www.rasoulallah.net

www.rasoulallah.net
موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم

Haloudi Issam

Haloudi Issam
حمودي عصام

Ghada Abdel Moneim

Ghada Abdel Moneim
غادة عبد المنعم

الفنان محمد طوسون

الفنان محمد طوسون
المتفرد.. محمد طوسون والله أكبر

Saadi Al Kaabi

Saadi Al Kaabi
العبقرية سعدي الكعبي

BOUKERCH ARTS et LETTRES

BOUKERCH ARTS et LETTRES
بوكرش فنون وآداب

ISLAMSTORY

ISLAMSTORY
أنقر على الصورة وتابع الحضارة الاسلامية

مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


فاتحة المحراب (بوكرش محمد) بتوقيع الفنان القدير ابراهيم أبو طوق لموقع فنون1954 بوكرش محمد


شكري وشكركم بالنيابة للفنان الرائع العبقري المتواضع الخطاط ابراهيم أبو طوق الجزائر


الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

الفنان القدير ابراهيم أبو طوق
الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

مرحبا أهلا وسهلا بكم أصدقاء محراب بوكرش محمد فنون 1954



يسعدني أن تجدوا فضاء يخصكم ويخص أعمالكم ، البيت بيتكم وكل ما فيه بفضل الله وفضلكم...منكم واليكم، بيتكم لا يتسع ويضاء الا بكم... مرحبا
بوكرش محمد الجزائر

dimanche 30 novembre 2008

ذكريات الروح» معرض للفنان محمود صادق في مركز رؤى للفنون


ذكريات الروح» معرض للفنان محمود صادق في مركز رؤى للفنون


عمان
Thursday, 27 November 2008
افتتح في السادسة من مساء اليوم الاثنين 16 تشرين ثاني في جاليري مركز رؤى للفنون معرض "ذاكرة الروح" للفنان التشكيلي محمود صادق بحضور جمع من المقتنين والسفراء ومحبي الفنون والصحفيين والنقاد والفنانين.

ويضم المعرض 21 عملا من الحجم الكبير والمتوسط حيث تتراوح الاعمال بين 195x145 - 32x37 نفذت بالوان الزيت على القماش والمواد المختلفه على الورق.

والفنان د. محمود صادق حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الفن التشكيلي ، جامعة ولاية فلوريدا ، وبكالوريوس فنون تشكيلية من بغداد ، وماجستير في الفنون التشكيلية من جامعة ولاية جنوب كارولينا. وصادق حاصل على العديد من الجوائز ابرزها: جائزة الدولة التقديرية والتي تسلمها من المغفور له الحسين بن طلال عام 1992 ، وجائزة تقديرية ، ترينالي مصر الدولي لفن الجرافيك 1993 ، وتم تنسيبه من جامعة اليرموك لنيل جائزة الفكر العربي 2001 ، وحصل على تكريم من جامعات اليرموك وفيلادلفيا والمنصورة في مصر وقطر.وللفنان محمود صادق العديد من المعارض الشخصية ، حيث اقام منذ العام 1969"36" معرضا فنيا ، في بغداد ، لانكستر ، فلوريدا ، بولندا ، باريس ، بلجيكا ، نيوزلاند ، لبنان ، والاردن ، وله 126 مشاركة في المعارض الجماعية في الاردن والعالم ، وله العديد من الابحاث المنشورة حول الفن التشكيلي والفن الاسلامي والتذوق الفني ومناهج التعليم الفني ، واعماله مقتناة من قبل المؤسسات والاشخاص في مختلف انحاء العالم.

يقول الفنان صادق عن تجربته بعد أكثر من ثلاثين عاماً، أجد نفسي أحد الفنانين العرب الذين يصعب عليهم التنكر لجذورهم وهذه الصعوبة إن جاز لي فإنني اعتبرها بمثابة الأصالة التي ما انفك أهل الفكر والإبداع ينادون به، إنني أشعر في أعماق نفسي أن لي جذوراً تمتد بعيداً جداً نحو أعماق التاريخ، وهذا ما دونته في كتاب الفن التشكيلي الأردني، حين وجهت الدعوة للفنان العربي عامة وللفنان الأردني خاصة للعودة إلى الجذور التي تمتد إلى أبعد من (9) آلاف عام ق.م ،أن يعودوا ليصلوا ما انقطع من الخط الحضاري المشّرب أصلاً بالحداثة حين يكون وقتها.

ويقول انني على يقين بأن حضارتنا المتسمة بالهوية العربية وبالروح الشرقية لم تكن في يوم من الأيام في مأزق يحول دون ابداع الفنان، بل كانت النبض الأزلي لهذا المبدع، لما فيها من موروث غني بعناصره الروحية والمادية، كما أن هذه الحضارة لم تكن أيضاً يوماً بعيدة عن مواكبة الحداثة.

ويؤكد لقد كان وما يزال شغلي الشاغل هو كيف أحقق المعادلة التي تضم بشقيها، تقاليد وفكرا وحضارة وروحانيات الشرق العربي من جهة مع طبيعة الحضارات التي تدق على أبوابنا دون توقف، محاولة الدخول على فضاءاتنا الفكرية لتلونها بألوانها المادية رافضة كل موروث تقليدي أو معتقدا فكريا أو أي عمق تاريخي لتجعلها ذات بعدين دون البعد الثالث

واشار الى أن هذا المعرض يعبر عن سعادتي أن أرى ومن معي من الفنانين وقد ولجنا القرن الحادي والعشرين ونحن نقبض على ثوابت فرضناها على أنفسنا كمن يقبض على الجمر، وأبرز هذه الثوابت، أن من أراد العالمية عليه أن يبدأها من مكانه ومن تراثه ومن حضارته، وأن يطرق باب العالمية بيده الشرقية والعربية المعطرة بأريج وعبق التاريخ العربي.

ويقول الناقد موليم العروسي عن تجربة الفنان صادق إنها ذاكرة طفولية غنية.. ومرة أخرى يكون التداخل هو المبدأ : تداخل الإنساني والكائنات الاخرى ، في الخوف كما في الطمأنينة، تداخل الرؤية المحتشمة والموحية لجسد المرأة، تداخل الانتماء للمرأة، هل هي الأم أم الحبيبة، وتداخل العوالم، الأرضية والسماوية. مبدأ التداخل هذا هو الذي يعطي لعمل محمود صادق، الفنان والمثقف، بعداً يحتاج الى وقت غير قليل للغوص في أعماقه.

ويصف د. خالد الحمزة تجربة الفنان نرى في الأعمال صوراً متشبثة بالمكان الذي يوشك على الانقراض بفعل السياسة الضيقة الأفق والتمدن المتطرف والأنانية الجاهلة بزخمه، ويحاول الفنان أن يسعف الحاضر المرتبك بفعل التذكر القابض على أحلام غنية بإصرار العارف بمكمن الكنوز.

ويقول: إن الفنان يعيد ترميم المكان الذي أوشك على الاندثار ويسترجع أحوال أناسه الملتبسين به. إنها قصص متوالدة تعود مرات كثيرة بإلحاح ولكنها لا تغير أبطالها، وهم بدورهم لا يغيرون جلودهم ولا سماتهم ولا قسمات وجوههم ولا مسرح الأحداث التي تستحضرهم، لكن المتغير هو النص الذي يتلون بهيئته ومضمونه وسياقه.

ويختتم ان صادق يقتبس مكانا، كان بسيطاً ووادعاً وأناساً كانوا يملأونه بالرؤى التي لا تنتهي ويلعب معهم لعبة الظهور والتخفي بتلذذ من دون أن يتيح للوعي أن يفسد عليهم أحلامهم الثرية. طقوس مرئية لكنها تتحدث بطلاقة لا تنفذ ولا تفصل بين الحياة وتراكم الفن الذي تماس معها لتشكل في النهاية شبكة ايماءات تنم عن تقدير لا واع لأعمال رفقاء الفن الذين ركبهم هاجس المكان والإنسان في بيئتنا العربية كجواد سليم وحامد ندا، أو في بيئتنا الإنسانية كمارك شاجال وجوجان وغيرهما.

samedi 29 novembre 2008

الفنان قناوى فاروق القناوى / حوار / أمل العجل


الفنان قناوى فاروق القناوى

ورحلة عطاء تشكيلية فى صعيد مصر

*********************
حوار / أمل العجل
***************
الفنان التشكيلى المصرى قناوى فاروق القناوى ..هو احد ابناء الجنوب الذين حباهم المولى سبحانه وتعالى موهبة الابداع .. الرسم ..الذى من خلاله قدم ويقدم لوحات متميزة تظهر الكثير من طبيعة وشخوص هذا المكان ومفرداته المتميزة.. التى تظهر مالهذا الجنوب من تفرد ومغايرة عن غيره من أقاليم مصر..

قناوي فاروق القناوى

مواليد 16 أكتوبر 1977 - نجع حمادي - قنا

بكالوريوس الهندسه المدنيه جامعة اسيوط 2006 ممثل جامعة اسيوط في الفنون التشكيليه من 1999 إلي 2006 ممثل للجامعات المصريه من 2002 - 2004 صمم الكثير من الرسومات الداخليه للكتب الفنيه تجربه في ديكور المسرح
وشارك فى العديد من المعارض الفنية الجماعية والفردية المتنوعة فى كل ربوع مصر منها:


معرض جامعه اسيوط السنوية من 1999 إلي 2006 معرض مشترك - طنطا 2000 - المنيا 2002 - المنصوره 2003 - العاشر من رمضان 2004 - معرض الفنون الجميله بالمنيا - معرض الفنون الجميله بالاقصر اشترك في صالون الشباب ( التاسع 1998 - العاشر 1999- الحادي عشر 2001 الرابع عشر 2004 بأسيوط المعرض القمي باستاد القاهره 99- 2000 معرض أسبوع شباب الجامعات المنيا 2000 - أسيوط 2002 المنصوره 2004 معرض رواد الثقافه التشكيليه بأسيوط - معرض الإسكان المصري الأوروبي بقنا معارض خاصة ومشاركات: سبعة معارض بجامعه أسيوط من 99 الي 2006 - معرض بقصر ثقافة احمد بهاء الدين 99 - 2003- معرض قصر ثقافه اسيوط 2000 - معرض بمعهد إعداد القاضه بحلوان المشاركه في مهرجان الامارات بمشاركة جميع الدول العربيه المشاركه بمعرض افرواسيوي بالإمارات 2002 - الملتقي الفني لجامعات الدول العربيه - الملتقي الفني جامعات الدول العربيه فنون جميله الاقصر
عرضت أعماله في أكثر من 12 دوله اوروبيه بالفيديو
ورش عمل :بعض قصور الثقافه - جميع الجامعات المصريه متحف محمود خليل بمشاركه اوائل شباب فناني مصر مقتنيات : في داخل مصر ولدي افراد في الخارج


كما حصل الفنان على العديد من الجوائز منها :

جوائز : أول جامعة اسيوط من 99 إلي 2005 - المركز الأول في الدوره الهندسيه باسيوط - طنطا - الثاني بالمنيا - العاشر علي مستوي الجامعات المصريه - أول تصوير زيتي اسبوع شباب جامعات المنيا - أول في مسابقه ملصق الاسكان المصري الاوروبي - المركز الأول ( قصه قصيره ) تحت عنوان اصابع جدي علي مستوي الجامعات المصريه - المركز الاول ابداع بمعهد اعداد القاده بحلوان علي مستوي الجامعات المصريه - المركز الثاني معرض رواد الفن التشكيلي باسيوط 2005 - المركز الأول علي مستوي الجامعات المصريه وعلي فناني مصر تحت سن 35 سنه ( تصوير زيتي ) مديريه الشباب والرياضه


وكان لابناء الجنوب هذا الحوار:


**.................

-علينا ان تدرك فى البداية بان بداخل كل انسان فنان فقط عليه ان يتحرر من قيود المادة وكلمت توغل اكثر فى خصوصية آدميته وفتش فيه هكذا بدأت اولى خطواتى فى البحث عن ذاتى ومكنونها وخباياها وانطلقت مشاعرى وعينى لتشتبك مع كل شىء حولى.. وبدات خربشة البياض والمساحات لتخرج حينها تعبيراتفى شكل لوحات مختلفة تجسد المواقع .. وادركت جوهر الفن وقيمته
ومن ساعتها اخلصت له كثيرا.

*................
-الابداع مطلوب فى كل عمل ينجزه الانسان على وجه الارض ولولا الابداع والابتكار ماتوصل الانسان الى منجزات العصر والتى نراها منتشره هنا وهناك ووفرت على الانسان الجهد وخلقت الرفاهية وغيرها.
*..............
-المبدع والفنان فى الصعيد فى حاجه الى اكتشافه وكثير من المواهب تضل طريقها هنا وهناك وانا قد توفرت لى الكثر من السبل التى ساعدتنى كثيرا لاخرج مابداخلى .. ومازلت ارى باننى فى رحلة شاقة لاكتشاف حقائق هذا الفن المدهش للعين والقلب والروح ايضا تاخذنى المتعة فى هذا الفن الى مناطق رائعة كنت اجهلها سعيد لاننى أدركتها جيدا .
*............
-انتمى الى كل مدارس الفنون التشكيلية اننى اتنقل بين دروبها وحواريها كل صباح ومساء وانعم بما فيها من ثراء وتنوع.ودائما الفنان فى حالة تمرد على واقعه وعلى الوانه وتفاصيله من اجل البحث عن الجدي فى كل صوره.


*.........
- انا فنان تلقائى لم ادرس الفن التشكيلى اكاديميا فانا خريج الهندسة المدنية .. مسكون بالانسان وتجلياته وخصوصيته التى تميزه عن غيرهابحث عن فكرتى ولوحاتى فىالوجوه التى اراها امامى فى الاماكن فى التفاصيل المدهشة والاخرى التى يراها البعض عادية .. انا التقها واسكنها لوحتى لتخرج الى الوجود فى عمل فنى متميز يبهر الناس ..
*............
- اتحرر من القيود والعادات المكبلة والعراقيل للوصول الى جوهر الاشياء وعمقها الى الحرية.. الى الانسان الانسان.

*.........
- اتعامل مع المتاح لانجز لوحاتى اى استعين بكل الالوان والفرشات المتنوعة والاحجام لاصل الى لوحتى..


*.........
- ليس هناك تعارض بين الفن والهندسة.. فانا وجودى كفنان لا يلغى وجودى كمهندس أتعامل مع الشق المادى الملموس لعمل ابداع ياخذ مسارات مختلفة فى الاعمال المدنية لتسرى فيها روح الفنان العاشق للابداع.

*........
- وسائل الاعلام المختلفة مهمة للمبدع فهى التى تلقى الضوء وتقدم الفنان الى اكبر عدد من الناس ليتفاعلو مع أعماله.. بالناس وتفاعلهم يعيش الفنان ويبدع .
كذلك من خلال المنجز الجديد لوسائل التقنية الحديثة ( شبكة الانترنت ) تواصلت مع الكثيرين من خلال موقعى الشخصى وجهد الشاعر الجميل والفنان محمود مغربى ونشره للوحاتى ولوحاتى غيرى من فنانين تشكيلين مصرين وعرب.. بالفعل لقد استطعت الوصول بلوحاتى الى عدد كبير فى مصر وخارجها فمااجمل ان يصل ابداعك للاخرين فى كل مكان..


*........................
كل ماهو يحيط بالفنان وامام عينه وفكره ويلمسه بروحه وعقله هو قابل للتشكيل الفنى.. فقط عليه ان يحرر الفنان بداخله ليصل الى غايته التى ليس لها مدى او نهاية.
*........................- الجنوب ثرى فى كل شىء هنا الطبيعة والجغرافية والمناخ والتاريخ والاساطير كلها تصنع خصوصية على الفنان ان يلتقطها ويقدمها فى عمل فنى مدهش له وللاخرين

dimanche 16 novembre 2008

تقرير: محمد الأنصاري - أبو ظبي / «قباب» يستضيف أضخم معرض تشكيلي عراقي في أبو ظبي


«قباب» يستضيف أضخم معرض تشكيلي عراقي في أبو ظبي

تقرير: محمد الأنصاري - أبو ظبي
Saturday, 15 November 2008
في تظاهرة تعتبر الأوسع في تاريخ الفن التشكيلي العراقي المعاصر؛ يقيم غاليري «قباب» في أبوظبي مساء الجمعة 21 الجاري؛
أضخم معرض للفنون التشكيلية العراقية «ميزوبتميا» بمشاركة 75 ـ80 فناناً تشكيلياً من رسامين ونحاتين وفناني سيراميك، ويضم المعرض لوحات وأعمالاً نحتية وسيراميك للفنانين العراقيين الرواد والمعاصرين والشباب من مختلف بلدان المهجر والشتات، وأعمالاً أخرى من داخل العراق.

يرافق المعرض الذي يستمر حتى 12 ديسمبر المقبل؛ «ليلة فنية عراقية» يشارك فيها الفنان العراقي جواد الشكرجي بقراءة مختارات من الشعر العراقي للجواهري والسياب وعبدالرزاق عبدالواحد ونخبة من الشعراء الكبار، كما يصاحب هذه الليلة الفنية أنغام وغناء لفرقة «الشالغي البغدادي» الفلكلورية التي ستقدم مجموعة من الأغاني الفلكلورية، إضافة لإقامة عرض للمأكولات الشعبية العراقية وبعض المنتجات المصاحبة لها. لقد كان حلماً يراودني منذ سنوات؛ أن أقيم معرضاً يجمع أعمال التشكيليين العراقيين وتقديمها للعالم بصورة لائقة ـ بهذه الكلمات بدأت لميس البازراكان مؤسسة وصاحبة جاليري «قباب» حديثها عن المعرض الذي يجري الإعداد له.

وتضيف: «إن ما جرى على العراق منذ عقود طويلة ويجري الآن؛ هو بمثابة حرب متكاملة على الإبداع والحضارة والفن والتاريخ والإنسان، وقد اشتركت أطراف عدة في ذلك، وقد أدى ذلك إلى ضياع وتدمير الآلاف من الأعمال الفنية العراقية والحديث في ذلك يطول، ولكننا لو أردنا الحديث عن الفن العراقي المعاصر؛ فإن التشكيل العراقي أثبت لنفسه مدرسة فنية خاصة لها أسسها وقيمها وخطوطها التي لا تشابه مدرسة أخرى. وحين يجري الحديث بإنصاف؛ فإن التجربة التشكيلية العراقية تعتبر الأبرز بل الأكثر فرادة في العالم العربي والشرق الأوسط، وقد أدت الحروب والكوارث المتلاحقة التي حلّت بأرض الرافدين إلى تشتت الفنانين العراقيين وتغربهم في مختلف بقاع العالم، ولم تحفل مؤسسة فنية ـ سواء كانت عراقية أو عربية أو عالمية ممن تدعي حرصها على الفن ـ بهؤلاء الفنانين وأعمالهم أو حاولت على الأقل جمعها في متحف أو قاعة عرض لتخليد تلك الأعمال».

وتسترسل البازراكان في حديثها عن الفن التشكيلي العراقي وفكرة معرض «ميزوبتميا» فتقول: «لقد بذل جاليري «قباب» طاقته القصوى من أجل جمع أعمال الفنانين العراقيين من مختلف بقاع العالم وقاراته الخمس، لعرضها في معرض واحد يقول للعالم ان الفن العراقي حاضر وحي ولن يموت أو ينتهي يوماً، وأن الفنان العراقي الذي يستلهم إبداعه من حضارة 7 آلاف عام، سيواصل الإبداع في جميع الدروب حتى وإن ذبلت في تلك الدروب الورود وحلّت بديلاً عنها الأشواك. فالفنان العراقي المعاصر هو سليل ذلك الفنان السومري والبابلي الذي ما أوقفته مصاعب وأحزان الحياة يوماً عن ابتكاره لأساليب الفن الذي يساوي الحياة، ولئن طفتَ بعينيك في رحاب الأرض شرقها وغربها، فستجد أن التشكيليين العراقيين يشكلون حجر الزاوية وقطب الرحى والعلامة الفارقة في معظم بلدان العالم، لا من ناحية العدد والكم الذي يتجاوز عشرات الآلاف؛ بل في المضمون الفني وقوة الأعمال التي ترتبط بمدرسة فنية عريقة».

يضم معرض «ميزوبتميا» عشرات الأعمال الفنية لفنانين رواد ومعاصرين وشباب، حول دلالات الاسم والتنوع فيه؛ تقول لميس البازراكان: «اسم ميزوبتميا؛ معروف لدى العراقيين والمؤرخين في كل أنحاء العالم، ويعني في اللغات القديمة ـ ما قبل ظهور السامية ـ بلاد ما بين النهرين أو أرض الرافدين، وكما هو معروف فقد سكنت أرض العراق سلالات متنوعة من الحضارات القديمة.

وقد منحه هذا التنوع ثراءً فكرياً وحضارياً لا شبيه له في العالم، وهذا ينطبق على الجانب والمنجز الفني أيضاً، وقد أردتُ إنشاء علاقة بين اسم المعرض ودلالته، فهو يحتضن التنوع الحاصل في المدرسة التشكيلية العراقية.

وهذا من الناحية الفنية؛ كما أن له دلالات وطنية تجمع الفنانين تحت مظلة واحدة بغض النظر عن اتجاهاتهم أو اختلافاتهم الإثنية أو الفكرية، فرأيتُ أن «ميزوبتميا» هو الأصل الذي يستظل به الفنان العراقي، ولتذكير العالم بفنون بلاد الرافدين التي نشرت أجنحة إبداعها كشجرة الخلق الأولى التي انطلقت من تحت ظلالها إبداعات البشرية.

أما تنوع الأعمال المشاركة في المعرض من رواد ومعاصرين وشباب، فإنني أردتُ تقديم «بينالي عراقي مصغّر» للعالم أجمع، وأردتُ منح الفرصة لأكبر قدر من الفنانين العراقيين الشباب الذين لم تخدمهم الآلة الإعلامية كما خدمت من سبقهم من الرواد، كما أنه بمثابة تكريم للفنانين الرواد، ومواكبة ودعم للفنانين المعاصرين».
..................

يضم معرض «ميزوبتميا» عشرات الأعمال الفنية لفنانين رواد ومعاصرين وشباب، حول دلالات الاسم والتنوع فيه؛ تقول لميس البازراكان: «اسم ميزوبتميا؛ معروف لدى العراقيين والمؤرخين في كل أنحاء العالم، ويعني في اللغات القديمة ـ ما قبل ظهور السامية ـ بلاد ما بين النهرين أو أرض الرافدين، وكما هو معروف فقد سكنت أرض العراق سلالات متنوعة من الحضارات القديمة.

وقد منحه هذا التنوع ثراءً فكرياً وحضارياً لا شبيه له في العالم، وهذا ينطبق على الجانب والمنجز الفني أيضاً، وقد أردتُ إنشاء علاقة بين اسم المعرض ودلالته، فهو يحتضن التنوع الحاصل في المدرسة التشكيلية العراقية.

هذا من الناحية الفنية؛ كما أن له دلالات وطنية تجمع الفنانين تحت مظلة واحدة بغض النظر عن اتجاهاتهم أو اختلافاتهم الإثنية أو الفكرية، فرأيتُ أن «ميزوبتميا» هو الأصل الذي يستظل به الفنان العراقي، ولتذكير العالم بفنون بلاد الرافدين التي نشرت أجنحة إبداعها كشجرة الخلق الأولى التي انطلقت من تحت ظلالها إبداعات البشرية.

أما تنوع الأعمال المشاركة في المعرض من رواد ومعاصرين وشباب، فإنني أردتُ تقديم «بينالي عراقي مصغّر» للعالم أجمع، وأردتُ منح الفرصة لأكبر قدر من الفنانين العراقيين الشباب الذين لم تخدمهم الآلة الإعلامية كما خدمت من سبقهم من الرواد، كما أنه بمثابة تكريم للفنانين الرواد، ومواكبة ودعم للفنانين المعاصرين».

ميزوبتميا العصر الحديث
يضم المعرض أعمال ولوحات عشرات الفنانين التشكيليين العراقيين؛ من رواد ومعاصرين وشباب، ومن بين أبرز الفنانين الرواد: حافظ الدروبي مؤسس الانطباعية العراقية وصاحب أول مرسم حر في العراق 1942م، إسماعيل فتاح الترك الذي يعتبر من أشهر النحاتين العراقيين، نوري الراوي الذي يعتبر أحد أشهر أعمدة الفن التشكيلي العراقي، الفنانة العالمية وداد الأورفلي الحائزة على عشرات الجوائز الدولية وصفت بأنها ترسم شعراً في توصيف لعلاقتها بمدينتها بغداد، التشكيلية عفيفة لعيبي التي تمتاز بأسلوبها الفني الراقي في رسومات تشكل المرأة محورها الأوحد، الخزاف الشهير ماهر السامرائي الذي وصف في المشهد النقدي الفني العالمي باعتباره أحد "ملوك الخزف".

من جيل الفنانين المعاصرين يقف "خماسي الفن التشكيلي العراقي" الأخوة: ناطق، نشأت، شاكر، أنس وشوكت الآلوسي في طليعة الفنانين المعاصرين، فتبرز في المقدمة أعمال الفنان التشكيلي نشأت الآلوسي بأسلوب متميز وألوانٍ تضج بالحياة، بينما تنتصب الأعمال النحتية لناطق وأنس الآلوسي لتقدم أنموذجاً مغايراً في عالم النحت، ومن الفنانين المعاصرين أيضا: المتمرد الجميل ستار كاووش، التشكيلي فاخر محمد الذي ظل صامداً في عاصمة الخيبة وفردوس العراق الضائع، التشكيلي عامر العبيدي، الخزافان الرائعان سرمد الموسوي وأوس البحراني، إضافة لعشرات من التشكيليين العراقيين، ويقع جاليري قباب في أبو ظبي، منطقة البطين، قرب معهد أبو ظبي لتحفيظ القرآن الكريم، شارع 15- فيلا 3.

أبوظبي ـ محمد الأنصاري

الفنان العراقي-الاسترالي علي عباس في معرضه الجديد / علي عباس حمادي


الفنان العراقي-الاسترالي علي عباس في معرضه الجديد


علي عباس حمادي
14/11/2008
حمار يحمل مدينةعنوان تهكمي للوحة من التراجيديا التعبيرية
مقالة للدكتور عمران القيسي عن معرض بيروت حمار يحمل مدينه

يهرب من مدينته الناصرية جنوبي العراق الى بيروت حيث ينزوي في محترف صالة الدكتور(موسى القبيسي) ليرسم بروح ولوعة عراقية تشبه ايقاع"الابوذية" الحزين,فقد حملت اعماله في الالفين وواحد, مفردات تلك المدن المحاطة"بالاهوار"والمبنية بقصب البردي, حيث "المشاحيف"-نوع من الزوارق التي يستعملها سكان الاهوار قرب الناصرية -وهي تشبه حواجب النسوه اللواتي يحملن على رؤوسهن صفا من علب اللبن الرائب. هناك حيث يضج العالم بالاشارات والرموز والاوشام, وحيث تصير الالوان لغات تصلح لكل الحوارات المدغمة والمعلنة. استمد هذا المرهف مفرداته.وبدأ يجمع شظاياها في عملية كان يصر على أن يسميها الاستعادة العذبة لذكرياته الطفولية في موطنه جنوبي العراق.


كان بارعا حين يرسم ظلال العناصر والمفردات,فقد كان عبر هذا الظل وحركته السريعة يمنح المفردة حيزها المكاني الذي يتشكل بقوة المسمار رابطا بين المساحات. وكانت الالوان لديه مشغولة بنوع من القصدية التي تسعى الى قتل كل ماهو حافل بالتطريز المتالق. كانه كان يسعى لان يشرك المتلقي بنظرته المحزونة للعالم الذي غادره ولايحلم أو يأمل بالعودة اليه. سافر علي عباس بعد أن قبل كماهجر الى القارة الاستراليه, هناك أصيب بالدهشة حين راى الاشياء معكوسة لكل ماسبق وراه,فمن مقود السيارة المزروع في الجهة اليمنى, إلى اتجاه السير,إلى الكنغارو الذي يقفز مستندا على قوة ذنبه, إلى المدينة التي با تت تحتوي على كل شئ حتى الاطعمة البيروتية والبغدادية والمغربيه تصطف إلى جانب الآطعمة الغربية. كل شى يتكدس في المدينة الاسترالية, إنه ينتظر من سيطرد عنه الذباب ويقتني منه ما يشاء. لكن رأس العراقي كان وسيبقى مركبا بطريقته الخاصه به.

إنه كتلة متحجرة من بهار حار, تمر عبرها المواضيع المباشرة لتخرج استنتاجات ذات ثقل مسؤولية عن هموم العالم كله, لهذا السبب سيرسم بكل ثقله المأساوي ولكن تحت نعش جنازة مثيرة للضحك, ترى من رأى محزونا يضحك بهذا الصوت المدوي,غير ذلك الذي يريد أن يفسر العلاقة بين عنوان لوحات هذا الفنان العراقي-الاسترالي علي عباس وبين مضمونها الدرامي المجدول عاى الآحزان؟ لهذا صار لزاما على قارئ النص البصري في اغلب لوحات هذا المعرض أن يذهب مباشرة صوب النص التصويري. ليلتقط الإضافات الفضائية واسبابها البنيوية في لوحته الجديدة المنتجة في استراليا. لكي يكتمل المشهد التشكيلي عند علي عباس في لوحته الجديده,علينا ان نرصف أكثر من لوحة لكي نحصل على مسطح اوسع, من هنا المسعى البانورامي في التأليف هو نتيجة لسبب اعتبره التحول الجوهري في إيقاع هذا الفنان. إذ أن اللغة التعبيريه التي ورثها من المدرسة العراقية بدأت تدخل حيز الغياب ليحل محلها بناء تكعيبي مساحي. يتشكل كمعادل موضوعي لمعايشتة الجديدة للمدن الكبيرة وللمساحات التي لايصل النظر إلى متحد الافق فيها. هنا ينطلق رسامنا في هاجس العلاقة بين المساحة اللونية وضوابطها عبر تلك المفردة التي لم يزل يختزنها, لكنه كواحد من رعيل الرساميين العراقيين الشباب (تخرج من أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد أواخر الثمانينات) سوف يبقى متأهبا لالتقاط حوافزه المباشرة أو تغليبها على مكوناته. علما أنه وفي معارضه الاولى في أواسط التسعينات أ, الفردية أوائل الالفين, لم يتخل مطلقا عن مكتنزاته التراثية العراقية ولا عن روح التعبيرية العراقية السائدة. وهي أصلا موروثة عن الذين سبقوا وهم مؤسسي هذا التيار العراقي الشاسع. إن هذا التناول المساحي للحقول اللونيه ليس هجينا على التكعبيه الخارجية التي ادلجها ومارسها "بيت موندريان ولد في امسنردام سنة 1872 وتوفي في نيويورك الولايات المتحدة الاميركية عام 1944 وهي الوجه الثاني من العمله النكعيبيه حيث توغل "بابلو بيكاسو" من مواليد ملقة الاسبانيه سنة 1881 وتوفي في موجينز بفرنسا سنة 1973 في الجانب التحليلي منها. وهذا الامر التحليلي هو الذي أكسب التكعيبيين بعدهم الزماني في لوحاتهم المدهشة. بالنسبة لرسامنا علي عباس , أصبحت المساحات التكعيبية خلفية تستند عليها عناوين لوحاته التي رسمها ,مركزا عبر بعض منها على الصياغة البعدية للشكل الخار جي (الحمار). مع غيابه في معظم الاعمال طبعا ومع ذلك جعل الفنان من كل التأليف إشارة للمدينة التي حملها هذا الحيوان الصبور.

العنوان سافر دون شك لكنه مقطوع عن سياق اللوحة
فنحن كما قلت سابقا أمام صياغة درااماتيكية لعناصر لونية, ذهبت صوب التجريد المطلق, مسقطه الصورة التلميحية أو الصريحة بعيدا عن كل تداعيات الشرق أو العراق. إنه المدخل للتغريب الذي سوف نراه في المستقبل في اعمال هذا الفنان العراقي الذي يبحث الان عن مدخله الملائم الى التشكيل الاسترالي المتنوع.علما ان الفن الاسترالي المعاصر ينقسم أصلا الى ثلاث أقسام. القسم الاول يستمد قوة وجوده وحضوره من الموروث البدائي للشعوب القديمه.وهو فن سحري غنائي حافل بالرموز الطوطمية الحيوانية . وبالاشارات الوشمية.

القسم الثاني وهو فن ينتمي إلى الكلاسيكية العقلانية البريطانيه. وقد جلبه المستعمرون الانكليز بعد أن استوطنوا القارة واسسوا فيها الكيان السياسي الحديث. فيما كانت سابقا مجرد منفى للمطرودين أو السجناء المؤوس منهم. القسم الثالث ينتمي الى فنون الوافدين المهاجرين الى القاره الاستراليه. ومنهم بالطبع الشعوب الاسيويه الصينيه واليابان والماليزيين والاندونيسيين وقد لحقت موجات الهجرة العربية والاسلاميه المغاربيه منذ أربعينيات القرن الماضي لتترك بصماتها الفنيه ايضا. نحن امام فن فيه من الحداثه والمعاصرة بقدر ما فيه من الفطريه والانتماءات العرقيه. لذلك فإن علي عباس الذي دخل بداية التغيير سوف يكتشف ان الطريق الاسلم والاصلح له ,هو الدمج بين جذوره ومكتسباته الثقافية الجديدة. إن معرض الرسام علي عباس في صالة زمان, هو واحد من المعارض الجادة في هذا الموسم. وأن استمرارية الصاله في عرض أعمال هذا الرسام الشاب, يعتبر إشارة رعاية واحتضان من قبل المشرف على الصالة حيال الفنانيين الذين انطلقو من زمان اللبنانيه إلى الازمنة العالمية. الدكتور عمران القيسي . ناقد وكاتب وفنان تشكيلي عراقي
علي عباس حمادي

mercredi 12 novembre 2008

ثامر داود... البناء والحب والغزل عل سطح اللوحة / د. محمد العبيدي


ثامر داود... البناء والحب والغزل عل سطح اللوحة


د. محمد العبيدي
Tuesday, 11 November 2008
اللوحة الفنية التشكيلية تثير المخاوف عندي كثيرا عندما أراها، وقد يرى بعض النقاد أن هناك بساطة في الطرح لموضوع بالغ التعقيد، كون هذا الموضوع
يتعلق با لحس المرهف والعاطفة والوجدان، ولكن سهولة تلقي اللوحة لغير المشتغلين بهذا الجانب يقرؤون النتاج التشكيلي وبغض النظر عن مستوياتهم بنوع من تبسيط الأفكار، وتوضيح المعنى مع تزويد الرسام بهوامش كثيرة تكاد تشبه التحقيق او الشرح بمفاهيم تبتعد عن البساطة وتزيد التعقيد حتى في التعامل مع النص. الكثير من رسامينا الشباب يواجهون صعوبة بالغة في إيصال المعنى، ويريد مثلما يوصل الشاعر كلمات قصيدته وينال تصفيق الجمهور، واستحسانه، ولكن الرسام هنا يتبدد أمام لوحته ويثير المخاوف في نفسه حتى يصل الى الميل، بتجنب الكثير من الألوان هذه اعتبرها احد المواجهات الجسيمة والصعوبات التي تنجم عن التقرب من عمله وبالتالي التقرب من أفكاره ولكن كيف يصل الى هذا المستوى، بوسع الكثير من رسامينا الشباب في العراق ان نتلمس منهم ببساطة أي معنى او أي صيغة تعبير واضحة او ربما نصل الى مرحلة الإشارات ونعرف حتى الأحاسيس والمشاعر التي يتم التعبير عنها وبأسلوب مباشر غير ملتوي وبعيد عن الحواجز وهذا يحدث في رأي من خلال حديث الرسام عن نتاجه، ولكن المتلقي لايستطيع قراءة اللوحة مثل الناقد هناك التقاطات ربما تحدث في هبوط النتاج من خلال العزوف عنه، وهناك تصريح يصور الفكرة بأسلوب بليد، هنا يأتي دور الناقد لإزاحة غبار الكلمات والتي ازدادت في هذه الأيام وبشكل سريع، نرى العديد من المعارض تولد وتموت وكأنها أضواء زينة لمناسبة ما والمعرض اليوم أصبح عملة نادرة في العراق وخاصة في أوساط المشتغلين .

هذا الشيء يثير الاستغراب حقا، لأننا أوصلنا الرسام العراقي إلى مرحلة مهمة وهي مرحلة النضوج الفني، بالرغم من حاجتهم الى الخبرة والبراعة، لكي يبقى عامل الاستمرار قائم واليوم ومن هؤلاء الذين يمارسون الرسم بشراهة الأفكار وليس بشراهة النتاج وتعدد اللوحات (ثامر داود) والذي مثل لي خصوصا مصدر الالتباس والشك وكأني أراه عامل تقني يبني اللوحة ويفتقر الى الروح والحيوية، ولكن اتضح لي الأمر ووجدته جراح يرتدي بزة عمله البيضاء ويزاول مهمة خطيرة في تشريح اللوحة، وهو الآن في مرحلة البناء والتحضير والذي يخفق الكثير من رسامينا بهذا الجانب، بالاعتماد على الجاهز، ولكن هذا الرسام يزخر بطاقة قل نظيرها انه يتعامل مع تحضير اللوحة وكأنه يعمل مع مخلوقات ناعمة شفافة يعتقد انه من خلالها يصل الى شيء كبير هو الإحساس في التعامل، مع عوامل البناء ويجعل من لوحته كيان يتميز بشفافية لغة الفن ولكن من خلال ستار معتم، وهو ستار الأفكار الذي يوصله الى معاني لوحته ويجعلنا نتذوق المفردات ونستمتع بمعانيها التي مثلت قيمة كبيرة، لايشعر المتلقي فيها .


في واقع الأمر قسمت لوحات الفنان إلى مراحل ثلاثة والتي شكلت عندي من خلال التحليل إلى:
1. بناء اللوحة
2. غزل اللوحة
3. نغم اللوحة

هذا النوع من التعبير اللفظي تشكلت في لوحات الفنان بعد أن قدم القيم وجعلنا نتذوق المفردات بهاجس، الإيقاع، والقافية، والسرعة، ودرجة اللون ونوع اللغة في التعبير، اللوحات أعلاه تنطبق وكأني أرى الفاكهة الطازجة التي لم تتعرض للانتهاك، والأفكار بقيت في اللوحة ولم ترتد إلى أعقابها هذا الأمر وجدته عند (ثامر داود) كونه لم يتخلص من وهج الطفولة، ولاحتى نزوات الطيش، والأوهام، ولاحتى الكلام المبهم عندهم، أراه يغني ترنيمة الأطفال التي يستخدمها الإنسان الناضج، اللغة في التعامل مع اللوحة وكأنك تشاهد نكهة كلمات ووقعها وهي ترن الأسماع وخصوصا عندما وضف الخط باللوحة ليشرك الكلمات وكأنك في أجواء، طقسية اشتركت الكلمات بأصواتها مع الأشياء بأفكارها وهذه نادرا ماتحقق الرابطة المبهمة عند المتلقي في حقيقة اللوحة.

لوحات ( ثامر داود) وتوظيف الكلمات المشحونة بطاقة، لونية قد تصل بي إلى نقطة تصبح فيها الأشياء، ليس كلام لفظي أو علامة أو رمز، ولكنك اما م تجربة متطلعة نحو عالم مليء بالمفردات الكلاسيكية، وحتى عامل اللغة بات يطفو على السطح، لان عامل الانبهار لم يتحقق في عامل مهم وهو عامل التأمل في اللوحة، لابد من نشر انبعاث متجدد ومن خلال الأطياف اللونية على سطح اللوحة، تشعر بلذة الغزل بالرغم من صعوبة الأداء، هذا نوع من التضايق في ان يصبح العمل الفني التشكيلي ذو معاني فجة في يوم ما او انه يكاد ان تتجرد منه المعاني، وتكون مفرداته بالية او فاقدة لبريق معانيها ويعزو بعض النقاد الى أمر مهم وفي غاية الخطورة حسب اعتقادهم، وهو كثرة استقدام المفردات في اللوحة والنابعة من وحي الفكر القديم او التراث او الموروث على أمل من الفنان، ان يحافظ على هذه الأفكار، ويشبهه احد الفلاسفة وكان العمل الفني لوحة تنتقل مثل العملة من يد إلى أخرى، هذا الموضوع وارد ويمكن التحدث به بمجلدات، ولكن عندما تكون هناك آلية عمل صحيحة، وأفكار متناسقة غير مقحمة ويتم اختيارها بعناية هي التي تقدم الحلول المناسبة لهذه الإشكالية، والفنان هنا يسترد تكاليف الثمن المدفوع لكثير من رسامينا الشباب الذي يقحم مثل هكذا مواضيع وكانت تجربته ردا واضحا ويعيش العالم السحري لبلاد الرافدين من خلال نتاجا ته دون ان يحس المتلقي او الناقد اي اثر من إقحام مبعثر للأفكار والأمر الآخر لم يرتعش بخفة إيقاع غزل اللوحة لان نغم اللوحة موزون بقافية تعيد اللوحة بافكار جديدة بعيدة عن التكرار.
وهنا القول للرسام:
(اللون يشكل عندي موضوع بحد ذاته احيانا ان لم يكن هو اللوحه في بعض الاحيان وحبي الكبير للتلوين جعل من اعمالي رموزا ملونة تحمل الوانا حارة بمضمون حزين يحمل آلام الدنيا ومآسيها وانفعالاتها التي حملناها ونحملها معا يوميا. لقد عملت على منطقة بعيدة عن الاخرين حتى لا اسقط في فخاخ الاتباعية

اللون عند الرسام شكل رمزا يبدو لي شبيها في أن يفتح عندي سدود قنوات الأفكار المغلقة، ويعلن عن فيضان لوني أمام فوضى عارمة من لوحات لطخت فيها الألوان وكأنه نوع من الحرية، الذي يعتقد البعض فيه استطاعته ان يخلق الإحساس بالتناغم من خلال تبقيع اللوحة، أو بهرجتها بالألوان ولا يعرف ان هذا النوع من التصرف يختصر عمر النتاج لانه يخلو من شيء ضروري، وهو اللون السيادي وبالتالي يبعد اللوحة عن أناقتها، وعن شكلها النموذجي من التعبير .
(ثامر داود) وجدته مثال بارز ومن الرسامين الشباب الذين يدحضون مايقال عن تلك الأفكار في كثير من لوحاتهم، ولكن من خلال لوحاته، والمثير للاستغراب هو ان يبقي الباب مفتوحا وكأنك تنظر القادم على الرغم من ان هناك أفكار جديدة ربما تظهر او على اقل تقدير هناك تجارب جديدة غير معلنه تنتظر المحرك البيئي الذي يحرك الأفكار، ولكن في اعتقادي أجد عند الفنان نظام صارم يعطيني صورة مصغرة كونه يخلق تأثير له مغزى في أماكن متعددة من اللوحة، ويترك التأثير المتعلق بخلق المتنافرات بالرغم من الدقة والانتظام المتبع منه الذي يحقق له تناغمات الألوان واستقرار الأفكار.
وبما ان الأشياء في حالة تصارع ومن اجل التوصل الى تماسك العمل الفني يرى الكاتب ان هناك شعور في ان كل نتاج فني او لوحة تشكيلية على وجه التحديد نطبع في الذهن صورة جميلة وصورة تكون بعلامات مميزة تتخطى هذا العامل وخصوصا عند تمريرها بسياق التماثل والاختلاف لأنني بالتأكيد سوف اكشف مواطن الخلل فيها، عملية (ثامر داود) المستخدمة ماهي إلا بهجة اقرب الى الطفولية في لوحته، الى الحد الذي تحب وتحبب اللوحة عند الآخرين، وان كانت هناك مزاوجة للأفكار او حتى رؤية صور متعاكسة في بعض الأحيان، نظهر لك من جراء ذلك وهنا أسجل للرسام موقف هو الإغراء فيما يتعلق بشكلية اللوحة المتآلفة والمختلفة في ان واحد كونها تقترب منك لدرجة حميمة وبعيدة عني لأنها في دار الغربة.

محمد العبيدي

samedi 8 novembre 2008

الحديث الطويل. مراسلة

الحديث الطويل

بعد واجب التحية لكم مني فائق التقدير والاحترام
بعد كل ما بدا منكم من التميز واشير انه تميز بالفعل ولا اجد بعد الكلامات التي تزيدكم تالق وتوسع في نشر الفن التشكيلي الجزائري الحديث وكل تلك المقالات تقول بانكم فعلا اهل للفن والثقافة مع العلم اني لم اشاهد معرضا خاص بكم فانني اشكركم على كل مجهود يبذل من اجل الفن
انا فنان من ولاية خنشلة خريج المعهد الوطني للفنون الجميلة بباتنة واسكن في احدى بلديات ولاية خنشلة وقد احتكر الفن في الولاية على مجموعة من الفنانين ولا نعرف السبب ؟
لاباس ساتركك مع هذه اللوحة التي رسمتها هذا العام راجيا منك ان توجهني الى الصواب مع نقدك المحترم وليا المزيد من هذه اللواحات من نفس التقنية وهي لم تدخل الى المعارض من قبل وفي الختام لكم مني الف تحية
الفنان عمار.ب

jeudi 6 novembre 2008

العراق ... مهبط الإلهام الأول / أ.د. زهير صاحب


العراق ... مهبط الإلهام الأول


أ.د. زهير صاحب
05/11/2008

1- الإبداعات الأولى
إذا عرفنا الإبداع ، بأنه ذلك الإنجاز المعرفي القائم على التجريب ، وغير المسبوق بخبرة مماثلة ، والذي يمتلك صفة الجدة والأصالة . يمكن القول إن أرض العراق الطيبة المعطاء والتي شملتها الاكتشافات العلمية كلها دون استثناء ، كانت مهبط الإلهام الأول في التاريخ . فكان للفكر الإنساني على أرض الرافدين دور الريادة في سلم تطور الحضارة الإنسانية ، تلك الفاعلية الإبداعية الأصيلة ، التي وضع بها الفكر العراقي ، العقد الأساسية في مسيرة تطور الحضارة الإنسانية . فمن هذه الأرض ، زحف لهيب المعرفة لينير بنوره الوهاج العالم المحيط . وهنا تكمن الفضيلة الآمرة الكبرى ، بأن يقدم إنسان هذه الأرض الخيرة للبشرية ، مكونات الفكر الإنساني الأصيلة الأولى .
فعلى أرض العراق ، ولدت ثورة الاقتصاد الإنتاجي الأولى في التاريخ ، باختراع الزراعة ، واكتشاف تجربة تدجين الحيوان ، والذي قاد لأعظم ثورة اقتصادية في التاريخ ، إذ تعادل بأهميتها الثورة الصناعية التي شهدها العالم الأوربي لاحقاً . فقد حدثت ثورة الإنتاج هذه متحولاً خطيراً في بنائية الفكر الإنساني ، حين تفوق الفكر على عفوية الطبيعة ، مؤسساً نظماً اقتصادية ، تعتمد التخطيط والتحسب للمستقبل ، وبدء الفكر في حينهِ يبدع تفلسفاً فكرياً في بنية الوجود ، مؤسساً أنظمة المعتقدات الدينية ، وممارسة الشعائر الطقوسية ، واضعاً أسس التفكير المايثولوجي الإبداعية الأولى في التاريخ .
ومع ثورة الإنتاج ، كان الاستقرار ، ومع الاستقرار أسست القرى الزراعية الأولى ، فكان مولد فكرة التخطيط الحضري والإقليمي لأول مرة في التاريخ . ومع زيادة عدد السكان كانت فكرة المشاريع الإنتاجية الجمعية الموحدة ، فكان مولد فكرة الزعامة لتوحيد الجهود البشرية . إنه التأسيس الأول في الخبرة البشرية للنظم الاجتماعية في تاريخ الحضارة .
وتفتخر الإنسانية في تاريخ الحضارة الطويل ، باختراع الكتابة على أرض الرافدين ، في عاصمة البطل (كلكامش) وذلك في منتصف الألف الرابع قبل الميلاد . وبهذا الاختراع المعرفي العظيم ، خطت المعرفة أهم خطواتها نحو التاريخ ، لحفظ جهود البشرية الإبداعية من الضياع . لقد علَّم إنسان العراق ، البشرية الحَرف لأول مرة ، محققاً تحولاً مهماً في أنساق الكتابة ، من مرحلتها الصورية الرمزية ومن ثم نحو مرحلتها الصوتية المقطعية . وذلك أعظم نصر فكري في تاريخ المعرفة .
وأبدع الفكر العراقي ، أول نظام للتعليم حين أوجد فكر المدرسة ، بقيمها التربوية الأصيلة . حيث جلس أول تلميذ لتلقي المعرفة ، ووقف أقدم مُعلم يعلم العلوم . لقد كان المعلم في سومر يسمى بالأخ الكبير ، وفي ذلك تأسيسٌ أول للتعليم التربوي في فلسفة المعرفة في تاريخ الحضارة الإنسانية .
وفي ربوع العراق ابتدعت أقدم النظم الديمقراطية في التاريخ ، حيث فكرة تأسيس مجلس شيوخ المدينة وشبابها ، حيث يُمثل الفرد وينتخب ويصوت كذات مدركة وواعية لخصوصيتها وكرامتها وأرادتها . إنها فكرة تكافئ الفرص ، ومولد الحرية ، مثل ديمقراطية (بركلس) الإغريقية بأكثر من ثلاثة آلاف سنة .
وتدين الإنسانية بالعرفان بالجميل لإنسان العراق ، الذي أبتدع أول مرة بنائية القوانين الإنسانية . إنها فكرة توحيد النظم العاملة في بنائية الحضارة بهيئة أنساق ، تبغي إنسانية القانون بالدرجة الأساس . فمنذ عهد الحاكم السومري (أوروكاجتيا) الذي كثف خطابه الإنساني في القانون بعبارة (جئت لأخلص الضعيف من القوى ولن أدع أحد ينام وهو جائع) وحتى (لبث عشتار) وحمورابي العظيم في العصر البابلي . كان منهج القوانين هو النزعة الإنسانية ، والتي أفاضت على العالم روح القانون الإنساني في اتجاهات مختلفة .
وفي عوالم الأدب وبنائيتهِ الإبداعية ، كان إبداع الملاحم والأساطير على أرض الرافدين، والتي تدلّلعلى تداول الخطاب المايثولوجي ، لأول مرة في تاريخ التأمل والخيال في الأدب العالمي . ذلك إن ملحمة كلكامش بما تضمه من رؤية متفلسفة بأنظمة الوجود ، وإشكالات الفكر الإنساني في جدل الصراع بين الوجود والعدم . تشكل ركيزة أساسية في بنية الأدب العالمي ، بصدد تركيبتها الشعرية ، وجمالياتها اللغوية ، والتأويلات الرمزية الواردة فيها . هذه الشاعرية الإبداعية تجد ذاتها أيضاً ، في (الطوفان) و (تموز ومأساة عشتار) وغيرها من الإبداعات الفكرية على أرض العراق ، التي شهدت الإبداع أول مرة في التاريخ مثل أوديسا هوميروس بأكثر من ثلاثة آلاف عام .
وحين أنذر الطوفان بحدوثهِ ، كان اهتمام الفكر الرافديني ، بجمع ألواح المعرفة خوفاً عليها من الضياع ، إنها التنبأ الأول بصون الروحانيات على حساب الماديات هذه النزعة المتجهة للِحفاظ على المعرفة ، هي التي قادت إلى إنشاء المكتبات أول مرة على هذه الأرض الطيبة . ذلك إن مكتبة الملك اللآشوري (آشوربانيبال) تشير إلى استنساخ ألواح المعرفة القديمة ، وتأسيس نظم الفهارس المكتبية . تُرى ما أعظم أذن ، الانتصار الفكري الذي حققتهُ حضارة العراق في مسيرة تاريخها الطويل المليء بالإبداعات .


وفي حركة الفكر في مجال العلوم ، وضع العراقيون قوانين مهمة ، وحققوا تقدماً مهماً في مجال علوم الكيمياء والطب والفلك ، وجاء الانتصار العظيم ، باكتشاف المرحوم الأستاذ (طه باقر) لأحد الألواح الطينية من العصر البابلي القديم ، وهو يحمل وضع الأسس الأولى لنظرية (أرخميدس) الذائعت الصيت .
سلامٌ عليك ياعراق ألف مرة ، لأنك كنت الأول ، وكنت السباق ، وكنت المكتشف وكنت الأصيل وكنت الرائد الأول ، على مَرّ التاريخ .


2- الإبداعات التشكيلية (بانوراما الوركاء الخالدة)

لو أقيم معرضٌ يضم روائع الفنون العالمية ، يستحق إناء الوركاء النذري بكل جدارة ، أن يُعرض فيهِ ، ليعبر عن الكشف الفلسفي المعرفي الكبير للعقيدة الرافدينية ، في تمثيل نظم الماهيات الكونية أولاً ، ليدلل على الخبرة الإبداعية التراكمية في أساليب التشكيل الإبداعية في الفنون التشكيلية ، وليكشف وفقاً لمنهج نقدي تحليلي تركيبي ، عن القدرة الذهنية الإبداعية للفنان التشكيلي على أرض العراق ، في إحالة بنائية النص الأدبية المجردة ، إلى قنوات موضوعية ، تُمثل بموجبها اللامرئيات ، إلى مدركات مهوسة ، ويجد فيها الغيبي حضوره الثقلاني ، وفقاً لعقلية تحليل وتركيب نظم العلاقات في آليات التمثيل في الفنون التشكيلية .
وحين يسترجع الفكر المعاصر في مطلع الألفية الثالثة ، هذه الإبداعات التشكيلية العراقية، فأنه يجد فيها تأويلاً شكلانياً صرفاً ، بصدد تلك التجريدات الإبداعية التي تميز نظم الأشكال ، حين يؤول الخطاب بلغة الأشكال ، إلى نوع من التكثيف في الفكر ، بغية إحالتها إلى دلالات رمزية ، متجاوزاً آيقونية الرمز ، نحو تنوع وتعدد الدلالة ، عوضاً عن دلالتها التشبيهية . لكن قيمة مثل هذه الإبداعات التشكيلية في زمانها ومكانها ، لم تكن تظاهراً شكلانياً ، لقد كانت بمثابة الحاجة الورحية ، فهي مبدعات قدسية ، تلخص خصوصية الفكر بأجمعهِ فكانت بمثابة الكتاب المقدس ، الذي يُمنهج حركة الفكر في بنائية المعتقد بكل تفرعاته كانت على أرض العراق ، والأهم من ذلك ، هو قدرة الفكر إلى إحالتها إلى ممارسة طقوسية دورية ، نقلت الخبرة عبر الأجيال المتتابعة مما حقق توصلاً حيوياً في أصالة الحضارة العراقية . فاستحالة إلى بنية أسطورية ، في قيمة الخطاب الذي تبثهُ ، وفي نظم السياقات التي تؤلف الخطاب ، وفي آليات السرر التي تشكل المحتوى الدلالي لهذا الخطاب . وبنوع من الأداء الدرامي الذي يعقد نوعاً من الحبكة في بنائية الحدث ، نحو سماء المثالية المتعالية والتي تجد بها سعادتها الأبدية .
وإناء الوركاء النذري ، تكوبن تشكيلي من حجر الإلبستر الشمعي ، الأبيض اللون شفاف معّرق بشعيرات دقيقة زرقاء ووردية اللون ، رقيق ناعم الملمس . بحيث الفكر بقصدية تعتمد الوعي والخبرة ، بشكل دقيق عن قتشية هذه الخامة ، كي يجسد بوساطتها نبل وجلال الفكرة . ولكن قبل عرض الموضوع ، كان على التقنية أن تفكر ، في آليات تفريغ كتلة الرخام ، وتحت خطوطها الخارجية يمثل هذه الشاعرية والانسيابية المتوازنة ، حتى أن الخطاب المُستلم حين الإنجاز ، يكاد أن يكون خطاباً تقنياً .
شيد فنان سومر المبدع ، خطابه التشكيلي تشيداً معمارياً ، كاشفاً اللانهائية المتحركة بنظام لولبي متصاعد على سطح التكوين ، ليعقد الصلة ويقارب نظم العلاقات الفكرية السماوية والأرضية ، وبنوع من تحري فكرة الألوهية المتعالية في مقامها الأزلي ، وبنفس الأنساق الشكلية المتصاعدة التي يبثها الهرم المصري والزقورة العراقية وصولاً إلى صوفية البلاغ في (طائر في الفضاء) لبرنكوزي في النحت الحديث .
وقبل ولادة رائد الفلسفة المثالية (أفلاطون) بأكثر من ألفي وخمسمائة عام ، توصلت المعرفة الفكرية الرافدينية ، من أن تؤسس نظاماً لفلسفة الوجود ، بهيئة قوى مثالية أزلية عليا، وصور زائلة أرضية . فعلى الحقل الأول من الأسفل ، مثل الفنان وبواقعية كبيرة ، نسقاً من سنابل القمح المتتالية وقد نمت بتشكيل أنساق على ضفاف أحد الأنهار ، كان لابد من البدء بالماء كفكرة ، باعتباره قيمة عليا ، ولدت منه فلسفة الخليقة . وفي الحقل التالي ودائماً إلى الأعلى ، فأنه ينبغي تناسل العلاقة بغية تأكيدها ، بالإضافة إلى قيمة التكرار كقيمة لنغمية تمتلك نوعاً من الموسيقية في بنائية التكوين .
وبعدها تتوقف بانوراما الحدث ، لتعلن عن إفريز أفقي خالٍ من الأشكال . ليؤدي دوراً جمالياً في الاستيعاب البصري لتكوين ، وليدلّل كذلك إن الفكر كان يعزل مرتبة النفس النامية (النبات) والنفس الحساسة (الحيوان) عن النفس الناطقة المتمثلة بالإنسان على حد تعبير (أرسطو) . والذي يظهر بشكل أنساق متتابعة إلى الأعلى ، ليقدم خيرات الأرض لرموز الآلهة التي احتلت القمة في بنائية التكوين كمظهر طقوسي تؤديه الروح ، ليشيع فيها نوعاً من الدنيامية العاطفية ، وهي سر من أسرار أزلية الحياة واستمرارها .
وفي الحقل العلوي ، تتجسد البيئة المكانية القدسية من التكوين ، حين استعار الفكر معطيات البيئة الطبيعية ، ليحيلها بقدرة إبداعية ، إلى مفردة رمزية متمثلة بشكل حزمة القصب المعقوفة النهاية ، لتبلغ كرمز عن كينونة الآلهة عشتار وتؤكدها دون تشخيص ، مما يكسب الرمز دلاليته التعبيرية التي تتجاوز التشبيه نحو اللامحدود واللاتشخيص . نوعاً من التصوير غير الضروري ، الذي يشكل واحداً من أهم سمات بنائية التشكيل على أرض الرافدين ، في تجربتهِ الإبداعية هذهِ .
وتتأكد الخبرة الجمالية في هذه الرائعة الخالدة ، بالتأسيس القبلي لماهية المضمون ، والآليات الإبداعية المرتبطة بقدرة الذهن ، في إحالة الخطاب من تجريديتهِ إلى قوالبهِ الحسية، بنوع من الجدل الذي يعقد نظاماً من الصلة ، بين جلال الخطاب ، وجمال الخامة التي بدت خيمائية بفعل تقمص الفكرة القدسية بالإضافة لهندسة المعنى بشكل أنساق تصويرية ، لتؤدي صفة السرر لبانوراما الحدث والذي يعقد نوعاً من العلاقة بين العنصر المهيمن في نظام الخلقة (الماء) وفكرة الإله في أعلى الهرم ، حيث تنتهي صلوات الإنسان . إنه نداء أرض الرافدين الأبدي ، الذي فاض خيراً وسلاماً وإبداعاً وأصالة على الإنسانية جمعاء


3- الإبداع التشكيلي في التمثيل السومرية

قدّم السومريون ، هؤلاء المبدعون الأوائل في التاريخ ، للبشرية كماً وكيفاً من المبدعات التشكيلية ، تحتفظ بها متاحف العلم بكل فخر . وتقع منطقة الإبداع ، في النشاط الذهني للفنان، في إحالة وتأويل الاعتقادي الفكري إلى بنائيات شكلية ، وفق آليات إبداعية ، يقودها الذهن واليد ، تعقد نظاماً من العلائقية الجمالية ، بين ما هو فكري وما هو مادي وصولاً لبناء وتأسيس شكلانية المدلولات .
أن العلائق البنائية في بنائية الشكل في التماثيل السومرية ، بين الحسي والحدسي ، والمعرفي والإبداعي . توجب التحول في منظومة التماثيل السومرية ، نحو سيرورة تكثيف الخطاب التشكيلي بكل سياقاته ، إلى نظم رمزية تتفق مع المفاهيم الضاغطة في تركيب الأشكال . والتي ربطت فيها ذهنية المبدع بين المادي والروحي ، لتكوين وحدة أسلوبية ، ترتفع فيها المدلولات فوق الظاهرات الطبيعية المنفردة . ذلك إن صلة التشبيه المادية المنظورة ، قد أمكن الاستعاضة عنها بصلة روحية هي صلة الرمز ، وهو ذلك الكيف ، الذي يتصف بالوعي والإرادة قبل كل شيء . فتحول التمثال من صورة مماثلة لفيزيقية الأشياء ، إلى بنية شكلية معبرة عنها ، فأن فأسست الأشكال ذاتها بدلاً من صناعة التاريخية لها .
وبفعل البنية الماثيولوجية للحدث ، أن بدت التماثيل وكأنها قادمة من كوكب أخر ، فهناك قصدية واعية مستندة إلى الخيال والإرادة والوجدان ، سعت إلى تحطيم المنظومة الأيقونية لأنظمة التماثيل الشكلية . بفعل التغلغل بما هو انفعالي ، بغية كشف مشكلات الذات الإنسانية . وهنا يمكن رصد نوع من النزعة العاطفية حَلّت محل المذهب العقلاني ، ترجع خطاب الذات المنفعلة على حساب الواقع ، وفي ذلك من الجدل بين الحسي والحدسي لتجاوز معايير الصور المرئية . فالفنان هنا يؤدي على هواه لأعلى هوى النموذج ، وصولاً للقيم الروحية في سعيها نحو اللامادية ، بفعل تسامي الذات نحو المنال المطلق الحدسي .
وبفعل انكماش التعبير على دائرة الحياة الداخلية التي تتجاهل العالم الخارجي ، أن بدعت هذه التماثيل الإبداعية المُبجّلة . تبثُ خطاباً روحياً وصوفياً يتصل بأعمق مناطق الروح. فالمكان وتمثيلهُ هنا مغيب ، ليس كما في الوجود المتعين ، فهو فاقد لهويته الجغرافية والزمانية . ذلك أن الشخصيات مفرغة تماماً من وجودها المادي كأيقونة مُعاشه ، ومرحّلة بفعل ضغوط البنية العميقة ، إلى منطقة تتوسط الشعور واللاشعور . نوعاً من الصوفية عصفت بالمتعبد السومري ، ليجتاز حالة البشري وصولاً إلى حضور مثالية الأبدية .
لقد كان يُشار إلى الأشكال برمزية مُقتضبة ، ومثل هذه الأشكال التي تبدو هندسية الطابع (شكل مثلث يقوم على شكل مخروط) . هي نوع من الكشف الأول لبناية الشكل قبل عصر (سيزان) بأكثر من أربعة آلاف عام . فالشكل هنا مجرد انعكاس للعالم المحيط ، بل هو نتاج روحي ، إنه إبداع أضافه للوجود . وفي ذلك تكمن القدرة على الرقي على جميع الصور الفردية ، وشتى أنواع التفاصيل والجزئيات . ومن هنا كان التحول في سمات الأشكال الفنية من الخصائص الجزئية إلى البناية الكلية ، ومن الفردية إلى التعميم المطلق . فالعنصر الحاسم هنا ، هو جوهر الشكل المُوحي بالموضوع المُمثَل ، والذي يتميز بما هو جوهري وثابت . وهو اكثر سمواً مما يمكن أن يوجد في طبيعيةِ الفردية .
واظافة إلى التجريدية ، تضع دون تخوف ، نظم الأشكال للتماثيل السومرية بمقتربات الحداثة . فقد تم تجميع الأحجار الملونة البراقة في جوفي العينين ، اللتين احتلتا نصف حجم الوجه تقريباً . ذلك نوع من التشفير بأهمية الشخصيات ، والتي بدت تعمل في دراما الحدث خارج حضورها الواقعي . فقد امتصت ذهنية الفنان المبدعة ، فكرة الموضوع امتصاصاً ، وأعادت إخراجها وفق نظام الشكل التعبيري ، والذي هو انعكاس لذات الفنان الحرة الكاشفة المؤولة . ذلك أن هيمنة حجم العينين وحركة اليدين على السمات الشكلية للتماثيل في تحري شكلانية المضمون . يكشف عن نوع من التشفير العلامي في ماهية الخطاب التشكيلي ، يمكن تكثيفهُ بنوعٍ من الخطاب التداولي ، بين شخصية الكاهن كدلاله رمزية ، وعوالم القوى الماورائية . والتي لا يمكن بلوغ جمالها اللاهوتي ، إلا بارتحال الفيزيائي وارتقائهِ منطقة المتيافيزيقيا . وهو ذلك المفهوم الذي يبغي تفريد العام ليبعد عن المفاهيم المثالية السامية . وهو مفهوم يخرج بالمادي إلى حيز مثالي رفيع ، بقوة معتقد وقوة نهوض اجتماعي .


أ.د. زهير صاحب

mardi 4 novembre 2008

الثلاثاء افتتاح معرض"سعادة مطلقة" للفنان السوري نزار صابور في مركز رؤى للفنون


الثلاثاء افتتاح معرض"سعادة مطلقة" للفنان السوري نزار صابور في مركز رؤى للفنون

دمشق - خاص
Sunday, 02 November 2008
تحت رعاية الدكتورة نانسي باكير وزيرة الثقافة يفتتح مركز رؤى للفنون معرض الفنان السوري نزار صابور "سعادة مطلقة" وذلك في الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 4 تشرين الثاني 2008، ويستمر المعرض حتى يوم الأحد الموافق 16 تشرين الثاني 2008، حيث تفتح الصالة أبوابها يوميا من التاسعة صباحا وحتى الثامنة مساءا باستثناء يوم الجمعة، شارع ابن الرومي، رقم 32، أم اذينة الجنوبي، ما بين الدوارين الخامس والسادس.

يُذكر أنّ الفنان صابور من مواليد اللاذقية 1958، تخرج من كلية الفنون الجميلة بدمشق، قسم التصوير عام 1981، و حصل على دكتوراه فلسفة في علوم الفن من موسكو عام 1990، وهو أستاذ الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق.

اقام الفنان صابور عشرات المعارض الفردية وشارك في العديد من المعارض الجماعية في دمشق وحلب واللاذقية، وعمان ودبي وقطر والكويت، وبيروت والبحرين وباريس، وجنيف، وموسكو ولندن وسويسرا.

وتقتني أعمال الفنان صابور عشرات المؤسسات السورية مثل وزارة الثقافة السورية، والمتحف الوطني بدمشق، وقصر الشعب، إضافة إلى مؤسسات ومتاحف عربية وعالمية من بينها المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة، متحف البحرين، متحف الشارقة، صالة اوسكار في واشنطن، متحف شعوب الشرق في موسكو، فضلاً عن ان أعماله مقتناه ضمن مجموعات خاصة للافراد في ارجاء العالم.

النحات الجزائري بوكرش محمد : حدود الحسبان والفهم المفيد / علي فوزي ضيف


النحات الجزائري بوكرش محمد : حدود الحسبان والفهم المفيد


علي فوزي ضيف
20/07/2008
http://boukerch.blogspot.com


الأستاذ و الفنان العالمي و الناقد محمد بوكرش من الأسماء البارزة والمؤثرة في الساحة الفنية ،و الأدبية الوطنية، و الدولية من خلال إنتاجاه، و أعماله.. له فكره الخاص الذي يميزه عن غيره، و له بصمته الفنية الخاصة أيضا..أحترف المزج بين الأزميل، و القلم فله العديد من المقالات الفكرية، و النقدية و يكتب في العديد من المجلات العربية حيوي
و يتصف بالتواضع و التسامح و الطيبة التي من شيم الفنانين..هل لك أستاذنا ما يمكن أن تضيفه عن محمد بوكرش الإنسان..الطفل من خلال لمحة خاطفة على نشأتك و فكرتك..
يرتبط دائما النحت بالخلود و الديمومة و قد كانت المواد المستعملة في النحت الحجر و المعادن لما الاختيار لهاتين المادتين تحديدا...هل لكونها تقاوم السنين...؟
أجرى الحوار الشاعر علي فوزي ضيف/ الجزائر

الأستاذ بوكرش..من نفخ فيك روح النحت و بمن تأثرت و هل اكتشفت ذاتك بذاتك..؟
أتسألني عن النافخ ؟ وهو خير النافخين وأنت العارف يوم ينفخ في الصور فنأتي أفواجا...
من بين ما جاء من ضعفاء الأفواج، الضعيف إلى رحمة ربه محمد بوكرش، لست أدري ... كان، بما قل من المعرفة والتجارب والتحصيل، إن نال رضاء الجميع نال رضاء الخالق سبحانه علا وجل.
حاولنا بما أوتينا من نباهة وتحصيل وحس بالمسؤولية والعمل بدور من الأدوار أن نلفت الانتباه باللعبة والعمل، بقواعدها، بدء بحفظ النظريات وتطبيقها لحل المشاكل المعروضة في قالب تمارين مدرسية ، هي اللعبة الأولى وامتحان أنفسنا بالتباري مع أصدقائنا والتنافس على ربح لفتة وابتسامة من الأستاذ، من الأم والأب بالرتبة والنتائج في نهاية فصول الدراسة، وبالتالي في نهاية السنة، والانتقال إلى لعبة أعقد وبنظريات جديدة...طول السنين المتعاقبة.
بين درس ودرس نكتشف علاقة النظرية كوحدة قياس والعمل بها
بالبياض وكأننا نعمل بها في الواقع بحياتنا اليومية بما تتماشى معه لحل معضلة بالحسبان.
نحتت قبل أن أعرف النحت بمفهوم السؤال المطروح، ثقفت بمفهوم التربية وشكلت وصقلت أداة بمفهوم التكوين على سبيل المثال على شاكلة شفرة إن لم تحذر قطعتك وأسالت دمك فقط بوزنها لا بالحركة فما بالك إن تحركت أو حركت.
لن أتأثر بأحد بقدر ما أتأثر بالمفعول ونفوذ الفاعل والنتائج التي يستقيم عليها المفعول به، وهي كثيرة وكلها دروس وكائنات سبب وجودها من تحت أياديهم دليل على حكمة ما، بطريقة ما، لغرض ما، يتضح بنسبية بين مقدار نفعه ايجابي وآخر مضاره سلبية، بين ذا وذاك وجدتني لا أجزم بأني نحات بمفهوم الحفر الفيزيائي بقدر ما أنا منحوت بالمفهوم المعنوي... ولست الوحيد المنحوت بهذا المعنى في تدبر الحياة وما ينفع على حساب ما يضر، ورب ضارة أحيانا نافعة أيضا مثل ما يقال...
أنا آية بوجهين متنقلة في الكون بين ضارة نافعة، ومنافع كثيرة لمن يحسن تقديرها والاستفادة منها بالتقدير والعمل، ولن أكتشف شيئا عل الإطلاق، وجودي ووجودك بالصورة السوية في حد ذاته كشف...
أنا وأنت من المكشوفين... وعليه أنا وأنت منحوتات ناحتة بالطبيعة وبالضرورة وبأضعف العمليات تحسن العض والنهش، نتفاوت فقط بالنسب في كيفية التنحي بنحوية مفيدة ووجيهة حسب المعروض من معطيات والتعامل معه وتكييفه حسب الزمن والمكان لضمان بقاء أصلح.
أما ذاتي فهي من ذات الكون مكشوفة مسبقا ومن مهامها أن تكون كاشفة، كاشفة ومكتشفة بمقدار الصعوبة التي تواجهها وهو الشيء الذي ينبغي أن تكون عليه، ليكتشف من خلالها ما وراءها من قوة وقدرة انسجمت وتكاملت بها طبائعها لتتوحد في الأنا الآية والجمال...

الأستاذ بوكرش ..نعرف أن النحت يحاكي الواقع و يقرأ الماضي فهل يقرأ المستقبل ..و هل هو عبارة عن رسالة يمررها الفنان لأزمنة مقبلة.؟
النحت سيدي لا يحاكي الواقع مثل ما يقول البعض ويشاع في حشو الكلام والكتابة، النحت هو الواقع بعينه، ملموس، مجسد بأربعة أبعاد ثلاثة منها هندسية مادية والباقية وظيفية معنوية إيحائية ، تفرضه معطيات تحول طبيعي دائم يجبرك على التحول معه في حركة
دائمة، وان لم يكن كذلك مصيرك الهلاك.
النحت هو الواقع الذي لا يمكن الاستغناء عنه وهو النحت الحالي المجسد بين أيادينا، الجميل المعمول به والملموس البديل لما كان واقعا وجميلا في الماضي.
مستقبله يعتمد على قراءة الواقع والملموس بتأني، استعدادا لبديل يراعي متطلبات وتطلعات التحول الدائم لطبيعة الأشياء نحو الأفضل... والفناء بما يريح الضمير بحسن الصنع والتوظيف... لضمان حسن خاتمة.
النحت لا يمكنه أن يكون رسالة بقدر ما هو مطية وأداة، ومعناه يكمن في ما يقدم من فوائد بتأثيث المكان كخدمات، وتجسيد الساعة (الزمن) لا يكون بغيره، لأن الزمن لا يقاس إلا بما يصنع فيه، ولا يمكنه بأية حال أن يتجاوز حدوده الزماكنية، أما المستقبل فهو فرضية أو عالم افتراضي، لا يتضح فيها النحت أو المنحوت بالشكل المادي الملموس الواقعي، بقدر ما يتضح بشكل مادي من واقع خرافي خيالي نسبة الواقع فيه افتراضية إلى أن يثبت العكس بتطابق واقع افتراضي مادي التشكيل، مع ما كان منتظرا ومتخيلا ماديا هندسيا بحسبان يقع (يحدث)، وما دامت العملية لها علاقة بما قيل في هذا الشأن: ما كل ما يتمناه المرأ يدركه، تبقى بهذا التمهيد كلمة الرسالة بمفهوم الواقعية والملموس المادي مطية توجه للمستقبل بمحتوى خرافي افتراضي خيالي بمعاني تتجاوز حدود الواقعية وبالتالي حدود الحسبان والفهم والمفيد، يتزامن ربما وصولها في أحسن الظروف مع جديد ومفاجآت بين معطيات لا تمت لها بصلة ولا تتكيف معها كعناصر تنسجم بالتركيب والتأليف معها...
لذا أقول الوحيد الذي يمكنه التطاول على زمانه بامتياز هو العاجز أيضا بامتياز عن التطاول عن زمان غيره، كان ذلك بالسفر عبر الزمن بالماضي أو المستقبل، وان حصل ذلك يكون فقط بالتأويل والحسابات النسبية التي عجزت قصدا وعن غير قصد عن تأمين الحاضر بتقليص الأتعاب والأمراض، فما بالك بالماضي الذي فرض نفسه والمستقبل الذي سيفرض نفسه...ومن لم يفهم ماضيه ويعمل بنسبية ما يدعي فهمه تعب ونال منه المستقبل.

للنحت مدارس و أساليب أيهم أقرب إليك و شكلت بعدا فنيا و فكريا في أعمالك..؟
مدارس النحت وغيره... تمثل تجارب مختلفة بنسب وكيفيات متفاوتة في تعاطي الواقع بما يفيد لنحيى حياة أحسن بتواصل أفضل.
سوء التفاهم المقصود والغير مقصود يدل عن خفقان كل المدارس التي تعتمد الأخلاق والجمال والسلوك الإنساني وجهة.
المنحوتات المعمول بها في مدارس النحت المعاصر هي التي تنحت على مقاس الجبابرة وهي بالحديد والنار طوق في رقاب المغفلين المساهمين بقوة في تضييق الخناق على أنفسهم قبل غيرهم دواب تدعي الفكر والفطنة لهم رؤوس لا تصلح إلا بين أيادي الجلادين تفل بها وفيها ما تشاء.
أما أقرب المدارس النحتية لي هي المدرسة المرفوضة أيام قريش البارحة وقريش اليوم، ونال معتنقوها جزاءهم الذي لا يخفى على أحد، فقط لقولهم أحد،أحد،أحد، وجزاؤهم اليوم في البلاد التي يقال أنها اسلامية مر الموت البطيئ ...

أي الحضارات تروقك و تجد فيها نضجا من الناحية الجمالية و الإبداعية..و هل هناك حداثة في النحت كما توجد حداثة في الشعر و الأدب..؟
الإسلامية طبعا...بفضل من اعتنق الإسلام من غير العرب، أما العرب يتضح يوما بعد يوم أنهم اعتنقوا الإسلام لا لجماله وما يحمل من مفاهيم الحياة وقوانينها، بل خوفا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من غير العرب....والدليل على ذلك الردة الجماعية التي جعلت من الرياض رياض جنة اليهود والأمريكان وجهنم المسلميين مع كم من بلد اس، اس،أسكت، اسكر، يتخذون الآذان والمآذن والمساجد أشكال مشهيات طقوس... سياحية....
أما القصد من الحداثة غير حداثة وأوتوماتكية التحول الطبيعي هو بعينه ما برر و يبرر الردة والخيانة والخنوع والتنصل مما هو إنساني وطبيعي رباني.
على أي حداثة نتحدث والمجني وراءها كوارث فكرية، ثقافية ايكولوجية،اديولوجية،علمية، ودينية (اسلامية).


الاستاذ بوكرش لك منحوتات كثيرة و لوحات أي من المواضيع يغلب عليها و ما المواضيع التي تشغل أفكارك ؟
كل مواضيعي مجرد تساؤل، من المستفيد من خيانة النفس...؟ الإسلام ؟، الوطن ؟ العروبة ؟.

أين النحت الجزائري التاريخي و الحديث من ما هو موجود في العالم ؟
أين الجزائر...؟؟؟، الجزائر!!!. اسأل ساركوزي ومن ثمة بوش

الاستاذ بوكرش أعرف أنها قد لانت لك الصخور و المعادن و تشكلها كما تشاء..ما الشئ الذي لم يلن لك لحد الان..؟
الشيء الذي لن يلين هو كل من تبقى من الخونة وهو جاثم البارحة واليوم بالإدارة الجزائرية على رقابنا ويتاجر رابحا بكل ما هو ثمين ومقدس...أما الباقي ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: الدوام يثقب الرخام

على المستوى الوطني نلاحظ قلة المبدعين في مجال النحت في رأيك إلى أي الأسباب يرجع ذلك التراجع و هل هناك جهات معينة ترعى و تهتم بالنحت في الجزائر؟
أعداء السد الأخضر هم من يضرم النيران في شعر الرأس واللحية لتتصحر الوجوه والأدمغة ولن تسلم منهم حتى الغابات المحاذية للشواطئ صيفا لقضاء العطلة على العطلة، بعيدا عن القردة الطبيعية وبعيدا عن التي أريد لها بكل إصرار أن تكون كذلك على شاكلتها، هم وحدهم نحاتون اليوم والغد...أما البقية فهو ضرب من المستحيل والخيال

أستاذ بوكرش لقد كانت لك مشاركات عالمية عبر العديد من التظاهرات الفنية في النحت و خاصة في الصين أين ترتفع بشموخ منحوتتك..عبر هذا الاحتكاك ما هي رؤيتك للتفكير الإنساني من خلال الأعمال الفنية ؟
ما عشته وشاهدته من نجاح نحتي فني بكل المقاييس بأم عيناي في جنوب إفريقيا سنة 1995 بمتحف آفريكا، مناسبة عيد ميلاد منديلا الذي رافقنا فيه السيد وزير الثقافة بن الشاعر الكبير مفدي زكرياء السيد سليمان الشيخ والسيد كاراش والسيد عروسي عبد الحميد، هو النحت الأعجوبة ،الموضوع والقضية الإسرائيلية وكيانها المفتعل الباطل، الذي سخرت له كل الإمكانيات ليبدو حقا لا غبار عليه بمنحوتات، بعبقرية فنية منقطعة النظير وراءها فنانون ،ساسة، عباقرة، ذكاء، وقمة حضور...الشيء الغير وارد في أجو ندة من يدعي انه حاكم بلد إسلامي... وتأكدت من ذلك والعبقرية وما يتبعها من إمكانيات مادية وبشرية التي لازمت العمل الفني الفكري الإسرائيلي بقوة التواجد والطرح في أقصى شرق الكرة الأرضية بسانبوزيوم النحت بشانق شون بالصين الشعبية سنة 2000 ، من لا شيء صنعوا قضية صنعوا وطنا وأصبح أهل الوطن الحقيقيين إرهابيون أصبحت إسرائيل تحصيل حاصل، وموضوع دراسة وفن ومستقبل على حساب...
لليهود الحق والحرية في الحياة الكريم التي ضمنها لهم الإسلام وحقن دمائهم يوم كان ينكل بهم في أصقاع العالم، باسمهم تهافتت المرتزقة البارحة واليوم من كل حدب وصوب لاغتصاب عرب قريش اليهود منهم والمدعين الإسلام في عقر دارهم، بالهناء والصحة...ما دام قد استيقظ حال القريشيين... من العرب اليهود اللذين لن يبدلوا تبديلا والمرتدين الذين هزهم الحنين والطبيعة للأصول البيولوجية... أين إيران المسلمين الغير عرب أين منحوتاتهم المتنحية عن كل هذا الزيغ والريع يا ترى؟؟؟
متى نتنحى نحن كمنحوتات بمنحى ونحوية تخصنا أما زيغ شمال إفريقيا وتخص إسلام النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الكبيرة والصغيرة بمفاهيم العلم والدراية والتقدم بشؤون البلاد والعباد و إعادة الاعتبار للإنسان على العموم...

نعرف أن هناك أدوات تقليدية في النحت غير الإزميل هل هناك أدوات أخرى مستحدثة تساعد في أعمالكم الفنية...؟
بغير الأدوات التي سن الله وحدد بها شرعه، وما وصلت له التكنولوجيا من أسلحة متطورة ردعية، لا أرى للمناحي مخارج ولا للمنحوتات نفوذا إلا ما قدمت يد البشر بشتى الأدوات قديمها وحديثها من محاسن مشكورين عليها ومن مآسي يحاسبون عليها.
أذكر يوما أنك تحديت محترفي اللغة أدباء و شعراء في المعنى الحقيقي لكلمة النحت و أنتهز هذه الفرصة لمعرفة ما المفهوم الحقيقي لكلمة نحات؟
نحات بالمفهوم الرباني الذي يخصه وحده نزلت فيها سورة كاملة وهي سورة الإخلاص، أما بمفهوم الخطاب الرباني النحوي على سبيل المثال لا ... علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة. ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا....

مشاريعك المستقبلية...؟؟
تغيير المنكر بما قيل وعرف ويخص ذلك...

قبل أن أعطيك كلمة أخيرة نختتم بها جلستنا الرائعة بك أستاذي الكريم أمرر أمامك أسماء و لك حرية التعليق بشكل خاطف.

مالك بن نبي
احترق مثله مثل من سبقه ليستفيد الغير دون أن يستفيد أهله

مهدي ضربان
ضحية نفسه ولعنة النياشين

عيسى شريط
صوت مبحوح وبالتالي غير مسموع

عدنان الظاهر
ضحية عبقرية، نعمة نقمة

الدكتورة سها جلال جودت
أم ...أرملة خاب حبها في الأهل...

الشاعر الأصيل
ضحية شك

الدكتورة بدرة فرخي
بعد ما يزيد يسموه سعيد

عبدالرحمن أنيس
الذي خلقه عز وجل، أولى به

و لك الحق في إضافة أسماء أو حذف أسماء
علي فوزي ضيف محاور حافي يشق الصعب من المسالك دامي الكفين والأرجل

كلمة أخيرة لك كل الحرية
الله وحده يهدي ما خلق، والله يرحم شاعر جزائرنا يا بلاد الجدود المرحوم الحاج محمد شبوكي والمجد والخلود للإسلام ومن اعتنقه حبا في الله وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وللإنسانية دون إقصاء وإهمال وتهميش...

17 / 7 / 2008
علي فوزي ضيف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات
الاسم:
شوق
التاريخ:
24/07/2008 14:07:52
الشيء الذي لن يلين هو كل من تبقى من الخونة وهو جاثم البارحة واليوم بالإدارة الجزائرية على رقابنا ويتاجر رابحا بكل ما هو ثمين ومقدس...أما الباقي ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: الدوام يثقب الرخام صدقتتقديري لشجاعتك فناننا القدير
الاسم:
علي فوزي ضيف
التاريخ:
23/07/2008 11:54:25
الاستاذ الكريم حسان أيمن لا تكفي كلمات الشكر أن تفيك حق كلماتك الراقية و ذوقك الرائع و تقديرك الذي أعتز به عبر مرورك المنير الذي عبق الصفحة بعطر المحبةفلك مني كل عبارات المحبة و التقديرتحياتي
الاسم:
حسان ايمن
التاريخ:
20/07/2008 20:07:27
إسمان لطالما راقني تتبعهما و ها هما اليوم يجتمعان في خيمة من خيم القبيلة في حوار ربماقد قراته قبل اليوم في رؤية من رؤى هذا الفوزي(الشيخ و القبيلة)أما اليوم فقد جسد و لله الحمد اللقاء و ما أروعه من لقاءو قد يكون اشبه بما قيل يوما لقاء العظمــاء ...قد كنت قبل هذا الحوار إن أردت أن ارى وجه بوكرش أتوجهالى العاصمة أين أرى وجهه في منحوتته الشامخةالتي تحمل أثقال الجزائري قبالة ميناء الجزائر و ها أنا اليوم أغوص بين تلك التجاعيدلكتشف زوايا و خبايا الفنان بمجاذيف على فوزي الذي كان نحاتا و استطاع ان ينير لنا جانبا مهما من الفنان و الاستاذ بوكرشتقبلا تحياتي حسان ايمن الجزائري

حوار مع الفنان العالمي محمد بوكرش /الجزائر / سها جلال جودت

يوم السبت 19 يناير 2008 بواسطة إنانا

حوار مع الفنان العالمي محمد بوكرش /الجزائر



أجرت الحوار سها جلال جودت

هو الكلمة والألوان، هو الغيث الذي يرسم تباشير الخير في سنا الإبداع حيث الحق والفضيلة والروح الثائرة.هو إنسان لا تغادره أحاسيس الغيرة على الوطن وأبناء الوطن، باحث عن الحرية الحمراء، بيده ريشة وقلم، يحفر على الصلصال أحلامه ويرسم بالكلمات آماله لوطن خالص يريده، ليس من أجل نفسه فحسب، بل من أجل أمة بأكملها، ناقد ذواق، علامة في فقه دواخل المجتمع الإنساني، في حديثه تقرأ فلسفة الكلمة، يرفض الفساد ويحارب المفسدين، لكلمته نبراس يسطع، ولريشته ضوء يُبهر، ولمطالبه صوت لا يُقهر، محمد بوكرش إنسان قبل أن يكون فناناً، ولأنه إنسان ولدته بلد المليون ونصف المليون شهيد ليتابع مسيرة عبد القادر الجزائري والمهيدي بن عربي وغيرهم من أبطال الفداء، أخذ على عاتقه حمل لواء الثورة على كل ديكتاتوري الوطن المجروح من الألف حتى الياء . وفخراً لي أن أقابله من خلال الشبكة الذكية على مائدة الحوار ويستجيب لنا، لنرى أي زاد سيمنحنا هذا الرجل الإنسان ...1- محمد بوكرش مواليد الجزائر، ماذا منحك هذا البلد ؟ وأي الصور رافقت ذاكرتك الطفلية وجعلتك تمسك بناصية أيهما ؟ القلم ؟ أو الريشة؟ وما الفرق بين الريشة والقلم ؟- ما منحني إياه الوطن الحبيب أجداداً من حسب ونسب، ويحسب لهم ألف حساب، انطلاقاً من عقبة بن نافع رضي الله عنه وأسكنه فسيح جنانه، مثله مثل طارق بن زياد، الأمير عبد القادر، ابن باديس (جمعية العلماء المسلمين)، بوخروبة أي الهواري بمدين، والمحنك السياسي الدبلوماسي عبد العزيز بوتفليقة منقذ الجزائر الذي تزامن وجوده مع مُر الحياة وعلقمها، ليتجرعه دون أن يحس به، ناكرين الفضل، محدودي المعرفة والإطلاع ، محدودي التصور والآفاق ، وخاصة العملاء، بيت الداء، ((معظمهم)) مزروع بالإدارة الجزائرية متمكنين بما ورطونا به من مديونية، تترتب عنها بقاءهم المشروط، مقابل الخيانة وما اكتنزوه بالبنوك الأجنبية، وازدواج الجنسية. المديونية التي تسابق البعض من بلدان الهيمنة وأشكال الاستدمار ( الاستعمار؟ ) لشرائها لتبقى الجزائر برمتها تأتمر بأوامرهم إلى يوم تسديد آخر فرنك، وربما التنازل عن أمهات بعض القضايا هو سبب بلوانا، كالذي يقطع أحد أعضاءه لئلا يلتهمه السرطان بأكمله. الله يكون في عون الأحرار منا للتمسك بالصبر والعمل على إنقاذ النسبة المتاح خلاصها من هذه الظروف الشيطانية اللا إنسانية. وطني منحني كل خير من بداية خطاي الأولى وتتبعها رغم تواجدنا بالجمهورية التونسية الشقيقة على أتم الكلمة والفعل آنذاك أيام الشدة، يوم كانت كل الدول العربية والإسلامية تغدقنا بما جادت به شعوبها ومسئوليها من خيرات وتعاون يشهد له التاريخ، ومستوانا الفكري والوطني العربي الإسلامي الذي لقنونا إياه على يد جهابذة الزيتونة والأزهر ومن تخرج من مدارس التربية الإسلامية العربية من قسنطينة وبجاية وبعض الزوايا التي لن تتواطأ مع المستدمرين بذر الرماد بأعين المواطنين الأبرياء، يشهد لهم التاريخ بهذا. منحني الهدنة سنة 1962 مقابل التضحيات الجسام التي بدت في شكل الاستقلال، وكان بالفعل استقلالا، لو لم تستفحل أيادي أبناء الزوايا من خونة وقيادات البارحة أعوان المستدمر الذي تسلل بعضهم واخترق قبيل الاستقلال المنظومة الجزائرية الثورية، من ضباط بالجيش الفرنسي إلى جنود بجبهة التحرير الوطني بشكل التائبين(....؟) والباقي إلي الإدارة الجزائرية مباشرة فجر الاستقلال (......؟) استعان بهم المجاهد الشهيد بوخروبة بومدين رحمه الله الذي حقن دماءهم لاستعمالهم تحت الرقابة الفائقة لسير أمور البلاد التي كانت تشكو فقرا مدقعا على جميع الأصعدة وفي كل المجالات، بدلا من توظيف أجانب وبفكرة التخلص منهم بعد تخرج دفعات من أبناء الشعب، الشيء الذي لم يحصل لأن المنية وافته، تاركا وراءه أكبر عصابة مجرمة من خونه البارحة خونة اليوم قبل المؤتمر الخامس لحزب جبهة التحرير الوحيد الحزب الحاكم الملغم قائلا لهم في لقاء جمعه بهم وهو يخطب فيهم مشيرا بأصبعه إلى الصفوف الأولى : الخونة الموجودين هنا، نهاية مهامهم تتزامن مع المؤتمر الخامس إن شاء الله.منها كان التعجيل باستفحال مرضه بقدرة قادر،والمدة التي كانت تفصله عن الموعد كافية للقضاء عليه وعلى غيره...واستفحل من يومها مرض الجزائر برمتها وبقيت تتقاذفها التيارات والارتجال السلبي...الجزائر منحتني فنانا سياسيا دبلوماسيا يعبق برائحة أجداده الأحرار، بإسلامه، بإيمانه، بوطنيته وبأخوته، الطبق الشهي والمفضل لمصاصي الدماء خفافيش البارحة واليوم، السماسرة، الخونة، من عملاء الرجعية الفاشية، ألغام فرنسا من الأحياء المزروعة بيننا ، لا يعيشون إلا في ضلال النيران وسكب الدماء وعرقلة مسار المصالحة وتفكيك روابط أواصر الأخوة والمحبة التي كانت وما زالت هدف أعداء الجزائر، وأعداءنا أعداءه. الجزائر منحت كل أبناء الشعب الجزائري كل خير من افتقاد الشهيد المرحوم بومدين الحكيم إلى يوم الإجهاز عليه. منحتنا النخبة التي هاجرت بتضييق الخناق عليهم لا لشيء فقط لأنهم أبناء الجزائر ، أبناء الشعب، أبناء بومدين وغد الجزائريين الأحرار.حرمونا من أعز أبناء مخابرات بومدين، ومن أعز مفكرينا ذوي الكفاءة العالية في جميع الاختصاصات من هم كبار مسئولين على رؤوس مؤسسات عالمية أجنبية يديرونها بامتياز منقطع النظير، حرمت منهم الجزائر وأبناءها مباشرة بعد تخرجهم ورجوعهم لاستلام مناصبهم ببلدهم فكان ازدراءهم واحتقارهم أول ما بدأ به مخطط الانتقام منا، ومن بومدين والجزائر. منحتنا الجزائر كل شيء ، غاز، مخ الأرض الأسود، الذهب ، اليورانيوم ، الحديد، الطاقة البشرية بنسبه ما يفوق الـ 75% فكان الشباب ضحايا منظومة تربوية مخدوعة اليوم، تتخرج بالآلاف كل سنة باختصاصات لا علاقة بينها وبين ما يحتاجه سوق العمل والتشغيل.منحتنا الأيدي الآثمة، وشبابا لا يصلح اليوم، إلا ألغاما خطيرة متنقلة تهددها أخرى أخطر منها بكثير.والحكمة تقول من حفر بئراً لأخيه وقع فيه، الله يكون في عون المواطن السيد عبد العزيز بوتفليقة والصالحين من أبنائنا الذين لن تمسهم بعد سموم خُدام كلاب رعاة البقر والخنازير. بشهادة الأعداء والأقارب، منح المواطن السيد بوتفليقة للجزائر فرصة حقن دماء الجزائريين من دوامة الموت المؤكد والمخطط له من الداخل بالتعاون مع أعداء الأمس من مستدمري الجزائر والجزائري وما آمنّا به ديناً حنيفاً لنا.منحتني أقصى ما لديها من مناظر مختلفة، تختلف باختلاف المناطق وطبيعتها، فيها ما هو طبيعي رباني، وآخر من الطبيعة يستخلص، وتجود به أنامل الفنانين والفنانات، وهو معروف باسم الصناعات التقليدية، سواء كان ذلك خزفاً، أواني خشبية، أسلحة مختلفة نارية وبيضاء، حياكة بيوت الشعر(الخيام) وبيوت نظم الشعر، التي تتسع لتلد خرافة وقصة وحكمة ورواية، وربما أسطورة جديدة.منحتني الوجود، والعضوية، أصبحت خلية في نسيجها، أتأثر أوتوماتيكياً بمن حولي وتربطني بباقي تحولات الخلايا، لا أقول الأخرى بقدر ما أقول أوصالي وعروقي التي تغذيني، وبإمكانها في أسوأ الأحوال أن تسممني، إذا أصيبت بمرض أو شذ تفاعلها المكمل، ما يتسبب في التلف النسبي، وإذا تضاعف بغياب العلاج يكون التلف مصير الكل.منحتني ما فيه الكفاية ونطمع ونطمح في المزيد بعون الله ليكون القلم قلم، والريشة ريشه، والإزميل إزميل، وكلهم قلم .ألم يقل العزيز: بسم الله الرحمن الرحيم *علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم* (صدق الله العظيم). وبذلك تنعت كل النبهاء جهابذة المعرفة والدراية بشؤون الحياة الدنيوية والإسلامية لنتحاشى الحق الذي يراد به باطلا بقول الكلمة الدينية الخاطئة لتمرير ما يسمم به كل ما هو إسلامي، التي أساءت وأساءوا بها خاصة للعلماء الذين تفطنوا للعبة القذرة والتي هي على مقاس ملوكهم وأطماع بعض من سموا أنفسهم رجال دين، الشيء الذي انتشر اليوم بقوة بمحاربة الإسلام في عقر داره على أساس أنه دين من يفسد ويفسق ويقتل في الأرض (إرهابيون)، الشيء الذي عززه أشباه المسلمين ليفسدوا ويفسقوا على المنوال الغربي ويبقوا بذلك جاثمين على رقاب الأقلام وليها وخاصية الإسلام.بربك يا سها...، على أي ريشة وقلم نتحدث، الخائنة منها أو النزيهة عالمياً ؟النور، والظلام والظلم بينٌ، والكل يميز بين ذا وذاك وبامتياز، لا يقوى بوكرش ولا أظنه يأتي بأحسن ما جاء به أهل الحق والعدل في الإنسانية بأكملها من وصول آدم وحواء على سطح الكون الأرضي إلى كتابة هذه الكلمات المتواضعة النابعة من عمق جرح غائر يزداد اتساعه يوما بعد يوم، بعفونة الروائح الكريهة المسجلة بقاموس العطر المفضل لدى الآتية أسماءهم ، رائحة الملوك، رائحة الرؤساء والوزراء ومعظم المستثمرين في القطاع البشري من الخونة.أما الريشة حدث ولا حرج، من أتباع المدارس الغربية ومعتنقيها إلى عدد لا بأس به من الكتاب والأقلام التائهة في مفهوم ومرامي الحداثة التي بررت وجود الهش وما شذ وتعميمه للقضاء على ما تبقى من رواد حسن الصنع، حسن صنع كيان صاحب أجمل ما أثثت به متاحف ومكتبات أعدائنا، الذين استدمرونا (استعمرونا) ودمرونا وما زالوا يعملون على ذلك راكبين ظهور الأذلة والخونة منا.لا مستقبل للريشة الإسلامية العربية ولا للقلم الإسلامي العربي مستقبلا، لأنهم أصبحوا في عقر داره بنسبة تتجاوز 98% إلا ما تجاوز حدود العالم العربي للضفة الأخرى ويرون من خلالها ومن ورائها عدة مآرب.بدأت أمارس الفن بالمستوى اللغوي التشكيلي والمطارحات الافتزازية، بعد نضج ومستوى معين، يبدو لي من الـ 40 ربيعا من عمري إلى اليوم، لأقول: أن ما قبله أعتبره مجرد "جامباز" كتمرين بحث عن التوازن أو كيفيات العمل بالتوازن والحفاظ عليه ليستمر العمل بالتعديل، مع كل طارئ يخل به ويعرضه لـ ....وما دامت حياتنا المادية والطبيعية لا تعتمد على الاحترافية الفنية كممارسة يومية ونعيش بغيرها، أي بالاندماج في سلك التعليم كأساتذة رسم، وليس أساتذة، لست أدري إن كنت قد لاحظت أن الخطاب الحالي للكل أصبح استعمال كاف التشبيه هو التعبير السائد، ك ك ك .....كملك، كرئيس، كفقيه ك.....وبتنا وأصبحنا في الاعوجاج على شاكلة الكاف (كـ).متى رأيت استقامة ظل عود أعوج ، وهل يستقيم الظل والعود أعوج ؟.في ظل كل هذا، وما دمت مدمنا على ممارسة التشكيل كوسيلة أردت امتلاكهافقط للعمل بها عند الضرورة، عند عجز معارفي الأخرى لقضاء حوائجي من خلال قضاء حوائج من جاورني ممن يجمع بيني وبينهم عامل مشترك.ضيق الخناق والتكلفة المادية والزمنية التي يتسبب فيها العمل الفني التشكيلي مضرا بحياتي المادية واحتياجات أبنائي اليومية كان حافزا لأطور الأسلوب والوسيلة ضعيفة في حيز التكلفة المادية لأواصل باحثا عن أكسجين حياتي الفني بكل الأشكال والوسائل المتاحة، من بينها الكتابة التي بدأتها عام 2006 الذي مضى مكحلاً عيني بدمعة على حالنا ووضعنا.وأول مخطوط لي عنونته بـ (سعادة لصفر) سيطبع إن شاء الله عام 2008، وحوالي 70 موضوع بين نقد ومقال، نشرت معظمهم، بمجلة الفوانيس الأدبية الإبداعية الفنية و مجلة أصوات الشمال، ويومية الجزائر نيوز ويومية نبأ نيوز اليمنية الالكترونية.نواصي هذه الوسائل مثلها مثل نواصي الخيل إذا أحسنت لها وحظيت بالرعاية وجدتها تستسلم لك متى أردت العمل بها، وبغير ذلك تمردت وضاعت ضحية ذلك. 2- تقرأ وتكتب وترسم وتصنع من الصلصال نماذج مذهلة للتأمل، هل يحتاج برأيك الفنان إلى قراءة ما يصنعه قبل أن يجسده لوحة بألوان أو صلصال؟كما أرى من خلال رؤيتي أن من مصلحة الكاتب أن يزور المعارض الفنية ؟ هل توافق على رؤيتي تلك ؟ ما الفائدة من الاطلاع على معارض الفنانين؟هل هناك رابط بين الفن والكتابة ؟

قبل بداية الرسم والنحت وأخيرا الكتابة، كنت بجميع حواسي متتبع لمفاهيم ومرامي ما نحت من معاني بالتشكيل المادي واللغوي لبعض تصوير أهل الدراية والمعرفة في استعمال أشكال التعبير المختلفة التي حبك بها الرسامون والنحاتون والكتاب روائع وبديع أثاث المتاحف والمكتبات والمخابر، وبالتالي نحت بذلك ما يشبهني ويشبهك بالتجذر والكيان بالمعنى وبالفعل بالحضور والمشاركة بالتصادم، بالتلاقي والتقاطع، بالتفاهم، بالتفاضل والبقاء للأحسن بالبديل المتطور لاحتياجاتي الخاصة من خلال الاحتياجات العامة.ومن جملة هذه الاحتياجات ما هو إشكالي مطروح لجدة وحداثة معطياته والتعامل معها تعامل مخبري قبل التعامل بها، لذا من واجبي في البداية التعامل التجريبي المفتوح على المغامرة...والاكتشاف ومن ثم كل شيء وارد بما في ذلك تضاعف الضريبة... التي هي عين الدروس ونظرياتها التي تؤسس للعمل الفني مناهج في الإبداع، في التصور، والمفيد بمحاولات متتالية للنيل منه بتقليص أعلى نسبة ممكنة تمكنه من النيل مني ومنك... بالكتابة والرسم، بالتصوير والنحت، بالتحسس والموسيقى، بالذكاء والسياسة، بالإخلاص والتفاني، بالسهر والمثابرة، بالضريبة والتضحية، بالانتصار وتكامل ما سبق ضمان البقاء، والخلود بالهروب لله عز وعلا وجل جلاله. 3- قرأت في كلامك توجهاً نحو الفساد في السلطة خاصة فيما يتعلق في المنابر الثقافية، برأيك من يدعم هذا الفساد، السلطة ؟ أو من هم وراء أحداث الوطن من منظمات إرهابية تقودها الماسونية الصهيونية الأمريكية ؟ لا أرى سلطة قامت أو قائمة لو لم يكن وراءها أقلام... مصلحة...قد تضيق وقد تتسع بعدد المعارضين، منهم المتأرجح بين، بينٍ بالتنازل المأجور والمساومة أو قهر بالتصفية وأشكالها المتعددة، كان ذلك مع الأنظمة بالداخل أو التواطؤ والخيانة كلية لمصالح عولمة سفك الدماء والهيمنة شكلا ومضمونا بكل المسميات والحجج التي تبدو حقا، لكن الغرض باطل.. باطل.. باطل . 4- أيهما ينتصر لثورة الوطن، الكلمة ؟ أو اللوحة ؟ في أي منهما يكون التأثير أشدُّ بلاغة من الآخر ؟لقد أجاب أدولف هتلر عن هذا السؤال قبل بداية غزوه للعالم يوم قذف بمعتنقي مدرسة الباوهاوس الى شواطئ أمريكا، المدرسة التي جمعت فطاحلة الفنون بجميع أشكالها واختصاصاتها الشيئ الذي صنع القوة الأمريكية التي نعرفها اليوم. لأقول لن أفصل شيء عن شيء والخالق أحاديته تتجلى بأحادية ووحدة هذه الأشياء التي ذكرت وباقي ما لم أذكر.

5- في مدونتك لا تغفل أي رسالة لك ولغيرك، ما سبب الاهتمام بهذا ؟فقط ليكون التواصل هو النموذج الحقيقي والمثال في الأخذ والعطاء لبناء كيان وحدوي أساسه القوة المنافسة، وللحفاظ على التوازن المثالي، وتقليص المسافات، وليعرف الكل أني مازلت في حاجة لمعرفة ومعارف الآخر لأني بدونه لا أمثل شيء.

6- لوحة للفرح ، لوحة للحزن ، أيهما تجد نفسك منصاعاً بلا شعور لتلوينها؟ ولماذا ؟ ما هي أحلامك فناناً ؟ إنساناً؟ ناقداً؟ شخصاً عادياً؟ ورجلاً يحمل كل هذه الصفات ؟

- الفرح تعبير مجازي نسبي، ونسبي جدا بالمقارنة مع الحزن سيد الوجود، ربما هو ثمرة تقتطف بعد معاناة وتضحية مرة أبسطها، أسميها نشوة انتصار سرعان ما ترمي بك لتتجرع مرارة ما بعده، ولا كمال إلا كمال الله.كلنا عابر سبيل يعمل للتكفير عن ذنوبه وفي هذا الامتحان يكرم المرء أو يهانيوم يلاقي ربه ويجازى بما فعل وتتضح جليا نهاية اللوحة كانت مفرحة أو محزنة، تتعدد اللوحات شكلا ومضمونا لا ألوان لها إلا ما بدا على وجوه غيرك بالرضاء والالتفاف حولك أو إدارة ظهورهم والابتعاد عنك.

7- ما موقفك من المرأة؟ هل توافق على الفصل بين الأدب الذكوري والأدب النسوي كما يشاع؟ هل المرأة ما تزال قاصر فكرياً عن مواجهة كل تحديات العصر؟ ما السبب؟- ليس لي مشكل يجبرني على طرح مثل هذا السؤال ولا الإجابة عنه لا لشيء سوى أني متأكد من أن لا وجود لي، ويستحيل أن أتواجد أنا أو أنت بدونهما، بأدب وآداب أمي، وأدب وآداب أبي، حنين وحب أمي، وحنين وحب أبي، وبالمثل أنت، لكن أنا وأنت بداية واستمرار وجود سواء كان ذكرا أو أنثى والعامل المشترك بينهما إنسان لا جنس له.أما ما يخالف هذا أعتبره استفحال مرض، وإشكالية للمغالطة، وتقصير من الطرفين في فهم القوانين الطبيعية والعمل بها، وما ينتج عنها اختلال في التوازن وكثرة الانزلاق ويستثمر فيها بالطرق الملتوية كحقوق تنتهي دائما بالباطل وقضاء المصالح الضيقة التي تزيد الطين بلة.

8- سؤال لم يرد هنا، تسأله أنت، تجيب عليه أنت... وبكل مالديك من حب لهذا الوطن وتلك الأمة نكون قد أضفنا إلى قائمة من نفخر بهم محمد بوكرش.لن أجد أحسن من الإنترنت والرقمية التي أثمرت بتقليص المسافات، وبنت جسور تواصل أجمل وأروع، لقاء أبناء وبنات البيت العربي الذي أتمنى أن يتحقق أخيراً، وأجمل مثال هذا اللقاء الحميمي الذي يرسم لوحة الفرح التي أريد وتريدين...كل حبي وتقديري واحترامي لأمتنا قاطبة من خلال حبي وتقديري واحترامي لك سيدتي الكاتبة والفنانة الإنسان سها جلال جودت.سنة ميلادية 2008 سعيدة وكل أيامكم بالعمل الصالح أسعد.

dimanche 2 novembre 2008

مقدمة في مفهومية الفنون التشكيلية العراقية .. (عصر قبل الكتابة / أ.د. زهير صاحب


مقدمة في مفهومية الفنون التشكيلية العراقية .. عصر قبل الكتابة



أ.د. زهير صاحب
Saturday, 01 November 2008
تقـدمـــه: لو إننا أمعنا النظر إلى لفظ (مفهومية) لوجدنا إننا نستعمل هذا اللفظ في الكلام الجاري للإشارة إلى لُباب الشيء، أي إننا نهتم بالعناصر الأساسية
الجوهرية عن الموضوع التي لا غنى له عنها. ونحن هنا، نضع جُل اهتمامنا في توضيح أدق الخصوصيات لفنون هذه الفترة على أرض العراق بخصوص جوانبها الفكرية، والأساليب الفنية التي أنجزت بها، وإبداعات الفنان التقنية وسمات الأشكال التعبيرية، فذلك لأن أعمال الفن، بعد تأطيرها بعاملي الزمان والمكان، ومهما اختلفت ضروبها، تَشهد ارتباطاً كبيراً ببعضها. فالفن بمثابة بلّورة لكل نشاط حضاري، وتركيز لطبيعة الحياة البشرية. وسجل صادق لوجدان الإنسان، ووعيه بصفة عامة.

ولكن وظيفة الفن تَجد لها في بعض الأحيان، صيرورة أعمق من ذلك. إذ إن في طبيعة فنون عصر قبل الكتابة الرمزية، حقائق شاملة معينة، قد يكون لها أكبر معنى، يمكن أن يصلنا عن تلك الفترة الزمنية التي سبقت ظهور الكتابة، فالنشاط الفني جزء لا يتجزأ من إبداعات الإنسان، لبلوغ فهم أعمق للواقع وتطويره. ذلك إن الفن كان وما يزال ذلك الجزء الهام من تاريخ الإنسان وثقافته وتراثه. إن ما تمثله هذه المرحلة من إزدهار في الفنون وتنوع الأساليب التي أبدعت بها. لم تكن إلا تعبيراً أختاره المبدع بعناية للفكر المجرد، فالعمل الفني هنا لا يمكن فصله عن الفكر، إنه تمثيل لصورة التجربة التي بدت واعية بذاتها.

إن في معتقدات الإنسان الأولى، في سعيه لترويض الطبيعة بالشعائر السحرية، عن طريق المحاكاة والتقليد، وإدراكه الخاص بحيوية المادة، واهتمامه بفاعلية التمثيل الفني للظواهر، وملاحظة قوانين الطبيعة، وتواصله الروحي مع كل الظواهر المُتحكمة في مفردات حياته. قد وجدت لها حالة من الوعي والتشكل الجديد في أعمال الفن، واكتسبت معنى وحيوية تعبيرية، وبما يتماشى وطبيعة هذه المرحلة الحضارية الجديدة. فهو عالم من القيم المطلقة والباقية، يعلو على عالم الظواهر المُتبدلة، ويتحرر من جميع تعسفات الحياة. ولعل في كشف الفن هذا، إن بدا وسيطاً، وأصبح وسيلة للارتقاء بحالة الوجود اليشري في زيادة قوته وإثراء حياته.

إن حالة من الوعي في الخصوصيات الفنية التي تتجسد في طبيعة الأعمال الفنية من هذه الفترة. وهي أكثر أشكاله قِدماً وأصالة، والتي نَروم الخوض في توضيحها، بهيئتها العامة. فيها من التنوع وضخامة النتاج، ما يدعونا إلى إيجاد حالة من التركيز على تلك النواحي التي وجدنا إنها تساعد في توضيح تلك المفاهيم التي سننسبها للأعمال الفنية، وفي حالة من التداخل ما بين العام والخاص، فالحضارة هي البوتقة الكبرى التي تصهر فنون الجماعة وطقوسها وشعائرها وأساطيرها وقيمها الجماعية وشتى مظاهر نشاطها. ويمكن تأسيس ركائز هذه المفهومية في بنيتها الفكرية والتقنية والشكلية بثلاثة مفاهيم:
1. طبيعة الصورة الرمزية.
2. سمات الأسلوب الفني.
3. تحولات الأشكال من الواقعية إلى التجريد

1. طبيعة الصور الرمزية:
إن صورة الوعي الفكري الإنساني، التي بلغتها حضارة هذه المرحلة، وذلك بصدد المعتقدات الدينية في شتى ضروبها، هي نقلة نوعية جديدة في تاريخ الحضارة البشرية حققتها الحضارة العراقية لأول مرة في التاريخ الإنساني. فَحالة الوَعي بإدراك الجوانب الحسية للواقع، بالتمييز ما بين النظام الطبيعي للوجود، والنظام ما فوق الطبيعي. كانت تتضمن بالضرورة قوى غيبية لها فاعليتها الحيوية في سير الظواهر الحياتية. وقد وجد الفكر في الأعمال الفنية، وسيلة لتوضيح مثل هذه الصور الذهنية. وهكذا أوجد إنسان العراق عالماً بديلاً عن واقعة الحياتي. فكان اندفاعه لتكوين عالم آخر من القيم والمعتقدات، له صفة الثبات والديمومة. بدلاً من عالم الظواهر الحياتية المُتغير، فاكتسبت للأشياء والظواهر فيه مضامين روحية، بدلاً من خصوصياتها الواقعية المباشرة. فانطباعاته لم تنبثق عن مسرته في الملاحظة المباشرة والحسية للأشياء، بل كان سعيه منصباً في تكوين مضامين ذات مغزى أعمق. فإنه عندما ينجز عملاً فنياً باعتباره عملاً من أعمال الاستعطاف السحري، فإنه يَهرب من الحالة السائدة في وجوده، ويخلق ما هو بالنسبة إليه تعبيراً فكرياً عن حالة من التحقق، لذلك تكون الرسوم والمنحوتات، تمثيل مختزل لأفكار عامة. " فالتضمين في مثل هذه النتاجات الفنية هو فلسفة الحياة برمتها، فكل هذه الرموز غنية بالمعاني. فهي تعبير عن آمال ومخاوف كل الجماعة " (بارو، 1977، ص92).

فتحول العمل الفني التشكيلي شيئا فشيئاً من صورة مماثلة للشيء المواد تصويره، إلى صور معبرة عن ذلك الشيء. فالفنان هنا لا يستقي البهجة من الطبيعة العفوية للأشياء، لكنة يسعى إلى نوع من التحوير والاختزال وصولاً إلى الأسلوب الرمزي في التمثيل، تبعاً لأفكار ومضامين لها علاقة بالفكر الديني. وهو من الضرورات الملحة في حياة الجماعة. إن مثل هذه الرموز وما نُسميه نَحن اليوم بالأشكال التجريدية، لم تكن تمثيلاً لأشياء مادية، بل تعبيراً عن أفكار. ذلك إن شكل الصليب الذي يُزين أحد كتفي منحوتة فخارية بشرية أنثوية من هذه الفترة. لابد أن تكون له قدسية خاصة، واهمية سحرية فعالة (شكل 1) وبفعل نقاء وأصالة الحضارة العراقية، نجد استمرار استخدام هذا الرمز لأهميتهِ السحرية والقدسية حتى الزمن الحاضر (شكل 2).

ولقد أشار جايلد ( Childe ) في وصفة للرسوم الملونة التي تزين الفخاريات من هذه الفترة: " إنه فن رمزي بكل وضوح ومشحون بقوة رمزية عظيمة " (جايلد، 1978، ص204) فقد كان يشار إلى الأشكال برمزية مُقتضبة، ومثل هذه الأشكال التي تبدو في بعض الأحيان هندسية الطابع. (شكل 3) إلا إن ذلك لم يقلل من أهدافها الرمزية ولم يسلبها حيويتها. فلقد كانت المجال الرئيسي لأساليب التعبير الروحية الاجتماعية.

وبدت تلك المشاهد الملونة الجميلة على سطوح الفخاريات، بمفاهيمها الروحية والاجتماعية، ومدلولاتها الفكرية، ذات فاعلية كبيرة في شعائر وطقوس ومعتقدات الإنسان الدينية. إذ إن معظم نماذج الآنية، كانت قد استخدمت في دفن الأموات أو تقديم القرابين في المعابد، أو حين تم حرقها أو تحطيمها في الشعائر والطقوس السحرية. ولقد حافظ الإنسان على بعض نماذجها عند تعرضها للكسر بمحاولات عديدة لإصلاحها، حتى تَتم عَملية تلبية النداء الروحي الذي أوجدت من أجله. فمثل هذه الأعداد الهائلة من المفردات الرمزية، أريد لها أن تمثل أصدق تعبير عن مدركات الإنسان في ولائه للقوى المُقررة لمصيره. وربما كانت وسيلة التوثيق الوحيدة لعالم الأفكار الإنسانية، في الفترة التي سبقت ابتداع الكتابة، وتفصح تحولات الأشكال الواقعية إلى الأشكال التجريدية في رسوم الفخاريات الملونة. والتي تمثل مفردات من مظاهر الطبيعة كأشكال النباتات والحيوانات. إلى أن الفكر يبحث هنا عن شيء كامن خلف الظواهر، وعن دلالات فيها من حيوية الرغبة بمظاهر الخصب والنماء كثيراً من الإلحاح.

وعلى هذا المنوال في انتخاب التمثيل الفني للظواهر، كرموز لمظاهر الحياة والطبيعة، يمكننا أن نُقدم تَفسيراً لتلك المجموعة العظيمة من رؤوس الطيور الحجرية من مستوطن (النمريك). " والتي أكسبت الإبداع الفني لهذه الفترة على أرض الرافدين، تاريخاً أقدم مما تعارفَ عليه مؤرخو الفن، وصولاً إلى الربع الأول من الألف الثامن ق.م ". ( Koziowski, p. 155, fig – 64 - 68 )، فأشكالها الأنيقة، ومظهرها المُفرط في الواقعية (شكل 4) لابد أن يكون تعبيراً عن ضرورة اجتماعية. ولعل المجتمع الزراعي وجد في مقدمها كل ربيع فألاً حسناً، حيث ستأتي بالمطر الغزير المصحوب بالغلة الوفيرة. وربما تمثل نوعاً من الطواطم التي امتلكت صفة التقدير الاجتماعي في زمانها ومكانها.

إن مثل هذا النشاط الناشط لمدارك الإنسان الفكرية، وبفعل تراكم التجربة، وزيادة الخبرة، ومراقبة الظواهر. استطاع الإنسان أن يُجد لنفسه تصورات يدرك من خلالها بيئته الخارجية، وهي أهم المظاهر الخارجية في فهمة للعالم. وهذه المدلولات الرمزية التي اكتسبت معاني طقوسية. كانت قد شهدت عُرفاً جماعياً. فكانت من نتاج التصور الديني للعالم لدى شعب بكاملة. وتلك هي المفهومية الأولى لفنون هذه الفترة وقد باتت مهمتنا الأعظم في استقصاء الماهية الأولى لفنون هذه الفترة. تدور في تلك الجوانب التعبيرية للأعمال الفنية، وتتلخص بتلك المضامين الجماعية الدينية والاجتماعية التي توحي بها. وكينونتها المتضمنة حضوراً غير مرئي بمعانيها الرمزية. ودورها القدسي في انطلاق شرارة التفاعل بين عالم الطبيعة وعالم ما فوق الطبيعة، وترجمتها بل وترسيخها الجوانب الروحية في فكر الفنان والمجتمع.

2. سمات الأسلوب الفني
على الرغم من الدور الهام الذي يَحتله التفوق المهاري، والخبرة التقنية، وتراكم الخبرة والمراس، في خصوصية الشكل الفنية. فإن للسمات الفنية التي تَظهر على الأشكال، علاقة بالنواحي الفكرية، التي تُقرر المظهر الذي تتسم به المفردات المُمثلة من الناحية الشكلية. ويظهر إن طبيعة التفكير، كانت ذات خصوصية، تَتجه أو تَميل إلى تمثل الأشياء في كليتها، وفي أشكالها العامة المُوحية بالمعنى المرتبط بالشكل. ولذلك فهو ليسَ ميالاً إلى تحقيق أدق تفاصيلها الواقعية. بل يرى إن العنصر الحاسم هو ظاهرها، وهو شكلها، وهو ما تراه العين منها، فهنا لا يمكن أن تتصف الأشكال البشرية والحيوانية، عندما تتجسد كأعمال فنية، بكل تفاصيلها الدقيقة الحسية الماثلة للناظر في مجال إدراكه. بل تتركز الرؤية في انتزاع عدد من السمات الأساسية للشكل لتكوين مظهرة العام، في صيرورة من الخلق تَقوم على حالة، إن كل مالَهُ نفس الشكل لَهُ أيضاً نفس الجوهر. ومن هنا يمكن أن نصل إلى نوع من الرمزية الواعية في توظيف مظاهر الأشياء باتجاه مطامح الوعي الجماعي. فلقد كان الفكر يَبحث عن البنية الأساسية للشكل، فوجد في هذه الأشكال رموزاً للحقيقة الروحية. إنه الفن المُتخلص أو المتحرر من الطبيعة، بأشكاله الجوهرية أو الخالصة، أو المتجردة من التفاصيل فمثل. هذه الأشكال، هي مفردات هامة في الدراما الدينية والاجتماعية، والتي تُمثَل دون انقطاع في أعمال الفن، وقد كانت تؤدي دورها في الفهم الاجتماعي بشكل محكم.

والصور الأكثر دقة، في سمات الأشكال البشرية (الفنية)، التي استمرت حتى الفترات التاريخية اللاحقة، والتي وجدنا أصولها الأولى في فنون هذه الفترة. هي ارتباط الشكل الجانبي للوجه مع الشكل الأمامي للصدر، والوضع الجانبي للساقين (شكل 5) ولقد علل (هربرت ريد) ذلك: " في إن الفنان كان يُمثل أكثر الجوانب تعبيراً في كل عنصر من عناصر الشكل ". (ريد، 1986، ص84) بينما يَرى (هاوزر) إن سبب ذلك يعود: " إلى إن الفنان كان يمثل ما يعرفه أو يفهمه عن الأشياء، بدلاً من تمثيله الشكل كما تراه العين مباشرةً ". (هاوزر، 1968، ص423).

إن حالة من الفحص الدقيق لرأي (هربرت ريد) ورأي (هاوزر) حول هذه الظاهرة. يُوحي بشيء من توحد الفكرة بينهما. الأمر الذي يجعلنا نُرجح كلا الرأيين، كحل لمشكلتنا هذه، ولكن بعد دمجها معاً، فأوضاع الأجزاء الأكثر تعبيراً في الجسم البشري، هي أكثر الأشياء ترسخاً في ذهن الفنان. عندما يمثل الشكل اعتماداً على الصورة المُترسخة في الخزين الذهني وكما هي كائنة في الذهن. فهنا يظهر الشكل بها يتفق مع النزوع الذهني للفنان، وبما يُحَمل الشكل أقصى طاقاته تعبيراً. بدلاً من الاعتماد على التمثيل الذي يعتمد التَدقيق البصري المباشر.

واستناداً إلى مثل هذا الرأي، يمكن أن نُرجح تَعليلاً للأسلوب الفني المتبع في رسم أقدم المناظر الطبيعية على أرض الرافدين. فعلى السطح الخارجي لأحد الجرار الفخارية الكبيرة الحجم من هذه الفترة، تم رسم مشهد صيد لعدد من الحيوانات، على ضفتي نهر يَجري بين سلسلتين متوازيتين من التلال (شكل 6). وهنا علينا أن لا نتوقع أن يتم رسم المنظر كما تألفه عين الفنان الرائي، بانطباعاته الحِسية المحاكية للمرئي، بل يتم انتزاع عناصر المشهد بوقعها الخاص في الذهن، وكما آلت إليه في خزينهِ الذهني لحظة الرؤية الأولى. فظهر المشهد بعيداً عن حيويته وحقيقته الطبيعية المرئية. ذلك إن الفنان قد رجع إلى تصورات الذهن، على حساب الأحاسيس الآتية من العالم الخارجي.

إن مظاهر الاختيار الواعي في الحذف والتبسيط والتجريد، في سمات ومواصفات الأشكال الطبيعية، بالإبقاء على الجوهر، التي وجدناها في الخصوصية الثانية لمفهومية الفنون التشكيلية من هذه الفترة. هي مظاهر فنية مستندة إلى عالم الوعي الفكري للجماعة، والذي يُقرر ما وراء هذه التَمثّلات، من صفات روحية تكمن وراء هذه المظاهر، فالعمل الفني لم يكن خوضاً دقيقاً في ملامح وتفاصيل الأشكال المرئية، كما تبرزها أجهزة التصوير المعاصرة، بل ترجمة للمعنى ونقلاً للفهم، واهتماماً بالشكل المُوحي لمظهر هذه الأشياء. والتي شهدت وعياً اجتماعياً عاماً.

3. تحولات الأشكال من الواقعية إلى التجريد:
إن حالة من التفاعل العضوي والديمومة، ما بين مفهومية الفن الرمزية العامة، وسمات الأشكال الفنية التي تَفي الوعي الفكري حاجته التعبيرية. هي حالة من الفاعلية، اكتسبت بها أعمال الفن من هذه الفترة، أدق خصوصياتها. وإن حالة من إدراك هاتين الخاصتين، في حالة من التفاعل مع عامل الزمن. سنصل إلى تلك المفهومية الثالثة. التي تَفقد فيها الأعمال الفنية مظاهرها القريبة من التمثيل الواقعي، بفعل تعاقب السنين والأجيال، وتوالي مراحل تطور الفكر الديني والاجتماعي بكل ضروبه. وارتقاء فهم الإنسان لما يحيط به من مدركات وقوى، لها اليد الطولى في سعادته أو تعاسته.

وَيقودنا البحث والاستقصاء في فنون هذه الفترة التي سبقت ظهور الكتابة في العراق، إلى ملاحظة إن العديد من الأعمال الفنية، المتمثلة بالرسوم التي تزين الآنية الفخارية وفي السمات الفنية للأشكال النحتية. إن المضامين الفكرية، تبدأ بتمثيل المشاهد بجميع عناصرها بالأسلوب الواقعي المحاكي لأشكالها في الطبيعة. إلا إنها تؤول ومع تَقادم الزمن إلى فقدان خصوصيتها الواقعية، بفعل عوامل التحوير والاختزال والتبسيط، مكتسبة أشكالاً، على الرغم من وجود حالة من الارتباط مع نماذجها الأولى بصدد سمات الأشكال الموضوعية، إلا أنها تكون قد دخلت عالم التجريد. وهنا تَستحيل الأشكال إلى مجرد رموز، وهي برغم فقدانها الارتباط بالواقع بصدد مشابهتها الطبيعية، إلا إنها تبقى عظيمة وحية الفعالية في قيمها الروحية الاجتماعية. ولقد أطلق (كوبلر): " على هذه الظاهرة أسم المتتابعة الشكلية التاريخية في خصوصيات الأشكال من النواحي الفنية ". (كوبلر، 1965، ص76) وإن ظاهرة التحوير هذه، والتي تَدخل على الأشكال، قد تكون تدريجية، أو تكتسب طابع التَحوّل السريع، بحيث يَصعب الرَبط بين أصولها الأولى، وأشكالها التجريدية التي آلت إليها.

وعلينا الآن، أن نُغني الموضوع بالأمثلة المُتاحة. فلقد أوضح (ملوان) (Mallowan ): " بأن شكل رأس الثور المعروف بالبوكرانيوم ( Bukranum )، هو عنصر التذكير الهام ضمن قوى الخصب في المفاهيم الفكرية للجماعة، وقد ظهر بشكل واقعي في البداية. (شكل 7)، ثم ابتعدت مواصفاته التشبيهيه عن سلفة الواقعي، نحو الأشكال التجريدية مع مرور الزمن ". ( Goff, p. 121 ).

وأشار (باور): " إلى إن ما يُعرف بمشاهد أشكال النساء الراقصات (شكل 8) التي تُزين سطوح الفخاريات اتسمت بقرب أشكالها من الواقع في البداية، ثم آلت إلى الابتعاد عن أصولها الأولى، بخصوص مواصفات الشكل التشخيصية، إلى أشكال تجريدية ". (بارو، 1977، ص94). كما إن لشكل ما يعرف بالصليب المالطي بشكله التجريدي الشائع الظهور في الأعمال الفنية لهذه الفترة. (شكل 9) أصولاً ذات سمات شكلية واقعية، فقد استحالت أشكال الوعول الراكضة إلى مجرد أشكال مثلثة، وقد أرتبط كل منها برأس من رؤوس المربع الذي شكل نقطة الَمركز في التكوين.

ونظراً لما تمتلكه هذه الخصوصية، من أهمية في مفهومية الفن من هذه الفترة، لذا سنحاول ترجيح بعض المبررات لهذه الظاهرة، والتي تعمل مجتمعة لخلق هذه الخصوصية. ويدور افتراضنا الأول حول تعدد الأشخاص، ممن ينفذون هذه الأعمال، فقد يقود اختلاف المستوى المهاري الفني، واعتماد ظاهرة تقليد الأشكال الفنية الممثلة في الأعمال الفنية، من قبل أشخاص مقلدين آخرين. فقد نجد في ذلك صفة بعض أنواع التحوير التي تدخل على الأشكال كعناصر تصويرية بعدم التزام جانب الدقة الأول. أما الافتراض الثاني، فقد أوضحه (كوبلر) بعبارة: " إن الألفة الزائدة تورث الاستخفاف ". (كوبلر، 1965، ص151). حيث يؤدي التعايش اليومي مع نفس الأشكال، إلى خلق حالة من الكلل، لما من شأنه، أن يدعو إلى البحث عن أشكال جديدة، مع الاحتفاظ بنفس المعنى.

وإضافة لما تقدم، يمكننا أن نرجح أيضاً، حلاً آخر لوجود هذه الظاهرة. وهو إن اهتمام الفنان بالمضامين الاجتماعية المقدسة لهذه الأشكال، قد جعل فكر المبدع مركزاً بصدد المضمون على حساب الشكل، طالما إن صفة القديسة ملازمة للأشكال المصورة رغم التحويرات التي تدخل عليها بسبب نسخها ربما لعشرات المرات. أما الافتراض الأخير الذي نرجحه هنا، فيرتبط بظاهرة تطور الوعي الفكري الديني من الناحية الاجتماعية، مما وَلّدَ ضرورة ملحة لإبداع أشكال تجريدية مطلقة للتعبير عن ظواهر مطلقة، ترتبط بعالم الوهم، وعالم القوى الغيبية، حيث تدعو الحاجة إلى التحرر من النموذج وصولاً إلى البناء الشكلي الرمزي الخالص في مخاطبة القوى العليا، التي يَصعب التكهن بإرادتها. وهي خصوصية لازمت فنون هذه الفترة.

وهكذا يُكتَسب المعتقد الديني للجماعة، معنى أغنى، وقوة تعبيرية أعمق، كانت تفتقر إليها وهي خارج مجال التمثيل الفني. فالفن كان مَظهراً للعقل والتفكير. وهو نداء النفس البشرية التي كانت بكليتها تبحث عن ذاتها، والتي بدأت تستفيق بفعل هذا الحافز الحقيقي نحو تلك الكفاية الأولى. وها نَحنُ ذا نَرى آية إشعاعات ما ورائية، وآية طاقة روحية، وآية أهمية اجتماعية، مشهودة ومتغلغلة في صلب مجموعة النشاطات العليا للجماعة، تَعيَّن على الفن أن يحملها إلى إنسان هذه الفترة. إنه انتصار الحياة الأول، والذي عزف لحنه خالداً على هذا النحو على أرض العراق.

ومع كل ذلك، فإن هناك موضوعاً يَدعو للدهشة بهذا الخصوص. فلقد وصفت فنون هذه الفترة بأنها لن تتَخطى المستوى (الحرفي)، بفعل ما عُهِدَ إليها من حاجات وجوانب غائية اجتماعية. وهنا فإن دراسة مستفيضة للمعتقد الديني والنظم الاجتماعية، ونشاط الإنسان الفكري، والأوجه الحضارية المختلفة الأخرى لهذه المرحلة. ستثبت بأن وجود الخط الفاصل، ما بين اتجاه النفع المطلق، واتجاه الفن المطلق، لا وجود له إلا في مخيلتنا. فالنتاجات الفنية لهذه الفترة هي مزيج من عناصر نَفعية وفنية. ولكن بدرجات متفاوتة، ولا يمكن تصور أي شيء، لا يضم عناصر النفع والفن معاً. وفي الوقت الذي لا ننكر فيه، إن عملية إبداع الأعمال الفنية لهذه الفترة، لم تكن ضرورة جمالية بحتة. إلا إن طبيعة الفكر الحضاري للجماعة لم تَفصل الفن عن الصناعة أو الخبرة بشكل عام. فلقد كان النشاط الفني مُندمجاً في صميم اهتمامات الحياة، وكان نشاطاً فكرياً روحياً، أمتلك ظاهرة القداسة.

وتؤكد الأعمال الفنية النحتية والفخارية والرسوم من هذه الفترة بشكل عام إنها كانت مجردة من وجودها المادي، فهي بذلك عبارة عن رؤى روحية، ورموز دينية، وقوى فاعلة في الوجود الإنساني. ولَعَلَ في ذلك ما يُحرر الإدراك من الأغراض العملية. فهي عبارة عن قوى مثقلة بمضامين عقلية، وهذه المضامين ظواهر حياتية تَمتزج بانفعالات الحياة وترتكز عليها. ذلك إن إنسان هذه الفترة، كان حتى في أدواته، يتطلع إلى إبداع أشياء يَعتبرها جميلة بشكل واضح. وليس من شك في إن هذه الزينة لم تكن غير ضرورية، ذلك لأنه كان للصور تأثيرها ومعناها، وكان لها شيء محدد تَنطلق به.

وإذا أضفنا الجوانب المهارية، والخبرات التقنية، إلى السمات التعبيرية للأعمال الفنية. تَبرز تلك الأهمية العظيمة في قيمتها الفكرية، وسمات وجودها وتوارثها عبر الأجيال. فهي تمثلات الوجود الإنساني، بما يرضي حاجاته التعبيرية. إنه الموقف الإنساني الفكري في سعيه لترويض الطبيعة عن طريق المحاكاة والتقليد، واستعطاف قواها الخفية، بفاعلية التمثيل والحركات الإيقاعية، التي وجدت فيها الجماعة ذاتها الأولى في التاريخ ولعل في ذلك كله أهم عناصر خلودها حتى هذه اللحظة.

اســـتنتاج:
1. إن الفكر العراقي الإبداعي، وهو يؤسس أنظمتهِ الأولى في تاريخ الإنسانية. تمكن من تصنيف الظواهر وإدراك ما بينها من علاقات، فجعل لكل قوة في الوجود (رمزاً)، وعلى هذا النحو تحولت الظواهر إلى رموز ومفاهيم، وهي تكثيف للأفكار بخطاب التشكيل. إنها بمثابة الوسيط، بين الطبيعة في بنائيتها المادية وعالم الميتافيزيقيا، وبجدل حيوي بين فيزيائية الظواهر وجواهرها. فالكوني في بنائية الفكر القبل كتابي، ينتمي إلى واقع وما فوق الواقع. وقد (حَلَّ) الآن عالم الوهم، بمحيط معرفي في وعي الإنسان بتأويل المدركات إلى صور رمزية. فتحولت الأشكال، من صور مماثلة لحيثيات الأشياء إلى دلالات معبرة عنها. ذلك إن مثل هذه الخطابات الرمزية في (جوهرها)، لا تستقي البهجة من الطبيعة (العفوية) للأشياء، لكنها تسعى إلى نوع من التأويل، وبما يضع الرمز في خصوصيةِ اللامحدودة، متعدياً السببية الرابطة بين المرموز به والمرموز إليه. فالمهم هنا نوع من الإزاحة في أنظمة الأشكال كمفاهيم، وبما يجعلها موحية (مشفرة) بدلالات جديدة. فقد كان هدف الفن ليس التقليد، بل الكشف عن الصيغ التي (تساند) الفكر الإنساني (القبكتابي) لامتلاك صلات وثيقة مع عوالمهِ الحاضرة والمعّيبة.

2. قاد الفعل المبدع لآليات عمل الصورة الذهنية للفنان من الفترة القبل كتابية في العراق، إلى تمثيل الفنان لما يعرفه ويدركه عن الأشياء، وما ينبغي إن تكون عليه، بدلاً من أن يحاكي ما يراه، واضعاً بذلك التجربة الحسية تحت سيطرة ومراقبة الذهن، ذلك إن الأشكال في فنون هذه الفترة العظيمة، كانت حقائق صورية. ومن هنا كان التوجه نحو المظاهر التجريدية، والتوقف عند الصور الذهنية غير المادية. والقائمة على التنظيم البنائي المتناغم في الأشكال الهندسية. فالفنانون لم يروا بأعينهم ما في الطبيعة بل بأفكارهم، وهم لم ينسخوا الموضوع كما هو في الواقع بل يؤولونه نحو الجوهر. ذلك إن تشبيهية الصورة، لم تعد تمثل نظام الشكل في فنون الرسم والتصوير، بل عَمِدَ عوضاً عنها، إلى تأويل نظام رياضي، يتسم باستدلالات عن الصورة المُدركة حسياً. وفي ذلك تكمن القدرة بالرقي على جميع الصور الفردية، وشتى أنواع التفاصيل والجزئيات. ومن هنا كان التحول في سمات الأشكال من الخصائص الجزئية، إلى بنائيتها الكلية، ومن الفردية إلى التعميم المطلق.

3. إن الأصل في المنجزات التشكيلية، هو العمل الأول الذي يرى النور بفعل إبداع (الفنان). أما (القوالب) الأخرى والتي تشكل سلسلة تاريخية، تعقب الأصل، فإنها لن تكون بذات الأمانة المطلقة في فعل الاستنساخ. وبفعل الطلب الاجتماعي على الأعمال الفنية التشكيلية من الفترة القبل كتابية في العراق باعتبارها رموز طقوسية، إن جعل الضرورة الفكرية (مرّكزة) على المضمون على حساب الشكل. فتوالدت الأشكال وهي تحمل تنوعاً في الأنساق التشكيلية، مما أكسبها ابتعاداً عن (الأم) في نسخها المتكررة، الأمر الذي ولدَّ تمرحلات بصدد الأسلوب من دقة الواقعية نحو رمزية التجريد. وهي آفاق تبدأ بتأكيدها الوجود الإنساني، بواساطة الإنسان نفسه، وبتأكيد حقه في إيجاد حقيقة أخرى، خارج حدود الطبيعة بل ويتجاوزها اعتماداً على قوانين خلق أخرى.

4. وفعَّل تطور الفكر الديني، ضرورة إبداع أشكال (تجريدية) مطلقة للتعبير عن ظواهر مطلقة، في خطابها التشكيلي (المشفّر) نحو الميتافيزيقي. وذلك بإبداع أشكال بفعل الخيال والتأمل، تستطيع تجاوز منطق الواقع. فالمهم هنا هو تمثيل الأشكال بأسلوب، يفعّل تأويلها بدلالات جديدة، وبوجود مضاف تبثهُ فيها الذات الفردية للفنان المبدع، التي تتأمل وتعقل وتبتكر. وذلك بالاهتمام بداخلية الشيء العميقة، حيث أصبح (الموضوع) محض وسيلة لإبداع علاقات شكلية تجريدية. إنه فعل (الإبداع) الذي أصبحت فيه التجربة واعية بذاتها، بالتحرر من النموذج وصولاً إلى البناء الرمزي الخالص. بالاهتمام (بإبداع) فكرة عقلية تتكفل بتفسير (البلبلة) التي تكمن وراء المظاهر الواقعية السطحية للظواهر الاجتماعية. وفي ذلك أكثر الأفكار (معقولية) في تفسير تحولات الأشكال في هذه الفترة العظيمة من تاريخ الفن التشكيلي العراقي، من الواقعية إلى التجريد.

......................
المصـــــادر:
1-بارو، أندريه. سومر فنونها وحضارتها، ترجمة وتعليق عيسى سلمان وسليم طه، بغداد، 1977.
2-جايلد، جوردن. العصر الحجري الجديد، في الإنسان والحضارة والمجتمع، تأليف هاري شابيرو، ترجمة عبد الكريم محفوظ، وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق، 1978.
3-ريد، هربرت. معنى الفن، ترجمة سامي خشبه، مراجعة مصطفى حبيب، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986.
4-كوبلر، جورج. نشأة الفنون الإنسانية، ترجمة عبد الملك الناشف، بيروت، 1965.
5-هاوزر، آرنولد. فلسفة تاريخ الفن، ترجمة رمزي عبده جرجيس، مراجعة د. زكي نجيب محمود، مطبعة جامعة القاهرة، 1968.
6-Goff, L. Symbols of Prehistoric Mesopotamia, Yale Univ. press, 1963.
7-Koziowski, S. Nemrik, Pre Pottery Neolithic Site in Iraq, Edited by Stefan Koziowski, W. U. W, Warzawa, 1990.