فن تشكيل المدينة المنورة .. الفنانة عواطف المالكي نموذجا
محمد بوكرش
Monday, 15 December 2008
سررت يوم تعرفت على المدينة المنورة من خلال اللوحة التشكيلية والفنانة عواطف المالكي ويصح العكس بذلك أيضا.
من وحي ما عرفناه عن التجارة ودور العرب فيها عالميا وذوقهم العالي المتوارث بالأحداث التي كانت العمود الفقري لبناء الشعر وقول الحكمة ومكارم الرجولة والأخلاق قبل مجيئ الرسالة المحمدية وبعدها، أيام الفتوحات الإسلامية... ووضع الحجر الأساسي لبناء حضارة إسلامية غزت أركان العالم...
من خلال الأفلام وتصور الفنانين للأزياء وألوانها، ومن خلال مساحيق التزيين والأكاسيد نجد للألوان ثروة تعادل ثروة اللغة إن لم تكن أقل أو أكثر بالمجاز والاستعارة كانت هي الأخرى قصائد شعر تزيد النساء والرجال بهاء، أثارت الغرائز والشهوات والملاذ، طابت بها موسيقى الشعر والتفاعيل والأوزان بمشاهد إغراء واستدراج بالإطاحة والإسقاط وبالتالي بالإيقاع...
إيقاع ارتفعت به هامة الفنانة عواطف، بارتفاع هامات النخيل وصومعات المساجد، ويرتفع مستواها في ملاحقة الألوان والنيل منها واضعة بها لمعالم المكان والزمان الأبعاد التي رأت أنها تعانق قداسة وذبذبات ما سمعت به عنها، ورأت بأم عينيها، وأحست به بعمق بأبعاد لا تطالها إلا بما يشبه الألوان أو النوتات الموسيقية...
سانفونيات لونية وحركات أقواها لولبية، كان للحرف وما يمتع به من مرونة وليونة، من انسيابية وحرية... دور ريادي لها، يعكس نبض حياة وتوجه، نحو فضاء لا منتهي نحو السكينة والحب والحرية والاستقرار الأبدي...
تركيبات فسيفسائية بلورية تذكرك بنوافذ المعابد المسيحية، زهور وطقوس وفضاء تملأه الخيول بأعناق مشرئبة لسماء مفتوح...أعمال في عمومها أعمال ناسك متعبد.
لا أستغرب هذا من بنت المدينة المنورة، خير خلف لخير سلف...بأسلوب ولغة مجازية واستعارة وتجريد يفسح المجال للأساليب والتعبير التشكيلي الوحيد النافذ والقادر على تسبيح وتكبير مفاده لمس ما لا يلمس بالأصابع والوسائل المتاحة المادية ،تعجز عنها الألوان أيضا والأصوات لو لم تكن لها من غني الذبذبات ذات النفوذ المثيرة لردود أفعال عاكسة لحالات.
أعمال الأخت الفنانة الرائعة عواطف المالكي نموذج صارخ لهذه الحالات...حالات المتصوف بمحراب الخلوة التشكيلية الناضجة والموسومة بالتوجه الفني الإسلامي المعاصر لها تجربة جمعت جميل ما جادت به مخابر كبار الفنانين.
وصلني منها بكل تواضع تنبيه عن طريق أحد المواقع العنكبوتية: أن المدينة المنورة لها من السفراء ما يتصل ويفرض نفسه بلغة التسبيح والتكبير المجازي التشكيلي لقدرات الخالق فينا لتستمر الرسالة والجمال بآيات اللون والفضاء بتراتيل الضوء والذوق الرفيع الحسن.
عواطف متدفقة لفنانة المدينة المنورة عواطف المالكي بين الأمس واليوم باشراقة تضيئ مستقبل الخطاب التشكيلي الإسلامي العربي المعاصر....
بوكرش محمد الجزائر
15/12/2008
BOUKERCH MOHAMED ALGERIA
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire