www.rasoulallah.net

www.rasoulallah.net
موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم

Haloudi Issam

Haloudi Issam
حمودي عصام

Ghada Abdel Moneim

Ghada Abdel Moneim
غادة عبد المنعم

الفنان محمد طوسون

الفنان محمد طوسون
المتفرد.. محمد طوسون والله أكبر

Saadi Al Kaabi

Saadi Al Kaabi
العبقرية سعدي الكعبي

BOUKERCH ARTS et LETTRES

BOUKERCH ARTS et LETTRES
بوكرش فنون وآداب

ISLAMSTORY

ISLAMSTORY
أنقر على الصورة وتابع الحضارة الاسلامية

مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


فاتحة المحراب (بوكرش محمد) بتوقيع الفنان القدير ابراهيم أبو طوق لموقع فنون1954 بوكرش محمد


شكري وشكركم بالنيابة للفنان الرائع العبقري المتواضع الخطاط ابراهيم أبو طوق الجزائر


الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

الفنان القدير ابراهيم أبو طوق
الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

مرحبا أهلا وسهلا بكم أصدقاء محراب بوكرش محمد فنون 1954



يسعدني أن تجدوا فضاء يخصكم ويخص أعمالكم ، البيت بيتكم وكل ما فيه بفضل الله وفضلكم...منكم واليكم، بيتكم لا يتسع ويضاء الا بكم... مرحبا
بوكرش محمد الجزائر

vendredi 26 février 2010

شهداء... بالقص والمقص.../ بوكرش محمد

تكريم المجاهد عبد القادر قبيل العهدة الثالثة السيد عبد العزيز بوتفليقة / انجاز بوكرش محمد 2007

شهداء... بالقص والمقص؟

تكريم الشهيد كموضوع ومصدر الهام عند المبدعين الجزائريين أيام الثورة ويونا هذا في حصة لقاء يوم 18 فيفري 2010 (بالتليفزيون ...) الجزائر

حلقات هشة أفشلت التواصل والاتصال في لقاء جمع جزء من النخبة في حصة لقاء لتكريم الشهداء وإحياء يوم 18 فيفري يوم الشهيد... بذل كلنا بطريقته ما لديه من جهد ومعرفة للقيام بتكريم فعلي لشهدائنا ومجاهدينا والترحم عليهم...

لأسباب لا يعلمها إلا الله وهم... حملة غرابيل التصنيف ...والمقص الذي لا يرحم الخارجين على...على الموضوع...تفاجأت لهذا السلوك... للجزء الذي بتر من مداخلتي المتواضعة قبل البث، بعد التصوير واستضافتي لهذا الغرض، بالمجان...وتطوعا منا، كنا رهن الإشارة وفي الخدمة، شكرا يا نادية شكرا يا جزائر...

كنت متوقعا مثل هذا الفعل والمقاطعة... لحظة مقاطعتي و تدخل المنشطة محرجة... السيدة نادية قائلة : من فضلك يا سي بوكرش نرجع للموضوع...فهمت أنها لا ترغب في صلبه وتفضل أن تكتفي... نكتفي بالمساحيق والاحتفالية الـ...

الفتاة... فتاة فتات الخبزة قبل كل شيء وليذهب الباقي للجحيم...رغم الكلمة التي كررتها مشكورة مع كل المدعوين وهي كلمة التضحية...وثم التضحية.

التضحية التي كانت البارحة فقط، بالنفس والنفيس والاستشهاد في سبيل الله والوطن،الحرية وحياة أفضل ، تراها اليوم بطريقة...طريقة عليكم لا علينا...وقود تدفئة وسعادة... سلم (سلوم) احتيال واعتلاء...لا غير.

كنت قد عرجت على... قبل مقاطعتي، على النقاط التي أطالت مدة الاستدمار بالجزائر ومزيد من الشهداء والأرواح... وهي عمليات الاختراق وأقصد اختراق ثورة التحرير 1954/1962 التي تواصلت وتسببت في كثير من الانزلاق وعصفت بالسيادة الوطنية 1978/1998 بالتقريب.

من 1962 إلى يومنا هذا ...عشنا استقرار أيام الشهيد بومدين رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جنانه وفترة المجاهد عبد القادر الرئيس الحالي السيد عبد العزيز بوتفليقة...بين الأولى والثانية المرحلة الانتقالية من الاشتراكية إلى مرحلة الليبرالية والرأس مالية ... زادت قائمة الشهداء... زادت التضحيات بفكرة الوصول دائما ليوم أفضل... واسترجاع سيادة غير منقوصة...


لا ننكر أن للجزائر من الأبناء والبنات ورب يحميها أسسوا فترة الاستقرار الثانية، فيهم من هم في الواجهة ومن هم في الخفاء تجلت وتحققت مجهوداتهم الجبارة في النقاط التالية سعيا لاسترجاع السيادة وهي من تكريم الشهداء والمجاهدين وإحيائهم إحياء كل الجزائريين.
1 ) حقن دماء الجزائريين.
2) تسديد المديونية.
3) حرية التعبير ( ترك الآنتارنات دون مقص ولا رقيب).
4) حل العلب السوداء.
5) بداية محاكمة المفسدين.
6) إلغاء لجان التحقيق المستقلة... وإعطاء مهامهم للأمن الوطني، قطاع أمر ...نفذ... / عن الخبر.

بقى فقط نقاط أخرى لا تقل أهمية وتحقيقها لا يكون إلا بترتيب أولويات لضمان تحقيقها على أرض الواقع وهي:

1) تعديل المسار في قطاع التربية والتعليم والاستثمار فيها.
2) إعادة الاعتبار لحرمة الأستاذ وحرم الجامعة وتحريرهما من التوجيه...
3) رفع الحضر على أرشيف الثورة الجزائرية والمطالبة بالباقي وهو الجزء الأكبر.
4) البت في موضوع هجرة الأدمغة وأسبابها.
5) حل الاتحادات...الاتحادات المشبوهة( مقاولات...البزنس).
6) رفع الغبن الإداري...

- هي محاور وعناصر بنية معظم الأعمال الفنية على اختلاف المدارس والاختصاصات والأساليب وخاصة التي اعتنقت أمهات القضايا، الرسالة... الإنسان ، الحق في الحياة ، الحقوق،الوطن، البيئة والمحيط...

- هي النقاط التي كانت من المفروض محور مداخلتي وتكريما للشهيد والمجاهد قبيل مقاطعتي لو كانت الرياح تسير بما تشتهيه السفن وكنا بالفعل نقوم بتخليد ذاكرة أمة من خلال تكريم شهدائنا وحسن استعمال غربال ومقص...

وعليه أصبح فتات الخبز أولى من الخبز وغيره...

أشكر بالمناسبة فريق رجال الخفاء والظاهر الذين أبقوا على الآنتارنات دون مقص ولا رقيب فهو جزء لا يستهان به وتكريم فعلي لنا ولشهدائنا الأبرار ... والدوام يثقب الرخام...
هنيئا لشعبنا بيوم الشهيد أعاده الله علينا بتحقيق المزيد من الانتصارات لعل وعسى نكون بذلك في مستوى الأمانة والتضحيات التي قدمت.
شكرا لأصوات الشمال لسان حال كل الجزائريين وإخواننا في الإنسانية في العروبة والدين.

بوكرش محمد 19/2/2010

هل بإمكاننا ان نتعدى حافة المدارات*؟ / المبدع علي النجار





هل بإمكاننا ان نتعدى حافة المدارات*
..............................................................
ليس من الهين علينا وكفنانين تشكيليين عراقيين وعرب الدخول في منافسة الأخر(الأوربي) المؤسس لذائقة مفصلة على مقاس ارث متحرك ولا يزال ينأى عن الثبات, ونترك كل عاداتنا ومقولاتنا عن الإرث الأثري الذي نفصله على مقاسات باتت عاجزة حتى عن مراجعة مخلفاته بما يناسب ولو جزئيا منطقة الحراك الثقافي المعاصر. ومادام هذا الإرث مقدسا وخاضعا ليمين أفكارنا أو أفكار أناسنا. فمعظمنا خريجي مؤسسات تشكيل الداخل التي نأت بنفسها ومنذ تأسيسها عن متابعة مستجدات التشكيل العالمي ولو كثقافة مرادفة للمنهج التعليمي التلقيني. وزادت نسبة الخراب في العراق نأيا على امتداد سنوات الحصار وما بعد الحصار. فبالوقت الذي ازداد فيه عدد الأساتذة الدكاترة في كلياتنا الفنية عانت هذه الكليات والمعاهد من خبرة التعليم الفني المهنية وبضمنها التقنيات المستحدثة التي تمهد لفنان المستقبل مجاله الطبيعي ضمن منظومة طرق الإبداع التشكيلية المتشعبة. لقد شكلت شهادة التحصيل الدراسي ومعظمها نظرية الهاجس الأرأس للعديد من تشكيليينا, بالوقت الذي يوسع التشكيلي الأوربي من دائرة معارفه التقنية من اجل توسيع دائرة اكتشافاته الخاصة وليست المنضدة في دفاتر الأطروحات التي تستعير معارفها من الآخرين.
وجودنا هنا الذي هو عن قصد أو بسبب من نكبات السياسة التي دفعتنا للهجرة أو الفرار على أمل العودة يوما ما بعد ان تنتفي الأسباب, ولم نكن نعلم بان للهجرات أنظمتها العلنية والسرية التي تكبلنا وأجيالنا الجديدة بعاداتها. هذا الوجود ارتهن بإمكانيتنا للتأقلم ثقافيا وحاضن يوهمك لأول مرة بأنه مفتوح على كل الثقافات. وان يكن الأمر كذلك أحيانا نادرة, لكنه عموما يعاينك ضمن مفهوم التقاطع الثقافي لا التجاور ويبحث عن ألغازك التشكيلية ضمن هذا الحيز وعليك ان تقدمها إليه ضمن سوق الأنتيك الاوقيانوسي. لذلك أرجو الانتباه إلى هذا الأمر ليس من ناحية استساغته وتقديم ما يؤمل منا ضمن مساحة أداءه الاستعراضية وليست الفكرية. في زمن فعل مفهوم (الفكرة) نصوصا وصورا وأفلاما وبناءات تلسيقية وتجميعية. وما اصطلحنا على تسميته بالبعد الواحد وتكريسنا للحرف العربي بتنويعات باتت جاهزة لكثرة ما استهلكت, اعتقده ينظر إليه الآخر كما الإرث الخطي الياباني أو الصيني رغم عراقة صنعتهما. وان اكتفينا بالتزويق وتركنا كل مساحة أداء الأساليب المعاصرة التي ابتكرها زمننا الراهن, فسوف نكون ماضويين بامتياز وسوف نظل نشغل حيزا هامشيا اعتقد إننا لا نستسيغه.
نحن هنا كأجيال متشعبة سبلها, لست اقصد بأجيال الهجرة, بل الجيل العمري. جيلنا الستيني بعد ان ودع زمنه الشبابي لا يزال يحن إلى سطوة منجز ذلك الزمن بعد كل الحراك الزمني ومزالق التعلق الجنيني بحياة ثقافية كانت فاعلة وقتها ولم تنتبه لمزالق دروبها إلا مؤخرا. ومن هذه المزالق الثبات الاستيتيكي الاسلوبي. ما يدلنا على ذلك تصفحنا لسيرة منجز الفنان . وان كانت من حسنة لهذا الجيل فهي تكمن في محاولاتهم البطولية للتنويع على منتج هذا المنجز لكن ليس بعيدا عن خطوطه الأسلوبية أو الثقافية أو المكانية رغم كل الحراك لهذه الخطوط العامة على مدار هذه الأعوام المتتابعة, من تغيير الذائقة
إلى تشعب الوسائل والوسائط. وهيام الفنان بتقنية سطح اللوحة أو المنحوتة لا يضاهيه غرام, ربما خشية من فقد جهد كرسوا حياتهم له. وان كان الأمر مبررا من قبل الفنان حفاظا على سمعة كسبها بكد مستمر, سمعة غلبت هاجس المغامرة وهو الهاجس الأعظم لنوايا اكتشافات الفنان لمجهول هو احد رواده. ولا تزال هذه السمة غالبة حتى لمن هاجر منهم, وان كان ثمة من فروقات قد حدثت لنتاج بعضهم, فهي لا تتعدى تأثير الموشور اللوني البيئي الجديد, على قلتهم.
رغم تنوع نتاج الجيل الستيني إلا ان السبعينيين ونتيجة لتأثير تنظير الأصالة التي فجأة وجدت مجالها الضائع لتنافس الحداثة أطروحاتها الزمنية. ورغم اكتضاض نتاج أفضل منظر لها(المرحوم شاكر حسن آل سعيد) بمؤثرات النتاج التشكيلي الحداثي الغربي. إلا ان غالبيتهم لم يستوعبوا مغامرة آل سعيد التشكيلية وأغرتهم تفاصيل منوعة الحرف والأثر الفولكلوري وليس الأثري تفكيكا لمنظومته الإدراكية و الاستيتيكية المتكاملة درسا حضاريا يملك خصائصه الخاصة المرتبطة بوشائج متماسكة والمنظومة الثقافية العامة لتلك العصور. فبالوقت الذي اكتظ النتاج الستيني بتنوع أسلوبي رغم ان كل ما أنتج لا يملك صفة البحث الفني بمستويات متقدمة. إلا ان هذه المساحة باتت متقلصة إلا من بعض التجارب النادرة الموصولة بمصادر دراسة الفنان في أوربا أو أمريكا. ولا يمكن ان يكون الأمر غير ذلك لنأي المنتج التشكيلي العراقي يوما بعد يوم عن مساحة الحراك التشكيلي المعاصر أو حتى الاحتكاك بمنتجه من قريب أو بعيد, لقد تشكلت قناعات الفنانين بعيدا عن كل ذلك في منطقة حياد لا هي تواصل ما انقطع ولا هي تتطلع لجديد المستقبل, واتسعت رقعة المنتج المحلي المثقل بمحلية رموزه وليست إشاراته المعرفية. وبات اللون زخرفا نادرا ما يلج منطقة التعبير عن بيئة أخذت تتآكل مقوماتها.
لم يكن بالإمكان تشكل جيل تشكيلي عراقي جديد في زمن مصادرة الجسد للحروب العبثية في الزمن الثمانيني وبات هذا الجيل موصولا بسابقه لكنه معاقا ومعطلا وليس بالإمكان من حدوث معجزة وان حدثت فهو أمر استثنائي, من هنا جاءت شكوى هذا الجيل من معوقات منجزه, بالوقت الذي لا يمكننا فيه من فرزه بشكل واضح عما سبقه واعتقد انه وبعد السبعينيات لا يمكننا إلا ان نبت فيه بان مصطلح الأجيال العشرية بات غير ملائم. وعلينا انتظار بزوغ أجيال جديدة تحمل ميزة جدتها, وهو أمر قابل للتكهن. بالتأكيد هناك استثناءات في كل ذلك. لكن كيف لهذه الاستثناءات ان تواصل مشوارها الاستثنائي وتوصله لمدياته المتقدمة بدون توفر شروط تطور منجزها بمحاذاة المنجز العالمي المعاصر وهي قاصرة عن امتلاك أدواته. لذلك نجد الكثير من مهارة الصنعة كمتنفسا لهذه الاستثنائية المكبوحة. والصنعة تصنع أعمالا جميلة, لكنها ولوحدها لا تصنع فنا. وما بين الفن والصنعة لوحدها بون شاسع لا يكتفي التزويق لردم هوته.
معضلة تقصي منجز التشكيليين العراقيين تشكل مشكلة مضاعفة بعد ان توزع الفنانون على منطقتين متلاحمتين, ومنفصلتين في نفس الوقت, منطقة الداخل ومناطق الخارج. متلاحمتين لتشابه المنجز في شقه الأول, ومنفصلتين لمغايرة المنجز في شقه الثاني. وبهذا فمن الممكن ان نشخص جيلين تشكيليين. الأول جيل مغترب تقليدي لا تزال تربطه بنتاج الداخل وشائج قوية. وجيل مغترب مختلف ليس له أية علاقة بتشكيل الداخل. رغم خضوعهما لشروط الغربة الجغرافية إلا ان احدهما فضل التماهي كأسلافه الآخرين ومنجزه العراقي لما قبل الهجرة. والثاني فضل الانسياق وراء هاجس الاستحواذ على معارف تقنية جديدة في محاولة منه لولوج عتبة اغترابه للضفة الأخرى الحاضنة. وآخر ولد أصلا في بلاد الهجرة ولايهمه مونولوج التشكيل الداخل أو الخارج إلا من باب الفضول والبحث عن جذور تنأى باستمرار. ويبقى سؤال النقد قاصرا ان لم نتمكن من الإحاطة بهذه الفئات التشكيلية الثلاث. وما يزيد المهمة صعوبة ان جل الجهد النقدي التشكيلي يبقى في حدود الاجتهادات الشخصية. بالوقت الذي يجب ان يتوفر على مؤسسة متمكنة وقادرة على التواصل المعرفي وخيرة هذا نتاج هذا المنجز. لذلك بات على التشكيلي المغترب مهمة التعريف بنتاجه في وسطه الحاضن وتواصلا مع الداخل.
ليس من السهولة ان تصل بعملك التشكيلي إلى مراكز القرار التشكيلي الثقافي ومراكز العروض العالمية. لكن ثمة قضايا سياسية خدمت بعض التشكيليين العراقيين المغتربين. القضية العراقية(الحرب والاغتراب والاندماج) فنانون من الرعيل التشكيلي العراقي الثالث اشتغلوا بأدوات العصر التشكيلية( الفوتوغراف. التنصيب, الجسد, الفيديو ارت, والنص ألمفهومي والجسد) بعد ان تدربوا على وسائطه ووسائله التقنية. ومن هؤلاء الفنانين المغتربين: محمد عبد الله, عادل عابدين, وفاء بلال, جنان العاني, الفاضل. وأسماء أخرى توزعت خارطة أوربا وأمريكا ووجدت طريقها للعروض التشكيلية العالمية. وان أشرت إلى جهد هؤلاء وهو جهد في معظمه مستحدث, فليس في الأمر إنقاصا لجهد التشكيليين الآخرين من أجيال أخرى اشتغلوا على نفس القضايا بوسائل تعبيرية تقليدية, بقدر من وصول هذا الجهد لعروض عالمية تأكيدا لحضور عراقي نحن بأحوج ما نكون إليه. إذ لم تعد اللوحة الملونة ولا المنحوتة ولمألوفة طرحهما بقابلة على نقل صورة الحدث العراقي(بما ان التشكيل المعاصر معظمه صور وقضايا شخصية وجمعية وبيئة وحدث). ولنقر هنا بان ليس للصدفة من حظ هنا مثلما للكدح المعرفي التواصلي والاشتغال على دقائق خطوطه التقنية و التسويقية فليس بالأحلام وحدها نستطيع كسر الحواجز.مع العلم ان للحلم أيضا نصيبه من العملية الإبداعية لكنه يبقى جزأ من شروط تحققها الأخرى, لا تسويقها. ويبقى من كل ذلك مدى قابلية الفكرة على التحقق فنيا. وان أعوزنا تسويق عملنا الفني بشكل شخصي فعلينا ان نجد أو نؤسس مؤسسات راعية وحاضنة توفر لنا ولو فرص التسويق للآخر مجالا تواصليا, ولنا مثل في تجربة شبكة الفنانين المهاجرين في أوربا(الأيومان).
وقبل الانتقال إلى مشروع هذه الشبكة لنعاين بعضا من تجارب هذا الرعيل الثالث أو من انتسب إليه: .
محمد عبد الله: ولد في بغداد - العراق عام 1965، يقيم في هولندا ودرس الفن فيها وفي عدة دول أوربية ولعدة تخصصات ولا يزال مولعا في البحث الدراسي. اشتغل على الجسد والنص الافتراضي والفوتوغراف والنحت التنصيبي. تناول عمله السيرة الشخصية ووجهة نظره في الاندماج والثقافة البينية وسيرة الحدث العراقي والإنساني بمفاهيمية لا تخلو من حس شعري رغم جسامة الحدث. وعرض أعماله ونصوصه في أكثر من مكان عرض من العالم. اعتقد ان سيرة هذا الفنان لا تبتعد عن الفعل الوجودي المسترجع بادراكات لمحركات العمل التشكيلي في منطقته المعاصرة. وما يدلنا على ذلك هاجس اكتشاف الذات الفاعلة التي تسكنه ومنذ بداية اكتشافاته التشكيلية(منحوتاته) الأولى.
عادل عابدين: مواليد عام 1973، العراق. يقيم ويعمل في هلسنكي، فنلندا. عابدين مولع بالتنصيب وبالفيديو ارت وإمكانيته لتوصيل أفكاره عن البلد الكارثة الذي تركه منذ عام (2000) ولنعاين عناوين بعض أعماله: تجهيزات رحلات بغداد( عن وكالة سفر بتصوير لإعلانات مكتب سفر وصور مزدوجة لأنفجارات بغداد وصور سياحية من أمريكا). أو عمل الفيديو موقع بناء: ليد طفلة تحرك الحصى في موقع انفجار حديث في بغداد بملعقة بلاستيكية, والتي نصب الحصى أمام العرض للجلوس عليه والمشاهدة بهاجس استعارة الإحساس بالحدث. وأخيرا عمله التهكمي الذي ينظف به مساحة الثلوج الشتوية الطبيعية بماكينة الكنس الكهربائية(وهو الذي يقطن بلد الثلج فنلندا). وليخلق تصوراته بسخرية مريرة أو خفيفة تفكيكا لأضداد الفعل الإنساني أو الطبيعة الغير سوي. لقد أهلته أعماله بمزاجيتها العامة لان يمثل فنلندا في أكثر من عرض عالمي.
وفاء بلال: من مواليد 1966.اكتشف قدراته الفنية وطورها بعد لجوءه إلى الولايات المتحدة في عام(1992) قادما من معسكر اللجوء في الجزيرة العربية. والآن هو مدرس في كلية فنون نيويورك. ما يهمنا من وفاء هو مقدرة وسائطه التشكيلية على إيصال الحدث إلى اكبر دائرة ضوء عالمية. وهذا ما فعلته أعماله التي اشتغلها تحت ضغط قسوة الحدث الذي مسه وعائلته وبإحالات إلى مسبباته السياسية. وعمله التنصيبي(أطلق النار علي أنا عراقي) أو بعد إعادة تسميته(توتر داخلي) والذي نفذه بتقنية الانترنيت للتصويب عن بعد بإطلاق الكرات عليه وهو المحتجز في حيز صغير جهزه لحجزه أربعين يوما. أو عمله الثاني اللعبة الفيديوية (ليلة القبض على بوش) الذي اشتغله بإيحاءات من ردة فعل على مقتل أخيه بيد القوات الأمريكية في العراق. هذين العملين بالذات أكسبتاه شهرة عالمية وشاهدها أناس من(136) بلدا. اظافة لمشاريع فيدوية لعب فيها على تحريك شخصيات اللوحات الفنية العالمية وصور فوتوغرافية مفاهيمية وتنصيبات مختلفة. لقد استعمل هذا الفنان نفس الأدوات التي استعملها عابدين مع توسيعها و باختلافات تقنية. لكن يبدو ان الاختلاف فيما بينهما يكمن أيضا في المزاج الفني الشخصي و الجغرافي الحاضن وطرق التسويق للفكرة. وان كان كل من محمد عبدا لله وعابدين أكملوا جاهزيتهم الفنية في العراق وطوروا قابليتهم الأدائية وتعدوها لمناطق جديدة في الخارج. فان وفاء لم يستطع دراسة الفن في العراق لكنه استطاعه في الولايات المتحدة. أي انه بنى منجزه الفعلي في الخارج. وهو بهذا يصلح لان يكون نموذجا للجيل التشكيل المغترب الجديد.
أخيرا لابد من التعريف بشبكة الفنانين التشكيليين المهاجرين في أوربا(الأيو مان). التي أسسها الفنان عبد الأمير الخطيب مع أربعة فنانين من هولندا و الدانمرك وفنلندا وهم كل من الفنانين حامد الصراف,صباح الحكيم, والروماني زتروم والصينية التي تقيم في فنلندا هونك بتاريخ (10.1.1997). واستطاعت هذه الشبكة بعد خمسة أشهر من إصدار العدد الأول من دوريتها(الأكوان الملونة(1) وتقيم المعرض الأول مدينة(توركو) الفنلندية. وبلغ مجمل معارض هذه الشبكة لحد الآن(24) معرضا بضمنها عدة معارض نوعية. كما أصدرت(50) دورية, وفي عام(2007) تحولت طباعتها من الأسود والأبيض إلى الملون. ووصل عدد أعضائها من الفنانين إلى(214) عضوا توزعوا دول أوربية عديدة(فنلندا الدنمرك انكلترا فرنسا النمسا السويد وهولندا و ألمانيا روسيا والنرويج وجمهورية التشيك وبلجيكا والنمسا) وحسنة الأيو مان أنها تحتضن الفنان المهاجر من جميع الدول الأوربية والعربية والآسيوية واللاتينية في محاولة منها وكمؤسسة تشكيلية ثقافية تضامنية كسر الحواجز ما بين الثقافات معتمدة خطاب الآخر المهاجر كخطاب مجاور لا متقاطع تأكيدا لعولمة الثقافة وكسرا للخطاب الواحد. ولم يكن الأمر تمنيا بل من خلال طرح مفاهيم وثيم ومواضيع تؤكد خطابها الاندماجي ليس تابعا بل موازيا يحمل سماته الخاصة. لقد حققت سياستها الثقافية اغلب أهدافها وفي ظروف لم تكن مثالية وكما نعلم كلنا ولا تزال تكافح من اجل إدامة عملها. وثقافة (ألما بين) أو (الثقافة الثالثة) هي إحدى أطروحاتها التي عالجتها في معارض نوعية ونصوص منشورة على صفحات مجلتها الأكوان الملونة. وفي منشورات وصحف ومواقع الكترونية وفي نقاشات وحوارات. وختاما رغم شحة الدعم, وحتى في حدوده الدنيا, استطاعت هذه الشبكة مواصلة مشوارها بل وطورت تقنيتها الثقافية التواصلية وبنت جسورا بينها وبين المحيط المجتمعي وبعض من دور العرض في مدن أوربية عديدة. وان كانت شبكة العلاقات مطلوبة في هكذا مشاريع تشكيلية. فان ما يعيق هذه العلاقات في كثير من الأحيان هو النظرة الأحادية لمنجز الأجنبي التي تضعه تحت المجهر مشروعا قابلا للمعاينة المغايرة والأقل كفاءة. ووسط كل هذه الهواجس ومعوقاتها الفعلية استطاعت (الأيو مان) ان تجد لها فسحة ما وسط كل الزحمة الثقافية التشكيلية. وان هي حافظت على حيزها هذا فبظل تفاني ونكران ذات كادرها التشكيلي الثقافي والتقني. والشعور بتحقيق كيان تشكيلي ثقافي ربما يتوسع ويزداد خبرة من خلال احتكاكه بالآخر. وهذا الأمر اعتقده هاجسنا المشترك نحن قاطني حافات المدارات.
....................................................................................................................
*.. عن محاضرة نظمتها واستضافتها جمعية التشكيليين العراقيين في لندن في قاعة كنيسة(ريفرزكورت) في همرسميث في يوم السبت السادس من شباط. وقدم المحاضر(علي النجار) الفنان عبد الأمير الخطيب.
..............................................................................................................................
علي النجار

mardi 16 février 2010

براح الوجدان وحيطان العقل / الفنان معيتق عدنان

الفنان الليبي صباح الكبير






صباح الكبير فنان ليبي لا يتعمد الألغاز والتعقيد غير المبرر، بل يصر علي عدم وجود أي شيء في اللوحة يفسر، فهي تلك الأنشودة المنبعثة من دوافع الرغبات السرية للكائن في داخل النفس البشرية، فهو لحن كان من الضروري أن يؤلف ومن الواجب أن ينفذ بهذه الطريقة أو تلك. كأنها رياح زرقاء ترقص فوق حقل ابيض من أدخنة لون الروح ورمادها، بقعة من خربشات لون اسود تتسع لتشمل فساد الأمكنة والزمن الرديء، لتستفز ذاكرة أحلامنا المهشمة وتوقد فينا ذلك الكائن النائم بخيوط الوهم الخضراء المتشابكة مع فضاءات الروح بأطيافها الزرقاء القادمة من عتمة الوقت منذ آلاف السنين. أحاسيس تسترسل بيسر مع اشتعال حواف الروح من بواعث تسلل ضوء علي سطوح غبراء مصقولة بزفرات فرشاة الرسم وسكاكينه، فتتكشف أشياء كثيرة، دهشة الطفولة، آمال، أفراح، أحزان، رقص علي خيوط الروح، أغنيات من بعيد تتسلل بكل خفة، أنفاس متقطعة، قناديل مضاءة. يعتمد علي الاستنباط الفوري بشكل كبير في اغلب أعماله الفنية المنجزة فتأتي خالية من الترهل والمبالغة في الوصف البصري الممل، فلا يستعين بالحكايات المباشرة، فغالبا ما يكون الأداء أو طريقة التنفيذ هي المقصودة وربما المادة المستخدمة نفسها هي الغاية بالأساس في العمل الفني المنجز. تلتقي أعماله المنجزة مع المتفرج في منتصف المسافة الفاصلة بين العين واللوحة تجبره علي الاقتراب اكثر ليستوضح الأمر وما إن يقترب حتي يدرك انه لا يوجد شيء أو أن الأشكال والألوان التي وقع في إغوائها قد تلاشت نتيجة استحيائها في بعض الأحيان وخداعها في أحيان أخري فهي تكوينات خادعة ـ ماكرة ـ ذكية ـ ساذجة ـ في نفس الوقت أو كما تعمد الفنان أن تصبح هكذا. فهذه الأشكال والخطوط بكائناتها الشبحية تظهر من تحت سطح الورقة لتباغت متتبعيها وتشعرهم بفقر مخيلتهم وعجز تفكيرهم أحيانا علي المسير في طريق اقتراحاتها المجنونة الممتلئة بأحاسيس تحتية للبشر، تشق طريقها بقوة في أصباغ العمل الفني ومادة بنائه. تجريدياته لا تزال تؤسس لحيرة كبيرة عندي وربما عند آخرين،لتمكن الفنان من السيطرة علي توزيع كل المفردات في فضاء اللوحة، قد لا يجرؤ الكثير علي تركه هكذا مناطق فارغة أو كما تبدو للمتفرج، فثراء المخزون البصري المحلي والعالمي عنده أضفي عليها سحر الشرق وغرائبيته، ولوحاته انعكاس لحالات وجدانية عميقة لا تعنيها أبدا ما كانت تخلفه بقدر ما كانت تتوق إلي الضوء المنبعث من تحت الأسطح المعتمة والممتلئة بغبار كوني عالمي سديمي ممتد بين براح الوجدان وحيطان العقل الصارمة.


عدنان بشير معيتيق تشكيلي من ليبيا

الحروفية في تجربة التشكيلي علي عمر الرميص / عبد السلام أبوخزام




الحروفية في تجربة التشكيلي علي عمر الرميص
كونية نص التضاد، بين عذوبة اختراق و عذاب احتراق، واحتمالات أحاجي جحا المنفتحة على الأزمنة الثلاث. (هذا الأنين في الناي نار وليس هواء، و كل من ليست لديه هذه النار فليكن هباءً) (كونُك الحقيقي هو الذي تتوجه إليه وليس الذي أنت فيه الآن) (كلنا رماد احتراق لشئٍ ما) (جلال الدين الرومي) *-كونية نص التضاد: لعل الحرف حلم كون،،، لعل الكون حلم حرف،،، هكذا تتجلى هواجس التساؤلات المشروعة في تجربة علي عمر الرميص التشكيلية، وهي تطرق مسار تجريبية حداثية تحقق في متنها البصري الساعي لكونية جمالية ذات متعة أصيلة لا تعتمد بحال على نزوات الرغبة بمحاكاة تقنيات وتجريدية مستعارة، من هنا يحقق نصه التشكيلي تضاد أولي صادم عبر إقحام مجال الإتصال في مشهدية متراوحة، بين تذوق بصري عرفاني للمطلق التجريدي المنبث من تكوين يعتمد منظوراً روحياً، مازال يشكل أهم خصائص التجلي التشكيلي للثقافة العربية والإسلامية، وبين موصلات تقنية متحفزة للكشف عن مفاهيم كونية تحقق دلالتها المتعامقة بمنطقية نسبية خاضعة لمجريات حداثية، ليتجلى سؤال الصدمة المتماهي بالحافز المنبث من مجمل أعمال التجربة التشكيلية،،، هل اجتازت الحداثة على رقعة واقع الهًوية عتبة محاكاة ومواكبة النموذج الأوربي..؟ عبر عصر تتحكم فيه التحولات ما بعد الرأسمالية، ودخول العولمة بصفتها أحد أشكال ما بعد الحداثة.. وهل كان للسمات البيئية والمحلية والرمزية والشعبية ومرشحات الوعي الميثولوجي، الأثر المتوازن مع تحولات الأساليب، ودخول الفن، بعد التصدع المتعاقب للأيديولوجيا، إلى فضاءات ما بعد التقنية؟. يصعب تحديد سمات هذه الحداثة.. وتحولاتها.. في عمق هذا الصراع.. حيث الحداثة ذاتها لم تكتمل.. زد عليه أن تهميش دور الفن له انعكاسه علي المؤسسة الثقافية والمجتمعية، وحتى حالة المغامرة الإبداعية، ففي الحصيلة لم تظهر تيارات أو مبادرات ذات قيمة إلا وفقدت هذا الامتياز، فبعد ان تبلورت جماعات الخمسينات، الرواد وبغداد للفن الحديث والانطباعيين العراقيين والمصريين، ظهرت نزعات متطرفة وجماعية مثلتها جماعة الرؤيا الجديدة.. وجماعة المجددين، والبعد الواحد..، الأمر الذي أرهق التجارب المتناثرة وأنحدر بها إلى هوة التكرار والمحدودية، تجارب محمود صبري في واقعية الكم، بصفتها محاولة إعطاء العلم - الفيزياء - دوره في الرؤية الجمالية، بغض النظر عن مدى نضجها وسوية طرحها.. مع ظهور تجارب فردية لم تجد صدي يناسبها وهي تنأى بنفسها عن مشهدية تأن تحت وطأة الانتقاء والحذف وسط ارتدادات دفعت بالفن إلي السوق الكاسد، تجارب علي العباني حول تقصي اللا مرئي والمخفيات في الطبيعة والفن، وعمر جهان في استلهام إيقاع مكونات الذات المجردة، وعدنان معيتيق في محاولات تعميم الخاص بالانفتاح المتوازي على الذاتي والمغاير.. محلياً على الأقل، إنها تجارب مكثت تخفي نزعتها التجريبية، ضمن مجتمع لم يكن فيه الفن حاضراً بحمولات ثقافية أو تجليات جمالية لحالة إحساس حقيقي بحال هُوية، إلا بصورة محدودة ووظيفية وشكلية من قبل بعض المشتغلين بالثقافة، أو في أحسن الأحوال تكريسها في الوعي النخبوي كعلامة عصر، وبعد هجرات كبري لمئات الفنانين ومنهم التشكيلي على عمر الرميص، الذي انفلت بتجربته من حالة غياب الحوار المناسب الذي يُحدث في الفلسفة والأسواق والتقنيات، وهي الحالة التي عبثت في جينات المركب الثقافي الذي أنتج صيرورة مستنسخة للفن كظاهرة لا تقول الذي كان محيط نشأته الطبيعي وامتداد وجوده المجتمعي يتكلمه. من هذا المنظور يمثل الحرف وتفصيلاته في تجربة على الرميص، الأفق الذي يتحرك عبره، معتمدا التضاد كوسيلة خطاب جمالي محمول على نضوج رؤية فلسفية لاستلهام التراث، عبر حشد الوعي بحساسية التقاط عالية لمفهوم الـ(كوني)، إذ هو يعول على آلية الرؤية عند الإنسان كمعطى فيزيولوجي، عندما يضع اللون الأسود بتدريجاته المتفاوتة والمؤكدة في آن معاً على خلفية بيضاء واسعة بكل تدريجات النور، فأنه بذلك ينشأ فارقا حسيا بين سطحين متموضعين بجانب البعض، فالأبيض أو الضوء يسند التفاصيل ويعمل على دفعها إلى الإمام، ما يحقق انبثاقها في خضم تحديات توليفة جمالية وتقنية أشد دقة وأكثر ذاتية، وبالتالي أكثر قرباً من الانفتاح التواصلي بالمتلقي وأكثر نضوحاً بزاد المعارف المجدية من حيث التأثير في الجوهر الإبداعي؛ مما أدى لتضمينها قدرة عضوية أصيلة على ملاحقة موجات الانتباه الكوني للجمال، حتى وفق تقلب مقولاته الشكلية والبنائية. *- الحرف بين عذوبة اختراق وعذاب احتراق: لكي يسيطر علي الرميص على تلك الآلية، يلجأ إلى اختراق بنية الحرف الدلالية ليعيد تهشيمه من الداخل، وبالتالي إزاحة ركام الحرف، إلى مناطق تحقق للحرف انتصابته الرمزية المعفية من حمولات الدلالة اللغوية ومختزلات الصوت والذاكرة، وهو بذلك يحقق للحرف مجالاً عرفاني يمضي فيه على وقع الحركة الانسيابية الصاعدة إلي الأمام بصيغة لا متناهية، ليتجاوز الحرف بذلك حدود الحامل المادي للوحة وبالتالي تجاوز قواعد كتابة الخط الصارمة، انه انفتاح على اللا (زمنكية)، حيث حررت هذه المعالجة الحرف من ارتهانه لقواعد جاذبية المعنى اللغوي، ولتلج به مدارات انعدام الوزن ليبدو حياً في الوعي لذاتيته الملتفة بالحقيقة الوجودية. هكذا لينصهر الحرف محترقاً في رقصة انسيابية تبعث في أنفسنا شعوراً باتساع البراح والإحساس بالمطلق، وهو بهذا يستلهم أسلوبية تشي بعذوبة فهم عميق لمعنى المطلق النوراني التوحيدي، كما هو عند ابن عربي في (الفتوحات المكية) و(التجليات الإلهية)، أو عند المعري في (رسالة الغفران) أو ألكسندر فون في الـ(كونية) أو حتى في الـ(كوميديا) لدانتي، فكلها تتراوح حيث المطلق النوراني يلف الأشياء والمعاني، إنه حيث لا مكان، لا زمان، ولا وزن للأشياء، ليتقدم الإحساس بالجمال في مجال الاتصال والتواصل بالعمل التشكيلي، وهو متعال عن ثنائية اللذة والألم، بل لعلها أسلوبية تستلهم تجليات الاحتراق في حوارية سقراط مع بروتاخوس إذ يقول: (ما أعنيه أن الأشياء ليست جميلة نسبياً في ذاتها مع مع هذه أو تلك الأشياء، بل هي جميلة دائماً لأنها تنصهر معاً في حقيقة متكاملة، هي فوق الطبيعة، ولتبقى الأشياء صورتاً صغيرتاً هنا، لحقيقة متكاملة هناك)، ثمة تفسير سيمولوجي نستعيره من (رولان بارييت) يمكن أن يوضح تقنية الخرق والحرق وإعادة البناء، (إن الفن التشكيلي هو صياغة بلغة مرئية، شأنه في ذلك شأن الكتابة، وهي صياغة للغة منطوقة، والعلاقة بين اللغة والصيغة هي علاقة سيمولوجية دلائلية، فالبيان الإلهي إنما يتوضح عن طريق اللغة والكتابة معاً، ومن هنا كانت لغة القرآن تتطلب كتابة فاضلة الخط المنسوب(أي الخاضع لقواعد الخط الجميل)، وكان على الفنان أن يبالغ في تجويد كتابة القرآن الكريم لكي يرقى إلى مستوى بلاغة القرآن، وكذلك شأن الحرف في التناول التجريدي الفني في الرقش العربي، فهو مرتبط بالمعنى المطلق للحق والوجود، لتبدو أهميته في الدلالة الجمالية التي يقدمها. هكذا هي الصيغ التشكيلية والجمالية في تجربة الرميص، إنها هنا كالصلاة في توليفها، تحقق وظيفتها التواصلية مع المتلقي تحت سقف المشاغبة أحياناً والتمرد أحياناً أخرى، فهي تناوش الروح لتوقد فيها شعوراً بالاستبطان، ليس فقط لأن العمق ينزع نحو اللا متناهي في لوحات هذه التجربة التشكيلية، ولكن أيضاً لأن الحرف لا تتضح له بداية أو نهاية فهو يذوب تحت لطخات الفرشة في مساحة النور كما يذوب الخيط في النسيج، وهو رغم ذلك يبدو متمرداً على الفراغ في بعض الأعمال، تماماً كما في لوحة (إقراء) حيث استخدام ألوان حارة ودافئة؛ الأحمر والبرتقالي وبمساحات صغيرة تشغل المركز عادة وتعمل كقوة جاذبة لبقية التفاصيل، وهو بذلك يحكم قبضته على توزيع التوازن والامتداد والفراغ، ليحقق بروزاً منتفضاً على خلفية التكوين بقدر عالي من التناغم بين خطوط الظل المتعاكس ومساحات النور المتداخلة المهيئة لهذه اللعبة البصرية، فهو بهذا لا يستهدف بألوانه القاتمة عتمة الوعي الظاهر، بل هو هنا يخاطب عتمة مماثلة موازية في حالة الوعي الكلي الغائر (كصيغة ضد من مصطلح اللا وعي الجمعي)، وهو الوعي الذي يقتفي الرميص قياسه ليتماها معه في دراجاته الجمعية، ويستدرجه بغية حمله على الإفصاح عن مكنوناته المكبوتة، ومن ثم دفعه إلى درجات أعلى فالأعلى، هذا التضاد اللوني يقابله تضاد على صعيد الشكل، فالرميص يختار التكوينات الحروفية المتسمة بالحركة، والوقع، ليشير إلى حياتنا المعطلة وسكونية الموت والشعور بالعجز عن اللحاق بإيقاعات بتلك اللحظات الهاربة نحو الأمام والأعلى والأفضل. *-احتمالات أحاجي جحا المنفتحة على الأزمنة الثلاث. (أعمالي هي حركة تفكير تدخل في طياتها الأدبيات العربية والإسلامية واختزالات تاريخ الفن العالمي، وتشترك بالقيم الإسلامية الإنسانية العالية، باتجاه تعايش صحي بين مواطني العالم)، هكذا وفي إطار المتمازج بين الفلسفة العرفانية والرؤية الكونية، كما هو الأمر لدى الحلاج أو النفري، تحدث الرميص عن أعادة تكوين الحرف في اللوحة التشكيلية، باعتباره أساس وقفها البصري الرمزي المجرد في اللوحة، وباعتباره ذلك السر الكامن الذي تبحث مغاليقه عن مفاتيح لها عند المتلقي، فللوصول بالحرف إلى قيمة بذاته، ولألا يؤدي تلك الجمالية التي أحاطت بمناخه الفكري، يجرد الحرف من هذه القيم، كي يعيد للحرف العربي تلك القيم المنسوبة لما قبل البدائية، أو ليعيده لتلك الرموز التي نجدها على اللقى الأثرية أو تلك الإشارات التي تتركها الحضارة على جدرانها ومسلاتها، دون أن تعني شيئا إلاّ كشاهد على وجود تلك الحضارة بواسطة ما يعبر عنها من رموز ودلالات. من هنا،،، كانت معالجة الرميص، إنما تطلق بالحرف كقيمة حضارية متشظية لا تختص بالحضارة العربية رغم كونه أي الحرف العربي دلالة، إلا أن المعالجة ومن خلال تقنية الاختراق والاحتراق أعادة تشكيل الحرف لينتمي إلى الأفق الأوسع في الحضارة الإنسانية الممتدة من الماضي إلى المستقبل مروراً بالحاضر. هذا يعني أننا أمام تجربة فنية يدخل التاريخ طرفاً أساسياً في رسم مساراتها وقيمتها الجمالية، لتمنح هذه التجريبية حرية واسعة للفنان في صياغة خطابه الجمالي على أساس قيمة التجربة الذاتية للفنان ورؤيته الفكرية وإطارها الجمالي. لا شك أن المنهج الفكري هنا يغاير عن وعي وبشكل كبير، المفاهيم الأوربية التي سادت مع ظهور التجريدية الغربية ومن بعدها التعبيرية كما تجسدت بأعمال بول كلي وكادنسكي منذ قرن من الزمان، والتي كانت تسعى لفصل الفن عن محيطه لتحويله إلى عالم قائم بذاته يعاني من الكثير من التفكك والاغتراب. بهذا المعني يؤكد الرميص في أعماله أن "الهُوية هي مركز الوجود الإنساني، وهي أحد المنابع الجوهرية المنتجة لمنظومة القيم والأخلاق"، وأن أي تجاوز على تنوع الهويات البشرية هو تجاوز لحق الثقافات المتباينة في تسجيل حضورها، بما يحقق نصيب مشاركتها في هذا الكون ، فما زال الفرد لا يعاني بناء على الاختلاف التباين، لكنه على العكس من ذلك، يتناول تلك الاختلافات بانفتاح يحقق تعارف، واكتشاف، وإبداع. بهذا يقدم (جحا) الرميص إستراتيجية مؤثرة للتعامل مع الكثير من الانتماءات، ففي لوحته (أحاجي جحا) تلك الشخصية الحية في التراث والتفكير الميثولوجي أحياناً، هذه الشخصية الخطيرة، والمتراوحة بين العقلانية والحمق في معين من الحكمة الإنسانية، المختزلة ضمن خصوصية جمالية، بـ(فعل) استلهام الهُوية في مضامين احتمالات منفتحة على الأزمنة الثلاث، والتي تتوضح فيما يشبه البيان الثوري ضد التغول ومحاولات حمل العالم على المساهمة في قتل الهُويات و الحضارات والبيئة وكل ما ينبض بالحياة، وليبقى له أن يجري على صورة جحا أن (العالم-الكون) لا يمكن بسهولة تقسيمه إلى "الغرب" و"البقية" أو "المحليون" و"باقي العالم". ولتبقى تجربة علي الرميص أطول عمراً وبعمر الحرف، وليبقى هو رماد احتراق يخترق ذاكرة الزمن على امتداد الوطن، ولسان حاله من مدينة الضباب ينشد: لأنك ذاك،، بعضي وجمعي يمكنك الساعة أن تحلمني،، لأحلم فيك ذاك لأنك أنت،، أنا،، الساكن والمسكون لأنك كلما أغمضت عينيك عني ستشعر بي أغمض عيني عليك وأطلب عونك في سري فأراك تمد يديك،، وقلبي في عينيك ونداء ضميرك،، (سمعتك) يا ولدي،، أقول ،، سمعتك وأنا أنت فأسهر حتى ينبلج الحلم،، فتسمع خطوي في هذا الليل ويدي تقرع بابك،، ذاك لأنك أنت أنا،، ذاك لأنك،، دون سواك الفكرة والمغزى ورنة صوتي،، وتأويل كلامي ذاك لأنك في عين ضميري،، وأنبل ما ارتكبت نفسي من شقاوات العيش ذاك لأنك أنت ،، أنا وأجمل أثامي أنت يا وطني ،، أنت يا وطني،،أنت يا وطني.

ماجدة نصر الدين الشعر والتشكيل توأمان لأمٍ واحدة هي الموسيقى


ماجدة نصر الدين: الشعر والتشكيل توأمان لأمٍ واحدة هي الموسيقى!

على أعتاب معرضها الشخصي الجديد في الشارقة

تعتبر الفنّانة التشكيلية اللبنانية ماجدة نصر الدين واحدة من أفضل الرسّامات اللبنانيات من الجيل الذي ظهر في التسعينيات، وهي تقيم في الشارقة منذ أكثر من عشر سنوات، وتنشط من هناك في أعمالها الفنّيّة. شاركت في العديد من المعارض الجماعية في لبنان وداخل دولة الإمارات وخارجها، وأقامت عدداً من المعارض الشخصيّة. وهي تعمل حالياً على مشروع معرض خاص جديد سيفتتح في أحد غاليريات الإمارات. «المشاهد السياسي» رافقت الفنّانة اللبنانية في أكثر من معرض لها في السنوات السابقة، وها هي تسبق إلى محاورتها في جملة من القضايا المتعلّقة بفنّها وبالفن بصورة عامة.

«المشاهد السياسي» ـ الشارقة

> بين أعمالك السابقة ونتاجك الجديد الذي شاركت فيه أخيراً.. في المعرض السنوي في الشارقة ثمّة عناصر جديدة دخلت على عالمك الفنّي.. خطوطاً وألواناً وصياغة فنّيّة.. هل أنت في منطقة فنّيّة جديدة؟
< بعد الحرب الأخيرة على لبنان في العام ٢٠٠٦، أصابتني حالة من الذهول والصدمة. وحين اقتربت من البياض وجدت نفسي أتعامل معه وكأنه جدار مزّقته الصرخات والآثار، وذلك الألم الكبير الذي لحق بالأطفال خلال تلك الحرب اللعينة، فجاء العمل مزيجاً من التجريد والكولاّج والمواد المختلفة. لذا تجد بعض الاختلاف، لأن اللوحة أضيف إليها بعض الصور المقتطعة من المصير المرّ الذي لقيه الأطفال الشهداء! جاء عنصر الكولاج كعامل مساعد للتعبير وبشكل مباشر وصادم عن الظلم الذي لحق بهم. إن تأمّلته من حيث الصياغة الفنّيّة لم يختلف كثيراً عما قدّمته سابقاً، بل هو حالة أردت التعبير عنها.. الاضافة جاءت مباشرة ومزعجة ـ إن صحّ التعبير ـ للايغال في فكرة الاستشهاد الذي كان موضوع اللوحة بعد حرب دمّرتني خليّة خليّة. في اعتقادي أن أي منجز ينقلنا الى مكان جديد أكان قريباً أو بعيداً لا فارق، والمهم أنها منطقة من مناطق الحسّ والروح والذاكرة. كل مرّة بداية > حدّثيني عن المسافة التي قطعتها بين قديمك الفنّي وجديدك الذي رأيت بعضه.. ولا بد من أنه مدخل وعنوان لمشروع فنّي متكامل؟
< كل خط يخطّه الفنّان في أعماله من الممكن أن يكون بداية لمشروع فنّي ضخم، فالفن والطريق التي نمشيها لنبقى قريبين من أنفسنا مليئة بالتجارب والمسافات.. هناك خطوط عريضة لمنجزنا الفنّي ومنه يتفرّع العديد العديد من الأفكار والشطحات، إن جاز التعبير. لذا أجد نفسي أنني في كل مرة أقدّم شيئاً جديداً، أخطو خطوة الى الوراء! فكلما أنت أوغلت بالابداع والعطاء كلما اتّخذ الفن مجراه الحقيقي في دمك وروحك وأصبحت مطالباً تجاهه وتجاه الابداع عموماً بالمزيد والمزيد.. يعني البداية من جديد في كل مرة. ولكن ما يجب ذكره هنا لإيفاء الموضوع حقّه، هو أن كل هذه التجارب والعذابات تصنع تجربتنا، فنكاد نكون كبشر سلسلة من التفاصيل والتجارب، وهذا تماماً ينطبق على من يمارس الرسم والفنون بشكل عام. هناك بالفعل أكثر من مدخل لأعمال فنّيّة جديدة أعمل على تطويرها حالياً، من خلال البحث والعمل على أن أصل الى مكان أشعر معه بالرضا ولو بعض الشيء عما أريد تقديمه. > لاحظت في جديدك الذي شاركت فيه أن حجم اللوحة صار أكبر وموضوعها اقترب من موضوعات الجداريّات.. هل تفرض الجداريّات نفسها بسبب ملحمية الموضوعات.. ودراميتها؟
< في الواقع ليست هي أول مرة أتعامل فيها مع هذه الأحجام، فالمساحة الكبيرة تغريني بفضائها المفتوح وتمنحني مساحة أكبر للتعبير والابداع. في الوقت نفسه هي تشكّل تحدّياً كبيراً للفنّان عن كيفية تعاطيه بصريّاً معها، وكيف سيوازن بين العناصر كافة من حيث اللون والتكنيك، الكتلة والفراغ، الضوء والعتمة. أحياناً يفرض الموضوع نفسه على المساحة وأحياناً بالعكس، توحي لك المساحة وتلهمك لما لم يكن في الحسبان. في لوحتي هذه فرض الموضوع نفسه وتعاملت مع الكانفاس وكأنها جدار كبير أبُثّ عليه غضبي وسخطي، ونستطيع القول هنا إن الموضوع بدراميّته فرض نفسه بالطبع، ولكن ليس على حجم اللوحة فحسب، إنما على العمل ككل ومن كل النواحي. فالجداريات ليست بالضرورة للحزن دائماً، فالفرح يحتاج مساحة كبيرة للتعبير عنه أيضاً. > بدأ اللونان الأحمر والأسود يحتلاّن الرقعة في عملك.. هل هذا شيء محدّد في عمل فنّي واحد.. أو أنه مطلع مشروع فنّي أكبر؟
< لا نستطيع القول إنه مطلع لمشروع فنّي أكبر، فلقد طغى اللونان الأحمر والأسود على هذا العمل بشكل عفوي وتلقائي ولم يكن مقصوداً.. في البدء كانت الحياة تضجّ فرحاً وألواناً، جاءت الحرب لتقضي على كل شيء، جاءت لتشرذم الأرواح وتبعثر الآمال. تدثّرت اللوحة ـ الجدار ـ بالرمادي المائل الى الزرقة كونه لوناً يحمل طاقة غريبة للتعبير عن موت الأشياء. ومن هنا تجد أن العمل حمل العديد من التناقضات: بين أحمر وأسود ورمادي وأبيض.. مع الحرب لا يبقى سوى الأثر. تكلّلت لوحتي بالشهادة وتعمّدت التركيز على الشهداء الأطفال كونهم يدفعون أثماناً لحروب لا تخصّهم ولا تعنيهم. الطفولي يحرّرنا > قلت مرة: «شعوري الطفولي في العمل يغلب على عطائي في معظم الأحيان، ويحرّر الطفولي فيّ وفي لوحتي»، أما تخشين أن يكون للطفولي مع الفن حدود يتوقّف معها الفنّان عن عطاء أكبر وأبعد غوراً؟
< على العكس تماماً، إن الطفولي فينا يحرّرنا ويحرّر أفكارنا من التعامل مع القوالب الجاهزة، فتجد نفسك دائماً أمام تساؤلات جديدة وأسرار تحتاج الى الغوص فيها والبحث في غياهبها لاكتشافها، وهذا بحد ذاته متعة كبيرة في العمل الابداعي. فالطفولي في الفن يحاكي الفطرية التي يستحيل أن ننجز أعمالاً ذات أهمية من دونها. نحن نكبر لأنه يُفرض علينا أن نكبر ولا نستطيع أن نغيّر هذا. ولكننا في الفن نمارس طفولتنا ودهشتنا الأولى في كل مرة، وهذا بحد ذاته حافز كبير للإنسان على العطاء، خصوصاً في المجال الذي نغوص فيه. هو ـ في مكان ما ـ يشكّل خطواتنا التي ترسم الطريق في نهاية الأمر. أجمل ما في الفن أنه مفتوح على الاحتمالات كافة، ولا تستطيع التنبّؤ بما سيؤول إليه المنجز الذي يملأنا دهشة وحبوراً، أو يُغرقنا في ليل دامس من المعاناة واللااستقرار. مع ذلك لا نستطيع أن نهرب من المسؤولية الملقاة على عاتقنا، فهي كبيرة جدّاً وتتعدّى هذا النطاق والحدود. إن الطفل الموجود فينا هو من يحرّضنا على العمل والمشاكسة والتجريب، ولكنه لا يعفينا من المعاناة والتحدّيات والصعوبات التي يفرضها الهمّ الابداعي علينا شئنا أم أبينا. ثلاثة وثلاثون يوماً > ما الأثر البصري الذي تركته فيك حرب تموز (يوليو) في الجنوب اللبناني.. وما الذي تحاولينه على مستوى الفن التشكيلي للتعبير عن انفعالك بتلك الحرب؟
< لقد كان لحرب تموز (يوليو) ٢٠٠٦ أثر سيّئ جدّاً في نفسي، وقبلها وبعدها ما يحصل في فلسطين الحبيبة والعراق الجريح. في الصعيد الشخصي جاءت حرب تموز (يوليو) لتضعني أمام مسؤوليات جديدة في عملي ولوحتي. لقد رأيت الصمود في عيون الأمّهات اللواتي فَقَدْنَ أولادهن الى الأبد. رأيت العنفوان الذي لا يهزّه أي شيء.. خلال الحرب بالتأكيد لم أكن قادرة على التفكير إلا في وطني الجريح الذي يتمزّق نثرة نثرة أمام أعيننا مباشرة على الهواء عبر شاشات التلفزة.. كنت ساكنة لا أستطيع أن أحرّك يدي اعتراضاً.. كانت دموعي تنهمر بصمت وخجل. أنا بعيدة كل هذه الأميال ووطني يتعذّب، أنا لا ألوي على شيء؛ ناهيك عن المأساة الحقيقية التي تحطّمنا في الصميم وتجعلنا كالخزف المكسّر، فنكاد لا نستطيع أن نلملم أنفسنا من هول الصدمة.. استفزّني استشهاد المئات يومياً على مرأى من العالم أجمع، والعالم بأغلبه صمّ أذنيه، فلا يريد أن يسمع صراخ الأطفال وعويل الأمّهات اللواتي ثكلن أو ترّملن. رأيت العالم مكموم الفم والأنف بحذاء جلدي منع عنه رائحة الموت التي تنبعث من كل الزوايا.. والذي كان يذبحني أكثر هم أولئك الّذين أمعنوا بالعهر لدرجة التواطؤ والمساعدة لذاك العدوّ الغاشم الذي يسمّى «إسرائيل».. تماماً كما يحصل اليوم على صعيد غزّة الشهيدة الصامدة.. ما أقساها من حقيقة، وما أضعفنا كبشر أمام هكذا مؤامرات.. ثلاثة وثلاثون يوماً عشتها وأنا أتمزّق رعباً على أهل ووطن وأطفال لا حول لهم ولا قوّة.. كل هذا الظلم الذي تغلغل في الجسد والقلب، العقل واللاعقل، في مناطق الوعي واللاوعي، سيؤثّر بالتأكيد فينا كبشر، فما بالك بالذي يمارس إنسانيّته من خلال إبداعه على الكانفاس أو أي حامل آخر! حرب تموز (يوليو) تغلغلت في ذاكرتي البصرية من دون أن أقصد أو أريد.. نحن رهائن واقعنا الى أن يسرقنا الحلم لنطير به الى مساحات اللوحة البيضاء ونبني هناك وطناً وجدراناً، فتجدنا نضع صور الشهداء الأطفال عليه، نحيّيهم ونعتذر منهم، وكأننا نريد أن نمسح ما لحق بنا من عار باستشهادهم. هم لا يعرفون لماذا آلت مصائرهم إلى هذا. في أماكن أخرى من العالم هم يلعبون ولكنهم هنا في عالمنا العربي يستشهدون! > هل لمست فارقاً سايكولوجياً بين شخصيات فنّيّة ولدت في الجبل كما هو الحال بالنسبة إليك.. وشخصيات ولدت في السهل مثلاً.. بيروت.. صيدا.. أو غيرها؟ ما الذي يمكن أن تتميّز به نظرة ابن الجبل إلى الأشياء؟
< بالتأكيد إن البيئة التي يعيش فيها الإنسان تؤثّر كثيراً فيه وفي تكوينه النفسي والاجتماعي، بالنسبة لي، لقد مثّلت بيئتي الجبلية الرافد الأول للجمال والفن الذي اكتسبته بشكل فطري من الطبيعة وجمالها الأخّاذ الذي يسحر القلب قبل العين.. كانت الصباحات تمتلئ حبوراً وأنا أتامّل الصخور المنحوتة بآلاف الألوان.. الأزهار التي تنبت في كل مكان من دون منّة على أحد. والكثير الكثير من المظاهر التي تجعل الحياة أحلى وأبهى. أما بيروت فهي حبيبتي، ينام أهلها وقاطنوها ومحبّوها على سحرها الذي لا يستطيع أحد الافلات منه. فهي إبنة البحر وجارة الجبل، هي أمّ الابداع والحضارة. هي رمز الارتقاء والحرّيّة.. لها من الجاذبية والسحر ما يغري أي مبدع على وجه الأرض، لذا ستجد من يعيش على أرضها مأخوذاً بجمالها رغم تناقضاتها.. بالنسبة لي أؤمن بأن البشر بشر أينما وجدوا ومهما تعدّدت بيئاتهم واختلفت. > من هم الشخصيات الأكثر تاثيراً في مسيرتك الفنّيّة؟
< عائلتي كان لها الفضل الأول في تشجيعي، فوالدتي آمنت بأنني طفلة مختلفة، أتعامل مع الأشياء بإحساس عال في زمن صعب.. ووالدي بكى حين رأى تخطيطاً لهرٍّ رسمته بقلم الرصاص في أول درس من دروس الرسم.. بكى والدي وكأنه يعلم أنني إذ اخترت هذا الطريق إنما اختار طريقاً صعبة مليئة بالمعاناة والتحدّيات. لاحقاً، كان لسامي شريك عمري الفضل الأكبر في عودتي الى الجامعة والانخراط في دراسة الفن في الجامعة اللبنانية، بعد انقطاع قسري عنها لظروف أمنيّة ومعيشية. لقد عايش حلمي وآمن به وهو حتى اليوم لم يتوقّف عن دعمي وتشجيعي.. بالاضافة طبعاً الى العديد من الأصدقاء المقرّبين من المبدعين، شعراء أو تشكيليين، أثّروا في متابعة تجربتي منذ البداية حتى يومنا هذا. > كيف بدأت علاقتك الجدّيّة بالرسم؟
< علاقتي مع الرسم علاقة قديمة تتجدّد مع كل شوق الى الانغماس بالألوان، والغياب في غياهب الشعور.. لقد مررت منذ الطفولة بصعود وهبوط على صعيد الرسم، لأنني كنت كباقي الأطفال الذين عايشوا الحرب اللعينة، ولكني كنت مصرّة على الحلم الذي كان يكبر دهراً كلما كبرت شهراً.. العام ١٩٨٨ كان بالنسبة لي عام تحوّل على هذا الصعيد، حيث توظّفت في شركة طيران نظراً الى صعوبة تأمين المعيشة آنذاك، وكنت لا أترك ورقة من شرّي وخربشاتي. رغم صعوبة التحدّيّات حينها، شعرت بأنني طير مقيّد في قفص الوظيفة وأنني أريد أن أطير مع حلمي الذي تنبّهت الى أنه ما زال يعيش في ثنايا روحي. مرّت سنتان تقريباً لأجد نفسي بعدها متورّطة بحلمي الذي جعلني أترك عملي وأعود الى مقاعد الدراسة، وذلك بتشجيع كبير من زوجي الذي كان خطيبي حينها. وتلك كانت، عدت ولم أفارقه ولم يفارقني مذّاك الوقت. جئت الى الإمارات بعدها للاستقرار، وانتسبت الى جمعية الإمارات للفنون التشكيلية وبدأت رحلتي مع الفن، ومنذ البدء تعاملت بمسؤولية كبيرة تجاه كل ما أنجزت. وها أنذا أحاول العودة بعد انقطاع دام بعض الوقت بسبب ولادة طفلتي حلا منذ سنتين. جماعة «الجمان» > أنت عضو جماعة «الجمان» الفنّيّة منذ العام ٢٠٠٦. ما هي هذه الجماعة، وما هو جوهر اللقاء بين أعضائها، وما الذي تمكّنت من تحقيقه منذ أن تأسّست قبل أربع سنوات؟
< في الواقع بإمكانك اعتبار «الجمان» جماعة مع وقف التنفيذ إن صحّ التعبير. لقد ارتأينا توافقياً، بسبب انشغال أعضائها وغياب بعضهم، على تجميد نشاطها الى حين. لقد أفسحت «الجمان» فيما مضى لكل أعضائها عدداً لا بأس به من المشاركات التي بدورها تضيف شيئاً لمسيرة المبدع وتطلّعاته وطموحاته. بدايتنا كانت في معرض كبير في مؤسّسة العويس الثقافية في دبي في العام ٢٠٠٦، بعدها عرضنا في دار الأوبرا المصرية في القاهرة. كما كانت لنا مشاركات عامة في فرنسا. كان من المفترض أن نكمل المسيرة بمعارض أخرى، إلا أن الأمور لم تجر على ما يرام. > مَن هم التشكيليون العرب الذين تثير أعمالهم اهتمامك بشكل كبير؟
< في وطننا العربي، هناك الكثير من المبدعين الذين يستحقّون التقدير والاحترام. لقد تأثرت، بطريقة أو بأخرى، بكل ما شاهدته لهؤلاء من أعمال وتجارب. ذاكرتنا البصرية تعتمد في البدء على ما تراه وما تعيشه ومن ثم ما تشعر به تجاه ما سبق. بالنسبة لي، ولن أدخل هنا في لعبة الأسماء حتى لا أنسى أحداً، تؤثّر بي كل ضربة فرشاة أُنجزت بعناية العارف المسؤول عن مدى أهميّة هذا الفن. أحترم كل عطاء سبق أو عاصر تجربتي. أتابع العديدين من الفنّانين العرب منذ الطفولة وحتى يومي هذا. وقد سمح لي وجودي في الإمارات أن أتعرّف إلى العديدين من الفنّانين الذين حلمت بلقائهم عن قرب. التوأمان > كيف تصفين العلاقة بين التشكيل والشعر.. هل هما الكائن نفسه في لغتين، أم أنهما كائنان مختلفان؟
< علاقة الشعر بالتشكيل علاقة قويّة جدّاً. منذ البدء كانت الصورة، والصورة كتبت على الجدار ورسمت في اللوحات الشعرية.. هي علاقة وجودية تعود لزمن بعيد وسحيق. بإمكان القصيدة أن تكون صورة ملوّنة أو قاتمة تماماً كما اللوحة المرسومة ولكنها رسم بالكلمات. كما اللوحة، فهي شعر مرسوم أو موسيقى ممزوجة بنفحات شعرية تطاول بعض المدارس والأساليب. الشعر والتشكيل توأمان لأمٍّ واحدة هي الموسيقى. > هل تعتقدين أن ثمّة فارقاً في النظرة الى الفنّان والفنّانة كذكر وأنثى؟ أم أن الفن يضيّع عناصر الاختلاف؟
< أعتقد بأن الفن الجيّد لا يعترف بجنس الفنّان، فالعمل الفنّي النّابع من القلب والعقل يتطلّب المهارات نفسها من الذكر والأنثى. هذا بشكل عام، ولكن إذا اقتربنا من الموضوع بشكل مفصّل قليلاً، فسنجد أن هناك نواحي معيّنة في مجالات الابداع كافة يختلف فيها التعاطي من حيث الشكل والمضمون، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالموضوعات المطروحة، على صعيد القصيدة ربما أو اللوحات الواقعية أو التعبيرية. وما عدا ذلك فإن الفنّان إنسان يمارس إنسانيّته وحرّيّته في إبداعه، وهذا ما يهمّ طالما تعامل معه بمسؤولية وصدق. الاحساس نسبي في الفنون، نختلف في كيفية التعاطي معه. ذكوراً أم إناثاً لا فارق... فالرّوح هي المسيّر الأوّل والأخير.

mardi 9 février 2010

عيسى حديبي: للأسف الشديد...( انا لله وانا اليه راجعون )

الفــــــــــــــاتحة

المرحوم الفنان التشكيلي الأستاذ علي خوجة


عيسى حديبي: للأسف الشديد




للأسف الشديد .. إن موت الفنان..توقّف للعبقرية والنبل والجمال..الحياة لا تخدع الأغبياء..كم من الشموع أضاءت أجواء المدينة المختنقة بدخان المحرّكات .. ورسمت من الجمال الصامت ..العابث ..الواقعي..الرومانسي..السريالي..لوحات للحياة .. تعبّر بصدق العواطف.. عن سرّ بات لغة للأحرار وأهل الفن لا يشاطرهم فيه سوى المؤمنين العارفين المالكين للوعي الكوني ..للأسف الشديد..الحياة لا تخدع الأغبياء.. الفاضل محمد بوكرش الفنان المفكّر والمبدع المتمرّد .. اليوم نقف معك معزّين أنفسنا جميعا بموت أخ في الروح المبدعة الشاعرة بمآسي الآخرين والمعبّرة عن هموم يسبح فيها من يدري ولا يدري ..نوما هادءا أبانا علي خوجة..إنّا لله وإنّا إليه راجعونعيسى حديبي محبتي للفن وأهل الفن الباحثين عن الحريّة والسلام

lundi 8 février 2010

الفنانة جهيدة هوادف والفنان عمر ادريس دقمان يعرضان بالمركز الثقافي الفرنسي


الفنانة جهيدة هوادف والفنان عمر ادريس دقمان يعرضان بالمركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة من يوم 15 فيفري الى 4 مارس والافتتاح الرسمي يكون بحضور الفنانين على الساعة الخامسة مساء

والدعوة عامة



أستاذي الفنان التشكيلي علي خوجة في ذمة الله / بوكرش محمد

المرحوم الفنان التشكيلي أستاذي علي خوجة
من أعمال الفنان المرحوم أستاذي علي خوجة












انا لله وانا اليه راجعون، الله يرحم أستاذي الفنان علي خوجة ويسكنه فسيح جنانه ويلهم ذاويه الصبر والسلوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المرحوم الفنان علي خوجة :انزعوا أحذيتكم وارسموها

ــــــــــــــــــــــــــــــ
المرحوم الأستاذ علي خوجة متفرد بين كل الأساتذة الفنانين الذين تشرفت بان أكون أحد تلاميذهم طلبا للعلم والمعرفة التشكيلية من 1974 إلى 1979 بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة حديقة زرياب سنة تخرجي ونيل الجائزة الكبرى في النحت وهم: الفنانة ليلى فرحات، شكري مسلي، دوني مارتيناز، والخطاط الدكتور محمد شريفي وعلي خوجة، تحت إشراف المدير الفنان التشكيلي البشير يلس.

يتميز المرحوم أستاذي علي خوجة عن كل الأساتذة بوسع درايته الفلسفية والمعرفية... من أبسط الأشياء يصنع مناقشة وموضوعا يتفتق به الخيال ويكون مشهيا للخوض في الحديث والتساؤل...

من الأشياء الجميلة التي أتذكرها مع أستاذي المرحوم الفنان علي خوجة، أنه يكتسب عدة طرق في التدريس ومن جملتها أنه يرفض جميع النتائح والمستويات التي يقدمها الطالب وذلك للدفع به دائما للمحاولة مرات ومرات لانجاز موضوع واحد.

طلب منا ذات يوم رسم قطعة نقدية بالقلم الجاف... حاولت رسمها ( قطعة العشرين سانتيما يوم كانت لها ولنا قيمة...) مرات وفي كل مرة يرفض النتائج المتوصل اليها...
وعليه طلبت منه أن يرسم لي نموذجا أتخذه مثالا... طلبا للنجاح والحصول على رضاه ونقطة محترمة...
فقام بالعملية بكل تواضع قائلا : هكذا يا بوكرش ينبغي أن يكون العمل أي الرسم، نموذجا ذهب فيه بالقلم ذهابا وإيابا باتساع قطر بياني توضيحي معلوم يتناسب وكبر الورقة الشيء الذي شد انتباه زملائي برؤوسهم التي تهافتت للتمتع ومراقبة كيفيات لعب الأستاذ بالقلم وهي أول مرة اتيحت لنا لمشاهدة استاذ يروض قلما وخطوطا بيانية...

احتفظت له بذلك الرسم أي رسمه للقطعة النقدية وعرضتها له أسبوعا بعد ذلك، بفكرة أنها أحد محاولاتي...فكان رد فعله رفضها طبعا ، ولما أشعرته بأنه النموذج الذي قام برسمه هو بنفسه، ضحك وقال: انزعوا أحذيتكم وارسموها، هذا موضوعنا الجديد...


بوكرش محمد
8/2/2010
.

dimanche 7 février 2010

mercredi 3 février 2010

عاصم الباشا ، لماذا تعبث بالجرح؟ / التشكيلية الفنانة ماجدة نصر الدين

التشكيلية الفنانة ماجدة نصر الدين






عاصم الباشا ، لماذا تعبث بالجرح؟

العزيز عاصمكلماتك أغلى الكلمات وكأنك بها ترضي خاطري الذي أساؤوا اليه بتعنتهم وعزوفهم عني . لم أُدعَ أنا الى أي من ملتقيات النحت والرسم في المنطقة علماً أنهم يعلمون أنني قريبة جداً.. ولن أكلفهم سوى اتصال يعترفون من خلاله بوجودي ؛لا فرق ،لا يهمني اعترافهم طالما هم لا يعرفون أنفسهم!في المقابل دعيت الى ملتقيات كثيرة ولكنها بعيدة، بعيدة جدا!!جائزتي من الملتقيات التي أنجزت في هذه المنطقة ،أنني التقيت بك وببعض الفنانين الذين أعتزّ بصداقتهم ليومنا هذا..صديقي،لقد قرأت ما كتبت عن النحت وشعرت بالغصّة والدمعة تنحبس في مقلتي..انه ليس حال النحت وحده في بلادنا العربية ..انه حال الفن عموما أينما وجد الانسان الفارغ الذي لا يفكر سوى بمصالحه المادية على حساب الفن الجيد..لقد ساءني بالفعل ما قرأت، نحن شعوب نخاف من الحقيقة لأنها تؤذي مشاعرنا،وأنت حقيقي لذا يستبعدونك عن زيفهم!غالبا ما يستبعد الجيّد حتى لا ينكشف السيّء الذي يسوّقونه مرارا وتكرارا..ليس بجديد أن تتحكم العلاقات التي تمتلئ خيشاً ونفاقا في مثل هذه القصص،أنا أعلم بوجعك عاصم وهو وجع محقّ لأنك للآن وبعد أن أفنيت عمرك باحثاً مجدّاً،يأتي طالب فنون في سنته الأولى ليدّعي أنه يعرف أكثر منك!رغم إنجازاتك ومعاناتك، يأتي بعض المدججين بالعلاقات الاجتماعية "الرفيعة" لينسفوا هذا التعب،وهم بالكاد يلامسون فكّ رموز الخط واللون ولا يفرقون بين الكتلة والفراغ..انها لمهزلة أن يكون الحال على ما هو عليه.هنا لا بد من ذكر دور المؤسسات والغاليريهات التي ترعى مثل هذه الظواهر والملتقيات،بعض المؤسسات تراعي همّها الاعلامي الربحي في معظم الحالات ..وليس للهمّ الثقافيّ أي حيّز في معتقدهم على الأغلب!بات من النادر جدا أن نرى مؤسسات تعمل للفن وحده دون أن تعيد نجاح مشروعها للأرقام النهائية التي ستجنيها..إنه زمن الأرقام عاصم ..للأسفنحن في زمنٍ موجع حيث صار من الصعب ان تجد فيه من يقدّر الفنان الا بما يبيع ويجني!يتناسون الانسانية التي هي أساس العطاء والابداع...يا عاصم ماذا سنقول إن كان بعض إعلامنا يوكل مهمة تغطية الأحداث الفنية لبعض الصحفيين الذين لا يفرقون بين المدارس الفنية ومتطلباتها .. يقفون أمام المنجز الابداعي عاجزين عن التواصل معه فنحتار ماذا نقول فلا نقول!!هناك البعض الّذي لا يستطيع التواصل مع الضوء والظل فكيف يتواصل مع وجعنا ..يقولون مثلا:يجب أن تضع اسما على اللوحة، كيف سيفهمها الناسلماذا لا تكتب تفسيرا تحت كل عملليس كل البشر تفهم بهذا التشكيلاو يقول أحدهم مثلا رسمك تشكيلي (بدل تجريدي ) وأنا لا أفهم بالتشكيليوالى ما هنالك من عبارات موجعة تُشعر المرء الذي يسعى أن يتواصل مع المتلقي الأول -وهو الاعلامي الناقد هنا-من خلال ابداعه بإحباط ما بعده احباط..وهنا أتساءل لماذا لا يُسأل الموسيقي عن موسيقاه؟؟الابداع صديقي يحتاج للاعلام الصادق ليصل ،لذا نتمسك ببعض الفاهمين النبلاء العارفين بهذا الفن،ونتوسّم الحوار معهم لنوصل أصواتنا بصدق وشفافية للمهتمين..هم موجودون لا شك ولكنهم قلّة قليلة...هذا عاصم ما يفسر تردّي حالنا كبشر، لأن الفنون بشكل عام تعكس ماهية الحياة التي نعيشها.لا أستطيع أن أقول لك لا تجزع لأنني أعلم أنك مفجوع كالّذي يكتشف انه يفقد حضارة وتاريخا عاشه وصاغه في رأسه ولكنه اكتشف انه لم يكن سوى سرابا!لا استطيع أن ألملم جرحك عاصم، هو جرحي أنا أيضا مع انني أعلم أنني ما زلت في البداية..كلما خطوت للأمام شعرت أن هناك ما يشدّني للوراء لأبدأ من جديد!مع كل لوحة أشعر أنني بدأت للتو..إن كل خطّ يخطّه الفنان يضعه أمام مسؤوليات جديدة وتجربة جديدة..هذا ما يجعل من حياة المبدعين أو من حباهم الله بهمّ انساني ابداعي، حياة مليئة بالقلق؛القلق الدائم والتحفّز لأي شاردة وواردة...علّهم يلتقطون طرف ضوء في هذا الظلام الواسع الرقعة!يقولون لا تتواضعي فيحسبون أنك غير واثقة مما تفعلين..التواضع هنا بالقول أنها البداية في كل مرة.فليكن.. إنها بالفعل مسؤولية تكبر وتكبر ككرة الثلج كلما مرّ الزمن والعمر..العمر الذي يسرقه منك الابداع ، فأحيانا تتمنى لو أنك انسان عادي يذهب الى عمله نهارا ليعود في الليل وينام قرير العين، مرتاح البال.تتراكم الخبرات فتزداد ثقةً وتتماهى همّاً ولوعة..عاصم صديقي،لطالما تمنيت أن أكون أمّا لبناتي الثلاث فقط لا غير، أستمتع بهن يكبرن تحت ناظري، أعيش معهن أجمل اللحظات.لقد منحني الله كل المواصفات التي تجعلني انسانة سعيدة وراضية،الا ان طموحي الابداعي الذي يرافقني منذ الصغر يجعلني أتألم لابتعادي عن الرسم لفترة أو فترات..وهذا ينعكس بشكل أو آخر على عالمي ومحيطي..كأن أستغرق مثلا في غربتي واغترابي، لا أفرح الا نادرا وكأنني أعاقب نفسي لأنني لم اقرب المرسم والألوان بسبب هذا الظرف أو ذاك..بعض السعادة عند الانسان المجبول بمسؤوليته الابداعية أن يجد نفسه في أحضان لوحته تحتضنه كالوطن،يعطيها من روحه فتعطيه من خفتهّا فيطير عن الأرض ليشعر بعدها بإنسانيته ووجوده.. فتتحقق المعادلة في بعض الرضا الذي ينثره فرحا وحبورا على من يعيش معهم ويعانون معه!إنه الوطن الذي نحاول بناءه حجر بحجر ونَفَس بنَفَس..انه حال الباحث عن الذات التي لا نستطيع تعريفها بأي من الكلمات او العبارات،نقضي أعمارنا ونحن نبحث عما هو غير ملموس وغير مرئي، فكيف نهدأ؟عداك عن ذاك الذي يسألني مثلا:أين انتِ غائبة؟ فأقول، رُزقت بطفلة وأنا أحاول أن أعطيها حقّها من الوقت وأستمتع بأمومتي معها لآخر قطرة، لذا أنا بعيدة بعض الشيء. فيقول ، انها ليست حجة.. على أية حال ما دام الوضع كذلك لِمَ لا تنجبين بعد فنرتاح .. وأستغرب فيضحك ويقول ،،أنا أمزح!يقول هذا مازحا ولكني أسْتشفّ بعضاً من ارتياحه وكأنني أغمس لقمتي في صحنه!!.............................................................عزيزي عاصمأطلت عليك ولربما شطحت عن الموضوعالمعذرة ولكني أعاني كثيرا.. وجاءت خاطرتك عن النحت لتوقظ وجعيفكانت هذه السطورأرجو أن تكون بألف خيرمحبتي دائما..إضاءات*عاصم الباشا للذين لا يعرفونه من النحاتين السوريين المخضرمين الذين اختاروا منفاهم الاجباري بعيدا عن الوطن،مقيم في اسبانيا منذ عقود، يحاول في النحت(كما يحب أن يقول) يمارس انسانيته ووحدته بامتياز..*أرسل لي عاصم نصّا يتحدث فيه عن وجعه وهو يرى النحت وقد انحدر مستواه في بعض الملتقيات التي رافقها عن كثب، فكانت هذه الرسالة التي وجهتها إليه..*يرافق النص بعض الأعمال للفنان عاصم الباشا.*للأمانة فقط وهو أمر لا يعنيه كثيرا ، لقد فاز بالجائزة الأولى للنحت في سمبوزيوم إعمار الأول - دبي عام 2004