التشكيلية الفنانة ماجدة نصر الدين
عاصم الباشا ، لماذا تعبث بالجرح؟
العزيز عاصمكلماتك أغلى الكلمات وكأنك بها ترضي خاطري الذي أساؤوا اليه بتعنتهم وعزوفهم عني . لم أُدعَ أنا الى أي من ملتقيات النحت والرسم في المنطقة علماً أنهم يعلمون أنني قريبة جداً.. ولن أكلفهم سوى اتصال يعترفون من خلاله بوجودي ؛لا فرق ،لا يهمني اعترافهم طالما هم لا يعرفون أنفسهم!في المقابل دعيت الى ملتقيات كثيرة ولكنها بعيدة، بعيدة جدا!!جائزتي من الملتقيات التي أنجزت في هذه المنطقة ،أنني التقيت بك وببعض الفنانين الذين أعتزّ بصداقتهم ليومنا هذا..صديقي،لقد قرأت ما كتبت عن النحت وشعرت بالغصّة والدمعة تنحبس في مقلتي..انه ليس حال النحت وحده في بلادنا العربية ..انه حال الفن عموما أينما وجد الانسان الفارغ الذي لا يفكر سوى بمصالحه المادية على حساب الفن الجيد..لقد ساءني بالفعل ما قرأت، نحن شعوب نخاف من الحقيقة لأنها تؤذي مشاعرنا،وأنت حقيقي لذا يستبعدونك عن زيفهم!غالبا ما يستبعد الجيّد حتى لا ينكشف السيّء الذي يسوّقونه مرارا وتكرارا..ليس بجديد أن تتحكم العلاقات التي تمتلئ خيشاً ونفاقا في مثل هذه القصص،أنا أعلم بوجعك عاصم وهو وجع محقّ لأنك للآن وبعد أن أفنيت عمرك باحثاً مجدّاً،يأتي طالب فنون في سنته الأولى ليدّعي أنه يعرف أكثر منك!رغم إنجازاتك ومعاناتك، يأتي بعض المدججين بالعلاقات الاجتماعية "الرفيعة" لينسفوا هذا التعب،وهم بالكاد يلامسون فكّ رموز الخط واللون ولا يفرقون بين الكتلة والفراغ..انها لمهزلة أن يكون الحال على ما هو عليه.هنا لا بد من ذكر دور المؤسسات والغاليريهات التي ترعى مثل هذه الظواهر والملتقيات،بعض المؤسسات تراعي همّها الاعلامي الربحي في معظم الحالات ..وليس للهمّ الثقافيّ أي حيّز في معتقدهم على الأغلب!بات من النادر جدا أن نرى مؤسسات تعمل للفن وحده دون أن تعيد نجاح مشروعها للأرقام النهائية التي ستجنيها..إنه زمن الأرقام عاصم ..للأسفنحن في زمنٍ موجع حيث صار من الصعب ان تجد فيه من يقدّر الفنان الا بما يبيع ويجني!يتناسون الانسانية التي هي أساس العطاء والابداع...يا عاصم ماذا سنقول إن كان بعض إعلامنا يوكل مهمة تغطية الأحداث الفنية لبعض الصحفيين الذين لا يفرقون بين المدارس الفنية ومتطلباتها .. يقفون أمام المنجز الابداعي عاجزين عن التواصل معه فنحتار ماذا نقول فلا نقول!!هناك البعض الّذي لا يستطيع التواصل مع الضوء والظل فكيف يتواصل مع وجعنا ..يقولون مثلا:يجب أن تضع اسما على اللوحة، كيف سيفهمها الناسلماذا لا تكتب تفسيرا تحت كل عملليس كل البشر تفهم بهذا التشكيلاو يقول أحدهم مثلا رسمك تشكيلي (بدل تجريدي ) وأنا لا أفهم بالتشكيليوالى ما هنالك من عبارات موجعة تُشعر المرء الذي يسعى أن يتواصل مع المتلقي الأول -وهو الاعلامي الناقد هنا-من خلال ابداعه بإحباط ما بعده احباط..وهنا أتساءل لماذا لا يُسأل الموسيقي عن موسيقاه؟؟الابداع صديقي يحتاج للاعلام الصادق ليصل ،لذا نتمسك ببعض الفاهمين النبلاء العارفين بهذا الفن،ونتوسّم الحوار معهم لنوصل أصواتنا بصدق وشفافية للمهتمين..هم موجودون لا شك ولكنهم قلّة قليلة...هذا عاصم ما يفسر تردّي حالنا كبشر، لأن الفنون بشكل عام تعكس ماهية الحياة التي نعيشها.لا أستطيع أن أقول لك لا تجزع لأنني أعلم أنك مفجوع كالّذي يكتشف انه يفقد حضارة وتاريخا عاشه وصاغه في رأسه ولكنه اكتشف انه لم يكن سوى سرابا!لا استطيع أن ألملم جرحك عاصم، هو جرحي أنا أيضا مع انني أعلم أنني ما زلت في البداية..كلما خطوت للأمام شعرت أن هناك ما يشدّني للوراء لأبدأ من جديد!مع كل لوحة أشعر أنني بدأت للتو..إن كل خطّ يخطّه الفنان يضعه أمام مسؤوليات جديدة وتجربة جديدة..هذا ما يجعل من حياة المبدعين أو من حباهم الله بهمّ انساني ابداعي، حياة مليئة بالقلق؛القلق الدائم والتحفّز لأي شاردة وواردة...علّهم يلتقطون طرف ضوء في هذا الظلام الواسع الرقعة!يقولون لا تتواضعي فيحسبون أنك غير واثقة مما تفعلين..التواضع هنا بالقول أنها البداية في كل مرة.فليكن.. إنها بالفعل مسؤولية تكبر وتكبر ككرة الثلج كلما مرّ الزمن والعمر..العمر الذي يسرقه منك الابداع ، فأحيانا تتمنى لو أنك انسان عادي يذهب الى عمله نهارا ليعود في الليل وينام قرير العين، مرتاح البال.تتراكم الخبرات فتزداد ثقةً وتتماهى همّاً ولوعة..عاصم صديقي،لطالما تمنيت أن أكون أمّا لبناتي الثلاث فقط لا غير، أستمتع بهن يكبرن تحت ناظري، أعيش معهن أجمل اللحظات.لقد منحني الله كل المواصفات التي تجعلني انسانة سعيدة وراضية،الا ان طموحي الابداعي الذي يرافقني منذ الصغر يجعلني أتألم لابتعادي عن الرسم لفترة أو فترات..وهذا ينعكس بشكل أو آخر على عالمي ومحيطي..كأن أستغرق مثلا في غربتي واغترابي، لا أفرح الا نادرا وكأنني أعاقب نفسي لأنني لم اقرب المرسم والألوان بسبب هذا الظرف أو ذاك..بعض السعادة عند الانسان المجبول بمسؤوليته الابداعية أن يجد نفسه في أحضان لوحته تحتضنه كالوطن،يعطيها من روحه فتعطيه من خفتهّا فيطير عن الأرض ليشعر بعدها بإنسانيته ووجوده.. فتتحقق المعادلة في بعض الرضا الذي ينثره فرحا وحبورا على من يعيش معهم ويعانون معه!إنه الوطن الذي نحاول بناءه حجر بحجر ونَفَس بنَفَس..انه حال الباحث عن الذات التي لا نستطيع تعريفها بأي من الكلمات او العبارات،نقضي أعمارنا ونحن نبحث عما هو غير ملموس وغير مرئي، فكيف نهدأ؟عداك عن ذاك الذي يسألني مثلا:أين انتِ غائبة؟ فأقول، رُزقت بطفلة وأنا أحاول أن أعطيها حقّها من الوقت وأستمتع بأمومتي معها لآخر قطرة، لذا أنا بعيدة بعض الشيء. فيقول ، انها ليست حجة.. على أية حال ما دام الوضع كذلك لِمَ لا تنجبين بعد فنرتاح .. وأستغرب فيضحك ويقول ،،أنا أمزح!يقول هذا مازحا ولكني أسْتشفّ بعضاً من ارتياحه وكأنني أغمس لقمتي في صحنه!!.............................................................عزيزي عاصمأطلت عليك ولربما شطحت عن الموضوعالمعذرة ولكني أعاني كثيرا.. وجاءت خاطرتك عن النحت لتوقظ وجعيفكانت هذه السطورأرجو أن تكون بألف خيرمحبتي دائما..إضاءات*عاصم الباشا للذين لا يعرفونه من النحاتين السوريين المخضرمين الذين اختاروا منفاهم الاجباري بعيدا عن الوطن،مقيم في اسبانيا منذ عقود، يحاول في النحت(كما يحب أن يقول) يمارس انسانيته ووحدته بامتياز..*أرسل لي عاصم نصّا يتحدث فيه عن وجعه وهو يرى النحت وقد انحدر مستواه في بعض الملتقيات التي رافقها عن كثب، فكانت هذه الرسالة التي وجهتها إليه..*يرافق النص بعض الأعمال للفنان عاصم الباشا.*للأمانة فقط وهو أمر لا يعنيه كثيرا ، لقد فاز بالجائزة الأولى للنحت في سمبوزيوم إعمار الأول - دبي عام 2004
العزيز عاصمكلماتك أغلى الكلمات وكأنك بها ترضي خاطري الذي أساؤوا اليه بتعنتهم وعزوفهم عني . لم أُدعَ أنا الى أي من ملتقيات النحت والرسم في المنطقة علماً أنهم يعلمون أنني قريبة جداً.. ولن أكلفهم سوى اتصال يعترفون من خلاله بوجودي ؛لا فرق ،لا يهمني اعترافهم طالما هم لا يعرفون أنفسهم!في المقابل دعيت الى ملتقيات كثيرة ولكنها بعيدة، بعيدة جدا!!جائزتي من الملتقيات التي أنجزت في هذه المنطقة ،أنني التقيت بك وببعض الفنانين الذين أعتزّ بصداقتهم ليومنا هذا..صديقي،لقد قرأت ما كتبت عن النحت وشعرت بالغصّة والدمعة تنحبس في مقلتي..انه ليس حال النحت وحده في بلادنا العربية ..انه حال الفن عموما أينما وجد الانسان الفارغ الذي لا يفكر سوى بمصالحه المادية على حساب الفن الجيد..لقد ساءني بالفعل ما قرأت، نحن شعوب نخاف من الحقيقة لأنها تؤذي مشاعرنا،وأنت حقيقي لذا يستبعدونك عن زيفهم!غالبا ما يستبعد الجيّد حتى لا ينكشف السيّء الذي يسوّقونه مرارا وتكرارا..ليس بجديد أن تتحكم العلاقات التي تمتلئ خيشاً ونفاقا في مثل هذه القصص،أنا أعلم بوجعك عاصم وهو وجع محقّ لأنك للآن وبعد أن أفنيت عمرك باحثاً مجدّاً،يأتي طالب فنون في سنته الأولى ليدّعي أنه يعرف أكثر منك!رغم إنجازاتك ومعاناتك، يأتي بعض المدججين بالعلاقات الاجتماعية "الرفيعة" لينسفوا هذا التعب،وهم بالكاد يلامسون فكّ رموز الخط واللون ولا يفرقون بين الكتلة والفراغ..انها لمهزلة أن يكون الحال على ما هو عليه.هنا لا بد من ذكر دور المؤسسات والغاليريهات التي ترعى مثل هذه الظواهر والملتقيات،بعض المؤسسات تراعي همّها الاعلامي الربحي في معظم الحالات ..وليس للهمّ الثقافيّ أي حيّز في معتقدهم على الأغلب!بات من النادر جدا أن نرى مؤسسات تعمل للفن وحده دون أن تعيد نجاح مشروعها للأرقام النهائية التي ستجنيها..إنه زمن الأرقام عاصم ..للأسفنحن في زمنٍ موجع حيث صار من الصعب ان تجد فيه من يقدّر الفنان الا بما يبيع ويجني!يتناسون الانسانية التي هي أساس العطاء والابداع...يا عاصم ماذا سنقول إن كان بعض إعلامنا يوكل مهمة تغطية الأحداث الفنية لبعض الصحفيين الذين لا يفرقون بين المدارس الفنية ومتطلباتها .. يقفون أمام المنجز الابداعي عاجزين عن التواصل معه فنحتار ماذا نقول فلا نقول!!هناك البعض الّذي لا يستطيع التواصل مع الضوء والظل فكيف يتواصل مع وجعنا ..يقولون مثلا:يجب أن تضع اسما على اللوحة، كيف سيفهمها الناسلماذا لا تكتب تفسيرا تحت كل عملليس كل البشر تفهم بهذا التشكيلاو يقول أحدهم مثلا رسمك تشكيلي (بدل تجريدي ) وأنا لا أفهم بالتشكيليوالى ما هنالك من عبارات موجعة تُشعر المرء الذي يسعى أن يتواصل مع المتلقي الأول -وهو الاعلامي الناقد هنا-من خلال ابداعه بإحباط ما بعده احباط..وهنا أتساءل لماذا لا يُسأل الموسيقي عن موسيقاه؟؟الابداع صديقي يحتاج للاعلام الصادق ليصل ،لذا نتمسك ببعض الفاهمين النبلاء العارفين بهذا الفن،ونتوسّم الحوار معهم لنوصل أصواتنا بصدق وشفافية للمهتمين..هم موجودون لا شك ولكنهم قلّة قليلة...هذا عاصم ما يفسر تردّي حالنا كبشر، لأن الفنون بشكل عام تعكس ماهية الحياة التي نعيشها.لا أستطيع أن أقول لك لا تجزع لأنني أعلم أنك مفجوع كالّذي يكتشف انه يفقد حضارة وتاريخا عاشه وصاغه في رأسه ولكنه اكتشف انه لم يكن سوى سرابا!لا استطيع أن ألملم جرحك عاصم، هو جرحي أنا أيضا مع انني أعلم أنني ما زلت في البداية..كلما خطوت للأمام شعرت أن هناك ما يشدّني للوراء لأبدأ من جديد!مع كل لوحة أشعر أنني بدأت للتو..إن كل خطّ يخطّه الفنان يضعه أمام مسؤوليات جديدة وتجربة جديدة..هذا ما يجعل من حياة المبدعين أو من حباهم الله بهمّ انساني ابداعي، حياة مليئة بالقلق؛القلق الدائم والتحفّز لأي شاردة وواردة...علّهم يلتقطون طرف ضوء في هذا الظلام الواسع الرقعة!يقولون لا تتواضعي فيحسبون أنك غير واثقة مما تفعلين..التواضع هنا بالقول أنها البداية في كل مرة.فليكن.. إنها بالفعل مسؤولية تكبر وتكبر ككرة الثلج كلما مرّ الزمن والعمر..العمر الذي يسرقه منك الابداع ، فأحيانا تتمنى لو أنك انسان عادي يذهب الى عمله نهارا ليعود في الليل وينام قرير العين، مرتاح البال.تتراكم الخبرات فتزداد ثقةً وتتماهى همّاً ولوعة..عاصم صديقي،لطالما تمنيت أن أكون أمّا لبناتي الثلاث فقط لا غير، أستمتع بهن يكبرن تحت ناظري، أعيش معهن أجمل اللحظات.لقد منحني الله كل المواصفات التي تجعلني انسانة سعيدة وراضية،الا ان طموحي الابداعي الذي يرافقني منذ الصغر يجعلني أتألم لابتعادي عن الرسم لفترة أو فترات..وهذا ينعكس بشكل أو آخر على عالمي ومحيطي..كأن أستغرق مثلا في غربتي واغترابي، لا أفرح الا نادرا وكأنني أعاقب نفسي لأنني لم اقرب المرسم والألوان بسبب هذا الظرف أو ذاك..بعض السعادة عند الانسان المجبول بمسؤوليته الابداعية أن يجد نفسه في أحضان لوحته تحتضنه كالوطن،يعطيها من روحه فتعطيه من خفتهّا فيطير عن الأرض ليشعر بعدها بإنسانيته ووجوده.. فتتحقق المعادلة في بعض الرضا الذي ينثره فرحا وحبورا على من يعيش معهم ويعانون معه!إنه الوطن الذي نحاول بناءه حجر بحجر ونَفَس بنَفَس..انه حال الباحث عن الذات التي لا نستطيع تعريفها بأي من الكلمات او العبارات،نقضي أعمارنا ونحن نبحث عما هو غير ملموس وغير مرئي، فكيف نهدأ؟عداك عن ذاك الذي يسألني مثلا:أين انتِ غائبة؟ فأقول، رُزقت بطفلة وأنا أحاول أن أعطيها حقّها من الوقت وأستمتع بأمومتي معها لآخر قطرة، لذا أنا بعيدة بعض الشيء. فيقول ، انها ليست حجة.. على أية حال ما دام الوضع كذلك لِمَ لا تنجبين بعد فنرتاح .. وأستغرب فيضحك ويقول ،،أنا أمزح!يقول هذا مازحا ولكني أسْتشفّ بعضاً من ارتياحه وكأنني أغمس لقمتي في صحنه!!.............................................................عزيزي عاصمأطلت عليك ولربما شطحت عن الموضوعالمعذرة ولكني أعاني كثيرا.. وجاءت خاطرتك عن النحت لتوقظ وجعيفكانت هذه السطورأرجو أن تكون بألف خيرمحبتي دائما..إضاءات*عاصم الباشا للذين لا يعرفونه من النحاتين السوريين المخضرمين الذين اختاروا منفاهم الاجباري بعيدا عن الوطن،مقيم في اسبانيا منذ عقود، يحاول في النحت(كما يحب أن يقول) يمارس انسانيته ووحدته بامتياز..*أرسل لي عاصم نصّا يتحدث فيه عن وجعه وهو يرى النحت وقد انحدر مستواه في بعض الملتقيات التي رافقها عن كثب، فكانت هذه الرسالة التي وجهتها إليه..*يرافق النص بعض الأعمال للفنان عاصم الباشا.*للأمانة فقط وهو أمر لا يعنيه كثيرا ، لقد فاز بالجائزة الأولى للنحت في سمبوزيوم إعمار الأول - دبي عام 2004
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire