لوحة الفنان التشكيلي كمال حراقي ..
ابتهال بليبل
Friday, 05 December 2008
(لا يجوز للثعلب أن يكون قاضياً في محاكمة البط !!) توماس فولر
تحتضن السماء، تتدثّر بخيمتهُ، صور وملامح مهيبة ممتدة من عصور .... تحاول أن توازن بين وجهين ..
تجمع الكون للحظة ترفض فيها أن تدلنا على الملامح المنشودة .... تاركة النفس معلقة تُزاوجها على أعمدة خاوية .... لتسترجع ذكريات الزمن .... وتنثر هتاف الدموع المتسلحة باليأس . الدموع مترا صفة ضئيلة المعنى لحظة التّنزيل، أنها الإبادة ...اللوحة تجسد الإبادة وكأنها مستودع يجرجرنا في دروب ثقيلة،،، الأفكار تائهة والأحزان ومضات من الذاكرة تحولت إلى شبه مشاهد قصيرة ... بنظرات متأملة أقترب من صفحات يديك. لا أستطيع إعادة رسم خطوطها . بتثاقل أكثر وأكثر. تتضاءل. تتشابك.. تفقدها. صرنا نجرجر خسائرنا بحثاً عن حضارات سبقتنا اتسخت بالغبار والألم، ننام والأشياء ميّتة وناقصة. والقحط يأكل الحقائق .تآكلت عصا الفزٌاعة وتسارعت أصابعك للتشبث بمدفئها، لتسقط في الطريق، وتنتهي من حياتك، من جسدك كفقاعة .. نزل الخريف، وبدأت الرياح . كزلزال بدء جديد إلى مالا نهاية. نداء موت في الملكوت. اختفت أوراق الشجر . هبت نسائم تعلن الصمت .. والجمود ...أنت غير موجود. لا أثر لك. يداهمك فيض من الألم والعذاب . تبحث عن يداك تتحسسها لكنها ترقد بسلام .. تغمر في أمواج الدهر تنحني نحو أصوات الشجي في أعوام غرقت في البعاد . تأخذها دروب مالحة تشعرك بالبرد رغم الحر الذي يغمرها ... هالة من الجحيم تلبسك الرهبة لتبدأ لحظة التشبث في خيط لا تعرف ما نهايتهُ، أفكار غريبة وواقع تأتيك يفرج عن أيام بشكل ما ...تشبه الأحلام إلى حد بعيد، تدخلك إلى عوالم لا تدركها بسهولة تتخللها الغربة وكأنك لست من هذا العالم ...لتستذكر هشاشة وضعك ..
إنها محطتك الأخيرة، الجوع والقحط، انه الممكن المتبقي لك من أزمان تصرخ معلنة إضرابها، معلنة انطفاء قنديل وحيها، هذا الدهر قاس، لن تستطيع إشعال كومة خشب، لن تستطيع استخراج البترول، لن تستطيع زرع الأرض، فكل الوجوه حولك تتحدث بلا لغة، لم تعد الأشجار موجودة فكل شيء تحول إلى فضاء، إلى سطح موحش، وأنت واقف تحاول استنجاء المطر من دموع ساخنة، والدموع تتجنب الوقوع في جسدك حتى لا تتسخ بدنسهُ ... ثمة نبؤه تشدك إلى ضعفها السياسي وعصبية العولمة تلاحقك إلى حضيض الاستكانة لتتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، وعندما تقلب أوراق العملة تضيق مساراتك وتتسارع لتقفل باب الغد، فتحس بحزام الفقر المموه الذي يضيق ويضيق على خاصرتك الوجودية ..
تثيرني اللوحة إلى الشعور بالدلالة الوهمية لما حل بالعالم من هوادج الفقر في ظل معادلة ظالمة يحكم فيها الأغنياء قبضة على غذاء العالم وأخرى على أعناق الفقراء ..
إبتهال بليبل
إعلامية وكاتبة
ebtehalooo@yahoo.com
هذا الإيميل محمي من السرقة في القوائم البريدية , تحتاج لدعم جافا سكريبت لمشاهدته
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire