تونس: عندما تضيع مجهودات فنانين تشكيليين هباء
4/19/2010
تونس ـ ' القدس العربي' ـ من سفيان الشورابي
في قاعة تتردد بين جدرانها أصداء أصوات احتجاجات العمال وخلف نظرات باهتة لنقابيين يمرون صدفة حذوها فيها لهم رؤية ما لم يتعودوا على مشاهدته، تقبع عدد من اللوحات التشكيلية لرسامين تونسيين في قاعة في مقر المنظمة العمالية ' الاتحاد العام التونسي للشغل'. المكان الذي احتضن اجتماعات الشغيلة ضد أرباب العمل تحول إلى رواق يجمع لوحات فنية تحتج هي الأخرى على ظلم آخر.. طبقية أخرى. نقابة مهن الفنون التشكيلية التي تضم في عضويتها عدداً لا بأس به من الرسامين والنحاتين والخطاطين التونسيين احتضنت الأسبوع الماضي أعمالا فنية سبق أن عُرضت في آخر شهر آذار ( مارس) الماضي في متحف مدينة ' سيدي بوسعيد'. لوحات محسن الجليطي وأسامة الطرودي وأحمد الزلفاني ورضوان العيادي وبسمة الهداوي انتقلت من فضاء ' برجوازي' في الضاحية الشمالية للعاصمة إلى معقل الطبقات المضطهدة عسى ان تتخطى بهذا العمل الرمزي ' تجاوزات وممارسات وزارة الثقافة التونسية'.القضية تتعلق بقيام رسامي المعرض، مثلما هو معتاد، بالاتصال بوزارة الثقافة أثناء عرض لوحاتهم قصد اختيار واقتناء البعض منها. وبعد أيام من الانتظار، قدم وفد من لجنة الاقتناءات التابعة للوزارة وقام بـشراء البعض منها لفائدة مؤسسات الدولة وعدد من المتاحف. وهنا بيت الداء. فاللجنة حسب ما قاله الكاتب العام للنقابة لـ' القدس العربي': ' جددت هنا العهد مع تقاليدها في عدم الشفافية وتضارب المعايير'، حيث قام أعضاؤها باقتناء لوحات لا تصنف ذات قيمة فنية جيدة مقارنة بلوحات أخرى لنفس الفنانين في المعرض. وذكر أن اللوحات المشتراة أنجزها أصحابها لبيعها للأفراد ومحبي الرسم في حين أن هناك أعمالا ً فنية أخرى يمكن أن تكون أفضل للإدارات. عملية الاختيار شملت بعضاً من لوحات أحمد الزلفاني ورضوان العيادي اللذين رفضا العرض. وقالا أن ما رسماه لا يمثل أهم انتاجاتهما. الرسام محمود شلبي ذكر أن الوزارة تخصص سنويا قرابة 1 مليون دولار لشراء الأعمال التشكيلية، إلا أن توزيعها لا يتم بشكل منصف وعملي، حيث شكك شلبي في أهلية أعضاء لجنة الاقتناءات التي يغلب عليها العنصر الإداري البيروقراطي، وهو ما فسح الباب أمام المحاباة وانعدام الشفافية واحتكار عدد محدود من الأروقة ' الرائقة' على القسم الأعظم من شراءات الوزارة، بل إنها تقف في بعض الأحيان ضد اقتناء بعض الأعمال ذات الاتجاه التجديدي/ الحداثي بدعوى عدم خضوعها لمعايير ترفض ذكرها.وعموما، فإن أزمة المنتج التشكيلي تعد من أبرز العوائق التي تحول دون تطورها ما دامت سوق ترويجها ضئيلة لدى الشركات الخاصة والأثرياء وتنحصر الآن من طرف الدولة. وهو'ما دفع مهن الفنون التشكيلية إلى المطالبة بتغيير آليات ضخ الأموال بتخصيص جزء منه للشراءات وآخر لدعم مشاريع الأعمال الأولى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire