مهند العلاق ..وجغرافيا ملامح وجوهه الصغيرة* / الفنان علي النجار
مهند العلاق.. وجغرافيا ملامح وجوهه الصغيرة*
____________________________
ربما للثقافة دور ما في تنوع سحنات الناس, أو هو كذلك. وبالتأكيد هو دور لا يوازي دور المناخ أو الطبيعة في تغلغلها في حراك الجينات وبالذات في تشكل الهيئات واللون والسحنات. لكنه أيضا دور مواز لصنعة الفنان الذي يحاور منطقة التشخيص الإنساني, سواء كان رساما أو نحاتا أو مصورا, حتى ولو كان دوره منحصر في صنعته الانتقائية أو الأبتكارية. والثقافة التي اعنيها هي مجموع السلوكيات المجتمعية ومنها الطبقية بما فيها من صدامات وتوافقات مع فعل الكدح أو الشظف أو الترف. ولكل منهما مؤثراته الواضحة على سطح الجسد وخطوطه البنائية. وكفنان معاصر يبحث في تضاريس القسمات البشرية لم يكتفي (مهند العلاق) بنسخ الملامح كما هي. بل أخضعها لنسق أدوات تجربته التي حاولت النأي عن سلوكيات معارفه الأكاديمية التي تدرب عليها بشكل منهجي في دراسته الجامعية, وكأي باحث في المجال التشكيلي حاول أن يتجاوز معارفه المدرسية عبورا لمنطقة الابتكار بموازاة هواجسه الاغترابية المعاشة. ولم يكن اختياره حقل الحرث في الملامح الإنسانية عبثا, بل, ربما تثبيتا لملامحه الشخصية في منطقة حراكها المتغيرة عبر تواريخه العراقية التي خضعت لأنزياحات تواريخها, جغرافياتها, ثقافاتها, المتغيرة قسرا. ملامح حملت خصوصية استرسالها عبر حيز اللايقين و كونها بعض من نتاجه أو أثره.
بعد اطلاعي على العديد من تجارب نتاجات الفنان مهند والتي لم أكن على اطلاع بها سابقا بسبب من تشتت النتاج التشكيلي العراقي عبر دروب غربته التي لا تعد ولا تحصى, لفتت انتباهي تجربة رسوماته الورقية, وبالذات مطوياته الورقية, والتي خالف فيها مألوف الطوي الورقي بعد أن قسمها لحقول شطرنجية مربعة متساوية قابلة للانغلاق على بعضها لتكون كتلة بمساحة إحداها بنية الضم أو الإخفاء أو الحفظ. حروز تنوء بحظوظها أو نصيبها وسط متاهة هندسية هي بعض من اثر نسخي ربما راود الفنان في لحظات غفلة ابتكاريه. لكنها ليست كسليلتها, وبالذات السحرية الغيبية. بل صنعت في محاذاة هذه اليقظة وهي في أوج توترها أو عطائها. لكن, هل سعى الفنان لتبديد رؤيته بنية حجبها أو بإيحاءات قريبة من ذلك بهذا التكنيك. أم حاول المناورة ضمن سبل استقاها من ارث أزمنته ومناوراتها العلنية والخفية. رسوماته هذه وهي على قدر كبير من الفصاحة ووضوح المغزى بقدر ما فيها من اختزالات مدروسة تتشكل ضمن حيز فضاءاتها بؤر كشف لخبايا أحاسيس أرواحها الافتراضية لكنها تبقى محافظة في نفس الوقت على مسافة حيادية من وسطها الحاضن, هي التي وجدت نفسها معلقة مرة ومشتبكة مرة أخرى فيه بنسق بنائي يمنح كل منهما استقلالية تعاضد نية البوح بلا ستر أو حجب.
مهند كإقرانه من التشكيليين المعاصرين مغرم بتشكيل المادة(1). لكنه ليس مثل غالبيتهم في توظيفه لها. فالمواد وهي الصانعة الأولية لم تعنيه لذاتها بقدر من عنايته باستغلالها لمقاصده التعبيرية, وهي مقاصد وجدانية ذاتيه عنده. وبموازاة وريقاته هذه نفذ رسوما مشابهة في هيئتها على القماش. وان كان الحبر والصبغة المائية بشكل عام صنوا للورق. فقد نفذ وشكل تشخيصاته الأخيرة هذه بالصباغات المختلفة والخيوط. وتحولت غرزات الخيوط حدودا لحقول مربعاته سواء وسط فضاءاتها أم عبر ملامح تشخيصاته حد إلغاء أو مصادرة أو أسر ملامح بعضها بشكل كامل. هو يشهر إلى حد ما نوايا التخفي في بعض من هذه الرسوم, لكنه يعلى من شراسته على الضد من وداعته, ولو ملمسيا, في الرسوم الورقية. وان تشكل السحر عبر امتصاص أو ترشح المادة الصباغية الحبرية أو مشابهاتها على بياض الورقة. فان انغراس نفذات الخيوط هي التي أعلنت شراسة فعلها الاقتحامي الوخزي تميمة للقتل أو فناء الجسد الأسطوري(كما في أسطورة وخز الجسد للخلاص منه). ربما لم يعلن الفنان نية الفناء. لكن العمل لا يخضع لنوايا الفنان بعد فراره من أنامله. رغم كل ذلك تبقى هذه الرسوم القماشية تحمل طابع هشاشتها بإحالة لوساطتها المادية اللينة. مثلما هي مناديل فلتت من حافظتها وتمردت على وظيفتها. وان بدا من السهولة على الفنان أن يتلاعب بقسمات رسوماته بمواده السائلة على صفحات الورق وبخبرة حرفية أكاديمية قابلة لبعض الانزياحات التعبيرية. فان قماشاته استقت بوحها التعبيري من خلال خروقات اللون المقاربة لأثر الاحتراق معادلا لقسوة بوح ملامح أناسها. وتشكلت كأثر لصدى لما جرى ويجري لأناسنا العراقيين من قتل وحرق بآلة حرب لم تألفها شعوبنا. فهل نفذ الفنان مصغراته القماشية هذه بأثر مباشر من كل ذلك. لا ادري,لكن, ربما الأمر كذلك, لكونه حمل هموم شعبه في الشطر الأكبر من سنين حياته واغتراباته المتتالية.
المخطوطة دوما تزدحم بمفرداتها التي تنوء بها مساحتها. والمخطوطة مهما كان زمن تنفيذها تبقى تحمل صيغتها الأثرية. والأثر بقدر ما يفصح عن محتوياته فانه يبقى لغزا في بعض من ادراكاته لعدم استطاعته امتلاك الفصاحة الزمنية كلها. بما أن الأزمنة تخضع لأنزياحات معرفية. ورسومات مهند هذه تفقد في بعض من تفاصيلها صفتها الأثرية. أولا لكونها سلسلة هي في بعض من نواياها الأدركية تشكل مخطوطة زمنية بملامح أنسيه. ثانيا هي تواريخ جغرافيا لبعض من الذات العراقية سواء منها الأثرية أو المعاصرة. والأثر يحمل ذاتا وخصوصية, كما هو الحال في هذه الرسوم. لكن لو جرى تجاوز صيغة الأثر ألمخطوطي, فهل باستطاعة الفنان الإتيان بفعل تشكيلي مواز لما هو عليه في هذه الرسوم. سؤال أورده ليس فضولا, بل لدوافع يتطلبها الوضع التشكيلي المعاصر, وبالذات العولمي منه. فالحالة العراقية كصنيعة لسياسات شتى ليست بريئة, بل تحمل جذر إدانتها إعلاميا. والأثر التشكيلي المعاصر اخترق بعض من مجالات الصناعة الإعلامية الثقافية. ورسوم كهذه لو سوقت بإحجام كبيرة مؤثرة ومذيلة بإشارات تناسب الحدث وتؤكده لكان لها وقع آخر.
اندي وارهول, الفنان التشكيلي البولوني الأمريكي, بنا مجده على رسوم طباعية سلكية تمثل صور شخصية لمشاهير وحوادث ووقائع عديدة وكانت ابتكاراته لسلاسل طباعية لوجوه مختلفة متعددة سواء منها الملونة أو أحادية اللون وقع لا يزال فاعلا حتى الآن. وتشخيصات مهند المصغرة رغم كونها تبتعد عن منطقة وارهول, لكنها تمتلك بعضا من مزايا صنعتها المقاربة للعديد من التجارب التي استفادت من منتج وارهول والتي لا تزال فاعلة في العروض التشكيلية المعاصرة ووسائل الميديا الأخرى. ومهند بامتلاكه المقدرة الأكاديمية ومسالك اللعب بمحاذاتها وولعه التصميمي وابتكاراته الإخراجية تجعله مؤهلا لخوض التجربة وتعزيز قيمة منتجه, بل حتى إمكانية تسويقه بموازاة كل ذلك.
بعض من وجوهه المرسومة في هذه الأعمال تحتفي بها اطر مضيئة هي نوافذ قابعة خلفها أو كمرآة تخترقها. والنافذة بالأصل مرآة للداخل والخارج وربما أرادها هكذا صانعها. والورقة مرآة كما هي رقعة القماشة المعدة للرسم. ووجوهه تلملم كتلتها وسط انعكاسات مرايا مكررة تلف الظلمة بعضها وتنير فضاءاتها الأخرى. مرايا بحجم الرأس أو اصغر هيئها لتمارس دورها كلعبة حظوظ استغمائية. ولعبة الضوء والظلمة سطوحا وحزوزا هي من أقدم العاب التشكيل. لكنها تبقى على السطح كما هو الحال في معظم نتاجات التشكيل الحديث. والتشكيل سطوحا قابلة للتشكل إلى ما لانهاية. وان أجاد مهند في تشكيلاته المسطحة هذه والتي لم تخلو من طابع حفري. فإنها لا تمثل إلا نزرا يسيرا من نتاجه المتنوع الغزير. مع ذلك فهي لا تخفي انتمائها لمنطقة إبداعه الغنية بلعبها على معظم سطوحه المرسومة سواء بتكوينات أو حروف أو شخوص أو إيحاءات بيئية. وما اقتباسنا وتسليطنا الضوء على هذا النزر البسيط من نتاجه إلا من اجل الإشارة أو الإشادة بتجربة فنية ثرة غفل عنها النقد التشكيلي العراقي والعربي عموما, وهو أصلا يعاني من خلل لا تغفر مبرراته أو مسبباته, لما له من دور في إبراز أو حتى تغطية التجربة التشكيلية العراقية والعربية وإيفائها حقها كتجربة تحاول أن تجد لها منفذا أو ممرا وسط مساحة التشكيل الأسيوي والأوربي في زمن مهيأ لذلك. فمتى يتم الانتباه إلى هذا الخلل وتجاوزه عن طريق تهيئة الكادر النقدي الطليعي المؤهل لفك اشتباك طلاسم التشكيل العربي وإضاءة سبل ارتقاءه معرفيا وذائقيا, كما هو الحال في الثقافات التشكيلية الأخرى.
..............................................................................................................................................
..درس الفن في أكاديمية فنون بودابست, وعمل في تدريسه قبل إقامته في هولندا منذ حوالي عشرة أعوام. *
Matereials art -1
......................
علي النجار..
2009-05-24
____________________________
ربما للثقافة دور ما في تنوع سحنات الناس, أو هو كذلك. وبالتأكيد هو دور لا يوازي دور المناخ أو الطبيعة في تغلغلها في حراك الجينات وبالذات في تشكل الهيئات واللون والسحنات. لكنه أيضا دور مواز لصنعة الفنان الذي يحاور منطقة التشخيص الإنساني, سواء كان رساما أو نحاتا أو مصورا, حتى ولو كان دوره منحصر في صنعته الانتقائية أو الأبتكارية. والثقافة التي اعنيها هي مجموع السلوكيات المجتمعية ومنها الطبقية بما فيها من صدامات وتوافقات مع فعل الكدح أو الشظف أو الترف. ولكل منهما مؤثراته الواضحة على سطح الجسد وخطوطه البنائية. وكفنان معاصر يبحث في تضاريس القسمات البشرية لم يكتفي (مهند العلاق) بنسخ الملامح كما هي. بل أخضعها لنسق أدوات تجربته التي حاولت النأي عن سلوكيات معارفه الأكاديمية التي تدرب عليها بشكل منهجي في دراسته الجامعية, وكأي باحث في المجال التشكيلي حاول أن يتجاوز معارفه المدرسية عبورا لمنطقة الابتكار بموازاة هواجسه الاغترابية المعاشة. ولم يكن اختياره حقل الحرث في الملامح الإنسانية عبثا, بل, ربما تثبيتا لملامحه الشخصية في منطقة حراكها المتغيرة عبر تواريخه العراقية التي خضعت لأنزياحات تواريخها, جغرافياتها, ثقافاتها, المتغيرة قسرا. ملامح حملت خصوصية استرسالها عبر حيز اللايقين و كونها بعض من نتاجه أو أثره.
بعد اطلاعي على العديد من تجارب نتاجات الفنان مهند والتي لم أكن على اطلاع بها سابقا بسبب من تشتت النتاج التشكيلي العراقي عبر دروب غربته التي لا تعد ولا تحصى, لفتت انتباهي تجربة رسوماته الورقية, وبالذات مطوياته الورقية, والتي خالف فيها مألوف الطوي الورقي بعد أن قسمها لحقول شطرنجية مربعة متساوية قابلة للانغلاق على بعضها لتكون كتلة بمساحة إحداها بنية الضم أو الإخفاء أو الحفظ. حروز تنوء بحظوظها أو نصيبها وسط متاهة هندسية هي بعض من اثر نسخي ربما راود الفنان في لحظات غفلة ابتكاريه. لكنها ليست كسليلتها, وبالذات السحرية الغيبية. بل صنعت في محاذاة هذه اليقظة وهي في أوج توترها أو عطائها. لكن, هل سعى الفنان لتبديد رؤيته بنية حجبها أو بإيحاءات قريبة من ذلك بهذا التكنيك. أم حاول المناورة ضمن سبل استقاها من ارث أزمنته ومناوراتها العلنية والخفية. رسوماته هذه وهي على قدر كبير من الفصاحة ووضوح المغزى بقدر ما فيها من اختزالات مدروسة تتشكل ضمن حيز فضاءاتها بؤر كشف لخبايا أحاسيس أرواحها الافتراضية لكنها تبقى محافظة في نفس الوقت على مسافة حيادية من وسطها الحاضن, هي التي وجدت نفسها معلقة مرة ومشتبكة مرة أخرى فيه بنسق بنائي يمنح كل منهما استقلالية تعاضد نية البوح بلا ستر أو حجب.
مهند كإقرانه من التشكيليين المعاصرين مغرم بتشكيل المادة(1). لكنه ليس مثل غالبيتهم في توظيفه لها. فالمواد وهي الصانعة الأولية لم تعنيه لذاتها بقدر من عنايته باستغلالها لمقاصده التعبيرية, وهي مقاصد وجدانية ذاتيه عنده. وبموازاة وريقاته هذه نفذ رسوما مشابهة في هيئتها على القماش. وان كان الحبر والصبغة المائية بشكل عام صنوا للورق. فقد نفذ وشكل تشخيصاته الأخيرة هذه بالصباغات المختلفة والخيوط. وتحولت غرزات الخيوط حدودا لحقول مربعاته سواء وسط فضاءاتها أم عبر ملامح تشخيصاته حد إلغاء أو مصادرة أو أسر ملامح بعضها بشكل كامل. هو يشهر إلى حد ما نوايا التخفي في بعض من هذه الرسوم, لكنه يعلى من شراسته على الضد من وداعته, ولو ملمسيا, في الرسوم الورقية. وان تشكل السحر عبر امتصاص أو ترشح المادة الصباغية الحبرية أو مشابهاتها على بياض الورقة. فان انغراس نفذات الخيوط هي التي أعلنت شراسة فعلها الاقتحامي الوخزي تميمة للقتل أو فناء الجسد الأسطوري(كما في أسطورة وخز الجسد للخلاص منه). ربما لم يعلن الفنان نية الفناء. لكن العمل لا يخضع لنوايا الفنان بعد فراره من أنامله. رغم كل ذلك تبقى هذه الرسوم القماشية تحمل طابع هشاشتها بإحالة لوساطتها المادية اللينة. مثلما هي مناديل فلتت من حافظتها وتمردت على وظيفتها. وان بدا من السهولة على الفنان أن يتلاعب بقسمات رسوماته بمواده السائلة على صفحات الورق وبخبرة حرفية أكاديمية قابلة لبعض الانزياحات التعبيرية. فان قماشاته استقت بوحها التعبيري من خلال خروقات اللون المقاربة لأثر الاحتراق معادلا لقسوة بوح ملامح أناسها. وتشكلت كأثر لصدى لما جرى ويجري لأناسنا العراقيين من قتل وحرق بآلة حرب لم تألفها شعوبنا. فهل نفذ الفنان مصغراته القماشية هذه بأثر مباشر من كل ذلك. لا ادري,لكن, ربما الأمر كذلك, لكونه حمل هموم شعبه في الشطر الأكبر من سنين حياته واغتراباته المتتالية.
المخطوطة دوما تزدحم بمفرداتها التي تنوء بها مساحتها. والمخطوطة مهما كان زمن تنفيذها تبقى تحمل صيغتها الأثرية. والأثر بقدر ما يفصح عن محتوياته فانه يبقى لغزا في بعض من ادراكاته لعدم استطاعته امتلاك الفصاحة الزمنية كلها. بما أن الأزمنة تخضع لأنزياحات معرفية. ورسومات مهند هذه تفقد في بعض من تفاصيلها صفتها الأثرية. أولا لكونها سلسلة هي في بعض من نواياها الأدركية تشكل مخطوطة زمنية بملامح أنسيه. ثانيا هي تواريخ جغرافيا لبعض من الذات العراقية سواء منها الأثرية أو المعاصرة. والأثر يحمل ذاتا وخصوصية, كما هو الحال في هذه الرسوم. لكن لو جرى تجاوز صيغة الأثر ألمخطوطي, فهل باستطاعة الفنان الإتيان بفعل تشكيلي مواز لما هو عليه في هذه الرسوم. سؤال أورده ليس فضولا, بل لدوافع يتطلبها الوضع التشكيلي المعاصر, وبالذات العولمي منه. فالحالة العراقية كصنيعة لسياسات شتى ليست بريئة, بل تحمل جذر إدانتها إعلاميا. والأثر التشكيلي المعاصر اخترق بعض من مجالات الصناعة الإعلامية الثقافية. ورسوم كهذه لو سوقت بإحجام كبيرة مؤثرة ومذيلة بإشارات تناسب الحدث وتؤكده لكان لها وقع آخر.
اندي وارهول, الفنان التشكيلي البولوني الأمريكي, بنا مجده على رسوم طباعية سلكية تمثل صور شخصية لمشاهير وحوادث ووقائع عديدة وكانت ابتكاراته لسلاسل طباعية لوجوه مختلفة متعددة سواء منها الملونة أو أحادية اللون وقع لا يزال فاعلا حتى الآن. وتشخيصات مهند المصغرة رغم كونها تبتعد عن منطقة وارهول, لكنها تمتلك بعضا من مزايا صنعتها المقاربة للعديد من التجارب التي استفادت من منتج وارهول والتي لا تزال فاعلة في العروض التشكيلية المعاصرة ووسائل الميديا الأخرى. ومهند بامتلاكه المقدرة الأكاديمية ومسالك اللعب بمحاذاتها وولعه التصميمي وابتكاراته الإخراجية تجعله مؤهلا لخوض التجربة وتعزيز قيمة منتجه, بل حتى إمكانية تسويقه بموازاة كل ذلك.
بعض من وجوهه المرسومة في هذه الأعمال تحتفي بها اطر مضيئة هي نوافذ قابعة خلفها أو كمرآة تخترقها. والنافذة بالأصل مرآة للداخل والخارج وربما أرادها هكذا صانعها. والورقة مرآة كما هي رقعة القماشة المعدة للرسم. ووجوهه تلملم كتلتها وسط انعكاسات مرايا مكررة تلف الظلمة بعضها وتنير فضاءاتها الأخرى. مرايا بحجم الرأس أو اصغر هيئها لتمارس دورها كلعبة حظوظ استغمائية. ولعبة الضوء والظلمة سطوحا وحزوزا هي من أقدم العاب التشكيل. لكنها تبقى على السطح كما هو الحال في معظم نتاجات التشكيل الحديث. والتشكيل سطوحا قابلة للتشكل إلى ما لانهاية. وان أجاد مهند في تشكيلاته المسطحة هذه والتي لم تخلو من طابع حفري. فإنها لا تمثل إلا نزرا يسيرا من نتاجه المتنوع الغزير. مع ذلك فهي لا تخفي انتمائها لمنطقة إبداعه الغنية بلعبها على معظم سطوحه المرسومة سواء بتكوينات أو حروف أو شخوص أو إيحاءات بيئية. وما اقتباسنا وتسليطنا الضوء على هذا النزر البسيط من نتاجه إلا من اجل الإشارة أو الإشادة بتجربة فنية ثرة غفل عنها النقد التشكيلي العراقي والعربي عموما, وهو أصلا يعاني من خلل لا تغفر مبرراته أو مسبباته, لما له من دور في إبراز أو حتى تغطية التجربة التشكيلية العراقية والعربية وإيفائها حقها كتجربة تحاول أن تجد لها منفذا أو ممرا وسط مساحة التشكيل الأسيوي والأوربي في زمن مهيأ لذلك. فمتى يتم الانتباه إلى هذا الخلل وتجاوزه عن طريق تهيئة الكادر النقدي الطليعي المؤهل لفك اشتباك طلاسم التشكيل العربي وإضاءة سبل ارتقاءه معرفيا وذائقيا, كما هو الحال في الثقافات التشكيلية الأخرى.
..............................................................................................................................................
..درس الفن في أكاديمية فنون بودابست, وعمل في تدريسه قبل إقامته في هولندا منذ حوالي عشرة أعوام. *
Matereials art -1
......................
علي النجار..
2009-05-24
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire