www.rasoulallah.net

www.rasoulallah.net
موقع رسول الله صلى الله عليه وسلم

Haloudi Issam

Haloudi Issam
حمودي عصام

Ghada Abdel Moneim

Ghada Abdel Moneim
غادة عبد المنعم

الفنان محمد طوسون

الفنان محمد طوسون
المتفرد.. محمد طوسون والله أكبر

Saadi Al Kaabi

Saadi Al Kaabi
العبقرية سعدي الكعبي

BOUKERCH ARTS et LETTRES

BOUKERCH ARTS et LETTRES
بوكرش فنون وآداب

ISLAMSTORY

ISLAMSTORY
أنقر على الصورة وتابع الحضارة الاسلامية

مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


مرحبا بكم بمحراب بوكرش 1954 الفني


فاتحة المحراب (بوكرش محمد) بتوقيع الفنان القدير ابراهيم أبو طوق لموقع فنون1954 بوكرش محمد


شكري وشكركم بالنيابة للفنان الرائع العبقري المتواضع الخطاط ابراهيم أبو طوق الجزائر


الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

الفنان القدير ابراهيم أبو طوق
الفنان القدير ابراهيم أبو طوق

مرحبا أهلا وسهلا بكم أصدقاء محراب بوكرش محمد فنون 1954



يسعدني أن تجدوا فضاء يخصكم ويخص أعمالكم ، البيت بيتكم وكل ما فيه بفضل الله وفضلكم...منكم واليكم، بيتكم لا يتسع ويضاء الا بكم... مرحبا
بوكرش محمد الجزائر

lundi 22 juin 2009

الأربيسك Arabesques عالم المسلم الرحيب



الارابيسك ( Arabesque )
" عالم المسلم الرحيب "

أ . د إياد الحسيني
استاذ فلسفة التصميم
كلية الفنون الجميلة – جامعة بغداد

استوعبت الحضارة الاسلامية العديد من ثقافات الامم والشعوب التي دخلت الدين الجديد ، وكانت هذه الثقافات عامل تنوع وثراء كبير للفنون الاسلامية التي شكلت فهما خاصا ومستقلا عن فنون الحضارات الاخرى . ولم تكن هذه الفنون التي تعد ميراث امم وشعوب متعددة لتنصهر داخل بودقة الفن الاسلامي الا بعد ان تشذبت اشكالها وبرزت شخصيتها الجمالية بما يتفق مع الدين الجديد وتعاليمه السمحاء ، وهذا يعني ان المنهج الفكري للعقيدة الاسلامية كان له بصماته الواضحة على فلسفة الفن الاسلامي واشكاله ومضامينه .
ولم يكن لهذا الفن ان يبقى كمظهر من مظاهر الترف الذي ينعزل فيه عن الحياة اليومية للانسان المسلم ، وانما تصدر كل مقتنياته اليومية واستعمالاته ، فما بين المنبر والمحراب والعمارة والمخطوط والقماش والنسيج والابواب والزجاج والاواني المعدنية ، بدا الفن الاسلامي فناً تطبيقيا يؤدي منافع شتى ووظائف عديدة تدخل في صميم الحياة اليومية للانسان المسلم .
هكذا اعاد الفن الاسلامي رؤيته المشتركة مع الفن الاغريقي في العلاقة القائمة بين الجمال والحق والخير التي تجسد رؤية الانسان المسلم للجمال ومعناه .
ولعل ابرز ما ذاع صيته في الفنون الاسلامية ما يدعى ( بالارابيسك ) ومن الطريف والمستغرب ان هذه التسمية لا يوجد لها بالعربية مرادف دقيق شائع الاستعمال ومعتمد من قبل المعربين والدارسين او المتخصصين في الفن الاسلامي ، في الوقت الذي تدل فيه لغات اجنبية اخرى كالالمانية والانكليزية والفرنسية على اهم عنصر من عناصر الفن الاسلامي ان لم يكن اهمها على الاطلاق . واكثر تعبيرين استعملا لاداء المعنى هما ( التوشيح ) ، الذي استعمله الدكتور احمد فكري في كتابه مساجد القاهرة وكذلك مصطلح ( الرقش العربي ) ، الذي استخدمه الدكتور عفيف بهنسي في معجمه واخرين سواه ، الى جانب لفظة الارابيسك بالطبع .
كما ظهر حديثا لفظة جديدة على قياس جذر عربي هي ( العربسة ) استعملها الشاعر صلاح استيتيه في مقاله عن" الصورة والاسلام " الذي نشر في مجلة فنون عربية العدد السادس ، الملزمة الثانية عام 1982 ، الصفحة 99 .
فهل هذا يعني انه لا توجد حتى الان كلمة متفق عليها تناسب المعنى .؟
ليس هذا غريب فاللفظة الاجنبية غير دقيقة واكبر دليل على ذلك انها بالاسبانية تعني ( التوريق Tawriq , Atauriques ) ، وتعد اسبانيا الاوثق صلة بالفنون الاسلامية من باقي الدول الاجنبية الاخرى . وليس عجيبا ان يستخدم الاسبان العديد من المفردات العربية في لغتهم ونحن نستخدم لفظة اجنبية كما هي وكلمة توريق لا شك انها ذات دلالات معبرة خاصة عندما ندرك دور الاوراق النباتية في تشكيل الارابيسك . علما ان الارابيسك لم يكن وحده عالم ذلك الفن وان كانت اللفظة الاسبانية قد تناولت قسما منه .
وهذا يعني ان كلمة ارابيسك لا يمكنها ادعاء الشمولية في التعبير بل تحمل في حد ذاتها مغالطة اصولية وتاريخية وفنية ، فمدلولها اللفظي ( Arab ) لا يتفق ومدلولها الفني الذي ترغب في تأديته ، فالارابيسك لا يدل على الزخرفة العربية او النقش العربي فقط ، بل دنياه اوسع بكثير وبه تفاهم الفارسي مع الهندي والعربي ولف بخطوطه ورسومه والوانه كل بلاد الاسلام من الصين وسمرقند وشمال افريقيا واسبانيا الى ان وصل الى صقليا واسبانيا وفرنسا والمانيا ، وربما العالم الجديد فيما بعد .
ان لفظة الارابيسك وضعت قبل الاطلاع العميق والشامل على الفنون الاسلامية وعدم وجود مرادف لها في العربية لا يمكن ان يرد الى فقر اللغة ، ولو كان بالامكان وضع تسمية عربية تؤدي كل المعاني التي تود اللفظة الاجنبية التعبير عنها لما تأخر الفنانون المسلمون واللغويون العرب عن ذلك . فالمدلول اوسع بكثير من ان تعرفه لفظة واحدة والا لوجدت الكلمة تلقائيا .
وما زال الحرفيون في المغرب يطلقون لفظة توريق وتشجير على الزخارف النباتية ، ولفظة تستطير على الزخارف الهندسية ، ولديهم تسمية لكل نوع منها ويحتفظون برسوم لها يتوارثونها مع اسرار المهنة . فهناك النجوم المتعددة الانواع الاشكال ولكل منها تعريف يرتبط بتكوينها الهندسي كالمثمن والستعشري المكناسي وعين الشمس وغيرها .
وبعض من هذه الاسماء وسواها يستعمل في كل البلاد العربية وبعضها الاخر يحمل تسميات محلية بالعامية في الكثير من الاحيان ولا تقف تلك التسميات عند الشكل بل تتعداه الى صفاء العناصـر الزخرفية التصميمية والتوريقية ( كالظفر ) و ( الصنوبرة ) و( الجفت ) و( الخيزرانة ) و( المجري ) و( الورقـة ) و( العقـدة ) و(الشمعة ) و( المروحة ) و( المروحة العنكبوتيـة ) و( الخرسانة العنكبوتية بالحنش ) و( القلب ) و( الشريط المفتـول ) و( خاتـم سـليمان ) و( البلوطــة ) و( الحاجب ) و( السنبلة ) و( الصدفة ) و( المجارة) و( المحارة ) و( الظفيرة ) .... الى غير ذلك من الاشكال .
ومع كثر هذه التسميات والمصطلحات اصبح من الصعب البحث عن اشكالها الحقيقية في الزخارف والرسومات لانها اطلقت وبشكل عرفي وان تشابهت مسمياتها في الاشكال الهندسية فالتوريق اكثر بعدا عن الاصل والتسمية قد لا تكون الا اصطلاحا مهنيا .
لفظة الارابيسك شمولية تعني جميع انواع الزخارف الاسلامية النباتية والهندسية الملونة والبسيطة الدائرية والمستقيمة ، اللولبية والمتعرجة والكتابية والمنفذة بالحجر والاصباغ والمعادن الشائعة والثمينة على الخشب والحجر والزجاج والرخام وفي كل الاماكن وعلى كل الادوات واللوازم التي تشكل معا عالم المسلم رحيب وحياته اليومية العامة والخاصة في وقت واحد . فليس غريبا اذاً ان لا نجد بالعربية كلمة بمقطعين او ثلاثة مقاطع او اكثر تعبر عن بذاتها عن الاشكال والتزيينات والزخارف والكتابات والرسوم ، ولا شك ان الغرب استعمل لفظتة قبل وقوفه الواعي على تلك الموسوعة الفنية متأثرا بالوحدة التي تجمع عناصرها وتهيمن على الفن الاسلامي ككل ومنطلقا من نظرة " جشتالتية " لعالم واسع الارجاء متعدد الجوانب لكنه في الوقت نفسه متناغم الاصداء مترابط الفكر والالهام .
لم تصل هذه اللفظة الصعبة على التعريف العلمي كما اورد ذلك " كوهنيل " في مجلة فكر وفن في العدد التاسع عشر الصفحة الثامنة من موضوع الارابيسك بل سبق ذلك منذ القرن التاسع عشر وقت عرفها الالماني " الويس ريفل " اوما بعدها اذ توالت الدراسات حولها ولم تتوقف بعد فكان نصيبها من دائرة المعارف الاسلامية صفحات محدودة مزينة بالرسوم التوضيحية ، كما كتب المستشرق الالماني " ارنست كونل " في بحثه اشارة الى "ريفلت "وكان الاكثر تخصصا من بقية المستشرقين حيث الف كتابين في ذلك الاول في الفن الاسلامي والثاني اسماه الارابيسك وقد احتاج الى ما يقرب الى الاربعين صفحة للتعريف والى ما يزيد عن الثلاثين رسما توضيحيا .
كما اكد الكسندر بابادوبولو في كتابه الاسلام والفن الاسلامي على موضوع الارابيسك في العديد من الصور والرسوم التوضيحية والمخططات .
وهكذا جهد الكثير من المؤلفين والمستشرقين في ايضاح لفظة الارابيسك ، ورغم كل ما كتب تبقى معلوماتنا عن هذه العناصر مشوشة ان لم نطلع على الزخارف نفسها لا على صورها ووصفها كما لا يمكن ان نفهم التفسير والمدلول الفكري وربما الروحي الذي تعطينا اياه تلك الروائع ان لم نكن ملمين بكل ما يرتبط بالفكر الاسلامي ككل لا بالفن والعمارة فقط .
والارابيسك زخارف يتميز بها الفن الاسلامي دون الامم الاخرى وهو يقوم على اختصار خطوط التزيين النباتية المؤلفة من براعم واوراق متفرعة ومتصلة ومنوعة ، دائمة الاتصال واذا اخذنا تفصيلا نرى ان الغصن الدائري يبدأ بها وانها تكمله او تنهيه وهو يتموج ويتشابك ويصبح حلزونيا احيانا يطل من خلف الاوراق ومن بينها احيانا ويتشابك الغصن مع الاوراق فهو امتداد له وهي امتداد لها .
واكثر النماذج النباتية استعملت الارابيسك بشكل متكرر ومتقارب ومروحي وبيضاوي ومتشابك ، مع التقيد باداء الحركة بانسجام وتناوب وايقاع وتوزيع للزخارف بطريقة مدروسة لملئ الفارغ وتكسبه كامل السطح بدوران هادئ متوازن لا انفعال في تحركه ولا مفاجأات في التفاته مع المحافظة على عنصر الادهاش في القاء المشاهد وسط متاهات وخطوط على ارضية مربعة او مخمسة او مسدسة او مثمنة او دائرية ... الى اخره . ولكن بلا حدود فالمساحات الهندسية تتكرر وتتوالد بصورة لا متناهية .
وتدخل الكتابات في التزيين فتستقر الحروف على الاغصان او تتحد معها او تشكل المضلعات والاشكال المتداخلة وكثير ما اجتمعت الزخارف النباتية والهندسية وكثيرا ما كانت خلفية لكتابات كوفية او ثلثية ربما انتهت الحروف بتشكيلات بنائية والفت معها لحنا زخرفيا واحدا وربما تناغمت معها باشكال وخطوط مبسطة لصور حيوانات اسطورية او لاقنعة او لطيور خرافية وخيول وجمال واسود وبشر فيما ندر .ويتخذ الارابيسك انواع كثيرة من الاشكال ولكن يمكن تصنيفها الى مجموعتين اساسيتين :

الاول : يعتمد على الخطوط المستقيمة والزوايا ويسمى ( بالتسطير ) ، وهو الزخارف الهندسية .

والثاني : يركز على الخطوط المنحنية واجزاء الدائرة واللولب والتجريد النباتي ويطلق احيانا عليه ( بالتوريق ) او ( التشجير ) او ( التزهير ) . والهندسي تنضوي تحت لوائه المضلعات بانواعها كما يقوم الخط الكوفي بدوره كالزخارف الهندسية على المعادلات الرياضية وعلى العقل والمنطق والقواعد ومجموعة الادوات من مسطرة ومنقلة وبركار وعلم الزوايا .
اما النباتي فيعتمد على الطبيعة و كل ما يذكرنا بالزهريات والورديات والاغصان وانواع عديدة من الاوراق النباتية والشجيرات واحيانا قليلة صورا لحيوانات . ولم يكن الخط العربي بعيدا عنها اذ غالبا ما كان يزين صفحات عديدة للمخطوطات جنبا الى جنب مع الزخارف باشكالها المتعددة حتىسمي احيانا بالزخارف الكتابية .

لقد اجتهد الفنان المسلم في المزاوجة بين الزخارف الملونة والخطوط بانواعها المتعددة لينتج اعمالا فنية هائلة تعددت استخداماتها في العمارة والمخطوطات وعلى النسيج والزجاج ومختلف المواد وكان لكل منها خصائصه الفنية والجمالية والتقنية .
وليس بالضرورة ان يكون النوعان مستقلين عن بعضهما ، اذ غالبا ما نجد اعمالا فنية اسلامية تضم كل انواع الزخارف او بعضا منها حيث تتشابك ووتعانق وتتقابل وتتماثل عناصرها بتناسق عجيب قل نظيره ، حتى لم يعد الرآئي يميز بداية او نهاية هذه الزخارف بانواعها . ذلك ان الفنان المسلم انتهت عنده حدود المساحة اما المشاهد فانه يستمر في خياله في البحث والدوران بين الشموس والنجوم وحركة الاغصان والعناصر التي تستمر ولا تنتهي فتارة يجول مع الخطوط وتارة اخرى يسكن الفضاءات التي تحيط بها تلك الخطوط .
ومما لا شك فيه ان الاقوام التي دخلت الاسلام كانت تمتلك العديد من المفردات الفنية والجمالية التي تمثل ارثها الحضاري والتاريخي والفني ولكن دخولها للاسلام هذب من اشكال هذه الرموز والاشكال في طابع يتسق مع الفكر الاسلامي وهكذا انصهرت العديد من هذه المفردات في اطار الفن الاسلامي الذي برزت شخصيته الكبيرة . وفي نفس الوقت لم تلغٍ تلك الخصوصيات الجمالية للامم والشعوب وان كان من المتفق عليه ان الفن الاسلامي المنضوي تحت الحضارة العربية الاسلامية الغى الكثير من الحدود المكانية والزمانية لجعل الفن يتسم بالطابع الفكري للاسلام الذي لا يحده زمان او مكان فقد نجد بابا خشبيا من العصر الفاطمي يحتوي على حشوات زخرفية تتكرر ذاتها في باب اخر من العصر العثماني . كما ان العديد من النسب الذهبية تتكرر في العمارة الاسلامية مع اختلاف مكانها وزمانها وهذا ما يؤكد وحدة الذهنية الفكرية في الاسلام باعتبار وحدانية الفكر مصدر تشريعه هو الله سبحانه وتعالى وهذه الوحدة الفكرية وحدت بدورها منطلقات هذا الفن ومصادره وعناصره الاساسية مع اختلاف اشكاله ونتائجه وهو ما نسميه الان بفن الوحدة بالتنوع .
واذا اردنا البحث عن المصادرالاساسية لفن الارابيسك لدى بعض الدارسين للفنون الاسلامية فانهم يعيدون كل عنصر من عناصر الارابيسك الى مصدر معين فالمربع والمسدس والمثمن وكل المضلعات تعود الى العقيدة الكوكبية السومرية وتدل في الديانات القديمة الى معاني محددة وترمز الى مفاهيم ترتبط بعناصر الحياة ، فالمربع اساس المضلعات وكان يرمز الى الارض وحركتها و على محور التقاء الخطوط وزواياها تتشكل كل المضلعات المعقدة وتتفرع منها النجوم وكلما ازدادت سرعة الدوران كلما اقتربنا من الدائرة رمز الدوام والسماء .
وقد وجد اخرون بان اصول الفنون الاسلامية في الزهور الساسانية وفي عناصر الزخرفة المجردة وفي الالبسة القبطية والرموز اليعقوبية والخطوط المسمارية والفرعونية والالوان الهلينستية ، اما النماذج الحلزونية والخطوط اللولبية فيقول البعض ان مصدرها شجرة العنب السحيقة القدم في زخارف سومر واليونان .
ومهما عددنا فان مصادر الارابيسك اكثر من ان تعد او تحصى في العديد من الحضارات والديانات والمجتمعات وخلاصة ذلك هو مركب من تلك الحضارات والمعتقدات والفنون في اطار جديد ومفهوم جديد .
لقد نشأ الفن الاسلامي وتطور في ارض الحضارات ووجد ارثا كبيرا استند عليه وكان له دور مهم اسهم الى حد بعيد بسرعة وتطوره واتاح له المناخ الملائم ليتبوأ المكانة المرموقة بين فنون الحضارات الانسانية .
لم يتوقف الارابيسك في التطور والنمو عن حدود معينة وانما دخلت الخامات المتعددة والمعالجات المختلفة فكان يتصدر المكان البارز في العمارة والخطوطات والاثاث والزجاج والخزف والاخشاب والمنابر والمحاريب والمنسوجات والعديد من الادوات والمعدات التي كان يستخدمها الانسان .
وامام هذا التنوع والثراء الهائل للأرابيسك برز تأثيره في العديد من فنون الحضارات الاخرى فقد نقل الارابيسك الى ايطاليا " فرانشيسكو ديبلاغرينو" وظهرت العديد من نماذجه في قصر" فونتانبلو" ورواق فرانسوا الاول ، كما ذكر ذلك الكسندر بابا دوبولو في كتابه عن الارابيسك .
كما كان" لهانز هولبين " الابن و"بيتر فلتنر" الدور الاهم في نقل الارابيسك الى المانيا وكان من نتائج هذه التأثيرات ان وصل الارابيسك الى ابواب الكنائس والمذابح وصور القديسين والسيد المسيح ( عليه السلام ) ورداء تتويج الاباطرة وواجهات القصور في بافاريا وانسجة الملابس والمفروشات .
ولعل العديد من نماذج ليوناردو دافنشي كانت تستمد جمالها من روحية الارابيسك كما ظهرت تأثيراته على العديد من فناني اوروبا .
لقد كان الارابيسك يمثل قيما تجريدية راقية على مستوى العناصر الفنية في الخط واللون والمساحة والنسبة والحركة والايقاع والاتجاه ، اي انه اكتسب كل مقومات الفن الجميل والتطبيقي ولم يكن ذلك يمثل عزوف الفنان المسلم عن تصوير الاشخاص الذي شاع الاعتقاد بتحريمه او المشكوك بقيمته بل جاءت فكرة الارابيسك لتؤصل فكرة التجريد في ذهن الفنان المسلم بعفوية وادراك جعلته يبتكر وبمفارقة عجيبة عنصري التجريد والحركة فناً حركيا يدرك قيمة الوعي الرياضي في الفن الاسلامي انعكس على كل منتجات الفن الاسلامي .
ولعل من ابرزها فن العمارة الاسلامية التي كانت من ابرز ما جسد الفن الاسلامي كسمات حقيقية ذو هوية مميزة عكست الطابع الديني والفكري للانسان المسلم وبطبيعة العمارة كانت تضم العديد من الفنون الاخرى كما هو الحال في العمارة اليونانية التي كانت تضم فنون النحت والرسم والخزف والمعادن ...الخ ، وكذلك في الفنون الاسلامية فقد كانت العمارة تضم فنون الكتابة والخط والزخرفة واشغال المعادن واعمال الحفر على الرخام والحجر والاجر والخشب والزجاج والنقش على المنسوجات اي ان العمارة كانت ملتقى لكل الفنون الاسلامية وادابها وقيمها الجمالية والفنية .
وبعد كل هذا ليس ببعيد عندما يكتسب الفن الاسلامي كمبنى ذلك البهاء القدسي الذي يحيط به ، لا كل ما تداوله في عمارة المساجد والمدارس .
ودور العلم كان ذو علاقة وثيقة بايات الذكر الحكيم او باقوال المصطفى ( عليه السلام ) او بمأثور القول وصافيات الحكم .
لا يخفى ان فن العمارة في كل الحضارات تأثر ببعض فتارة تؤثر الابراج واخرى الاقواس والابواب والمداخل ، ولكن هذه المفردات والعناصر اكتسبت خصائص مميزة في العمارة الاسلامية ولم تعد تشكل فناً جميلا وحسب وانما تحولت الى فن تطبيقي يقصد منه الجمال والوظيفة في افضل مستوياتهما ، واستعراضنا للعمارة الاسلامية والمفردات التي تتكون منها تبرز لنا هذه الخصوصية الجمالية والفكرية على المستوى الانساني والفني والجمالي .
ويؤشر لنا فن العمارة الاسلامية نجاحه الباهر في تحقيق التوازن التام بين الجوانب المادية والمشاعر الروحانية من خلال مجموعة من القواعد والاسس والتراكيب التي توصل اليها كل من المعماري والفنان المسلم وامكنه من خلالها حل مشاكل البناء بحلول فعالة ، ومتوائمة تماما مع عقيدته الدينية السمحاء وبما ياحفظ على القيم والتقاليد الاجتماعية مع توضيف معطيات بيئته او جلب ما لم يكن متوافرا في بيئته وتصنيعه وتعديله حتى يتوافق مع قيمه وبيئته .
لقد حقق معالجة فعالة في مجال تقليل الضوء باستخدام المشربية او الروشان او الشناشيل وكذلك عن طريق نوافذ الزجاج المعشق بالجص وكان ذلك احد مظاهر العمارة الاسلامية التي جاءت متوافقة مع الظروف المختلفة للمجتمع الاسلامي .
لقد كان للعمارة الاسلامية موقفها البناء ذو الحوار مع الطبيعة منذ نشوئها وازدهارها وتألقها اذ لم تصارع او تتحددى او تتناقض مع الطبيعة بل هي عكس ذلك تماما نراها اول ما تحسب حساب حضور الشمس ونورها وحرها وحضور الرياح والهواء وتقلبهما وجفافها ورطوبتها وحضور الصحراء وامتدادها وسرابها وحضور الماء الطير والشجر وحضور الماء والطير والشجر وحضور الفضاء والنجم والقمر والجهات الاربعة واتجاه القبلة . فكانت العمارة الاسلامية على علاقة حميمة مع الطبيعة ولم تكن لتطمح اذ ان تكون شاهد قوة على انتصار او تحد للاخرين ، سواء كان ذلك بيزنطيا او هيلستيا او اشوريا او بابليا او فرعونيا اذ لم يكن القصد في الرسالة الاسلامية اعلان انتصار الانسان من خلال ما كان يعني انتصار الكلمة المنزلة من الله العليل القدير .
لهذا فان اي قراءة جمالية للعمارة الاسلامية معقود حول علاقة الاطراف بالمركز او علاقة المحيط بالنقطة المركزية وكيف تدور المفاهيم والافكار حول نقطة معينة تشع منها وتتجلى على الكل .
تضم العمارة الاسلامية العديد من المفردات والعناصر ذات الدلالة الوظيفية والجمالية ما بين العقود وانواعها والتيجان واشكالها والاعمدة والمحاريب والمنابر والابواب والقباب والمنائر والمقرنصات والعديد من المفردات الاخرى التي تجتمع بتناغم ووحدة قل نظيرها في فنون الحضارات الاخرى . وهذه الوحدة تقوم على تنوع هائل يلغي حالة الرتابة والملل التي تثيرها الاشكال المتكررة . وكان للرموز واشكال العمارة الاسلامية ومفرداتها تأثيرها الكبير الذي انعكس على كل المفردات الفنية التي تداولها الانسان المسلم ، فنحن نرى بدقة اثار العمارة على تكوين الخطوط العربية وزخارفها من الناحية البنائية وعلى التحف المعدنية والابواب الخشبية وتصميمها وقد اثر هذا الاستخدام تنوع المواد الخام التي كان يستخدمها الفنان المسلم بعناية ودقة كبيرتين .
وكانت مفردة الارابيسك حاضرة في كل منتجات الفن الاسلامي الذي اصطبغ بصبغتها واكتسب صفاتها وخصائصها ومنحها هويتها الجمالية والوظيفية .

وظيفة الفن الاسلامي :

مع وظيفة الفن الاسلامي فاننا امام احد الخصوصيات المهمة التي تميزه وتجعله متفردا بين فنون الحضارات الاخرى التي كانت سابقة له ، وادت تلك الفنون العديد من رسائلها خارج ادائها الوظيفي كما حصل في الفن الاسلامي فقد كانت احيانا تمثل رسائل خفية من الملك او السلطان او الكنيسة للتعبير عن القوة او شهادات طموح للشعوب فيي كفاحها وانتصاراتها ولا زال الكثير من المؤرخين والباحثين والنقاد يستنجدون بالاثار الفنية لقراءة ماضي الافكار وماضي والصراعات والمقاصد السياسية والاجتمعاية والدينية وبالتالي فان وظائفية الفن بعامة جزء لا يتجز من اهدافه وحقيقته .
الا ان وظائفية الفن الاسلامي تختلف عن هذه الوظائف التي يمكن ان نقرأها في الفنون الاخرى فهي ليست رسالة خفية ولا هي شهادة بل هي حقيقة مبدأية .
من هنا فان وظائفية الفن الاسلامي تطرح امامنا اكثر من سؤال واكثر من دلالة سواء كان القصد قراءة جامعة تسعى للوصول الى رؤيا جمالية فنية عامة ام كان القصد المعني قدماً في الحوار القائم حول القيم الفنية السائدة الان . فوظيفة الفن الاسلامي لا تشكل احد الخصوصيات الجوهرية التي قام عليها هذا الفن فحسب كما انها لا تتوقف عند حدود صفة من الصفات الاساسية ، بل تشكل عندها تعدد دلائلها وعندما تتراكم العديد من الاسئلة التي تتطرحها العناوين الكبرى للفلسفة الجمالية التي انطلق منها الفن الاسلامي مستمرا كفن خاص مميز خلال الالف سنة الماضية .
لا شك ان وظائفية الفن الاسلامي هي وظائفية فنية جمالية من جهة تتماثل وظائفيته عموما سواء كانت مرتبطة بالدين مباشرة ام كانت تنحدر من رؤية روحية فانها تبدو من جانب اخر وظائفية نفعية واستهلاكية منفصلة تمام الانفصال عن وظيفية وهدفية الفن التقليدية . فالسجاد والخزفيات الاثاث الخشبية والاواني النحاسية والمخطوطات وما الى ذلك من اعمال فنية يتجلى فيها الفن الاسلامي بكل خصوصياته وصفاته الكبرى ادت الى وظيفة نفعية استهلاكية حسية محضة . فأدت السجادة وظيفتها في الدفأ والاناء في حمل الماء والاثاث للراحة وهكذا .
لقد توظف الفن في الحياة اليومية وفي الحياة الحسية كوسائل وادوات والالات لبث الحاجات الاجتماعية اليومية في ادق واصغر تفاصيلها في الملبس والمأكل والمشرب والمأوى والمجلس وما رافق ذلك في مسيرة الانسان وحياته .
لقد كان بالامكان ان تسمى هذه الاعمال الالات او ادوات فقط وتستبعد كلمة فن او تستبدل بكلمة صناعة ، لولا ان هذه السجادة والابريق والاثاث لم يكن في الوقت عينه صفحة من صفحات الفن المحكم النظام المتناسق الصفات والخصائص يوحده جوهر فني واحد ورؤية جمالية وفلسفية واحدة فالسجاد هو ليس مجرد خيوط بل اشكال والوان ورسوم وهندسة ونظام ونسب تشكل بدورها العناصر الفنية التي قام عليها الفن الاسلامي ككل كذلك فان قطعة الاثاث سريرا او قطعة او خزانة ليس عبارة عن خشب مطعم ومزين ومذهب بل شكل ونظام وتناسق ولين وهندسة وتشكيل ورمز ايضا .
نعم ثمة فن ومنفعة الا ان العلاقة بين الفن والمنفعة لا تتوقف في الفن الاسلامي عند هذه الحدود التي عرفتها الفنون القديمة او الفنون الحديثة .
لقد تسأل جلال الدين الرومي ( هل يرسم اي رسام صورة جميلة حباً في الصورة نفسها دون ان يأمل المنفعة من ورائها ؟ وهل يكتب خطاط كتابة فنية حباً في الكتابة فيها دون ان تكون القراءة هي غايته منها ؟ ) .
الا ان جلال الدين الرومي يستدرك فيقول ( ان الصورة الظاهرة انما رسمن لكي تدرك الصورة الباطنة و الصورة الاخيرة تشكلت من اجل ادراك صورة باطنية اخرى على قدر نفاذ بصيرته ) .
ومعنى ذلك انه في الوقت الذي يجمع الفن الاسلامي بين الجمال والمنفعة ينقل بقصده الفلسفي والابداعي استقلال مدهشا بحيث لا تتأثر هذه الغاية بوظائفية ونفعية هذا الفن المباشر ذلك انها غاية باطنية رمزية على حد تعبير جلال الدين او حسب تعبير الامام الغزالي الذي يؤكد ان الوقوف ازائها يحتاج الى ( العلم والقدرة ) .
وهنا تتجلى معاني ودلالات الارابيسك في قدرتها على الاداء الجمالي والوظيفي اينما حلت رموزه وعلاماته .
ولا شك ان انتقال مركز السلطة الاسلامية في الحضارات العربية المختلفة جعلت من الفن الاسلامي غنيا بالمفردات المتنوعة باختلاف مصادرها وزمانها ومكانها ناهيك عن تأثيرات الامم والشعوب المجاورة للعالم الاسلامي والذي نشأت معه العديد من العلاقات التجارية انتقلت من خلالها تجربة الفن المسلم الى اوروبا وكان لها الاثر في فنونهم وحياتهم .
اذاً ليس من الغريب ان نجد مفردات زخرفية ذات اصول متعددة ومتنوعة قد تكون بعضها ذات اصول اموية او اندلسية او عباسية او عثمانية ولكن هذه المفردات تنتظم في نسق متناغم جميل يشكل وحدة الفن الاسلامي وجمال تنوعه .
وامام هذا التنوع الهائل في الفنون العربية الاسلامية كانت مفردة الارابيسك تعبر من وجهة نظر الانسان الاوروبي المستشرق عن ذلك الفن الذي انبثق من الارض العربية في اطار الحضارة الاسلامية التي انتشرت في زمن قصير لتضم امم وشعوب متعددة تحت لوائها ولم يكن هناك بديلا عن هذا المصطلح لاطلاقه عما تركته الحضارة العربية الاسلامية من فن زاخر يقيم الجمال حتى اصبح هذا المصطلح يطلق على كل ما ينتمي الى هذه الحضارة . ولم يعد يعبر عن تلم المفردات التي سبق ذكرها والتي تمث الاوراق النباتية التي تلتف حول اغصانها بايقاعات جميلة ، ومن بعد ذك اطلق على الزخرفة الهندسية وهكذا فقد اصبح للمصطلح دلالات جمالية ورمزية وايقونية ووظيفية شملت العديد من منتجات الفن الاسلامي . وكانت تتكرز احيانا على تلك المشغولات اليدوية الجميلة التي تنتهي اليها الدقة في الصنعة والجمال في المظهر والمتانة في الوظيفة والاداء .
وكان من اقرب هذه المشغولات الفنية الجميلة تلك الاثاث التي تحتويها قصور الامراء والتجار والاثرياء والتي كانت تنتمي اليها الصنعة باروع صورها وتجسد مجموعة متحف الفن العربي نماذج قيمة تدل على مستوى الحرفة والابداع التي توصل اليها الفنان المسلم .
ومنذ عصر السلاجقة شهدت اعمال الارابيسك ( مجسدة بالاثاث ) عناية فائقة وجماليات أخاذة كان ذلك سببا مباشرا في تطور اساليب العمارة والاهتمام بجمالياتها الخارجية والداخلية ، فالعمارة السلجوقية خاصة والاسلامية عامة كانت غنية بالاعمال الفنية والمواد الجميلة التي تدل في تزيين العمارة او في انجاز مكملاتها من ابواب ونوافذ وسقوف ومعادن ومنسجوات ولوحات وزخارف معمارية وهذا الثراء في التنوع جعل من كل العناصر المعمارية تتكرر بنسق اخر مختلف عن تكرارها في العمارة . لكي يتم تنفيذها على الاثاث الخشبية او المنسوجات او الزجاج او المخطوطات .
وقد تطورت صناعة الاثاث في العصر العثماني على مستوى الحرفة والاتقان واستخدام مواد واخشاب جديدة لم تكن تستخدم سابقا كخشب الجوز وخشب الابنوس وخشب الارز وخشب الورد ، ودخلت للاثاث تصاميم جديدة ذات طابع مميز وجمال أخاذ استفاد فيها الفنان والحرفي المسلم من تأثير الحضارة الاوروبية في الالوان والتنسيق وجمال التنظيم فضلا عن بقاء التصميم الاسلامي في ثوابته الجمالية والفنية .
ورثت الفترة المملوكية في مصر هذا التراث الفني في صناعة الاثاث فزادت في جماله واتقانه وادخلت مواد جديدة على الاخشاب التي تم استخدامها وبدأت اساليب جديدة في قطع الاخشاب وتعشيقها وتطعيم الحشوات بخيوط واشرطة رفيعة من الخشب او العاج وترصيع الخشب او العاج او العظم .
فضلا عن ادخال الفسيفساء وقطع الابنوس والسن والقصدير في تطعين وترصيع القطع الخشبية .
اما في العصر العثماني المتأخر فقد بلغت هذه الصناعة اوجها في كل من مصر وبلاد الشام التي تجسدت في هذه المجموعة حيث برع الصناع في طريقة التجميع والتعشيق وفي اساليب الحفر البارز والغائر مام يجعل هذا الفن مجالا تطبيقيا جديرا بالتوثيق والاحياء لندرته واهميته في تاريخ الفن الاسلامي .
كان لطبيعة الخامات وجمالياتها واساليب معالجتها بطرق ابداعية ذكية سببا واضحا انعكس على جودة هذه الاثاث ومظهرها الخارجي فكانت في تناسقها ودقتها تعبر بشكل واضح عن نسيج ذلك المجتمع واسلوب ونمط حياته .
وقد اشتملت هذه القطع الفنية اثاثا تمثل عناصره الفنية العديدة من الرموز والاشكال في الفنون العربية والاسلامية ولا سيما العناصر الزخرفية المملوكية وما قبلها من مفردات في الفترة العثمانية التي تم انتاجها في مصر في نهاية القرن التاسع وبداية القرن العشرين ولا شك انها كانت جزءا من ممتلكات السلاطين والولات والباشوات وعلية القوم لما تمثله قيمتها المادية والفنية والجمالية من اهمية بالغة ويمكن تصنيف هذه المجموعة الى اربعة انواع وفقا لوظائفها :

1- الخزانات :

صنعت من خشب الجوز المطعم بالعاج والصدف وزينت بالوان جذابة وتعتبر تصاميمها واشكال اغلب هذه الخزانات وتتميز تتصاميم واشكال هذه الخزانات بدقة الصنعة ومتانتها وجودتها بدليل بقائها على افضل صورة لاى الان رغم مرور عشرات السنين على صناعتها ، وعناصر تكوين الشكل فيها ذات طابع عربي اسلامي من خلال تكرار العناصر المعمارية للعمارة العربية الاسلامية في العديد من اجزائها العليا كنماذج لعمائر القصور والقلاع والاسوار وبنفس طريقة التكرار التي تتداخل مع الفراغات الفاصلة بين الوحدات وبطريقة متعشقة ومتناوبة وبما يجعل الكتلة تتداخل مع الفضاء الذي يعلوها .
كما تبرز اشكال صغيرة للمقرنصات التي تعلو المباني الاسلامي سواء في اعلى جدرانها او في اعلى بواباتها الرئيسية وللمقرنصات جمال رياضي أخاذ في تكرار الكتل والسطوح وتناوبها مع الفضاءات المتكونة داخلها . كما يبرز استخدام الاعمدة في مفاصل هذهالخزانات بطريقة توحي الى حمل اكتاف البوابات والكتل المعمارية التي تقع في اعلى الخزانة ويشترك مع هذه الاعمدة تيجانها وقواعدها بطريقة تتصل مع مفردات التصميم الاخرى وباسلوب لا يختلف عن العمارة في شئ فضلا عن الكثير من العناصر والمفردات الاخرى ولعل ابرزها ما سمي بالمشربية ذات القطع الصغيرة التي تجتمع مع بعض لتشكل نوافذ تطل على الفضاءات الخارجية اصلا ثم استخدمت بعد ذلك لتطل على الفضاءات الداخلية للمباني .
وتم جمع العديد من هذه المفردات بطريقة متناغمة ومنسجمة من خلال تحقيق التناظر التام بين نصفي الخزانة الايمن والايسر وقد حقق ذلك افضل توازن جمالي ووظيفي لا نجده في نماذج مشابهة كالعمارة الاسلامية . كما توثق قطع هذه الاثاث نماذج جميلة من العقود المستخدمة في العمارة الاسلامية كعقود نصف الدائرة والعقود المحدبة وحدوة الفرس والعقود المفصصة وهذا التنوع في اشكال العقود انما يعكس التنوع الحاصل في طراز العمارة السائدة .
اما عن العناصر الفنية التي تشغل هذه الخزانات فهي ثرية بالزخارف الهندسية المتمثلة بالشموس والنجمات والمضلعات والاشكال الهندسية البسيطة وابرزت هذه الزخارف دقة القياسات والابعاد وشدة الانتظام . كما تزينها زخارف نباتية ذات تكرارات متناظرة في كل جهاتها ما بين مائلة باتجاه قطري الى زخارف عمودية او زخارف افقية وبما يتلائم مع المساحة المتاحة في التصميم وغالبا ما تكون للزخارف الوان ومواد مغايرة لغرض ابرازها على لون الخشب الذي صنعت منه الخزانة . وتتصدر الكتابات العربية بالخط الكوفي او الثلث او النسخ او التعليق مكان بارز في هذه الاثاث النادرة ولتضم ايات من الذكر الحكيم او اسماء لفظ الجلالة او بعضا من صافيات الحكم ومأثور القول والذي غلابا ما يتلائم كمعنى ودلالة مع البيئة الاجتماعية والدينية للانسان المسلم .
لعل الصفة الغالبة على جميع هذه العناصر هي الدقة البالغة في تقسيم المساحات والقطع وانتظامها كأشكال هندسية لها اساس وظيفي وقيمة جمالية عالية .
وخلاصة القول اننا لا نرى خزانة انما نرى عمارة اسلامية مصغرة تكتنز كل مفردات المعمارية الجمالية بطريقة تجعل من تلك الكتل المعمارية الضخمة نماذج مصغرة في داخل الفضاءات بعد ان كانت تحتوي الفضاءات الخارجية . ولا شك ان الصفة الدينية كانت غالبة على المفردات المعمارية العربية الاسلامية مما جعل ذلك ينعكس بشكل مباشر على كل المنتجات الاسلامية كالاثاث والمنوجات والزجاج والمعادن او كل ما اطلق عليه بعد ذلك بالارابيسك .
لهذا فاننا لا نغامر ابدا عندما نقول بان الارابيسك اكتسب قيمته الفنية والوظيفية من خلال علاقته المباشرة برموز العمارة الاسلامية ذات الصبغة الدينية التي لا تذكر بالماضي وحسب وانما بالمناخ الديني وكل قيم الفضيلة السائدة حين ذاك . وتذكرنا بعض من تصاميم هذه الخزانات بسجادة الصلاة التي يفترشها المؤمن لاداء فرائضه او بعقود المساجد والجوامع كمفردات تتصدر واجهة هذه الخزائن . كما ان تكرار العقود والاقواس لا تختلف كثيرا عن تلك العقود التي تحيط بفناء المسجد وتعلوه ايات الذكر الحكيم .
ورغم محاولة اصانع المتقن لهذه الخزانات في محاولته ابراز وظيفتها الحقيقية في خزن الملابس او حفظ بعض الحاجات الثمينة الا ان ذلك يبقى بعيدا عن النسق الحقيقي لتصميمها ككتلة معمارية مصغرة .
وتعددت انواع الاقماش والمعادن التي دخلت في صناعة وتغليف بعض اجزاء هذه الخزانات فقد كانت الفضة المطرزة بالزخارف المتنوعة والكتابات تغلف اجزاء كبيرة من هذه الخزانات .



2- خزانات ذات المرايا :

لم يكن تصميم وصناعة هذه الخزانات ببعيدة عن الطراز الاول في هيئتها وجمالها وان كانت تختلف في جانب من وظيفتها لاحتوائها على مرايا باستخدامها كمناضد تعكس الاهتمام بالمظهر والملبس والزينة وتستلهم قطع الاثاث هذه المفردات المعمارية كسابقتها ولكن بطريقة ابسط واقل من المجموعة الاولى كأشكال واحجام والوان وبما يتلائم واستخدامها من قبل الانسان وبما يتلائم والية جسمه وقياساته ، لذلك فقد كانت ادق صنعا واكثر بهاءا ورونقا وبسبب من مواجهة الانسان المستمر لها وبأوقات متعددة وكانت المرآت تشغل الحيز الاكبر لهذه القطع الفنية مما جعل كل العناصر الموجودة فيها تسعى لان تكون مكملة لوجود هذه المرآة في اهم مكان فيها .
وكانت دلالات امتداد المرايا الطولية على ان بعض هذه القطع يستخدمها الانسان وقوفا والاخرى جلوسا ، ولا شك ان بعضها كان يشكل جزءا من اثاث متكامل لصالة او مدخل او غرفة .
وتزدان هذه الخزانات بالزخارف الهندسية والنباتية والكتابية تم تنفيذها بدقة بالغة مرة بالقطع الخشبية والتعشيق واخرى بالتطعيم والتكفيت . ومن الملاحظ في بعضها ان اجزاءا من كتلها تم معالجته بطريقة تحويرها من اشكال مكعبة الى اشكال ذات استدارات دائرية من جوانبها فاصبحت تواجه الانسان من عدة اوجه بعد ان كانت تواجهه من الامام فقط مما يظفي عليها جمالا اخر يستوعبه من خلال الاحاطة بالفضاء في ابعاد جديدة وعناصر جديدة . وهذا التصور يوحي بفهم اعمق للكتلة والفضاء الذي تشغله هذه الكتلة مما جعل من هذه النماذج مرحلة متطورة عن الخزانات السابقة كما ان من الملاحظ عليها اشغال الالوان بطريقة اكثر تحررا من السابق فقد سادت الالوان الخضراء ولون العاجي مساحة كبيرة في بعض من هذه النماذج .

3- خزانات معلقة :

وقد تم تصميمها لغرض تعليقها على الجدران في الصالات والمداخل والاماكن ذات الاهمية وبما يتلائم وطول الانسان واغراض استخدامه في حفظ بعض التحف والهدايا ومما يميز وظيفة هذه النماذج عن الخزانات السابقة انها اصغر حجما وادق صنعاً واكثر جمال حتى انها قد تحولت بحد ذاتها الى تحفة تزدان بالزخارف والخطوط والايات والالوان الجذابة ، فقد كانت تحفة وظيفتها حفظ وعرض تحف فنية ذات قيمة جمالية ومادية وفنية .
وفي هذه النماذج تم التأكيد على عنصر الخط وما يتضمنه من ايات قرانية وتكوينات فنية جميلة تتصدر المكان البارز فيها كما اشتملت على العقود والاقواس والاعمدة والاشكال النجمية والشمسية طعمت بالعاج والعظم تارة وزينت بالالوان الجذابة تارة اخرى ، وتدل الرفوف التي تحتوي هذه النماذج بانها كانت تستخدم لعرض التحف وبعض الحاجيات الثمينة فضلا عن احتوائها على بعض الخزانات الصغيرة .
لم تبتعد هذه النماذج من تأثير عناصر الاشكال المعمارية وانما تحولت الى نماذج تجسد تحفا معمارية مصغرة عن العمارة الاسلامية . وتسترعي الانتباه والاهتمام لدى الزائر بدقة صنعها وتكامل جمالها ولتذكرنا بنفس المناخ الاسلامي السائد في البيئة العربية .

4- المقاعد :

لم تكن المقاعد والكراسي ببعيدة عن اسلهام مفردات الحضارة بطريقة صناعتها رغم اختلاف وظيفتها وجمالياتها . انها كانت اكثر بساطة واقل تعقيدا واحيانا من صناعة الخزانات السابقة ، فقد تمت توشيحها بالعديد من الزخارف الهندسية والنباتية والكتابية وبطريقة جذابة تدعو الى الاندهاش والتأمل وتم تطعيم اغلبها بالعاج الذي اضاف لها مظهرا جماليا خاصا كما اضاف لون النسيج لها قيمة جمالية اخرى غلبت على هذه النماذج واصبحت جزءا من جمالها العام .
وتم معالجة بعض اجزائها في ان تحولت الى اشكال نافذة بين القطع المصنعة لهذا الاثاث فتبادلت الجمال بين الفضاء والكتلة المتناظرتان والمتجاورتان في آن واحد وتبرز دقة الانتظام في ترتيب الاشكال والعناصر في صناعة هذه الاثاث كما تتوج بعض اشكالها نماذج جديدة من الزخارف النباتية المخرمة والتي يتخللها الضوء بعد ان كانت في النماذج القديمة محفورة بشكل بارز او غائر . ويضفي هذا التنوع والاستخدام بعض العناصر الجديدة اضافة جمالية مميزة لهذا النوع من الاثاث لم يكن واردا في صناعة الخزانات السابقة .
وقد جمعت بعض هذه القطع بين المقاعد والخزانات والمرايا في قطع اثاث واحدة تؤدي وظائف متعددة في آن واحد وتعد من النماذج الغريبة في هذا المجال .

5- المشربيات :

ذلك الفن الجميل الذي تميزت به مدينة القاهرة وازدانت به العديد من المدن العربية الاسلامية كأبتكار هندسي صنعه العرب استلهاما من الاطباق النجمية الهندسية والحشوات الرخامية التي وصلت للتشكيل الهندسي الى مستويات كبيرة .
كانت الاسباب الوظيفية من اهم الاسباب التي دعت الى ابتكارها وتطورها فكانت المشربيات تتطل علينا بعبقها الشرقي الغامض لتغلف بعض جدران الحجرات العتيقة كعنصر وظيفي وجمالي يتوافق مع الظروف البيئية والمناخية والاجتماعية .
لقد كان ذلك يمثل الاستجابة الصادقة والعليمة للفكر ومعتقدات المجتمع الاسلامي وقيمه وفي اماكن جلوس النساء كانت الضرورة تقتضي فرض نوع من الحجاب عليهن ضمن تعاليم الشريعة الاسلامية ، فكانت هذه المشربيات النافذة التي تؤدي وظائف متعددة كحجاب للرؤية ونافذة للهواء والضوء . لم تكن تلك المشربيات تتطل على الفضاءات الخارجية فحسب وانما كان العديد منها يطل على الفناءات الداخلية للقصور والمنازل .
ويقال ان المشربية تحريف ظاهر لكلمة ( المشرفية ) اي المكان الذي يشرف على الشارع او الطريق او كانت تطلق على اواني الشرب بحيث كانت توضع بها وبما يضمن مرور تيار الهواء عليها .
وكان الخشب الذي تصنع منه الشربيات يتميز بصلابته وتحمله لحرارة الشمس والعوامل الجوية وله لون بني داكن .
وللمشربيات تاريخ طويل يرجعه البعض الى بداية العصر اليوناني والروماني ولم تكن اولى المشربيات تشبه ذلك الطراز العربي الاسلامي في طريقة تكوينه وانتظام علاقاته الهندسية وبعناصره الدائرية والمثلثة والخطوط المتوازية والمتقاطعة التي اثرت مفهوم الزخرفة العربية .
اعتمدت صناعة المشربيات بالدرجة الاولى على عملية الخراطة لصنع اشكال مخروطية دقيقة الصنع تجمع بطريقة فنية بحيث ينتج تجميعها اشكال زخرفية وهندسية ونباتية او كتابات عربية وتعرف المشربيات في بعض الدول العربية بالروشن وتعني الكوة او النافذة .
لقد وصل فن المشربيات درجة كبيرة من الاتقان في مصر خلال العصر المملوكي ويظهر ذلك بوضوح في القاطع الخشبي في مدرسة السلطان حسن الموجودة في متحف الفن الاسلامي في القاهرة . وقد تأثر بها المستشرقون كثيرا ووصفوا صناعتها في كتاب خاص بها وقد قام ( روبرتس ) و ( إدوارد وليم لين ) برسم العديد من المشربيات في لوحاتهم الفنية التي تعكس البيئة العربية في مصر .
وتختلف المشربيات باختلاف العناصر المخروطية المكونة لها فضلا عن التصاميم الهندسية التي يضعها الفنان المسلم . ولم تكن الشربية تقتصر في وظيفتها كنافذة تتطل او تشرف على الفضاء الداخلي والخارجي في العمارة الاسلامية وانما تحولت الى شكل جمالي جذاب احتوته العديد من النماذج التي امامنا وقطع الاثاث فكانت بعض الخزانات تحتوي نوعا من المشربيات وكذلك بعض الحواجز المتحركة التي تصنع بنفس طريقة المشربية لتوضع امام الابواب ولتحجب الرؤيا ثم تحولت بعد ذلك الى تحف فنية توضع كقطع من الاثاث لتزيين الفضاءات ومكملة لعناصر التصميم الداخلي الاخرى .
لا شك ان المشربية بعناصرها الجمالية والوظيفية كانت احد المفردات الفنية المهمة التي بلورت مفهوم مصطلح الارابيسك سواء كان ذلك على المستوى الشعبي او الحرفي او الفني الا انها اعطت تلك الصفة الوثيقة بالفن العربي الاسلامي .
من هنا فاننا نجد الاطار المفاهيمي الواسع لكلمة ارابيسك حتى اصبح من الصعوبة البحث عن مصطلح اخر يعبر عن ذلك الارث الحضاري الفني والجمالي والمعماري للفنون العربية الاسلامية .

Aucun commentaire: