www.rasoulallah.net

www.rasoulallah.net
موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم

Haloudi Issam

Haloudi Issam
حمودي عصام

Ghada Abdel Moneim

Ghada Abdel Moneim
غادة عبد المنعم

الفنان محمد طوسون

الفنان محمد طوسون
المتفرد.. محمد طوسون والله أكبر

Saadi Al Kaabi

Saadi Al Kaabi
العبقرية سعدي الكعبي

BOUKERCH ARTS et LETTRES

BOUKERCH ARTS et LETTRES
بوكرش فنون وآداب

ISLAMSTORY

ISLAMSTORY
أنقر على الصورة وتابع الحضارة الاسلامية

مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


فاتحة المحراب (بوكرش محمد) بتوقيع الفنان القدير ابراهيم أبو طوق لموقع فنون1954 بوكرش محمد


شكري وشكركم بالنيابة للفنان الرائع العبقري المتواضع الخطاط ابراهيم أبو طوق الجزائر


الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

الفنان القدير ابراهيم أبو طوق
الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

مرحبا أهلا وسهلا بكم أصدقاء محراب بوكرش محمد فنون 1954



يسعدني أن تجدوا فضاء يخصكم ويخص أعمالكم ، البيت بيتكم وكل ما فيه بفضل الله وفضلكم...منكم واليكم، بيتكم لا يتسع ويضاء الا بكم... مرحبا
بوكرش محمد الجزائر

jeudi 6 novembre 2008

العراق ... مهبط الإلهام الأول / أ.د. زهير صاحب


العراق ... مهبط الإلهام الأول


أ.د. زهير صاحب
05/11/2008

1- الإبداعات الأولى
إذا عرفنا الإبداع ، بأنه ذلك الإنجاز المعرفي القائم على التجريب ، وغير المسبوق بخبرة مماثلة ، والذي يمتلك صفة الجدة والأصالة . يمكن القول إن أرض العراق الطيبة المعطاء والتي شملتها الاكتشافات العلمية كلها دون استثناء ، كانت مهبط الإلهام الأول في التاريخ . فكان للفكر الإنساني على أرض الرافدين دور الريادة في سلم تطور الحضارة الإنسانية ، تلك الفاعلية الإبداعية الأصيلة ، التي وضع بها الفكر العراقي ، العقد الأساسية في مسيرة تطور الحضارة الإنسانية . فمن هذه الأرض ، زحف لهيب المعرفة لينير بنوره الوهاج العالم المحيط . وهنا تكمن الفضيلة الآمرة الكبرى ، بأن يقدم إنسان هذه الأرض الخيرة للبشرية ، مكونات الفكر الإنساني الأصيلة الأولى .
فعلى أرض العراق ، ولدت ثورة الاقتصاد الإنتاجي الأولى في التاريخ ، باختراع الزراعة ، واكتشاف تجربة تدجين الحيوان ، والذي قاد لأعظم ثورة اقتصادية في التاريخ ، إذ تعادل بأهميتها الثورة الصناعية التي شهدها العالم الأوربي لاحقاً . فقد حدثت ثورة الإنتاج هذه متحولاً خطيراً في بنائية الفكر الإنساني ، حين تفوق الفكر على عفوية الطبيعة ، مؤسساً نظماً اقتصادية ، تعتمد التخطيط والتحسب للمستقبل ، وبدء الفكر في حينهِ يبدع تفلسفاً فكرياً في بنية الوجود ، مؤسساً أنظمة المعتقدات الدينية ، وممارسة الشعائر الطقوسية ، واضعاً أسس التفكير المايثولوجي الإبداعية الأولى في التاريخ .
ومع ثورة الإنتاج ، كان الاستقرار ، ومع الاستقرار أسست القرى الزراعية الأولى ، فكان مولد فكرة التخطيط الحضري والإقليمي لأول مرة في التاريخ . ومع زيادة عدد السكان كانت فكرة المشاريع الإنتاجية الجمعية الموحدة ، فكان مولد فكرة الزعامة لتوحيد الجهود البشرية . إنه التأسيس الأول في الخبرة البشرية للنظم الاجتماعية في تاريخ الحضارة .
وتفتخر الإنسانية في تاريخ الحضارة الطويل ، باختراع الكتابة على أرض الرافدين ، في عاصمة البطل (كلكامش) وذلك في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد . وبهذا الاختراع المعرفي العظيم ، خطت المعرفة أهم خطواتها نحو التاريخ ، لحفظ جهود البشرية الإبداعية من الضياع . لقد علَّم إنسان العراق ، البشرية الحَرف لأول مرة ، محققاً تحولاً مهماً في أنساق الكتابة ، من مرحلتها الصورية الرمزية ومن ثم نحو مرحلتها الصوتية المقطعية . وذلك أعظم نصر فكري في تاريخ المعرفة .
وأبدع الفكر العراقي ، أول نظام للتعليم حين أوجد فكر المدرسة ، بقيمها التربوية الأصيلة . حيث جلس أول تلميذ لتلقي المعرفة ، ووقف أقدم مُعلم يعلم العلوم . لقد كان المعلم في سومر يسمى بالأخ الكبير ، وفي ذلك تأسيسٌ أول للتعليم التربوي في فلسفة المعرفة في تاريخ الحضارة الإنسانية .
وفي ربوع العراق ابتدعت أقدم النظم الديمقراطية في التاريخ ، حيث فكرة تأسيس مجلس شيوخ المدينة وشبابها ، حيث يُمثل الفرد وينتخب ويصوت كذات مدركة وواعية لخصوصيتها وكرامتها وأرادتها . إنها فكرة تكافئ الفرص ، ومولد الحرية ، مثل ديمقراطية (بركلس) الإغريقية بأكثر من ثلاثة آلاف سنة .
وتدين الإنسانية بالعرفان بالجميل لإنسان العراق ، الذي أبتدع أول مرة بنائية القوانين الإنسانية . إنها فكرة توحيد النظم العاملة في بنائية الحضارة بهيئة أنساق ، تبغي إنسانية القانون بالدرجة الأساس . فمنذ عهد الحاكم السومري (أوروكاجتيا) الذي كثف خطابه الإنساني في القانون بعبارة (جئت لأخلص الضعيف من القوى ولن أدع أحد ينام وهو جائع) وحتى (لبث عشتار) وحمورابي العظيم في العصر البابلي . كان منهج القوانين هو النزعة الإنسانية ، والتي أفاضت على العالم روح القانون الإنساني في اتجاهات مختلفة .
وفي عوالم الأدب وبنائيتهِ الإبداعية ، كان إبداع الملاحم والأساطير على أرض الرافدين، والتي تدلّلعلى تداول الخطاب المايثولوجي ، لأول مرة في تاريخ التأمل والخيال في الأدب العالمي . ذلك إن ملحمة كلكامش بما تضمه من رؤية متفلسفة بأنظمة الوجود ، وإشكالات الفكر الإنساني في جدل الصراع بين الوجود والعدم . تشكل ركيزة أساسية في بنية الأدب العالمي ، بصدد تركيبتها الشعرية ، وجمالياتها اللغوية ، والتأويلات الرمزية الواردة فيها . هذه الشاعرية الإبداعية تجد ذاتها أيضاً ، في (الطوفان) و (تموز ومأساة عشتار) وغيرها من الإبداعات الفكرية على أرض العراق ، التي شهدت الإبداع أول مرة في التاريخ مثل أوديسا هوميروس بأكثر من ثلاثة آلاف عام .
وحين أنذر الطوفان بحدوثهِ ، كان اهتمام الفكر الرافديني ، بجمع ألواح المعرفة خوفاً عليها من الضياع ، إنها التنبأ الأول بصون الروحانيات على حساب الماديات هذه النزعة المتجهة للِحفاظ على المعرفة ، هي التي قادت إلى إنشاء المكتبات أول مرة على هذه الأرض الطيبة . ذلك إن مكتبة الملك اللآشوري (آشوربانيبال) تشير إلى استنساخ ألواح المعرفة القديمة ، وتأسيس نظم الفهارس المكتبية . تُرى ما أعظم أذن ، الانتصار الفكري الذي حققتهُ حضارة العراق في مسيرة تاريخها الطويل المليء بالإبداعات .


وفي حركة الفكر في مجال العلوم ، وضع العراقيون قوانين مهمة ، وحققوا تقدماً مهماً في مجال علوم الكيمياء والطب والفلك ، وجاء الانتصار العظيم ، باكتشاف المرحوم الأستاذ (طه باقر) لأحد الألواح الطينية من العصر البابلي القديم ، وهو يحمل وضع الأسس الأولى لنظرية (أرخميدس) الذائعت الصيت .
سلامٌ عليك ياعراق ألف مرة ، لأنك كنت الأول ، وكنت السباق ، وكنت المكتشف وكنت الأصيل وكنت الرائد الأول ، على مَرّ التاريخ .


2- الإبداعات التشكيلية (بانوراما الوركاء الخالدة)

لو أقيم معرضٌ يضم روائع الفنون العالمية ، يستحق إناء الوركاء النذري بكل جدارة ، أن يُعرض فيهِ ، ليعبر عن الكشف الفلسفي المعرفي الكبير للعقيدة الرافدينية ، في تمثيل نظم الماهيات الكونية أولاً ، ليدلل على الخبرة الإبداعية التراكمية في أساليب التشكيل الإبداعية في الفنون التشكيلية ، وليكشف وفقاً لمنهج نقدي تحليلي تركيبي ، عن القدرة الذهنية الإبداعية للفنان التشكيلي على أرض العراق ، في إحالة بنائية النص الأدبية المجردة ، إلى قنوات موضوعية ، تُمثل بموجبها اللامرئيات ، إلى مدركات مهوسة ، ويجد فيها الغيبي حضوره الثقلاني ، وفقاً لعقلية تحليل وتركيب نظم العلاقات في آليات التمثيل في الفنون التشكيلية .
وحين يسترجع الفكر المعاصر في مطلع الألفية الثالثة ، هذه الإبداعات التشكيلية العراقية، فأنه يجد فيها تأويلاً شكلانياً صرفاً ، بصدد تلك التجريدات الإبداعية التي تميز نظم الأشكال ، حين يؤول الخطاب بلغة الأشكال ، إلى نوع من التكثيف في الفكر ، بغية إحالتها إلى دلالات رمزية ، متجاوزاً آيقونية الرمز ، نحو تنوع وتعدد الدلالة ، عوضاً عن دلالتها التشبيهية . لكن قيمة مثل هذه الإبداعات التشكيلية في زمانها ومكانها ، لم تكن تظاهراً شكلانياً ، لقد كانت بمثابة الحاجة الورحية ، فهي مبدعات قدسية ، تلخص خصوصية الفكر بأجمعهِ فكانت بمثابة الكتاب المقدس ، الذي يُمنهج حركة الفكر في بنائية المعتقد بكل تفرعاته كانت على أرض العراق ، والأهم من ذلك ، هو قدرة الفكر إلى إحالتها إلى ممارسة طقوسية دورية ، نقلت الخبرة عبر الأجيال المتتابعة مما حقق توصلاً حيوياً في أصالة الحضارة العراقية . فاستحالة إلى بنية أسطورية ، في قيمة الخطاب الذي تبثهُ ، وفي نظم السياقات التي تؤلف الخطاب ، وفي آليات السرر التي تشكل المحتوى الدلالي لهذا الخطاب . وبنوع من الأداء الدرامي الذي يعقد نوعاً من الحبكة في بنائية الحدث ، نحو سماء المثالية المتعالية والتي تجد بها سعادتها الأبدية .
وإناء الوركاء النذري ، تكوبن تشكيلي من حجر الإلبستر الشمعي ، الأبيض اللون شفاف معّرق بشعيرات دقيقة زرقاء ووردية اللون ، رقيق ناعم الملمس . بحيث الفكر بقصدية تعتمد الوعي والخبرة ، بشكل دقيق عن قتشية هذه الخامة ، كي يجسد بوساطتها نبل وجلال الفكرة . ولكن قبل عرض الموضوع ، كان على التقنية أن تفكر ، في آليات تفريغ كتلة الرخام ، وتحت خطوطها الخارجية يمثل هذه الشاعرية والانسيابية المتوازنة ، حتى أن الخطاب المُستلم حين الإنجاز ، يكاد أن يكون خطاباً تقنياً .
شيد فنان سومر المبدع ، خطابه التشكيلي تشيداً معمارياً ، كاشفاً اللانهائية المتحركة بنظام لولبي متصاعد على سطح التكوين ، ليعقد الصلة ويقارب نظم العلاقات الفكرية السماوية والأرضية ، وبنوع من تحري فكرة الألوهية المتعالية في مقامها الأزلي ، وبنفس الأنساق الشكلية المتصاعدة التي يبثها الهرم المصري والزقورة العراقية وصولاً إلى صوفية البلاغ في (طائر في الفضاء) لبرنكوزي في النحت الحديث .
وقبل ولادة رائد الفلسفة المثالية (أفلاطون) بأكثر من ألفي وخمسمائة عام ، توصلت المعرفة الفكرية الرافدينية ، من أن تؤسس نظاماً لفلسفة الوجود ، بهيئة قوى مثالية أزلية عليا، وصور زائلة أرضية . فعلى الحقل الأول من الأسفل ، مثل الفنان وبواقعية كبيرة ، نسقاً من سنابل القمح المتتالية وقد نمت بتشكيل أنساق على ضفاف أحد الأنهار ، كان لابد من البدء بالماء كفكرة ، باعتباره قيمة عليا ، ولدت منه فلسفة الخليقة . وفي الحقل التالي ودائماً إلى الأعلى ، فأنه ينبغي تناسل العلاقة بغية تأكيدها ، بالإضافة إلى قيمة التكرار كقيمة لنغمية تمتلك نوعاً من الموسيقية في بنائية التكوين .
وبعدها تتوقف بانوراما الحدث ، لتعلن عن إفريز أفقي خالٍ من الأشكال . ليؤدي دوراً جمالياً في الاستيعاب البصري لتكوين ، وليدلّل كذلك إن الفكر كان يعزل مرتبة النفس النامية (النبات) والنفس الحساسة (الحيوان) عن النفس الناطقة المتمثلة بالإنسان على حد تعبير (أرسطو) . والذي يظهر بشكل أنساق متتابعة إلى الأعلى ، ليقدم خيرات الأرض لرموز الآلهة التي احتلت القمة في بنائية التكوين كمظهر طقوسي تؤديه الروح ، ليشيع فيها نوعاً من الدنيامية العاطفية ، وهي سر من أسرار أزلية الحياة واستمرارها .
وفي الحقل العلوي ، تتجسد البيئة المكانية القدسية من التكوين ، حين استعار الفكر معطيات البيئة الطبيعية ، ليحيلها بقدرة إبداعية ، إلى مفردة رمزية متمثلة بشكل حزمة القصب المعقوفة النهاية ، لتبلغ كرمز عن كينونة الآلهة عشتار وتؤكدها دون تشخيص ، مما يكسب الرمز دلاليته التعبيرية التي تتجاوز التشبيه نحو اللامحدود واللاتشخيص . نوعاً من التصوير غير الضروري ، الذي يشكل واحداً من أهم سمات بنائية التشكيل على أرض الرافدين ، في تجربتهِ الإبداعية هذهِ .
وتتأكد الخبرة الجمالية في هذه الرائعة الخالدة ، بالتأسيس القبلي لماهية المضمون ، والآليات الإبداعية المرتبطة بقدرة الذهن ، في إحالة الخطاب من تجريديتهِ إلى قوالبهِ الحسية، بنوع من الجدل الذي يعقد نظاماً من الصلة ، بين جلال الخطاب ، وجمال الخامة التي بدت خيمائية بفعل تقمص الفكرة القدسية بالإضافة لهندسة المعنى بشكل أنساق تصويرية ، لتؤدي صفة السرر لبانوراما الحدث والذي يعقد نوعاً من العلاقة بين العنصر المهيمن في نظام الخلقة (الماء) وفكرة الإله في أعلى الهرم ، حيث تنتهي صلوات الإنسان . إنه نداء أرض الرافدين الأبدي ، الذي فاض خيراً وسلاماً وإبداعاً وأصالة على الإنسانية جمعاء


3- الإبداع التشكيلي في التمثيل السومرية

قدّم السومريون ، هؤلاء المبدعون الأوائل في التاريخ ، للبشرية كماً وكيفاً من المبدعات التشكيلية ، تحتفظ بها متاحف العلم بكل فخر . وتقع منطقة الإبداع ، في النشاط الذهني للفنان، في إحالة وتأويل الاعتقادي الفكري إلى بنائيات شكلية ، وفق آليات إبداعية ، يقودها الذهن واليد ، تعقد نظاماً من العلائقية الجمالية ، بين ما هو فكري وما هو مادي وصولاً لبناء وتأسيس شكلانية المدلولات .
أن العلائق البنائية في بنائية الشكل في التماثيل السومرية ، بين الحسي والحدسي ، والمعرفي والإبداعي . توجب التحول في منظومة التماثيل السومرية ، نحو سيرورة تكثيف الخطاب التشكيلي بكل سياقاته ، إلى نظم رمزية تتفق مع المفاهيم الضاغطة في تركيب الأشكال . والتي ربطت فيها ذهنية المبدع بين المادي والروحي ، لتكوين وحدة أسلوبية ، ترتفع فيها المدلولات فوق الظاهرات الطبيعية المنفردة . ذلك إن صلة التشبيه المادية المنظورة ، قد أمكن الاستعاضة عنها بصلة روحية هي صلة الرمز ، وهو ذلك الكيف ، الذي يتصف بالوعي والإرادة قبل كل شيء . فتحول التمثال من صورة مماثلة لفيزيقية الأشياء ، إلى بنية شكلية معبرة عنها ، فأن فأسست الأشكال ذاتها بدلاً من صناعة التاريخية لها .
وبفعل البنية الماثيولوجية للحدث ، أن بدت التماثيل وكأنها قادمة من كوكب أخر ، فهناك قصدية واعية مستندة إلى الخيال والإرادة والوجدان ، سعت إلى تحطيم المنظومة الأيقونية لأنظمة التماثيل الشكلية . بفعل التغلغل بما هو انفعالي ، بغية كشف مشكلات الذات الإنسانية . وهنا يمكن رصد نوع من النزعة العاطفية حَلّت محل المذهب العقلاني ، ترجع خطاب الذات المنفعلة على حساب الواقع ، وفي ذلك من الجدل بين الحسي والحدسي لتجاوز معايير الصور المرئية . فالفنان هنا يؤدي على هواه لأعلى هوى النموذج ، وصولاً للقيم الروحية في سعيها نحو اللامادية ، بفعل تسامي الذات نحو المنال المطلق الحدسي .
وبفعل انكماش التعبير على دائرة الحياة الداخلية التي تتجاهل العالم الخارجي ، أن بدعت هذه التماثيل الإبداعية المُبجّلة . تبثُ خطاباً روحياً وصوفياً يتصل بأعمق مناطق الروح. فالمكان وتمثيلهُ هنا مغيب ، ليس كما في الوجود المتعين ، فهو فاقد لهويته الجغرافية والزمانية . ذلك أن الشخصيات مفرغة تماماً من وجودها المادي كأيقونة مُعاشه ، ومرحّلة بفعل ضغوط البنية العميقة ، إلى منطقة تتوسط الشعور واللاشعور . نوعاً من الصوفية عصفت بالمتعبد السومري ، ليجتاز حالة البشري وصولاً إلى حضور مثالية الأبدية .
لقد كان يُشار إلى الأشكال برمزية مُقتضبة ، ومثل هذه الأشكال التي تبدو هندسية الطابع (شكل مثلث يقوم على شكل مخروط) . هي نوع من الكشف الأول لبناية الشكل قبل عصر (سيزان) بأكثر من أربعة آلاف عام . فالشكل هنا مجرد انعكاس للعالم المحيط ، بل هو نتاج روحي ، إنه إبداع أضافه للوجود . وفي ذلك تكمن القدرة على الرقي على جميع الصور الفردية ، وشتى أنواع التفاصيل والجزئيات . ومن هنا كان التحول في سمات الأشكال الفنية من الخصائص الجزئية إلى البناية الكلية ، ومن الفردية إلى التعميم المطلق . فالعنصر الحاسم هنا ، هو جوهر الشكل المُوحي بالموضوع المُمثَل ، والذي يتميز بما هو جوهري وثابت . وهو اكثر سمواً مما يمكن أن يوجد في طبيعيةِ الفردية .
واظافة إلى التجريدية ، تضع دون تخوف ، نظم الأشكال للتماثيل السومرية بمقتربات الحداثة . فقد تم تجميع الأحجار الملونة البراقة في جوفي العينين ، اللتين احتلتا نصف حجم الوجه تقريباً . ذلك نوع من التشفير بأهمية الشخصيات ، والتي بدت تعمل في دراما الحدث خارج حضورها الواقعي . فقد امتصت ذهنية الفنان المبدعة ، فكرة الموضوع امتصاصاً ، وأعادت إخراجها وفق نظام الشكل التعبيري ، والذي هو انعكاس لذات الفنان الحرة الكاشفة المؤولة . ذلك أن هيمنة حجم العينين وحركة اليدين على السمات الشكلية للتماثيل في تحري شكلانية المضمون . يكشف عن نوع من التشفير العلامي في ماهية الخطاب التشكيلي ، يمكن تكثيفهُ بنوعٍ من الخطاب التداولي ، بين شخصية الكاهن كدلاله رمزية ، وعوالم القوى الماورائية . والتي لا يمكن بلوغ جمالها اللاهوتي ، إلا بارتحال الفيزيائي وارتقائهِ منطقة المتيافيزيقيا . وهو ذلك المفهوم الذي يبغي تفريد العام ليبعد عن المفاهيم المثالية السامية . وهو مفهوم يخرج بالمادي إلى حيز مثالي رفيع ، بقوة معتقد وقوة نهوض اجتماعي .


أ.د. زهير صاحب

1 commentaire:

HIND JAMAL a dit…

اعتز اني كنت يوما طالبة عند الاستاذ الرائع زهير صاحب ..تعلمت الكثير منه ولازلت اتعلم منه..
شكرا على هذه الدراسة النقدية المهمه
دمتم بود استاذي الكريم