عبد السلام عمراوي مثله مثل النحلة العاملة... من عمره التشكيلي كرس أكثر من الثلاث أرباع والزيادة ليحط هنا وهناك بين مختلف التجارب الفنية لكل من مر من الفنانين بباتنة عروس الأوراس* الأشم... قليل الكلام كثير الاستماع لا يكل ولا يمل وهو يتنقل بين لوحة وأخرى ، يعطي الواحدة تلو الأخرى حقها بشيء من التعجب والانبهار، بشيء من التساؤل والمقارنة بينها وبين ما وصل إليه بتجاربه المتواضعة وهو يضع بصماته الأولى في بدايات مشواره وولوعه بالفن والفنانين...عاصر النحات الكبير محمد دماغ والرسام المرحوم مرزوقي وهوارة والنحات منوبي والنحات موفق رشيد والفنان جاب الله بلاخ، كلهم من ولاية باتنة الجزائر.
بين العصامية والدراسة تأرجح، بين العفوية وخام خامات الألوان ترعرع وزرع...طالت المدة وهو بين التردد وعمل الجد..تردده أثمر بأعمال متواضعة قل إيقاعها، تضاربت ألوانها ، كثرت نقاط استفهامه ...مثل ما كثر تعجبه من ألوان استعصت لتلين وتستسلم له مثل ما استسلمت ولانت لغيره...
أصبحت له هاجسا ملازما...
يعرض كل هذه المشاكل والهواجس لأقرب الناس إليه من الفنانين...كله آذان صاغية وحضور، له من وسع البال ما مكنه من استيعاب الصغيرة والكبيرة...على محك التجريب وضع نفسه المدة الكافية لانجاز ما يكفيه من الأعمال ليكون مشاركا بمعظم المعارض التي تقام هنا وهناك في ربوع البلاد... يعرض فقط ليجني الانطباعات انطباعات الفنانين بالدرجة الأولى ومن ثم انطباعات الزوار...والجميل في عمراوي عبد السلام انه لن يفكر نهائيا ولا يعير اهتماما لنفسه... مثل باقي من يلقب نفسه بفنان... أو ينتظر من يقول له فنان...عدم الرضاء عن نفسه تركه يضع كل هذا جانبا... ليتخذ من كل العارضين معه أساتذة له...بسيط، بشوش ذكي دقيق الملاحظة سريع الفهم...يلازم كل من رأى فيه التواضع والمستوى...بدعوات للمقهى، لبيته...ليعرض أفكاره وتجاربه الأخرى.. أقلة هم من كانوا يحسون بوجوده لو لم يبادر بالتقرب لهم بدعوتهم لعرض تجربته...والمثل الشعبي يقول : الدوام يثقب الرخام...بالفعل خرج بعد كل هذه المدة، مدة مراهقاته الفنية التشكيلية إلى ما ميزه بنسبة معقولة عن الكثيرين ممن سبقوه لنيل لقب فنان...وجد لنفسه في نظرنا المتواضع الحجر الأساسي لإرساء معالم توقيع التشكيلي عبد السلام عمراوي سالكا تجربة الاقتباس التقني من أعمال الفنان المجاهد غماري (سوق اهراس)* التقنية القمحية أو الفسيفسائية التي انطفأ شمعه عندها رحمة الله عليه حيا وميتا ، والفنان تابرحة نور الدين (بسكرة)* الذي تجاوزها بعض الشيء بشطحات راقية الثراء والجمال التشكيلي، على أمل أن تتطور الأمور ويوقع الفنان ببصمته.. الجد شخصية عمراوي عبد السلام...
هنيئا لأخي وصديقي عمراوي عبد السلام على هذه الخطوات المتتالية الثابتة لولوج العالم التجريبي التقني الفني...
بوكرش محمد تيبازة الجزائر 2/11/2010
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الأوراس*: باتنة من الولايات الشرقية الجزائرية معروفة بجبال الأوراس التي كانت بلاد ومعقل الثوار 1954/1962 وملاذ هم للاستراحة لصعوبتها وكثافة غاباتها، عرفت بفنانيها التشكيليين وصناعاتها التقليدية وعادات أهلها المتميزة بكرمهم وحبهم للبلاد والعباد.
2- سوق اهراس: تسمية أمازيغية تعني سوق الأسود، ولاية حدودية مع الشقيقة تونس وهي بين جبال الأوراس أيضا كانت عاصمة المهرجان الدولي للفنون التشكيلية أيام الحزب الواحد قبل أن تصبح ولاية وتتطور إداريا وشكلا مع مطلع الديمقراطية الأكذوبة... تدهورت من يومها .. زال المهرجان وانمحت فنيا...
3- بسكرة: ولاية الواحات الصحراوية المحافظة...عاصمة سيدنا عقبة بن نافع مدفون فيها، عاصمة أجود تمور دقلة نور، أنجبت كبار العلماء...الشعراء...الكتاب، وكم هائل من الفنانين التشكيليين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire