الفنان الرافديني . . اول من اسس للتحولات الاسلوبية في الفن
(*)
كريم الوائلي
08/10/2008
يبدو واضحا في فخاريات الفن الرافديني ان الفنان كان يملك القصدية في ما يبدع ، وانه يبصم على اعماله برؤيته الذاتية للواقع او ما يمكن تسميته بالرسالة او الالتزام العقائدي وهو قطعا التزام مشاكس للبنى العقائدية البدائية السائدة في ذلك الزمن حيث تنقاد السلطة والجمهور معا الى كهنة الآلهة الذين يمارسون السلطة الفعلية وقد استطاع الفنان الرافديني ان يوظف ذلك التظام لمصلحته لما يملكه من وعي متحول ومتقدم على وعي الكاهن وان يدخل اساليب مبتكرة على اعماله تتجسد فيها قصدييته ويعد هذا تأسيسا لاول التحولات الاسلوبية في تاريخ الفنون التشكيلية ، وبأمكاننا ان نظيف الى ذلك اول الخطوط البدائية ((للتخطيطات)) التي اظهرتها الكشوفات الاثرية في المعابد والكهوف لنكتشف ان الفنان الرافديني قصدي و يعي ان الفن ابتكار وتحول وتجريب غير ان انحسار الفن الرافديني في الفخاريات حكمت على التحول بالغموض والضبابية والبطء وجعلت الفان بتحرك ضمن النظم المحددة السائدة في عصره وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه الدارس في تتبع المهيمنات الذهنية ومرجعياتها لدى الفنان الرافداني إلا انه بالامكان التركيز على الاضافات التي تشكل دوالا على قصدية الفنان الرافديني بصرف النظر عن الاستخدامات التي تقمصت الفن الفخاري تحديدا .
لقد كان الفنان الذي يشتغل في منطقة بدائية واحدة هي الفخاريات يعوم في عالم خيالي شاسع تتحكم فيه الرؤية الميتافيزيقية المتمثلة بالعوالم السحرية وهي رؤية تدفع بالفنان نحو السمو الروحي و تأخذ بتلابيب المخيال بعيدا عن الواقع المحكوم بالركود والنمطية وبذلك يمكن التكهن بأن الفنان الرافديني عند الدخول الى مشغله ينسحب الى منطقة اللاشعور وانتاج الثيمة المشاكسة للوازع الديني المتسلط والماسك بالسلطة الحاكمة الحقيقية التي ينقاد لها الملك وحاشيته .
لقد وفرت الاسطورة للفنان الرافديني فضاءا واسعا لخلق وانتاج المرموز الذي يحقق له تجسيد رسالته الفنية من خلال توظيف الابعاد الروحية اثناء الانتقال الى منطة اللاشعور وابتكار الاشكال المضافة من رسوم وعلامات وحروف ومنحوتات وخطوط والوان على سطوح الفخاريات ومن ثم تضمينها الهالة القدسية المشاعة في المعابد وبذلك يكون الفنان الرافداني قد وضع نصا مضافا مقدسا يمنح منجزه جواز المرور الى الجمهور الواسع وينزع عنه اللبوس الاستخدامي وجعله من مؤثثات االقصور الباذخة والمعابد المقدسة التي يعمها اكبر جمهور في ذلك العصر.
(*): تم استعادة هذه اللفى من السرا ق في النجف الاشرف فتسنى لنا الاطلاع عليها اثناء نقلها
كريم الوائلي
kareemalwaaly@yahoo.com
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire