشف أعمالا تشكيلية لفنانين عراقيين وعرب سواء من جيل الشباب آو الجيل الأكبر حازت على جوائز وتقديرات عالمية وبخبرات هي بعض من الخبرة العالمية رغم محركاتها البيئية. ويحتل جهد الفنان مظهر بؤرة هذا المنجز متمثلا باكتشافاته التقنية وإيحاءات أعماله ومعاصرتها.
...........................................................................................................................................
http://www.baghdadart.de/T2.htm(*) ..
(**).. عرض شكله الفنان من شخوص معدنية بحركات مختلفة افترشت مكانا في متحف (دالارنا) في مدينة فالون ضمن بعض من مساهماته في عرض ترينالي فالون للكرافيك في عام(2007) (الذي سعى الفنان نفسه وبالتعاون مع بلدية المدينة لأقامته وقد سهلت علاقات الفنان الشخصية بأهم الفنانين الكرافيكين العالميين تحقيق ذلك). وكسب هذا العمل صفته الكرافيكية من خلال الاشتغال على المادة الخام وهي صفائح الطباعة الألمنيوم المستهلكة. ومن تكرار نسخها مع اللعب على تنوع حركاتها ضمن إضاءة حركية إيحائية.
.http://www.alayam.com/Archive/PDF/2009/8/11//Page16.pdf(***)..
..............................................................................................................................
علي النجار
09-09-04
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire