www.rasoulallah.net

www.rasoulallah.net
موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم

Haloudi Issam

Haloudi Issam
حمودي عصام

Ghada Abdel Moneim

Ghada Abdel Moneim
غادة عبد المنعم

الفنان محمد طوسون

الفنان محمد طوسون
المتفرد.. محمد طوسون والله أكبر

Saadi Al Kaabi

Saadi Al Kaabi
العبقرية سعدي الكعبي

BOUKERCH ARTS et LETTRES

BOUKERCH ARTS et LETTRES
بوكرش فنون وآداب

ISLAMSTORY

ISLAMSTORY
أنقر على الصورة وتابع الحضارة الاسلامية

مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


فاتحة المحراب (بوكرش محمد) بتوقيع الفنان القدير ابراهيم أبو طوق لموقع فنون1954 بوكرش محمد


شكري وشكركم بالنيابة للفنان الرائع العبقري المتواضع الخطاط ابراهيم أبو طوق الجزائر


الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

الفنان القدير ابراهيم أبو طوق
الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

مرحبا أهلا وسهلا بكم أصدقاء محراب بوكرش محمد فنون 1954



يسعدني أن تجدوا فضاء يخصكم ويخص أعمالكم ، البيت بيتكم وكل ما فيه بفضل الله وفضلكم...منكم واليكم، بيتكم لا يتسع ويضاء الا بكم... مرحبا
بوكرش محمد الجزائر

jeudi 31 décembre 2009

عراف يتكهن باحوال الفن و التشكيل في سنة 2010 / عمر الغدامسي

الناقد التونسي عمر الغدامسي
عراف يتكهن باحوال الفن و التشكيل في سنة 2010

ما تخفيه الكواكب والنجوم في سنة 2010
عمر الغدامسي
ونحن نستقبل سنة ادارية جديدة، نتمناها مليئة بالنجاحات والتألقات للجميع.قلنا وكما فعلنا في نهاية السنة الادارية المنقضية،وضمن هذا العمود بالذات .لماذا لا نقصد احد العرافين،عله يخبرنا عمّا تخفيه النجوم للفن والتشكيليين خلال سنة 2010.عملية البحث لم تكن سهلة ذلك ان كل العرافين والمنجمين عبروا لنا عن كامل عجزهم على افادتنا بأي شيء ،ذلك لانعدام درايتهم بالنجوم والكواكب المتحكمة في هذا الفن التشكيلي.الامر زاد تعقدا عندما لم ننجح في العثور على العراف الذي اتصلنا به في نهاية السنة الفارطة،كل الاشاعات تقول انه اختفى وهو يحاول تعزيم سفينة متجهة الى مثلث برمودا اشاعات اخرى قالت بأنه لم يختف بسبب مثلث برمودا بل لانه تكشف على النجوم والكواكب المتحكمة في الفن التشكيلي عندنا.وهي وكما ذكر لنا المدافعون عن هذا الموقف، نجوم مغلقة باحكام وكواكبها محاطة بافخاخ تماثل تلك التي كان يأتي بها الفراعنة لحماية كنوز اهراماتهم من المتطفلين واللصوص.من جهتنا عملنا على تفنيد هذه الاشاعة مرددين:هذا فن لا يغني ولا يسمن من جوع وهو لايعني الا المجانين واليائسين والحالمين.
بحول الله ورعايته نجحنا وقبل ان تغير النجوم والكواكب مواقعها باتجاه السنة الجديدة، نجحنا في العثور على عراف ملم وخبير.
فهو طالب سابق في الفنون الجميلة خير الانقطاع عن دراسة الفن وخوض غمار الدراسة الاكاديمية لعلوم التنجيم والفلك باعتى المعاهد العليا ببلجيكا ثم بأنقلترا،ووفق نص سيرته الذاتية فان تحصيله القليل في مجال الفنون الجميلة،لم يجعله ينقطع عن عالم الفن، سواء باقتناء الاعمال وزيارة المعارض او من خلال تلك العلاقات التي تربطه بالفنانين وبعضهم من حرفائه، يقصدونه خاصة لمعرفة الطالع قبل كل معرض ينظمونه او للتعزيم على قماشاتهم قبل البدء في تلوينها.
استقبلنا هذا العزام بمكتبه، مؤكدا لنا بأن سنة 2010 ستشهد تحولات استثنائية وعميقة في مجال الفن، كيف ذلك؟ سألناه.حسنا،ردد وهو يتأمل في بعض الاوراق المليئة بالعلامات والكتابات الملغزة.ثم قال لنا: انتم تعلمون ان نهاية سنة 2009، شهدت اهتماما كبيرا بمسألة الاثار المسروقة، ونجاح الامن في كشفها واماطة اللثام عنها.وفي بداية السنة الجديدة، سيتم اقرار اجراء عملية جرد ضخمة لكل الممتلكات الاثرية،بما فيها تلك المحفوظة في مخازن المتاحف وحتى لدى الخواص.وهذا سيخلق ما سيسمى بحمى الجرد،ليشمل الاعمال الفنية المقتناة والمحفوظة في المخازن وفي الادارات والمؤسسات العمومية. الامر لا يقف عند هذا الحد البسيط ذلك ان مفاجأة كبرى ستحدث، اكتشاف مذهل.فبعد عملية الجرد، ستتم مراجعة القائمات التقريبية وغير المحينة، ليكتشف الجميع وجود مئات من اللوحات والمحفورات والمنحوتات التي لم يتم ترسيمها في قائمات وان اغلب تلك اللوحات خاصة تساوي ملايين الدينارات.الغريب ان لا احد يعلم كيف الحقت تلك اللوحات، ولا وثائق تثبت كيفية دمجها ضمن المقتنيات العامة.لوحات مجهولة لجيل الرواد والمستشرقين.
بعض اللوحات لروبتزوف ترى لأول مرة،وقد قدم احد اثرياء مدينة بيترسبورغ.مسقط رأس روبتزوف،مبلغا خياليا لاقتنائها وعندما رفض طلبه، قامت حملة معادية بروسيا غذى نيرانها المتطرفون،وكاد الامر يتسبب في ازمة ديبلوماسية،لكن الامر تم تجاوزه، بفضل الحكمة وعدم التشنج، وتمت تسوية الامر بتنظيم معرض ضخم بأكبر متحف بروسيا،لاعمال روبتزوف ولأعمال فنانين تونسيين من مختلف الاجيال.هذا وقد تكفل الثري الروسي بدفع تكاليف التأمين على الأعمال والتي كانت باهظة،خاصة وانه كان هناك خوف من ان تتعرض تلك الاعمال لاعتداءات القوميين المتطرفين الروس.
صمت العراف ثم اردف، لا يمكنكم تصور الفائدة الاستثنائية التي ستحصل من وراء كل ذلك للفن التونسي، خاصة وان القنوات الفضائية وكبريات الصحف اهتمت بالموضوع ونشرت ملفات عن الفن التونسي.احدى اكبر المجلات المختصة، ستنشر في صفحتها الاولى لوحة لفنان شاب تونسي وقد كتب تحتها وبالخط العريض:« لوحات روبتزوف تخفي كنزا نجهله عن الغرب».سألنا العراف عن هوية الفنان الشاب الذي نشرت المجلة صورة احد اعماله على الغلاف فذكر بأن ذلك ليس مهما، لاننا سنجد داخل العدد صور اعمال واسماء فنانين عديدين،بعضهم من الشباب ومن الاجيال السابقة.
سألنا العراف.عما اذا كانت سنة 2010 ستخفي اخبارا واحداثا هامة للفن التشكيلي بتونس، فأجابنا بعد انغماس وصمت قال لنا سيحدث امر جلل لاحد الدكاترة والمعنيين بالنقد ممن يتهمونه خصومه غيرة وادعاء بأنه مشعوذ ومجرد متلاعب بالمعاني الفلسفية يرضخها ويغمّسها ويعجنها وهي في يديه كالهلام. صمت العرّاف ثم قال طبعا هذا ما يقال عنه. وهذا ابعد ما يكون عن الشعوذة التي يتهمنا بها نحن بعض الناس. ذلك ان في الشعوذة سحرا للألباب لنقل انها فن شعر العرّاف بأنه جانب جوهر الموضوع. فردد متلعثما ، هذا الناقد الجامعي سيتقاسم مجد الشهرة مع احد الاثرياء العرب... سألناه هل ان هذا الثري العربي فنان مادام صاحبنا جامعي ناقد. لا اجابنا العرّاف بل ان هذا الثري العربي لا يعرف اصلا هذا الناقد ولم يحصل وان التقاه كل ما في الامر ان هذا الثري مغرم بالحمام التركي ويمتلك واحدا في بيته، ولانه في بيئة صحراوية. فان ثمن الحطب هناك مرتفع، هو كان يؤمن ذلك بشحنات من الخارج. لكن عملته البنغلاديشيين كانوا يتصرفون في ذلك الخشب. وفي المقابل كانوا يطعمون الفرن بفضلات الاقمشة وما شابهها من المواد القابلة للاحتراق وصل الخبر الى الثري فقام بتوقيف عملته.
حسنا سألنا عرّافنا وما علاقة عمل هذه الاحداث بالناقد الجامعي صبرا، قال لنا مبتسما فلا أحد يعرف كيث تحبك الأقدار الاطوار قلنا ان العملة تم توقيفهم ثم تم تسليمهم للعدالة بتهمة سرقة الخشب وخيانة مؤتمن والغش خلال المحاكمة تفاعلت القضية وتدخلت عدة اطراف بما فيها سفارة بنغلاديش ولأسباب انسانية تنازل الثري عن القضية. فكافأته سفارة بنغلاديش ودولتها بهدية رمزية تمثلت في فيل. فرح الثري بالهدية وازدانت حديقة قصره بالفيل واصبح الاخير صديقه الحميم، يلاعبه ويهتم بامره ويدلله حتى انه كان يأتيه بأسطل مليئة بالألوان وبقماشات كبيرة. لينظر الى الفيل وهو يرسم بخرطومه. الثري وبعد حادثة حمامه التركي، اصبح أكثر تيقظا في مراقبة عملته المكلفين، بالفرن وتطعيمه بالأخشاب دون سواها. خلال احدى زياراته الفجئية لعملة الفرن، صحبة الفيل الذي لم يعد يفارقه، كان في احد أركان الفرن كومة من الكتب التي كان العملة البنغلاديشيون يستعملونها لتطعيم الفرن، وضع الشيخ الثري يده على احد تلك الكتب وقرأ عنوانه «اشغال الندوة النقدية في فن التشكيل العربي» فتح الكتاب واخذ يتصفح عناوينه وفقراته، توقف عند أحد النصوص وبدأ في قراءتها شعر بالعجز على الفهم وهو الحافظ على ظهر قلب لكل المعلقات ولدواوين المتنبى وعروة ابن الورد وحتى نزار قباني. توقف امام كلمات ومعاني بدت له غريبة... انقلاب العين... مقبولية مستحدثة... كنه اللامتناهي... خبرة الانقسام وكلمات وتوليدات لغوية بدت له اشبه تلغيزا بخريطة جزيرة الكنز. بعد ايام من هذا الحادث. وعندما كان الشيخ الثري يراقب فيله وهو يلون ويبعثر بخرطومه على القماشة صاح فيه الثري: يا فيلي العزيز لقد وجدت لك ناقدا.
لم يكن من السهل على الشيخ الثري الوصول الى هذا الناقد الجامعي خاصة وانه سلك الطريق الخاطئ حيث انه اتصل بفنان رسام تونسي يعرفه وسأله عن عنوانه غير ان هذا الفنان انكر أصلا علمه بوجود ناقد يحمل هذا الاسم. باختصار يقول عرافنا نجح الشيخ الثري في الوصول الى الناقد واثمر النقاش بينهما معرضا حول تلك الاعمال وسيكون النص النقدي والذي سيضفي على الناقد الجامعي شهرة كونية وعالمية: «المعقولية الغريزية ضمن البؤرة الخرطومية في الفن المستقبلي».سألنا العراف عما اذا كانت السنة الجديدة ستحمل احداثا مهمة اضافية فابتسم وأشار الى ساعته مرددا ان الكواكب والنجوم ذهبت في اللحظة لتنام الا ترون بزوغ الشمس.... شمس النهار ليس أكثر فلا تطمعوا

mardi 29 décembre 2009

بوكرش محمد بالصين الشعبية

بوكرش محمد بالصين الشعبية

lundi 28 décembre 2009

اعمال الفلوجة للفنان العراقي اياد الجلبي ayad celebi / بقلم نزار شقرون

الفنان اياد الجلبي



مسيرته الفنيّة


ما وراء الأشكال الجماليّة الظاهرة وتوازن الأشكال وتناسق الألوان يسعى أياد دنّون بكون شاهد على عصره. فلوحاته تسرد وتصور الأحداث التي يعرض بها بلده الأم في السنين الأخيرة (مجموعة وجوه تتسلسل بالأبيض والأسود.ترسم تلوناته وجوهاً بتعابير مختلفة تتداعى في ما بينها.فإذا تطلعنا إليها من بعيد نرى بقماً، مزيجاً من الألوان الصافية الفرحة دون أي معنى، وإذا اقتربنا منها نستطيع تمييز وجوه رجال ونساء بتعابير مؤثّرة واحدة تلو الأخرى. وهكذا سحرت هذه الوجوه وأنسنت لتصبح نظرة شاهدة على الواقع. هذه اللوحات تستحق التأمل والتحليل على عدّة مستويات.معاصر، كيميائي حقٍّ حقيق، يكتشف التقنيّات يمزج بالمواد والألوان ويعطيها أشكالاً. مزيج من الثقافتين الفرنسيّة والشرقيّة يطبع أسلوبه ويغني رسوما ته ويعطيها الأصالة والابتكار.عالميٌّ بامتياز، منفتح على العالم لكن متعلّق بجذوره العميقة وثقافة بلده الأصل.بالنسبة له أن يرسم هو الأساس. الوصول إلى السعادة يمر عبر رسوماته التي ضمَّنها رسائله وآماله.


اعمال الفلوجة للفنان العراقي اياد الجلبي ayad celebi/ بقلم نزار شقرون

تجربة الفنّان إيّاد الجلبي فقد توزّعت على مظهرين مختلفين في مسار مواجهة الواقع العراقي الدّامي. يعدّ الفنّان إيّاد واحدا من الفنّانين العراقيّين الذين ربطوا لمسة الفرشاة بالعذاب الإنساني، فجاءت أعماله من "لوحات نويل" إلى "لوحات الفلّوجة" ممعنة في وشم الذّاكرة العربيّة، ذاكرة موشومة لم تستطع القنابل أو طائرات ب52 أن تمحي آليّاتها أو أن تحقنها بالصّمت الرّهيب، فحين واجهت بغداد وحدتها الأبديّة أمام قصف كوني تشظّى الوجه الآدمي وأصبحت الهويّات المفردة غير ممكنة التّحديد. كانت القواسم المشتركة لهذه الهويّة تفضي إلى وحدة التّبعثر والهلاك والفزع. استمال الوجه إلى صرخة مدوّية، كذلك هو في أعمال شلبي، توافق عميق مع مأسويّة الحدث والحالة والواقعة المستميتة في الحضور. وإذا كان فنّ البورتريه هو تجلّ لملامح الوجه فإنّ مقاربة الفنّان لهذا المظهر الفنّي تميّزت بالمغايرة. لقد استعمل إيّاد شلبي فرشاته بلمسات سريعة أكّدت حضور الحركة إذ لا يمكن أن يُسعف الوجه في ظلّ تهاطل القذائف، فديناميّة اللّون تتناغم مع طريقة التّصدّي لارتعاشة اليد التي ترصّف الألوان فوق بعضها دون اكتراث لأيّ مواجهة مع حدود الوجه المعلومة لأنّ الملامح تختفي كلّما انهمرت الألوان، ويبدو من الشّاق جدّا تبيّن سمات العينين والأنف والفم وهناك كثافة لونيّة خضراء، صفراء فاقعة وحمراء تمنع الوضوح، بل هناك طمس للوجه، هو طمس الواقع له، لأنّ الوجه يريد أن يتجلّى رغم هيمنة الألوان. وتبدو الحركة إذن صراعا حادّا بين رغبة الوجه في الانكشاف وسلطة الواقع/الفعل الدّموي في نسف الوجه. حينذاك لا يكون الوجه غير انتماء موجز للشّهداء الذين عبروا سماء بغداد دون تردّد.تأخذ وجوه شلبي محور اللّوحة، القداسة دائما تفترض المحور من الأيقونة إلى البورتريه، المحور منذور لهيمنة الوجه منذ القديم. لكنّه يأتي في شكل شظايا، فاللّوحة تنقسم إلى هذين الحيّزين، حيّز الوجه وحيّز الفضاء الأزرق الممتدّ. الفراغ الشّاهد على امتلاء مقبور وحضور مغيوب. لكنّ الوجه ليس منفردا، ثمّة اشتعال لأشجار"نويل" التي تشتعل بهذه الوجوه. الشّجرة لدى إيّاد شلبي، أصلها في الأرض الجريحة بأنفاس الكائنات من الأطفال والشّيوخ والنّساء وفرعها سمات لم تعد لها أسماء. إنّ التّشوّه الذي لحق بالوجه البشري ليس مأتاه الواقع المرجعي فحسب بل إنّ الاختيار الجمالي هدف بدوره إحلال هذه المزاوجة بين البعد الشّخصي والبعد التّجريدي، فالأعمال تتردّد بين هذين البعدين وفيهما مشاكسة للواقع، كما أنّ الفنّان يبوح بهذه العلاقة الوطيدة التي تجمع بين الفنّ وبين القضيّة، دون ابتذاليّة، أليست قضيّة الفنّان هي الإنسان؟لذلك نراه يتعمّد منذ سنوات تمتين هذا المبحث الفنّي فانتهى به إلى أعمال جديدة غابت فيها الألوان لتظهر الدّرجة الحياديّة كاستنكار للحياديّة المغرضة التي يتموقع فيها المشاهد إزاء ما يحدث في العراق. فاتّخذ الجلبي من أحداث الفلّوجة فضاء رمزيّا للتّعبير والتّكوين، فتغيب الألوان وينقشع الزّيت ليتوسّل بالإكريليك وينسف بالأبيض والأسود منطقة الصّمت العالمي. تكون اللّوحة فضاء للوجود ولكنّها في سلسلة أعماله الأخيرة كون مظلم يشهد تفجّر الوجود، ولا يكون الوجود غير استفحال لانفجار ما، يأخذ شكلا مبهما في آونة التّلقّي الأولى إلاّ أنه سرعان ما يهب المشاهد بعضا من تشكّلاته، يقطع الفنّان مع الفعل التّشخيصي، إنّه يواجه تجريديّة صاخبة تخرج عن التّبقيع لتتّصل أكثر بحركة اليد وهو تتجرّأ على سواد الفضاء تدمغه بضربات سريعة ودقيقة، تتشاكل مع المرجع الواقعي لا في تصويريّته ولكن في عنف حركته. إنّ هذا الواقع بلغ منزلة اللاّتحدّد حيث يكون أقصى من المتصوّر، من الكابوس أصلا، كيف يمكن تمثيل ما هو أقصى من الكابوس، اللّعنة نفسها كيف يمكن تمثيلها؟ يتمّ استدعاء الأبيض لا ليكون حياديّا ، إنّه في أعمال الجلبي منحاز، ولكن مع من؟ وضدّ من؟ أوّلا هو منحاز ضدّ اللّونيّة الطّافحة التي عرفتها تجربته الفنّيّة ، وهو منحاز ثانيا ضدّ أصليّته كدرجة مضيئة فحسب ، وهو منحاز ثالثا ضدّ الواقع : سواد الصّمت.يتجرّأ الفنّان على دمج حركة اليد مع فضاعة المرجع الواقعي ليهب النّور، وليمنح الشّكل حضوره الأقصى فالشّيء مثلما يبيّن موليم العروسي" لا يكتسب أهمّيّته إلاّ بقيمة الضّوء المسلّط عليه، ذلك أنّ الأحجام لا تظهر، سواء أكان ذلك في الطّبيعة أم في الفنّ، إلاّ بوجود الضّوء. وإذا أراد الفنّان تمثيل منظر معيّن، مهما تكن المادّة التي يعتمد عليها، فإنّ الضّوء يلعب دورا هامّا في إبراز الكتل والأشكال. وهكذا يظهر النّور وكأنّ له سلطة مطلقة"ولكن ماذا يضيء الجلبي، وقائع الفلّوجة؟ يضيئ الألم باكتساح النّور لأغلب حيّزات الفضاء لتتجلّى أشكال تبتهج في ظاهرها بالفوضى العارمة ولكنّها ليست فوضى، إنّها مخادعة ، فهذا النّوع من المعالجة الفنّيّة يفترض التّمهّل في القراءة، سنرى علامات هندسيّة وخطوطا متشابكة ومتقاطعة، سنرى ما يشبه تبرعم الأوراق، خطوط راحة الورقة الطّبيعيّة وكأنّها خطوط قدريّة اليد المقهورة ، فالطّبيعة نفسها تتفجّر ، تتلوّى ، يعني ذلك أنّ الأرض وما عليها في غضب، تأخذ الأشكال بعد "الأثر"، فعلا إنّ ما يسعى إليه الفنّان هو أثر الحدث وليس الحدث ذاته، إنّه أثر الشّكل وليس الشّكل، أثر المعنى وليس المعنى. ولكن أين الإنسان؟ هل يغيب تماما بعد أن كان حاضرا في الأعمال السّابقة؟سنرى بعضا من تفصيلات الوجوه تكاد لا تظهر، هي مشوّشة وقد تكون مشوّهة، مصدومة بزلزال يشبه الانفجار الأوّل، لكنّ هذه الأشكال لا تولد بين الظّلام ، بل تولد أيضا في رحم رماديّ لكأنّ التّفجّر يقود الكون إلى انبجاسة البياض من جديد. وتبدو تفجّرات الأشكال متّشحة بالسّواد، فحركة التّشكيل لا تغفل حضور الأسود في مختلف أجزائها، أي أنّ الحركة في الفضاء المبيضّ لا تخلو من صراع بين النّور والظّلمة، هو التّضادّ الأقصى الذي يقوّي درجة الإيحاء في خطّيّات ممتزجة بالرّغبة في التّشكيل حيث تبرز يد الفنّان الغرافيكي الذي يحتفي بالخطّيّات في فضاء الورقة. ويينع في العمل الواحد منزعان في الفنّ :الرّسم والغرافيك، وهما بالطّبع وجهان لشخصيّة الفنّان الجلبي

samedi 26 décembre 2009

الجمال والدسائس والخنافسد/ إياد حسين عبدالله



الجمال والدسائس والخنافس !


د إياد حسين عبدالله


كواحدة من الحالات التي يفرزها واقع العراق المريض ، وبعض )المثقفين( الذين ابتلى العراق والحياة بهم ممن يمثلون سقط المتاع ، ينشر هنا وهناك كتابات في السياسة ، تثير مزيدا من الفرقة والبغضاء والكراهية في العراق واهله ، تحت اسمي ( الاكاديمي العراقي الدكتور اياد عبد الله ) وبعد ان طلبت من الكاتب المزيف والموقع الغاء التزييف وتوضيح الحقائق لعله شبه في الاسماء ، لم اجد اذانا صاغية .
ولما كنت لا اتعاطى السياسة بسبب رأيي المتخلف فيها في هذا الزمن ، ولا اكتب الا في الفكر والفن والجمال والعلم ، بينما تمثل السياسة لدي الجانب الاخر من الحياة . واؤمن بوحدة ارض العراق واهله حرا ، سليما ، مزدهرا ، معافى ، فقد اقتضى من المواقع النبيلة التي تعمل في النور وتدعو الى بناء عراق مشرق ، ان تكشف عن هذا التزييف ، بعديدا
عن الدسائس والخنافس

vendredi 25 décembre 2009

ا. د. اياد حسين عبد الله : المسافة النفسية بين الانسان والتصميم



المسافة النفسية بين الانسان والتصميم
ا. د. اياد حسين عبد الله
ليس من المؤكد ان تتطابق تماما الحاجات الانسانية بميولها ورغباتها مع الاشياء التي تثير انفعالاتها، وانما يعتمد هذا التجاوب على نواحي عديدة بين الشكل الموضوعي كقيمة جمالية
وبين الميول والتجربة الجمالية الذاتية فضلا عن الحاجات المادية والروحية للانسان وهذه المتغيرات تجعل المسافة النفسية بين الانسان والتصميم متغيرة ايضا وهذا التغير يؤثر مباشرة على مستوى التجاوب والتقمص .
وان كان المصمم يهدف الى ايجاد حالة من التوحد بين ذات المشاهد وموضوع الانفعال (التصميم) وهو افضل ما يتوصل اليه المصمم المبدع الا ان ذلك احيانا خارج قدرة المصمم على الانجاز بسبب ما يحتكم بالمزاج الفني والجمالي للمتلقي، ولهذا فان كل موضوع انفعالي له مسافة تفسير معينة خاصة به ويصعب تكرارها . كما ينبغي على المصمم ان يدرك ان هناك فصلا واضحا بين قيمتين اساسيتين في التصميم هي الموضوع الذي يتمثل بجوهر فكرة الاداء والوظيفة من ناحية، وجاذبية ذلك التصميم المتعلقة بالشكل، وقيمته الفنية والجمالية وكلا الجانبين طرفين اساسيين في عملية تحديد المسافة النفسية .
وحدد (بوالو) عوامل عديدة تزيد او تقلل من المسافة محاولا تفسير المبادءئ الجمالية والعوامل النفسية التي تتحكم في علاقات التقمص الخاصة بالمتلقي مع العمل الفني واشار الى ان مجموعة هذه العوامل هي مجموعة اسلوبية .
فعلى سبيل المثال في الفن الواقعي (الصورة الفوتوغرافية مثلا) تقل المسافة فيزيد التقمص وتقل المتعة، بينما في الفن عال التجريد (لوحة لموندريان او بولكليه) فان المسافة تزيد ومن ثم يقل التقمص وتزيد المتعة الجمالية، وعموما فان كل الفنون التي تعتمد انماط الاشكال الانسانية كما في الرقص والغناء والمسرح فان المسافة تقل وتزيد حالة التقمص، بينما الصور الفنية التي لا وجود للاشكال الانسانية حضورا واضحا فيها كالعمارة والتصميم الصناعي والطباعي والاقمشة تزيد المسافة مما يؤدي الى قلة التقمص .
وحقيقة الامر ان التعرف على الاشكال الانسانية يميل الى تعزيز علاقة الوحدة والاندماج الذاتي بين الموضوع والمتلقي وان كانت على حساب المتعة الجمالية . ومن جهة ثانية فان هناك العديد من الافراد من ذوي الاهتمامات العلمية ينظرون الى الموضوع الفني على اساس احتياجاتهم واهتماماتهم ويفقدون في ذات الوقت ذلك الاهتمام الخاص بالجانب الفني المميز .
ولما كان فن التصميم يؤدي وظيفة مزدوجة الاولى في القيم الجمالية الشكلية اسوة بالفنون البصرية، فمن الضروري التأكيد على الجانبين معا، الاولى اقلال المسافة النفسية لاجل زيادة عملية التقمص وبالتالي تأكيد القبول الوظيفي والنفعي للتصميم ومن جانب اخر فان ضرورة زيادة المسافة النفسية من شأنها اقلال عملية التقمص وبالتالي زيادة القيمة الجمالية، ولكي لا يتحول العمل التصميمي مجرد سلعة لها اداء او نفع محدد وهنا يتوجب خلق موازنة بين الجانبين حسب اهمية ونوع التصميم لان بعض انواع التصاميم لا تتساوى فيها كفتي الجمال والوظيفة بنفس النسبة وانما احيانا ترجح احدهما على الاخرى رغم اهمية كل منهما في تكوين التصميم وتحقيق هدفه .
والمتلقين اصحاب الاهتمامات العملية بما يعرضه او يقدمه العمل الفني قد يفقدون الانفصال او المسافة اي انهم يصبحون قريبين بدرجة كافية من الموضوع، وعندما ينظرون الى موضوع فني يكون اهتمامهم موجها اساسا الى اهدافهم وحاجاتهم الشخصية، ولذلك فانهم يفقدون المشهد الخاص بالعوامل الفنية المميزة للعمل والتي تعطي له قيمة جمالية وعلى العكس فان المتلقي ذوي الاهتمام الشخصي المحدد والذين يميلون ان يكونوا بعيدين بدرجة كافية، انهم يتمتعون على نحو ضئيل تماما بالشكل او القيمة او الموضوع الخاص بالعمل الفني، ولا يكون اندماجهم الذاتي في العمل الفني قويا بدرجة كافية لانتاج استجابة جمالية . وهنا يتوجب ان نعلم ما هو مقدار المسافة المثالية المطلوبة بين التصميم والمتلقي لكي يتم الاندماج الذاتي بينهما .
والضرورة تقتضي من المصمم ادراك المسافة النفسية المطلوبة من تصميمه وبين المتلقي وفقا لاهداف ذلك التصميم وطبيعة وظيفته وادائه وقيمته .
1- المتعة:
وهو شعور ناتج عن الحالة التي يثيرها نوع من الاندماج ومواصلة التفاعل مع موضوع معين بحيث يؤدي الى اكتشاف او ارتياح او قلق كنتيجة لهذا التفاعل .
ويحصل الانسان على المتعة من خلال النشاطات الخاصة التي تقوم بها الحواس والاداء والاستدلال، فالحواس هي الوسيلة الناقلة لهذه المتعة الى النفس سواء كانت عن طريق البصر او السمع او اللمس او الذوق او الشم، فرؤية فلم سينمائي او لوحة فنية او سماع مؤلفات موسيقية او شم عطور رائعة او تذوق بعض الاطعمة او لمس بعض الاشياء الجميلة او كتابة بحث جيد او حل مسألة صعبة او اثناء تبادل وجهات النظر .
غالبا فان كل نوع من المتعة يقابله نوع من الالم، الالم الجسدي يقابله الراحة والمرارة يقابلها الفرح والحزن يقابله السرور والجوع يقابله الشبع .... الى اخره .
ان البحث عن الاعتدال والتوازن هي الحالة التي يبحث عنها الانسان من خلال المتعة كما ان حالة الزهو والفخر والامان وتحقيق الذات وحب السيطرة كلها حالات يجد الانسان فيها متعة كبيرة وبالتأكيد يختلف مستوى المتعة التي يحتاجها الافراد من شخص الى اخر باختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم وحاجاتهم .
وحقيقة الامر ان ما نسميه بالمتعة يتحول غالبا الى حاجات في فن التصميم يسعى الانسان الى اشباعها في اطار من المتعة واللذة . اي ان القيمة النفعية المباشرة هي اول ما يجب ان يتحقق في التصميم لغرض اثارة المتعة .
لهذا يظهر جانب الاستدلال كضرورة حتمية لتحقيق المتعة وهي عملية تفكير التي يتمكن من خلالها استنتاج استدلال معين استنادا الى فكرة التصميم كمقدمات وبينما يمكن ان تحققه هذه الفكرة من نتائج واهداف وفقا لقاعدة الاستدلال .
وهذا يعني ان المقدمات الفنية في شكل التصميم والتي قد تثير المتلقي اذا كانت صادقة في قيمها الجمالية فان الفرد يعتقد بصحة اهداف ونتائج هذا التصميم، اي انه غالبا يربط جودة الشكل بكفاءة المنتوج، وهذا ما يستغله الكثير من المنتجين في عدم تطابق النتائج مع صدق الشكل، وهو ما تثبته طبيعة البرهان والاستخدام النهائي للتصميم بما يجعل الفرد يستشعر بصدق النتائج او يحس بخيبة الامل فضلا عن عدم تحقق المتعة لعدم تطابق النتائج مع المقدمات .
اذاً على المصمم الذي يحرص على ان يحقق تصميمه للاهداف المرجوة، ولا بد ان يدرك ذلك كما يحرص على المنتجون الذي يكسبون ثقة زبائنهم دائما على اقتران صدق الشكل بقيمة النتائج .

*عميد الكلية العلمية للتصميم - مسقط

jeudi 24 décembre 2009

Nja Mahdaoui الفنان العبقرية التونسي نجا المهداوي من مسيرة بوكرش محمد الجزائر


الفنان العبقرية التونسي نجا المهداوي

http://www.facebook.com/home.php?#/video/video.php?v=1214508915273&ref=mf

من مسيرة بوكرش محمد الجزائر 2009

toujours en 2009, je viens de visionner votre VIDÉO - j'aime beaucoup votre travail en sculpture -ainsi que les recherches graphiques Bravo de tout cœur - c'est professionnel et fort. Votre frère Nja mahdaoui



mercredi 23 décembre 2009

الفنانة الجزائرية زينب سديرة: التوابيت العائمة، السفير، البحر الأوسط / بقلم: جوزف مك غوناغل







زينب سديرة: التوابيت العائمة، السفير، البحر الأوسط
بقلم: جوزف مك غوناغل


صورغاليري كامل مينور، باريس

جمع المعرض الأخير الذي أقامته زينب سديرة في صالة نيو آرت أكستشينج (New Art Exchange)
في نوتينغهام في المملكة المتحدة ثلاثة أعمال: تسجيل فيديوي يعتمد على بث مرئي عالي الجودة على شاشة مزدوجة بعنوان "السفير" "Saphir" (2006)، وتسجيل فيديوي يعتمد على بث مرئي عالي الجودة بعنوان "البحر الأوسط" "MiddleSea" (2008)، وتسجيل فيديوي مهيب يمتد على 14 شاشة بعنوان "التوابيت العائمة" "Floating Coffins" (2009). وبالرغم من اختلاف هذه الأعمال، إلا أن نقاط التشابه ومواضيع الهجرة والنزوح والبحر المشتركة في ما بينها تفرض مقارنتها ضمن هذه الثلاثية. وبهذا، يحتفل المعرض بمرحلة جديدة من مسيرة سديرة الفنية.

منذ عدة أعوام، كانت غالبية أعمال سديرة تصب في خانة السيرة الذاتية بشكل مباشر أو غير مباشر. لطالما كانت الهجرة، والهوية، والجالية، مواضيع أساسية تجسّدها في أعمالها التي تدور حولها أو أفراد أسرتها. وقد بدا ذلك جلياً في أول معرض انفرادي لها "رواية القصص مع فوارق" "Telling Stories with Differences" في كورنر هاوس (مانشستر، المملكة المتحدة) في العام 2004 الذي شكل مفصلاً أساسياً من مسيرتها الفنية وأعلن بداية مرحلة جديدة. ومع أن أياً من أعمالها السابقة لم يركّز فقط على سيرتها الذاتية، بيد أن هذا المعرض يكرّس انفصالاً واضحاً ويؤسس لاتجاه جديد أخذت أعمالها تسلكها. وحتى لو كانت العلاقات الفرنسية – الجزائرية لا تزال تشكل الخلفية التي تعتمد عليها، فإن حس الغموض، والتركيز الصريح على التأليف والجمالية، والتشديد على الصوت أكثر منه الحوار، تمثل الصلة الجامعة بين هذه الأعمال الثلاثة الكفيلة بابتكار عوالم سرية تسمو على الخصائص المحلية وتشجّع الأصداء العالمية.


إن "سفير" الذي أعدّ في الجزائر في العام 2006 يشكل نقطة البداية. وبالتركيز على منظر العاصمة وأرضها، تتوقف سديرة متسائلة عند دور المساحة والهندسة اليوم فيها – مستحدثة خارطة فريدة تفصّل أهمية الهجرة والجاليات المتنقلة بين فرنسا والجزائر. وتسلّط الشاشتان الضوء على وجهين صامتين: امرأة توصف على أنها فرنسية من الأقدام السوداء (مستعمرين أوروبيين) تقيم في فندق السفير، ورجل جزائري يسير خارج هذا الفندق متأملاً البحر. ومن شأن العمل التصويري الدقيق الذي ينظّم ويولّف الحس الفني بدلاً من السياسي، مع التشديد المتكرر على اللونين الأزرق والأبيض، وإبراز إيقاع التأرجح بين الحركة والسكون، والغياب التام للحوار أو الطابع الروائي الواضح، من شأن هذه العوامل كلها أن توحي بجو من اللغز. ويظهر الفندق في قلب شبكة مواصلات مشدداً على موضوعي الحركة والهجرة ومذكّراً بالرق الممسوح لرحلات تمت في الماضي. ولكن حس السخرية يبدو جلياً من خلال حالة السكون التي تبدو فيها الشخصيتان على الشاشة في إطار لقطات توحي بخضوعها لقيود ترجّع صدى التوتر الملموس بين الحركة والجمود.


وتعود هذه الدينامية لتبرز في عمل "البحر الأوسط" "MiddleSea" (2008) الذي يشارك الرجل نفسه فيه. ويركز هذا الفيلم المصوّر على سفينة تبحر بين الجزائر وفرنسا – من دون تحديد الوجهة أبداً – على الرحلة بحد ذاتها أكثر منه فكرة الرحيل أو وجهة الوصول، مساهماً في تقديم رؤية شاعرية للهجرة. ويعزز المزج الأنيق بين اللقطات القريبة والمشاهد البطيئة هذه الرؤية مع الإشارة إلى أن التصوير بالأسود والأبيض الذي يخدم الارتجاع الفني يقطع الطريق على أي غائية. وتكفي الصور الشبيهة بالأحلام لتشدد على رفض المقاربة الوثائقية: فما من معلومة تكشف عن حياة هذا الرجل الذي يحافظ على سكونه ومجهوليته، يظهر وحيداً دائماً في إحالة إلى الرحلة الشخصية بدلاً من الجماعية للدلالة على أن هجرة تجربة منفردة.


وتنعكس وحدته في لقطات متكررة للبحر الشاسع الخالي المرتمي تحت ناظريه، ونادراً ما تصوّر خارج إطار الكاميرا منتهكةً حقه كشخصية رئيسة. وكما يقترحه العنوان، وبما أن هذا الامتداد يفصل فرنسا عن الجزائر، يسلّط الفيلم الضوء على مفهوم البعد – تعني اللقطات المتكررة للرجل فيما يسير وحيداً وينتظر بهدوء أنه يشعر أيضاً بالإهمال. ولكن هذه التجربة صوتية بقدر ما هي مرئية: فإذا بالموسيقى المهيمنة والصوت المرتفع المنساب عبر الفيلم يعززا بنيته فيما تبرز ملصقات الأصوات في مزيج التموجات المستقرة صوت الطائرات المروحية التي توحي بحضور عسكري يذكّر بحدود "الحصن الأوروبي". أما الهسهسة والطقطقة الصادرتان عن المسح الإذاعي لترددات مختلفة – من دون توالفها تماماً – فتظهران التواصل مساراً عشوائياً يوسّع مدى اللغز كما يبيّن اختراق التموجات الهوائية للحدود البرية.


إلا أن هذا العمل يتعارض مع العمل الأخير "التوابيت العائمة" "Floating Coffins". فإن ما يصفه المعرض على أنه "أكبر مقبرة للسفن في العالم" خارج نوادهيبو في موريتانيا قد يبدو منقطعاً عن العالم الخارجي. وتركز الصور على سفن متعفّنة وتظهر على مسافة بعيدة رجالاً محليين يحاولون إنقاذ أي غرض قيّم متبقٍ فيها. بالرغم من التغيير في الموقع، إلا أن هذا العمل الأخير يسجّل تقدماً منطقياً في ثلاثية الأعمال المطروحة. ليست الآراء هنا أحادية أو ثنائية وإنما متعددة عبر أربع عشرة شاشة مختلفة الأحجام عرضت على ثلاثة جدران. ويمكن للرؤية السطحية أن تلتقط الثلاثة معاً ولكنها لا تستطيع اتباع كل الصور بشكل متزامن، ذلك أن موقع الشاشات وأحجامها المختلفة، وتنظيم الصور التي تعرضها وتوليفها، تدفع المشاهد إلى أن يمعن النظر في شاشات معيّنة الواحدة تلو الأخرى. وفي هذا العمل أيضاً، تبقى حاسة السمع عنصراً أساسياً بوجود مكبّرات للصوت ساهمت في ملء فراغ القاعة بالأصوات. ويقترح تنظيم الشاشات المتصلة بأسلاك تشبه الجذور كياناً بحد ذاته يملي إيقاعه البيولوجي مسار تلاشي الصور المنهجي وبروزها.


وخلافاً للأعمال السابقة، يبرز الشأن البيئي في هذا العمل كموضوع أساسي: فتصوّر هذه المقبرة على أنها أزمة بيئية أولاً وكارثة اجتماعية – اقتصادية وبشرية نظراً إلى وجود رجال محليين يوحون بأنهم إما أهل الفقيدة الذين يندبون هذه "التوابيت" وإما الأموات الأحياء. أما "سفير" و"البحر الأوسط" "MiddleSea" فيدوران حول موضوعي السفر والهجرة البشرية حيث يبدو الرحيل مستحيلاً: تنقل الشهرة الممنوحة لهذه الجثث البحرية موضع التشديد عن محاولات الأحياء الرحيل. وخلافاً لهذين العملين، لا وجود لمفهوم الرحلة العابرة في هذا العمل: وإن كانت السفن لا تزال طافية بدلاً من أن تكون غارقة، يبدو انحلالها الدائم مطهرياً أكثر منه عابراً.


في النهاية، قد يبقى الساحل الموريتاني عالماً نائياً بنظر عدة مشاهدين غربيين ولكن سديرة تبرز الواقع القاسي للعلاقات الاقتصادية وعلاقات القوى في الفترة اللاحقة للاستعمار مشددة على دور هذا العالم الغارق.


جوزف مك غوناغل
محاضر في مجال الدراسات الثقافية في العالم الفرنكوفوني في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة. وهو يدير حالياً مشروع بحث حول التمثيل المرئي للعلاقات الفرنسية الجزائرية منذ العام 1954.


(الترجمة من الإنكليزية: ماري يزبك)

mardi 22 décembre 2009

الفنان‭ ‬محمد‭ ‬بوزيد‮..‬‭ ‬هل‭ ‬تلتفت‭ ‬إليه‭ ‬وزارة‭ ‬الثقافة؟ / زهية منصر


من أعمال الفنان الجزائري بوزيد

الفنان التشكيلي الجزائري محمد بوزيد

من أعمال الفنان محمد بوزيد







أنجز الختم الرسمي للدولة الجزائرية وديكور فيلم العفيون والعصا
الفنان محمد بوزيد.. هل تلتفت إليه وزارة الثقافة؟
2009.12.15

زهية منصر / الشروق
قال عنه الكاتب الكبير مالك حداد إنه عميد اللون والحركة وإنه ساحر بألوانه المضيئة المجسدة لأنوار الحياة... صاحب مسار طويل ومسيرة عملاقة في الحركة التشكيلية الجزائرية الحديثة، إنه الفنان محمد بوزيد من مواليد مدينة الأخضرية في 12 ديسمبر 1929 وخريج مدرسة المعلمين ببوزريعة بدرجة امتياز سنة 1950، اشتغل مدرسا إلى غاية 1953 ليتفرغ بعدها لاهتمامه الأول الفني التشكيلي الذي قاده لأروقة المعارض العالمية أين نظم المعني لقاءات تشكيلية ومعارض فنية شهدتها كل من باريس، بلجيكا والولايات المتحدة، هذا إلى جانب معارض جماعية جمعته بالعديد من الوجوه العربية والأجنبية الرائدة في مسار الريشة والألوان من أمثال شكري مسلي وبشير يلس وآخرون.
كان الفنان محمد بوزيد الذي يدخل عامه الثمانين إسهامات في إنجاز عدة جداريات ورموز لمؤسسات وطنية كبرى وديكورات لحصص تلفزيونية وأفلام أبرزها العفيون والعصا للمخرج أحمد راشدي في مساره العديد من التكريمات، أبرزها الجائزة الكبرى للفن التشكيلي بمدريد سنة 1950، وحاليا ينشط الفنان محمد بوزيد ورشة للفنون التشكيلية بالمركز الثقافي الجزائري بفرنسا، وهو على عتبة الثمانين سنة لم يتوقف الفنان محمد بوزيد عن مداعبة الريشة ومراودة الألوان باحثا عن أسرار الفن الأزلي، في لوحاته تتفجر الحياة بالألوان الفاتحة والحارة تنقل مشاعر الفنان وتجسدها في مناظر طبيعية ووجوه تشي دائما بما في قلب الفنان وعقله.ولعل أبرز ما في مسار الفنان محمد بوزيد أنه مبدع وواضع الختم الرسمي للدولة الجزائرية، الذي يستخدم في كافة المعاملات والوثائق الرسمية في الجزائر داخليا وخارجيا، وهو الختم الذي أنجزه الفنان غداة استقلال الجزائر .ورغم موهبته الفنية ومساره الحافل بالعطاء الفني الذي تشهد عليه خطواته في أروقة الفن العالمي من بريس إلى واشنطن، ومن أروقة قصر اليونسكو إلى بلجيكا ما يزال الفنان محمد بوزيد يعيش التهميش في صمت ينتظر التفاتة من الجهات الثقافية عندنا ولو بتكريم بسيط من طرف وزارة الثقافية كتقدير لمن أنجر ختم الدولة الجزائرية أم أن الجزائر تعوّدت أن تكرم أبنائها بعد رحليهم.

الرسم على الروح / هيام الفرشيشي





عملها كمعلمة رقص لم يخمد عشقها للفن التشكيلي إذ تهوى "هدى" الرسم وتتمتع بمشاهدة اللوحات في المعارض والمجلات .
وتقرأ كل ما يكتبه النقاد عن مدارس هذا الفن وتجاربه، وغالبا ما تعود إلى اللوحة الخالدة: " الموناليزا " بابتسامتها المخادعة، لوحة "بيكاسو": " امرأة مكتوفة اليدين" تجلس على طريقة "بوذا" وتقرأ السر الدفين .

كانت تمج العنف وتميل إلى الرسومات الناقدة، قد تكون سلسلة لوحات ل"هوغارت" ذلك الأنجليزي المصور للهو، لوحات تعج بالمشاهد الناطقة، ترسم الفساد وتهتك خبث البشر . لوحات ساخرة لا تقل قيمة عن كتابات "برنارد شو" اللاذعة . فيكفي الرسام أن يضفي ابتسامة على هذا العالم . وينظر إليه مكتوف اليدين في جلسة صامتة .

تتابع هذه الأيام ما تكتبه الصحف عن الرسام "جمال الصافي"، صاحب الألوان المغامرة والمشاهد المتحركة والتشكيل الضاج بالعنف . لم لا تزور مرسمه ؟ هذه فرصة اكتشافه من جديد والتوغل في عوالمه، فالحياة تتسع لعوالم غير تلك التي نعيشها !

طفقت تستعيد رواية ذلك الشاب المغامر" ستيورات كوندللي" الذي قرأت عنه في إحدى المجلات، "لقد صمم على جلب الزمرد من قبيلة متوحشة لا تبارك إلا المجانين" ! الجمال كالزمرد كامن في أراض خطرة .. يكفي" كوندللي" أن يرقص ويضحك ويغني ويرسم على وجهه تعابير البلاهة، ويحول حركاته إلى قفزات مجنونة !

في الطريق إلى المرسم طفقت تنظر إلى السماء بنظرة ساذجة تخفي توقعها لخطر ما . ولكن في ذاكرتها صورة "بوير تونابو" تلك القرية القابعة ب "الاكوادور" التي مر منها "كوندللي"، ذلك الشاب لم يكن مجنونا حقا ولكن حلمه بالحصول على الزمرد بدا ملحا ! فقد قطع النهر وبيده مزمار من الخيزران وفي حنجرته أصوات ساخرة مغناة بأحلام تحدق نحو المجهول .

أيقنت أنها وصلت إلى المكان المنشود غير بعيد عن البحر . فقد تراءى البحر عن بعد مبتهجا . الطقس خريفي لكن السماء لم تكن كئيبة بل موشحة بغيوم قطنية خففت من حدة الون الرمادي . استرسلت قطرات الرذاذ برفق فبللت شعرها ووجهها . بدت السماء لوحة متحركة سرعان ما اكتست ألوانا زرقاء باعدت الغيوم وأرسلت الضياء ... البحر لم يكن صاخبا تماما لكن أمواجه كانت تندفع بحرية محدثة إيقاعا عند ارتطامها بالرمل ... حركها مشهد الأمواج المتدافعة، لترتد تاركة أصداءها . هزها شوق لمعانقة هذه الأمواج والإبحار في أعماقها، لكن المطر تساقط على شعرها، فتخلصت من الذهول الذي انتابها جراء مراقبة الطبيعة الجذابة وأسرعت السير رغم ثقل خطاها على الرمل .

قرب المرسم ثمة فريق سينمائي، يحمل أفراده ملامحا آسيوية غالبة تطبع وجوها حازمة منغلقة تطفح بصورة الشرق الاقصى . يطلب المخرج من الممثلة بعبارات أنجليزية ذات لكنة هندية أن تغطي وجهها تعابير السذاجة، وأن تنبعث من عينيها نظرة بلهاء، أما الشاب الذي يطلب منه تصنع دور المخادع فدعاه إلى النظر إليها بخشوع وكأنه يصغي إلى تراتيل الآلهة .. جلسته الرصينة أعادت إلى هدى صورة "بوذا" المتأمل منذ قرون في نفس الهيئة .. رددت بين طياتها وهي تهم بالدخول إلى المرسم: من نقطة السذاجة تدخل بطلة الفلم إلى قبيلة متوحشة ك"كوندللي" .

كان المرسم أشبه ما يكون بقلعة أثرية، ذا شكل دائري، أقرب إلى "القبة المبنية من الحجارة الضخمة"، وفرش بلاطه فسيفساء عليها حيوانات ونسور وطيور . "الشبابيك كبيرة من الخشب المزخرف بها فتحات تتسلل منها نسمات هواء البحر الرطب، أما الأعمدة القائمة الحراس فقد كانت تشد السقف كما لو كانت تباعد بينه وبين الأرض ." انتشرت الرطوبة في المرسم وتراءت الجداريات وقد رسمت عليها تماثيل وأشكال هندسية غريبة كما لو أن "كل الحضارات قد مرت من هنا" وتركت بصماتها على الجدران .

رسوم اللوحات تنضح بالعنف، على إحداها رجل يقطع رقبة الآخر بسيفه، الثانية تصور نمرا يفترس رجلا زائغ النظرات . واجهتها اللوحة الثالثة بوجه شاب حاد النظرات، دقيق القسمات، تغطي لحية كثيفة نصف وجهه، أسمر اللون . كان يلبس ملابس فضفاضة ذكرتها ب"هندود الراجبوت القدامي المنحدرين من آل غورخاس" في النيبال . وتراءى لها الشاب في صورة مهراجا يروض الفهد المكشر . كان شكل السيف في اللوحة يختلف عن" السكين المعقوف النصل" عند "آل غورخاس" . شعرت بحاجة لبعض الهدوء ولكن يبدو أنها دخلت طريقا مجهول النهاية . استحالت مشاهد اللوحات إلى كوابيس تعصف برأسها . انبرت تلك المناظر المزعجة أشباحا ماانفكت تمتد وتتطاول عبر غياهب الوهم، ثم أخذت تهتز في رغبة مسعورة . أشاحت بوجهها عن اللوحات، فلم تعد ترى فيها سوى أحاسيس حادة تخزها، وتبخر كل ما قرأته عن الانطباعية والرمزية والتكعيبية . الأشكال تمثلت كوجوه تنظر لها بشراسة، وأجساد متوثبة تريد الانقضاض عليها ! فقد تعمد الرسام "إحداث الخدوش على سطح لوحاته ليصدم المشاهد" بصوره المرعبة وألونه الحادة، و"بتلطيخ اللوحات باللون الأسود مما حال دون انسياب أحاسيسها" .

غابت عن ذهنها قوانين الترابط والتجاور والتراكب وحل محلها قانون متوحش ... إنها تتوه في لوحة نفسها الغامضة، تحاول تصميم رقصة صاخبة على الايقاع المتسارع لموسيقى" جون ميشال جار" الذي يحاكي ارتطام الأمواج الصاخبة على الصخور المدببة ... في ذلك الايقاع الغامض راودها الشعور بالرهبة وهي تتوقع أن تشاهد بطلة الفلم ضالة في الأزقة المظلمة كما القطة الباحثة عن عظام، وتدور حولها قطط ذات رؤوس كبيرة وعيون براقة .

يدخل جماعة التصوير بتجهيزاتهم وآلات التصوير إلى المرسم، يتقدمهم المخرج، يتحدث إلى الرسام الذي كف عن تلوين لوحته، ثم يطلب من تقني الإضاءة إطفاء النور الكهربائي ليعكس الضوء الصناعي على لوحة النمر المفترس، ويعكس التمويج عند التقاط الصورة عن قرب، أما تقني الصوت فقد كان يركب الصوت السيكولوجي على المشهد: بدا كصوت العاصفة المنبعث من جوف الروح، في حين انشغل المخرج بترتيب مشاهد اللوحات المعروضة، فيخرج النمر من اللوحة في خدعة سينمائية ويلتهم البطلة . في تلك اللحظة تعلو صرخاتها بين أرجاء المرسم، يضاء النور الكهربائي وترصد الكاميرا بقايا لهيكل بشري ... إثر ذلك يطلب المخرج من الرسام أن يضع على وجهه القناع المنحوت من الخشب، ويصحبه إلى خارج المرسم رفقة فريق التصوير حيث كهف صنعه مهندسو الديكور .

شرح المخرج له موضحا: ـ أنت الآن أمام " كهف هندي قديم في حيدر أباد"، "الرسومات التي وجدت عليه هي محاكاة للطقوس الهندية القديمة" . ستخرج من الكهف كدرويش ورع، وتوقد نارا ثم ترمي داخلها بقايا هيكل الفتاة وترقص على ايقاع صوت الطبل، في حين لا تحرقك النار المباركة وأنت تمرر عصا غليظة بها شرارات اللهب على لسانك وكتفيك وصدرك .

شعرت "هدى" أنها داخل متاهة لا تعرف حدودها: هل هي في حلم أم في واقع فقد ثباته ؟ هل كانت في مرسم أم في أستوديو تصوير .. كيف استحال الرسام إلى ممثل بارع يتقن الخداع البصري وهو يؤدي تعليمات المخرج بدقة ؟ أما ذلك المخرج الهندي فقد كان أكثر جنونا من الرسام، فقد بدا كإلاه يلهم الرسام لغة الغيب:

ـ حاول أن تتقمص دور "جلجامش" قبل آداء الطقوس ! نازل النمر ذلك الوحش الأرضي ! حينها ستنتشي على ايقاع رقصة الروح إلى حين انطفاء النار، وتأخذ مزمارك القصبي لتعزف سر إعادة خلق الروح، فتبعث الفتاة من جديد على شكل كوبرا مقدسة ترقص على نغمات المزمار ...

لم يكن ذلك صوت المخرج حتما بل صوت "هدى" المنبلج من المتاهة وهي تتخيل عودة "آل غورخاس" إلى الهند القديمة .

لم ينتبه الرسام المنهمك في تلوين لوحته إلى أثر لوحاتها على روحها ... غادرت المرسم، تأملت أشعة الشمس الحمراء المنتشرة على أمواج البحر المتلاطمة والبجع الوحشي وهو يفتح أجنحته . في تلك اللوحة الخلاقة عاد إلى اللون توازنه وهي ترقص مع البجعات رقصة الانسياب .

lundi 21 décembre 2009

لمحة تاريخية عن نشأة وتطور الخط العربي* / د. مصدق الحبيب



الفنان الدكتور مصدق الحبيب

لمحة تأريخية عن نشأة وتطورالخط العربي(*)

د. مصدق الحبيب
18/08/2008
قراءات: 1339
"فلابد هنا من قولة الحق والانصاف، بأن ما سيخلده التأريخ الانساني من التراث العربي في نهاية المطاف هو ثلاثاً: القرآن اولاً، والشعر العمودي ثانياً، والخط العربي متضمناً الزخرفة والعمارة ثالثاً. ذلك إن الخط العربي ماهو الا هندسة الروح العربية الملهَمة بلغة الحب والايمان والخلود"
AbdelKebir Khatibi, The Splendor of Islamic Calligraphy (2001)
بالرغم من الاعتقاد الشائع حول الارتباط الوثيق بين نشأة الكتابة العربية وبزوغ فجر الاسلام إلا ان تأريخ الصيغة المكتوبة للغة العربية يعود في واقع الامر الى عصور ما قبل الإسلام، حيث تجذرت التركيبات اللغوية واستمدت أشكال حروفها الأبجدية بفضل ارتباطها مع اللغات النبطية الآرامية التي كانت سائدة في المنطقة وقتذاك. على ان تطور الهياكل التشكيلية والصيغ الهندسية للحروف الابجدية العربية كان قد تفجر بنجاح مضطرد مع نزول القرآن وشيوع تعاليم الدين الاسلامي منذ نهايات القرن السادس الميلادي فصاعداً. فمع إنتشار رسالة القرآن، تطوّرت الوظيفة الرئيسية للكتابة العربية من تسجيل الامور اليومية الاعتيادية الصغيرة الى توثيق وتبجيل وحفظ الوحي الجديد. ولم يكن يمر زمن طويل حتى أصبح النَسّاخون، والخطّاطون لاحقاً، مُلتزِمين مهنيا واخلاقيا وروحيا بتجميل وتزويق وموازنة كتاباتهم من اجل تقديمها على أمثل وجه بهيّ يليق بقدسية كلام الله ويجسد قيمته السماوية واهميته الدنيوية. ومن هنا كان على الخط أن يتحوّل الى حرفةٍ تَحْكُمُها قواعد محددة وتربط محترفيها بإلتزام اخلاقي ديني مقدس جدير بمن يؤتمن ان يقدم كلام الله لعامة الناس. وبذلك فقد كان من الطبيعي ان يتظافر الابداع الفني في تطوير اصول الخط واشكاله مع العلم والادب والفلسفة والاخلاق والروحانية. ومن هذا المفصل لم يكن مُفاجِئاً ان يشيع قول العرب وتوصيفها للخط العربي بأنه " هندسة الروح التي تنساب عبر اليد".
طِوال المراحل الأولى من تطور الكتابة، ووصولاً الى الصيغة النهائية للحروف وطريقة نطقها، كان الامر قد تَطَلَّبَ إجراءَ تعديلات وتنقيحات لا حصر لها من قبل اللغويين الاوائل مثل أبو الأسود الدؤلي (توفى عام 688)، والخليل بن احمد الفراهيدي (توفى786) اللذين كانت اسهاماتهما في إبتكار نظام النقاط والحركات حاسمة في ترسيخ مسار اللغة الصحيح. وبسبب من كثرة الاسهامات الفردية والجماعية واختلاف مصادرها على امتداد قرون عديدة، اصبح من المتعذر ان يستدِّل المتتبع على مسارٍ خَطّي واحد لإقتفاء أثر تطوّر كتابة الحروف العربية منذ البداية ولحد الان. فمع إنتشار رقعة الإسلام شرقاً وغرباً، تطوّر العديد من إشتقاقات وأساليب كتابة الحروف وعلى إمتداد مساحات جغرافية واسعة، الامر الذي ادى الى ان تصبح اللغة شكلا ومضمونا عبارة عن إنعكاساتٍ لثقافاتٍ ومجتمعاتٍ متباينة ومتعددة. إلا ان فيما يخص موضوع شكل الحروف وتحول الكتابة الى خط ، تشيرالمصادر التأريخية الى ان الحروف التي تم إستخدامها في أول نسخة مخطوطة من القرآن كانت بخط اولي يدعى "الجزم". وقد تشرف بنسخ تلك النسخة الاولى من المصحف زيد بن ثابت، وذلك في عهد الخليفة عثمان بن عفان (644-656). على ان خط الجزم الاول كان مختلفا باختلاف المناطق التي تطور فيها. فهناك الجزم (الحيري) و(الأنباري) في العراق، و(المَكّي) و(المديني) في الجزيرة العربية. وبالإضافة الى الجزم، تم تطوير العديد من أشكال الكتابة في جميع الأماكن الأخرى لتمثل انواعا اخرى من الخطوط التي كان بعضها شعبيا وشائعاً فإستمر ليتطوّر الى صياغاتٍ أخرى مثل (المائل) الذي تطور كثيرا في العراق ليصبح بعدئذ (الكوفي)، فيما اندثر البعض الآخرالأقل شيوعاً مثل (المُكوَّر) و(المَبسوط) و(المشق)، التي تلاشت جميعا بَعدَ حِين.
ومع تطوّر دولة الإسلام وإتساعها، وشيوع الوظائف الادارية وحاجاتها من المهمات الكتابية، تم تطوير مجموعات جديدة أخرى من الخطوط التي أخذت تُلَبّي مُتطلبات الوظائف المدنية المتصاعدة من اجل مواجهة الطلب المتزايد على المراسلات الإدارية والتجارية. وفي مجال نبوغ الخطاطين الاوائل في هذا المجال، يمكن الاشارة ، بموجب ماجاء في صفدي (1992) الى إثنين من ألمع الخطاطين الأمويين في دمشق لإسهاماتِهما التاريخية في تطوير الكتابة الاعتيادية الى خط. أولهم هو قطبة المحرر الذي يُنسب إليه تطوير صيغة الخطوط الاولى المكتوبة بشكل متصل، مثل (الطومار)، (والجليل)، (والنصف)، (والثلث)، (والثلثين). كما نُسبت إليه الكتابة الرائعة بخط الجليل المنقوشة على محراب مسجد النبي في المدينة المنورة. أما الخطاط الثاني فهو خالد بن الهيّاج، الذي كان يشغل منصب النسّاخ الرسمي الاول للخليفة الوليد بن عبد الملك (705-715). وهنا تجدر الاشارة الى اعمال الخط الرائعة التي سجلت قبل ذلك على جدران مسجد قبة الصخرة في القدس الذي شيده الخليفة عبد الملك بن مروان عام 690 كأول انجاز عملاق في حقل العمارة الاسلامية. كما يُنسب للهياج اكمال نُسَخٍ كبيرة من القرآن بخطوط الطومار والجليل.
وتجدر الاشارة ايضا الى ان هذه الخطوط الاولية المبكرة كانت قد نسبت الى حجم القصبة التي تكتب بها. على ان خط الطومار كان يصلح لان يكون أساس القياس، حيث ان إرتفاع مدة الحرف تساوي ما قَدْرُهُ أربعٌ وعشرون شعرةً مرصوفة من ذَيْلِ حِصان، فيما تُشير خطوط (النصف) و(الثلث) و(الثلثين) الى نصف وثلث وثلثي هذا القدر تِباعاً. وهنا يرى صفدي (1992) ان نظرية عربية منافسة تضع تفسيرا اخرا في هذا المجال فتشير الى (النصف) و(الثلث) و(الثلثين) كنسبةِ مَدّات الحروف الى إنحناءاتها في تلك الأنواع من الخطوط.
في منتصف القرن السابع الميلادي تحول مد الاهتمام بالخط العربي وتطوره بشكل متميز الى العراق، وخاصة في مدينة الكوفة التي كانت قد تأسست عام (640) كمستودعٍ لحامية عسكرية. الا ان اتساع وتطور الثكنة العسكرية سرعان ما أدى الى تحوّل المدينة الى مركز دينيٍ وثقافي وفر المتلزمات المدنية واجتذب كل من يتعامل مع العلوم والاداب والفنون ليأسسوا نشاطاتهم المتنوعة في بيئة صحية فيها الكثير من الحوافز ومستلزمات الانتاج الثقافي. وليس من الغريب في مثل ذلك المناخ ان يتوافد النساخون والخطاطون واساتذة الادب والفن للعمل والاستقرار في الكوفة. ومن هناك ازدهر الخط العربي ودخل مرحلة اخرى جديدة تمخّضت عن ولادة خط جديد يدعى "الكوفي كتطوير لخط "المائل" السابق ذكره. يتميّز هذا النوع الجديد من الخطوط بتكوينه الهندسي الصارم الذي غالباً ما يكون مُشْتَمِلاً على زخارفَ تزيينية، ومقرونا بالمرونة الواسعة التي سمحت له ان يتناغم مع مشتقات ومتغايرات كثيرة مثل "المضفور"، "المزهور"، "المورَّق"، "المعقود"، "المُخمَّل"، "المُربَّع" وانواع عديدة أخرى. ولما يتميز به الخط الكوفي من دقة في القياس ومثال في التناسب فانه كان نتيجة طبيعية لنشوء ونموَّ جيلٍ جديد متمكن في استيعاب العلوم وضليع في دراسة وهضم الحساب والهندسة، مما كان يعتبر صفة واضحة ميزت ازدهار الكوفة العلمي والثقافي. على ان الخط الكوفي الاصلي ذاع صيته واتسع سراعا ليشمل مناطق قريبة وبعيدة ضمن الامبراطورية الاسلامية التي كانت تتسع جغرافيا هي الاخرى. ومن هنا يأتي تفسير مسميات الخط الكوفي تبعا لمناطق تطوره. فهناك على سبيل المثال "الكوفي المشرقي" الذي يرجع الى انماط متنوّعة طوِّرت في بغداد، و"الكوفي المغربي" الذي يشير بصفة عامة الى تنويعة من الخطوط الكوفية الاصل التي طُوِّرت في القيروان في أقصى غرب المنطقة العربية حيث إكتسب بعدئذ شعبيةً واسعة في عموم شمال غرب أفريقيا والأندلس، وبخاصة في عهدي دولة الاغلبيين (800-909) والفاطميين (910-1171). وكان الخط الكوفي قد بلغ ذروة تطوره في نهاية القرن الثامن لكنه واصلَ هيمنته على حرفة نَسخ القرآن حتى بدأت الخطوط المتصلة الاخرى الأكثر مرونة وانسيابا والاقل التزاما بالتناسبات الرياضية تحل مَحلَّهُ بالتدريج.
مع حلول القرن الحادي عشر، إستمرت مجموعة من الخطوط المتصلة الأولى في هيمنتها على نسخ القرآن وكتابة النصوص الدينية والمدنية. الا ان خط "الثلث" ، من بين الانواع الاخرى، تقدم بشكل ملحوظ ليكون على رأس قائمة متكونة من ستة أشكال من الخطوط، أُطلِق عليها "الأقلام الستة"، في إشارة الى أكثر الأشكال شيوعاً في ذلك الوقت، وهذه الخطوط هي الثُلث، النَسْخ، المُحَقَّق، الريحاني، الرِّقاع، والتوقيع. وبالرغم من ان خطوط الثلث والمحقق والريحاني كانت تستخدم في نسخ القرآن، إلا ان خط النسخ إكتسب شعبية فذّة وهيمن على حرفة كتابة المصاحف مؤثرا بشكل بليغ في صناع الكلمة وقرائها، الامر الذي استمر الى يومنا هذا حيث يشكل النسخ القاعدة الاساسية للحروف الطباعية والنماذج الالكترونية للكتابة العربية. أما عملية تطوير خطي الرقاع والتوقيع الذين يرتبطان بالثلث على نحو لصيق، فتُنسب لإبن الخازن المتوفى عام 1124.
في الفترة التي امتدت لخمسة قرون لاحقة، وفي ظل حكم سلالة العباسيين (750-1258)، أصبحت بغداد عاصمة الدولة الإسلامية، وأطلق عليها إسم "مدينة السلام" لِما كانت تتمتع به من إستقرار وازدهار وتطورهائل أهلَّها لتُصْبِحَ مركزاً ثقافياً رئيساً في العالم، حيث كانت الفنون والعلوم تُنْعِمان بأكثر عصورهِما إنتاجاً وتألقاً. وفي هذه الحقبة المتمتعة بالانتعاش الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي والمتوهجة بالنور الثقافي، كان لابد من ان يعاد تثويرُ الخط العربي ليكون حقلاً دراسياً دقيقا ومتخصصا يدرس في كتاتيب بغداد الشهيرة على ايدي عمالقة الخط الاوائل وطلابهم المتفوقين. لقد استوعب هذه المرحلة من تطور الخط وبجدارة عالية مهمات إدخال القواعد الهندسية والجمالية لتقييس الكتابة وإيجاد المعاير الفنية الكفيلة بضبط الخطوط لغويا وتشكيليا، والإرتقاء بنوعية الخط الى ما كان يُطلق عليه آنذاك "الخط المنسوب"، نسبة الى فترة الاقلاع عن الارتجال العشوائي والاجتهاد التلقائي والى ماكان يتطلبه هذا الفن من تناسبات هندسية محسوبة في اطار نظرية جمالية عربية اسلامية جديدة.
وفي هذا الصدد لابد من ذكر ان تلك الفترة الذهبية كانت قد شهدت نبوغ ثلاثة من الخطاطين العراقيين الذين يشير لهم مؤرخو الفن الاسلامي بـ "العمالقةً الثلاثة" الذين تميزوا تأريخيا بمهمات تطوير وتهذيب فن الخط العربي واستنباط قواعده وتقنين اصوله، والذين يُعْتَبَرون، في جميع المقاييس، الأعمدة الثلاثة التي بُنِيَ عليها تاريخ الخط العربي الإسلامي. اولئك المبدعون هُم: أبو علي محمد بن مقلة (توفى عام 940 م)، أبوالحسن علي بن هلال بن البواب (توفى عام 1024م) وياقوت المستعصمي (توفى 1298 م). وتتفق معظم المصادر العالمية، وبضمنها المصادر العربية والإسلامية على ان ابن مُقلة هو الذي إبتكر طريقة التقييس التناسبي في الخط التي تعتمد على استخدام النقاط كوحدة قياس لضبط اطوال الامتدادات العمودية والافقية وعمق احواض الانحناءات في الحروف. وتتفق المصادر المختلفة على ان كل من ابن البواب والمستعصمي اضطلعا بطريقتهما الشخصية وبزمن مختلف على إكمال قواعد ابن مقلة وتعديلها وتهذيبها بالتقنيات التجديدية والممارسة. واستنادا لما جاء في كتاب درمان (1998)، فان ياقوت المستعصمي هو الذي يقف وراء فكرة قطع مقدمة قصبة الخط بزاوية بدلاً من قطعها على نحو مستقيم، وهو ابتكار حاسم وتجديد ملحوظ أضفى على الخط تميّزاً جماليا لافتاً، ومنحه انسيابية وعذوبة اضافية.
يؤكد صفدي (1992) بأن اللوحة المنمنمة الشهيرة التي تصور خطاطا منكبا على عمله في قمة واحدة من منائر بغداد عندما كانت المدينة تدكها حوافر خيول الجيش المغولي الغازي عام1258م ماهي الا تصويرا حقيقيا لياقوت المستعصمي الذي لم يأبه عنف المغول وتخريبهم فلم يستطع تأجيل تمرينه اليومي فوجد مكانه الامين في اعلى المنارة لاكمال تمرين المراس. ولم يكن ذلك في واقع الامر الا شهادة تأريخية و دليلا ملموسا على إنضباط المستعصمي المهني وإلتزامه بفنه واحترامه لما يتطلب هذا الفن من تكريس كامل للعقل والقلب والضمير.
لقد تحققت إنجازات عظيمة في الخط في اجزاء مهمة اخرى من العالم العربي والاسلامي لابد من ذكر اهمها. فإبان عهد المماليك في القاهرة (1250-1517) كان القائمون على السلطة ممن اهتم برعاية الاداب والفنون الإسلامية بدرجة عالية من الحماسة، الامر الذي ادى الى نبوغ خطاطين مصريين متميزين مثل محمد بن عبد الواحد، محمد المحسني، وإبراهيم بن الخبّاز الذين تركوا وراءهم روائع خالدة في الخط والزخرفة، وبخاصة في مجال زخرفة وتذهيب القرآن، ومن هنا فلابد من القول بأن إلتزام المماليك وحماسهم في رعاية الفنون اولا، وإنضباط العثمانيين ومتابعاتهم فيما بعد ثانيا كانا من الاسباب الجوهرية التي ادت الى خلق وترسيخ ثقافة خط متميزة وتراث صلد من القواعد التقليدية في الخط والزخرفة لا زالت حَيَّةً في القاهرة حتى اليوم.
أما في بلاد فارس، فقد تطورت ثلاثة أنواع مميزة من الخطوط وهي: خط "التعليق" بروعته المدهشة وإنسيابيته الشعرية، وهو المستمد من خط عربي كان معروفاً على نطاق ضيق يدعى (فيراموز). يرى صفدي (1992) ان خط التعليق يدين بكثير من تطوره الى الخطاط البارز تاجي سلماني الإصفهاني الذي ذاع صيته في بواكير القرن التاسع. كما يعتقد ان الخطاط الشهير الاخر عبد الحي الأستربادي هو الذي شذب التعليق وهذبه وبسطه وجعله في متناول الجمهور العام. أما النوع الثاني من الخطوط التي نشأت وتطورت في بلاد فارس فهو خط "النستعليق" الذي هو عبارة عن توليفة متناسقة من خَطَّي النسخ والتعليق. وبالرغم من ان النستعليق ينسب في البداية الى مير علي سلطان التبريزي (توفى 1416)، فإن الخطاط الذي تولى مهمات صْقلِه وإتمامِه هو مير عماد الحسني (المتوفى عام 1625م). وكان هذا النوع من الخط سائداً ومنتشرا في عموم البلاد الفارسية الى الدرجة التي إستمر وترسخ فيها ليُصبحَ الخط الوطني في ايران حتى يومنا الحالي. واضافة الى النستعليق فإن خط "الشكستة" هو النوع الثاني من الخطوط التي تعتبر فارسية حصرا والتي لم تجد لها اي تطبيق او انتشار في بلاد العرب. والشكسته عبارة عن نوع محلي تطور بشكل رئيس على يد الخطاط درويش عبد المجيد الطالقاني. ولابد من ذكر عمليات التطوير ألاخرى للخطوط العربية التي جرت في مناطق الشرق الأخرى مثل خط "الحيراتي" في أفغانستان، و"البهاري" و "زلف العروس" في الهند، و"الصيني" في الصين.
لقد مر الخط بفترة ذهبية ثانية من تأريخ ازدهاره بعد الفترة الذهبية العباسية. وهذه هي الفترة العثمانية. فقد سطع نجم الخط وتصاعد مرة اخرى في سماء الدولة الإسلامية في عهد العثمانيين، وعلى وجه الخصوص أثناء أكثر حقباتها إستقراراً (1500-1923). فعلى مدى أكثر من أربعة قرون، بلغ الخط ذروة إكتمالِه على يد خطاطين مُقتدرين افذاذ مثلوا طابورا طويلاً من أساتذة أسطنبول المتميزين الذين لم يتوقفوا عند حد تهذيب الخطوط المعروفة والإرتقاء بخصائصها نحو الذروة، بل إبتكروا أنواعاً متميزة جديدة مثل "الديواني" و"الجلي ديواني" و"الطُغراء" و"السياقات". يعتلي قمة هذا الطابور الإستثنائي من الخطاطين كل من شيخ حمد الله الاعمصي (1429-1520)، الحافظ عثمان (1642-1698)، مصطفى راقم (1758-1826)، سامي أفندي (1838-1912)، شوقي أفندي (1829-1887) و محمد الياسري (توفى 1798). أما آخر ثلاثة عمالقة من الخطاطين الاتراك فكانوا مصطفى حليم (توفى 1964)، نجم الدين أوكياي (توفى 1976) وحامد أيتك الآمدي (توفى 1982). وبإعتبار هذه الكوكبة من عباقرة الفن الاسلامي وبفضل ألمعيتهم وتفانيهم لم يكن للخط الباهر الذي نعرفه اليوم أن يبلغ هذا القدر من الإنجاز. وفي الختام، يمكن القول انه ليس ثمة شك في ان جوهر القواعد التقليدية في الخط العربي الإسلامي تُنسب بشكل أساس الى مدرستين مؤثرتين الى حد بعيد: مدرسة بغداد القديمة (900-1300)، والمدرسة العثمانية اللاحقة (1500-1900). ولهذا، فمن نافل القول ان يُشار الى ان الخط العربي الإسلامي كان قد وُلِدَ وترعرع في بغداد ونضج وإزدهر في أسطنبول.
--------------

(*)"فصل من كتاب قيد النشر"

د. مصدق الحبيب

مدينة فاس المغربية تتهيأ لعرسها التشكيلي 2010 / بوكرش محمد

من أعمال الفنانة الجزائرية هوادف جهيدة
من أعمال الفنان تبرحة نور الدين

من أعمال الفنانة الجزائرية هوادف جهيدة

من أعمال الفنان الجزائري تبرحة نور الدين

مدينة فاس المغربية تتهيأ لعرسها التشكيلي 2010

فاس من 9 إلى 30 آفريل 2010

من التقاليد الحميدة التي يشكر عليها المشرفون على التحضير للمهرجان الدولي التشكيلي الذي أصبح أحد أعراس العاصمة العلمية والفنية مدينة فاس المغربية...
تستضيف خلاله معظم التجارب الرائدة في هذا الفن بالذات...دولي بأتم معنى الكلمة بطبعاته المتتالية التي أعطت حضوضا معتبرة لعدد هائل من التشكيليين ...والتشكيليين الشباب العالميين الذين ترددوا عليها بموعد وغير موعد ...يتوافدون من كل حدب وصوب وكلهم على درجات متفاوتة من اللهفة وحب الاطلاع ... الاطلاع على أحد العواصم المغاربية وما حفلت به وما تحفل به، محملين بجديد ما أثمرت به قرائحهم على ورق وقماش، بخشب ومعدن، بصخر ورخام، بالصورة الرقمية وفن الافتراض...

يشرف على إدارة هذه الطبعة التشكيلية 2010 الأستاذ الفنان التشكيلي والإعلامي الصديق والرفيق سعيد العفاسي الذي وجه لنا شخصيا الدعوة مشكورا...
دعوة يتمنى من خلالها حضور التجربة المغاربية التشكيلية سليلة التجارب الأندلسية وما زخرت به من فنون إسلامية معاصرة بمفهومها الواسع التي طعمت بالفنون الأمازيغية والافريقية فنون أهل المضارب الشمال افريقية.

هي الفرص الوحيدة التي من خلالها تتلاقح الأفكار والتجارب بما فيه الخير، هي الفرص التي تقلص المسافات وتختزل المفاهيم إلى عوامل مشتركة تخدم الجمال بعيدا عن القبح الذي يتلحف به اليوم أعداء الحريات أعداء الإنسانية والطبيعة وبالتالي أعداء كل جميل.

مهرجان فاس التشكيلي مادته الأولى المستثمر فيها والتي يراد الاستثمار فيها كما ورد بالبلاغ الصحفي الذي بعث لنا به مدير المهرجان الفنان والإعلامي سعيد العفاسي، استثمار عن طريق لقاء الفنانين الضيوف ببعضهم البعض بالطفل الكبير فيهم والطفل المغربي الفاسي بورشات البراءة، ورشات تجمع طفولة الكبار والطفولة بما تحمل من معنى كبير...تتجلى بجميلها في جميل التظاهرة وما سينجز من أعمال .

هنيئا لفاس والمغرب بهذا المهرجان والعرس التشكيلي في طبعته الثامنة...

بوكرش محمد 20 / 12 / 2009

dimanche 20 décembre 2009

سقم / RIDHA SARSAR

سقم

سقم

سقم / Ridha Sarsar
قد سقمنا العيش في سجن العلوم
علمونا ان أحب في الصباح والاصول
علمونا
علموني أطفئ نيران وجدي في ليلاتي
قد سئمت الخافقين في الحساب
الحمير الناهقين المدبرين
نبذت كل أنواع العلوم
علم الجبر و حديت الاولين
فيزياء كيمياء
اقتصاد اعلامية
ورسوما هندسية
و تصاميم البناء ورموز الفلك اللانهائي وعلوما فلسفية
فد سئمت علم أنواع الاراضي والمياه والحية البشرية
علمونا أن نحب حيوانا ونباتا وأناسا للمزاح
علمونا الغزل
علمونا صيدهن والكفاح
قد سئمت رسم السهول والجبال والمراعي والرياح
فرشتي تحت الحزام في اختلاج مستمر في انخفاض وارتفاع
ترتجي وصل الحسان في دهليز البيوت والبروج والقلاع
نحن نحتاج الى حب ووصل لا الى حرب و نزاع

إشكالية الأسلوب في العمل الفني المعاصر(1..2) / الفنان الناقد علي النجار

الفنان الناقد علي النجار





جاكسون بلوك 2

جاكسون بلوك 1

إشكالية الأسلوب في العمل الفني المعاصر(1..2)





الاسلوب هو الطريق.
الاسلوب هو الإنسان(بيفون).

الاسلوب هو الرجل(ماكس جوب) وجوهر الإنسان كامن في لغته و حساسيته وهو البصمة المميّزة للمبدع.
أن الأسلوب الذي يستخدمه الفنان في عملة ما هو إلا قوة لها استقلالها الذاتي وتتحكم في كل ماعداها(ارنست فيشر).

الفنان الرائد المرحوم حافظ ألدروبي كان يكرر بان أستاذ التلوين في الكلية التي درس فيها الفن في روما في رحلته الدراسية الأولى كان يجلس أمام مسند الرسم لانجاز لوحته وهو بكامل قيافته. ويفتخر هذا الأستاذ بسلوكه العملي المحافظ والمتأني درسا لتلاميذه الأخذ به في مستقبل مهنتهم. وان دل هذا السلوك على شيء, فإنما يدل على مدى التأني في انجاز مهمته الفنية التقليدية وهي أصلا واقعية أكاديمية محسوبة فيها مساحة كل لمسة فرشاة ومقننة ضمن حيز فضاءها المقترح يعززها كم معرفي مقنن حتى في كمية انفعاله(ما دام العمل فنا افتراضا).على الضد من هذا السلوك المهني كان الفنان الامريكيي (جاكسون بولوك) في ستينات القرن المنصرم يفرش قماشه الرسم حقلا يحرثها بما تقاطر من أواني ألوانه في حركة لائبة لا يستقر لها قرار. وان كان أستاذ ألدروبي يهتم بمراسيم جلسته فان بولوك يحطمها في فعله الحركي الذي يمارسه علي سطح عمله في ذروة انفعال غير مهادنة. وما بين هذا وذلك حوالي ثلاثون عاما هي في الذروة من الفعل ألحراكي الأسلوبي التشكيلي.
إن كان أستاذ ألدروبي يحافظ على منطقة حيادية ما بينه وبين قماشة رسمه فان بولوك يقتحمها بكامل قلقه وانفعاله حرثا لسطح ساكن لكنه قابل لتشابك الذات في الذروة من انفعالها. وان جاز لنا أن نطلق على نمطية أعمال الأول صفة الأسلوب. فان نمطيته تلغي بعض الشيء خصائصه الفردية لمشاعتها التقليدية وتحيله لنمطية عمومية. مع ذلك فإنها أيضا أسلوبا له خصائصه.لكنه غير قابل للحراك. وبذلك فانه يظل حبيس تقليديته الأكاديمية المدرسية. مثلما مشتغله الذي يحافظ هو الآخر على أناقته وحيادية فضاءه. لكن الحذلقة وهي بعض من مكونات الأناقة لا تصنع فنا مشاكسا( بمعنى التجاوز الخلاق). وان فضل العديد من تشكيليينا المحافظة على علاماتهم الأسلوبية(ومعظم الأعمال مكتظة بالعلامات والمشخصات نفسها) فان الأمر هو الآخر لا يتعدى حذلقة أخرى مشابه.
هل اكتشف بولوك أسلوبيته التجريدية التعبيرية المتأخرة فجأة, بالطبع لا إذ أن أعماله ذات النزعة الطوطمية كانت تنبأ بحراكها الأسلوبي الاقتحامي فهي تجمع مابين حراك التشخيص المغترب وتجريد ضربات الفرشاة وتشابكها. ورسوم بهكذا مواصفات وبمرجعيات أسطورية بدئية تنذر بحراك منطقتها وبما يوازي حراك ذهنية الفنان المتحررة من سلطة الاستحواذ على مكتسباتها الآنية بحثا عن مخارج توصل التجربة إلى مدياتها القصوى لخلق أسطورة موازية لسلطة الكائن ألبدئي الذي تمرس على إقحام
سطوة مبثوثاته على امتداد سطوح أعماله الأولى. بمعنى آخر. ان الخلق الفني تمازج وذات الفنان في دورة تحولاته الثقافية, وبعد ان مل سكونية بعض أجزاء عمله وتاقت نفسه لحراك يشرك الجسد عنصرا
حركيا أدائيا, تحققت نبوءة جسارته الفنية الأولى. بعدها استطاع ان يحقق حلم اقتحام عمله من جميع الأطراف أبوابا مشرعة على حلم مستحيل. الفنان العراقي المعروف(محمد مهر الدين) هو الآخر لم يزل يبحث عن مخارج أسلوبية يناور بها مكتسباته الفنية الأولى. وان استباح بولوك الفعل الحركي العنيف في نهايات تجربته أو نضجها. فان مهر الدين يبحث الآن وبعد عدة عقود من تجربته عن معادل استاتيكي يلغي الفعل التشخيصي المشاكس من مجمل أعماله المتأخرة لصالح الهامش الكرافيتي الذي كان يتسلل غالبا من خلالها. وهو بذلك يركن لسكونية مفعمة حنينا للمنجز الأول ونائيا في نفس الوقت عن مشاكساته. مع ذلك فإننا لا يمكن ان نلغي العناصر المحركة لأسلبه كل من رسومات بولوك أو مهر الدين. لكنها مع ذلك اسلبه قابلة للحراك الذهني والإجرائي العملي وبما يتناسب وحراك الذات في أزمنتها المتتابعة.
فنون عصور ما قبل الحداثة الأوربية هي طرز تلقي بثقلها على نتاج الفنانين, وما الفروقات الشخصية إلا مناورة ذاتية عالية الكفاءة. لكنها أيضا تبقى ضمن اطر تلك الطرز الأسلوبية. مثلما هي الطرز القومية التي تحكمها ضوابط ثقافية واعراف مهنية لا تغادر ورشتها الكبرى إلا بحدود مناورات الكفاءات الإلهامية النادرة. الثورة التشكيلية الانطباعية بكسرها لحدود العمل الفني وفضائها الخلوي المفتوح ومناوراتها اللونية القزحية كسرت نمطية الأستوديو وأسست في نفس الوقت للأسلوبية الشخصية. فليس رينوار مثل مونيه أو لوترك أو سيزان ومن ثمة جوجان أو فان كوخ. لقد تقمص الأسلوب ذات مبدعه, وأصبحت الأعمال الفنية ذواتا متنوعة. وليست ورشه ذوات واحدة بفروقات ضئيلة. لقد كانوا أبناء جيلهم وليسوا مرهونين لماضيهم كما العديد من فنانينا العرب. لقد مر قرنين على هذه المكتشفات الذاتية ولا زلنا لا نعرف كيف نستفيد من درسها. ثم جاءت ورش أخرى كالتكعيبية, ورغم تبادل تجارب بعض روادها إلا أن ما تبقى منها هو درس ليس بالهين إغفاله, مثل تحطيم الشكل وإعادة بنائه فيزيائيا ومعرفيا للحد الذي ساعد على اختراق حاجز سكونية المألوفة التشخيصية لصالح بناء عوالم جديدة هي بعض من إرهاصات نوازع القلق الذاتي المتمرد على مساحة سكونية السطح في بعديه التي لم تعد مجدية لمناورة المكان وهو حاضننا الأكبر. وان كان الفنان صانعا ضمن اطر الطراز سابقا فانه وبعهده الجديد تحول إلى صانع ومفكر ثقافي ومكتشف اجتماعي و جمالي. وباتت مساحة إبداعه بمناوراتها الأسلوبية المتحركة والمتبدلة شاسعة لا يحدها حد.
الفنان الاستثنائي بيكاسو تحكمت في ذاته المبدعة عين فاحصة شديدة الانبهار بما حولها, ومهارة أدائية مكتملة الأدوات(لقد كان زميل تكعيبيته براك يخفي رسوماته خوفا من أن تتحول هذه الرسوم ومن خلال إبصار بيكاسو لها إلى منجز بيكاسوي). ونفس قلقة لائبة لا يستقر لها قرار. وزمن هو في الذروة من الحراك ألاكتشافي الفني الموازي للمكتشفات العلمية التي مهد لها القرن التاسع عشر, ووسط فني متمرد على ما قبله, وعصر كوارثي أنتج حربين كونيين والعديد من الحروب الصغرى. كل هذه المحركات الوجدانية والثقافية والبيئية ساهمت في تعزيز مكتشفاته الأسلوبية وكسرها وتجاوزها ولم يكن
مهادنا مع نفسه ليبقى أسير أسلوب واحد رغم براعة منتجه الاسلوبي, بل كان يواكب الحراك الزمني للقرن العشرين بحراك أسلوبي مستقبلي متواتر ومتجاوز و مختلف للحد الذي ساهمت مكتشفاته الأسلوبية في حراك الفن الحديث وتنوع إيحاءاته. فمصادره الإلهامية الزمنكانية الثقافية وهي في المركز من اهتمامه أوصلت نتائج بحوثه التشكيلية لذروتها الإبداعية. وان كان الزمان والمكان متغيرا ولا يزال فكيف يرتضي الفنان إقامته في منطقة واحدة(اسلبه واحدة) يبني عليها كامل منجزه ونحن نعيش وسط حاضن ثقافي متسارع المتغيرات, حتى ولو كانت جمالية, فالذائقة الجمالية هي الأخرى تتعرض للتغير. وان نحن استطعنا أن نهضم فيه درس بيكاسو فالمفروض بنا ان نحرك مناطقنا الإبداعية بموازاة منطقة الحراك الثقافي لزمننا بكل متغيراته الاعجازية المتسارعة وبما يوافقها من أدوات تعبيرية إجرائية متنوعة. وان كان الشاعر نبي أزمان مضت أو لا تزال فعلى الفنان أيضا أن ينبري للإدلاء بنبوءته الإبداعية.
الأسلوب وهو يتمثل تفاصيل العمل وطرق التصور والأداء يتشكل بصمة شخصية بالتأكيد. لكنها بصمة متعالقة وحراك الذات الفنية الفاعلة. وان حملت العديد من الأعمال الفنية بصمة مبدعها. فهل تشكل البصمة الشخصية كل شيء في العمل الفني في زمن تشضي الأساليب ضمن مساحة التأويل الثقافي والاجتماعي والفلسفي في العديد من اتجاهات فنون مابعد الحداثة وبالذات الأعمال الفنتاسية(الخيالية, ومنها الخيال العلمي) والنصية و الفيديوية ببرمجياتها وبتقنياتها المختلطة. وأعمال الفكرة(كونسبتوال, فيرتوال) فان كانت الأسلبة مرتبطة بأدواتها التنفيذية التشكيلية التقليدية من صباغة ومواد خام وجاهزة ومرتهنة بإمكانياتها التعبيرية. فان بعض الأعمال الفنية لا تخضع لنفس الشروط التنفيذية, مثل فن الأداء الجسدي والنص الافتراضي والكثير من أعمال التجميع والإنشاء. بل حتى البصمة الشخصية هي الأخرى في أعمال العديد من فناني مابعد الحداثة كثيرا ما تتغير بتغيير مشاريعهم التشكيلية. ومن خلال ملاحظتنا للعديد من انجازات الفنان المعاصر بالإمكان متابعة مسار الذات في الخط الأسلوبي وبشكل إيحائي عام رغم ما يطرأ عليه من تغييرات أو تحويرات أو تبدلات تقصي حتى جذر الاسلوب وتقنيته الأولى. ربما لخط السيرة أو للسطوة البيئية أو الثقافية أو الاجتماعية, أو من كل ذلك, تتشكل بعض العناصر السرية التي تتسلل بغفلة أو بقصد من الذات للعمل الفني. ومتابعة خط إنتاج فنان مابعد حداثي مشهور(جيف كونز) الأمريكي تدلنا على ذلك. هذا الفنان العولمي رغم كون نتاجه من إفرازات السوق التشكيلية الأمريكية المتنوعة وبمقاربات من مخلفات فن البوب من خلال استغلاله لجاهزية الكثير من أشكال الدمى التسويقية ومفردات السوق الغذائي والجنسي. بإمكاننا ان نرصد خطا سريا يربط أعماله ببعضها ليس بعيدا عن مقاصد شروط الذائقة الاجتماعية والحس التسويقي(وهو مهني أصلا في مضاربات البورصة قبل ان يتفرغ للإنتاج الفني) في أنتاج أعماله. وبالتأكيد شروط إنتاج مقننة هكذا سوف تنتج فنا ذا طابع أسلوبي صناعي جمالي نفعي متقارب رغم اختلاف المفردات وحتى مواد تنفيذها, والمهم بالنسبة للفنان هو طريقة اكتشاف المفردة الفنية بحس تسويقي يتواءم وأطروحات السوق الإعلامية. للحد الذي مكن أعماله من عرضها في قصر فرساي ضمن فضاء مغاير لفضاء المدن الأمريكية الحديثة حيث عرضت في فضاءاته وتفاصيلها(الروكوكو) الأثرية ولأول مرة. وهي مفارقة لا تزال موضع شك, رغم استساغتها كفضاء غرائبي معاصر تكرر في مشاريع عروض أخرى وفي مناطق مختلفة من العالم.
الأسلبة التشكيلية في وقتنا الحاضر لا تعني إعادة أو تقليد اللوحة الأولى ولا المنحوتة الأولى أو الرسم الأول والفتوغراف الأول للفنان تحت ذريعة الخصوصية الأسلوبية, رغم وجود نماذج لنتاج بهذه المواصفات لفنانين تشكيليين عراقيين أو عرب وللحد الذي ألغى الخصوصية الإبداعية في العديد من الأعمال الفنية العربية لاشتغالها في نفس المنطقة المشاعية الأثرية تحت ذريعة التأصيل. والتأصيل بالمفهوم المعاصر هو أصلا معاصرة الحدث الثقافي تأصيلا لزمنه. فكل منتج تشكيلي هو منتج ثقافي وعلينا مراعاة شروط الإنتاج الثقافي لزمننا وليس للأزمنة الماضية التي خلقت منتجها الخاص. وان كان ولابد من الاستفادة من الموروث, فاعتقد أن هذه الاستفادة بحدود كونها لا تلغي السمة التجديدية الابتكارية التي لا تتعارض ومبتكرات التشكيل المعاصر, والعولمة التشكيلية الثقافية كما نفهمها أو ندعو لها لا تلغي الثقافات المحلية وكما تنص عليه العديد من تنظيراتها والتي من الممكن ان تكون سندا لنا في مواجهة زيف الآخر. وان كنا من ساكني هذا الكوكب الأرضي فمشكلات العنف والتطرف والبيئية والاقتصاد هي واحدة. مثلما هي مساحة الجمال والمتعة والتأمل واحدة . وهي دعوة للبحث عن سبل وطرق تشكيلية أدائية جديدة تتماشى وحاضر الثقافة العالمية التي يشكل التشكيل احد أركانها. فان اعترض غالبية التشكيليين العرب على الطرق الأدائية(الأسلوبية افتراضا) العالمية, فهل بإمكانهم الإتيان بما يوازي مبتكراتها التي لا تعد والتي تغلغلت بين ثنايا الثقافة العامة والشخصية الاورباميركية وحتى اللاتينية والصينية واليابانية وشرق آسيا. أم هل ننتظر المعجزة. وهل يتخلى التشكيل العربي عن دور الريادة المزعومة رغم تواضعها. مع ذلك فان رياداته الزمنية التأسيسية الحديثة كانت على مقربة من حافات التشكيل العالمي في ذلك الزمن. والحافة هي طريقنا للولوج إلى العمق من مناطقه المضيئة إذا ما توفرت لدينا النية للمغامرة. فالتشكيل وبكل الأحوال هو مغامرة للمجهول, لكنها مغامرة تصنع مجد مستقبلها.


علي النجار
29-11-18

jeudi 17 décembre 2009

أفضل كاريكاتير في أمريكا / لبنى ياسين


أفضل كاريكاتير في أمريكا / لبنى ياسين


حوار بين طفل فلسطيني و آخر يهودي

يحصل على جائزة أفضل كاريكاتير في أمريكا

الكاريكاتير السياسي الذي فاز بجائزة أفضل كاريكاتير في الولايات المتحدة الأمريكية و هو عبارة عن حوار بين طفل فلسطيني و آخر يهودي و هو الكاريكاتيرالذي استطاع وفق وجهة نظر الكثيرين ايصال رسالة حقيقية عن واقع ما يحصل على الأرض الفلسطينية خلافا لما يتم الترويج له في عموم الاعلام الامريكي و تاليا الكاريكاتير و نصه :
الطفل اليهودي: إن أبي اخبرني أنكم انتم العرب
حيوانات إرهابيون شريرون.

الطفل الفلسطيني: إن أبي لم يخبرني أي شيء لأن أباك قتله.

mercredi 16 décembre 2009

الفنانة التشكيلية اللبنانية مي تلحوق

الفنانة اللبنانية مي تلحوق
من أعمال الفنانة مي تلحوق

فنانة تشكيلية تسمع ما لا يسمعه الآخرون

محمد نون بي بي سي - جبل لبنان
آخر تحديث: الاربعاء, 14 أكتوبر/ تشرين الأول, 2009,
البحرالشابة اللبنانية مي تلحوق تسمع برسوماتها ما لا يسمعه الاخرون وتتحدث اليهم دون ان تنطق اذ ليس بمقدورها النطق ولا السمع منذ ان ابصرت عيناها النور قبل اربعة وثلاثين عاما في بيت ذويها في مدينة عالية بجبل لبنان.ورغم ذلك فهي تجاوزت كل الصعوبات و باتت تصنف بانها واحدة من ابرزالفنانين التشكيليين في لبنان و العالم العربي.استقبلتنا مي تلحوق بتمتمات وايماءات الترحيب في حديقة منزلها قبل ان تصطحبنا مع والدتها امل تلحوق الى غرفة الرسم التي وزعت في ارجائها عددا من لوحاتها الكثيرة.مي تتحدث كثيرا ليس بلسانها وانما باناملها فهي حولًت الرسم التشكيلي الى لغة تخاطب بها الناس فتسمعهم صوتها باعينهم وليس بآذانهم.لكن مشوارها كان طويلا وشاقا طوال سنوات دراستها وهي توجت كل تلك الجهود بالسفر الى الولايات المتحدة الامركية حيث امضت احد عشر عاما من المثابرة والتحصيل الدراسي في جامعة جولديت الخاصة بالصم حتى حازت على شهادة ديبلوم في تاريخ الفنون.نراقب مي وهي منهمكة في رسم سفينة تتهادى باشرعتها وسط بحر يتلألأ بزرقته وقد ازدانت سماؤة بغيوم بيضاء توحي بكثير من الامل.شغف البحرنسال مي عن شغفها بالبحر فتجيب بلغة الاشارة وقد لمعت عيناها فرحا : " انني احب البحر واصبو الى اكتشاف ما ورائه، وانني استوحي معظم رسوماتي من الطبيعة حتى صارت كل لوحة من لوحاتي مرآة لما يعتمر في داخلي من احاسيس اعمل على تجسيدها في الرسم باستخدام الماء والزيت والفحم وغيره".ترجمة ايحاءات وتمتمات مي تتولاها امها امل بعدما تعلمت لغة الاشارة للتخاطب مع ابنتها على مدى كل هذه السنين الطوال.وهي الان صلة الوصل بيننا وبين اعماق ابنتها فنسأل عن سبب استخدام مي لاصابعها بدل الفرشاة في رسوماتها فتجيب بالقول : "انني استعمل اصابعي والاوراق الصغيرة في رسوماتي بدل الفرشاة كي اكون اسرع واكثر انسيابية اثناء الرسم ، فانا لا احب انتظار فترة ازالة الالوان عن الفرشاة. ولذا فانني افضل استخدام اصابعي لاكون اكثر قربا وتفاعلا مع ما ارسم ".
الشاطئرسومات مي حولت منزل والديها الى ما يشبه المعرض الدائم ... ففيه لوحات لم يحن وقت عرضها بعد امام الملأ في معرض جديد من معارض مي... احدى تلك الرسوم تجسد حياة امرأة قروية ترعى اغنامها بكل ثقة بنفسها.لكن لماذا اختيار المرأة بدل الرجل لهذه المهمة الصعبة في رعاية الاغنام ؟ فيأتينا جواب مي بأن " المرأة قادرة على تحمل الصعاب كما الرجل".ويبدو ان مي استلهمت هذه المعاني من امها امل تلحوق ... فالأم نذرت نفسها للعمل على تذليل كل العقبات التي واجهت ابنتها منذ ادركت انها صماء عندما كانت طفلة في ربيعها الثاني.تبدي الوالدة ابتسامة عريضة لكنها تستجمع في ذات الوقت ذكريات كانت مؤلمة فتقول: "عندما بقيت مي لوحدها تتابع دراستها في واشنطن كانت تحس بانها طائر غريب على مدى احد عشر عاما من الدراسة والتحصيل الجامعي، فهي تحب بلدها لبنان وعائلتها كثيرا لكن ارادتها لم تضعف يوما حتى حققت مرادها بعد مخاض عسير".ولدى مي هويات كثيرة بينها الولع بمطالعة الكتب وتأمل ان تتمكن من رد الجميل لاهلها وخاصة لوالدتها.واضافة الى اختصاصها بالرسم فان مي تعمل مدرسة في احدى المدارس اللبنانية الخاصة بالصم في المرحلتين المتوسطة والثانوية وتحرص على ان تنقل الى تلامذتها تجربتها ومعاناتها ونجاحاتها. وهي اخبرتنا ان شعارها في الحياة يقول : "اذا كانت لديك احلام فآمن بها حتى تتحقق".
http://www.bbc.co.uk/arabic/artandculture/2009/10/091014_wb_lebanon_artist_tc2.shtml